الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقفون الشوفينين العرب وأزمة الضمير الحر

جاسم الصغير

2007 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


تكشف الاحداث سواء كانت سياسية ام ثقافية ام اجتماعية في عالمنا العربي عن الكثير من السلوكيات للانتلجنسيا العربية التي تكشف عن تردي كبير في الوعي الحضاري لهذه الانتلجنسيا ازاء القضايا التي تهم الانسان بوصفه كينونة انسانية تستحق ان تمارس دورها في فضاء الحرية والحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية ومن هذه الاحداث قضية التغير الديمقراطي في العراق واعدام الطاغية صدام فبعد سقوط دولة الاستبداد الشرقي و مسيرة الامة العرااقية لتشييد نسق عصري ومن خلال ارادة الشعب العراقي التي ارتضت وآمنت بهذا النسق كخيار حي وحضاري لمسيرة مثمرة يمكن ان تساهم في ارساء مفاهيم وقيم حضارية تساعد في تاسيس حقوق الانسان ان المتتبع للتصريحات والمواقف التي اتخذتها شخصيات سياسية وثقافية في العالم العربي ازاء اختيارنا الديمقراطي يرى ان ثمة التقاء في الموقف في المستويين السلطوي والثقافي في رفض هذا التغيير بل ونعته بشتى الاوصاف التي تشوهه في ذهن الفرد العربي ( وهو الخامل سياسيا وثقافيا اصلا) وبدأت الالة الاعلامية والثقافية العربية تفعل فعلها في مناصبة العداء للتجربة الديمقراطية في العراق وكلنا يعلم ان التباكي من قبل هؤلاء على وحدة العراق والخوف من شبح التقسيم هي دموع تماسيح واذا بنا نسمع نغمة نشازعن مثلثات ومربعات وهلال في الخطاب الاعلامي العربي تجاه الوضع العراقي الجديد انه الخطاب ( الذي يدس السم في العسل )مثلما يقال في المثل العربي وفي الحقيقة ان هذه المواقف التي بدرت من الساسة العرب والمثقفين والاعلاميين العرب ليست بغريبة على هذه التركيبة المتناقضةالادوار ولكنها المتوحدة في مناصبة العداء للقضية االعراقية فمن المعروف ان السلطة البائدة بدات منذ وقت مبكر في ايجاد سياسة الارتزاق الثقافي والاعلامي استدراج الكتاب والمثقفين العرب في استثمارها في مشروعها السياسي الاستبدادي ومحاولة تجميل وجه النظام القبيح في الخارج كي تجري عملية قيصرية لغسيل دماغ اجتماعية واسعة النطاق للعالم العربي ومحاولة اظهار مواقف وصفات تتسم بالايجابية في ذهن الفرد العربي تجاه هذا النظام االبائد وطبعا نتيجة ذلك معروفة في امتلاء جيوب هؤلاء الاعلاميون والمثقفين والسياسيين العرب بالدولارات وغيرها ممن يسيل لها لعاب هؤلاء الذين قاموا بهذه الادوار الموبوءة وهم معروفون للقارئ والمتتبع العراقي لقد خلق هؤلاء لوبي عربي يناصر قضايا النظام البائد ومن خلال الاصدارات لعدد من المجلات في العالم العربي والعالم ومن خلال ثلة من الاعلاميين العرب التي وضعت خدمة لهذا الهدف الذي رسمه النظام وسخر له كل الامكانيات المادية والمعنوية والكم من المجلات التي كانت تصدر في العالم العربي في حقبة الثمانينات وبتمويل مخابراتي سلطوي عراقي كمجلة كل العرب والتضامن والوطن العربي وفعلت تلك الاصدرات دورها في خلق انسان عربي ذي بعد واحد خاطبه هؤلاء من خلال غرائزه وتغلغت اهداف النظانم البائد وقيمه الفاشستية في ذهن افراد العالم العربي الذين يعانون اصلا من تدني في الوعي الثقافي ونجح خطابهم في خلق نزعة سياسية واعلامية ترى في النظام نصيرا له ولقضاياه التي لم تتحرك منذ ازمنة طويلة واستمر الحال على هذا المستوى فترة طويلة جدا طيلة عهد النظام السابق وفي محاولة من الاعلام العربي البائس لخلق نموذج ولكنه في الحقيقة وهمي تتطلع اليه الشعوب العربية المغلوبة على امرها والتي ترى في جلادها هو منقذها ولان العالم العربي مصاب بداء النمذجة كما يقول المفكر العربي مطاع صفدي اما تفاصيل هذا النموذج ووضع الانسان المقهور فيه فهو غير مهم لدى النخب والجمهور العربي ذو الوعي المسطح لقد كشفت الاحداث بعد سقوط النظام وايضا بعد اعدام الطاغية صدام واقطاب هذا اللانظام عن عيوب خطيرة في الضمير لهذه الامة المتمثل في شريحة المثقفين فلقد رأى الجميع حالة من التماهي السياسي والثقافي والاجتماعي مع الشعور الجمعي في الشارع العربي من قبل مثقفين عرب كثروالذين تعاطفوا مع الطاغية المقبور وتناسوا ولااقول نسوا مجازره بحق ابناء شعبنا العراقي التي لايعرف عنها الذين يتباكون عليه وايضا الدمار الذي اصاب المنطقة العربية من جراء افعال اللانظام هذا واحتلاله لدول مجاورة مثل دولة الكويت وحروبه العبثية مع دول الجوار التي يفتعلها وعند انتهاء الحرب يتنصل من نتائجها كأي بلطجي ولانه اصلا ليس بنظام سياسي له برامجه بل مجموعة من المرتزقة اغتصبوا وعاثوا فسادا في الارض ونعود لشريحة المثقفين العرب بوصفهم كان يفترض من مثقفي الامة ان تتسامى وتمارس دورا يعززالوعي الحضاري ويدفع بالمنطقة الى ارتقاء مراحل اكثر حضارية عبر تبنيهم مواقف حضارية ايجابية الاانه ومع الاسف جرى عكسس هذا التوصيف حيث راح البعضمن هؤلاء المتثاقفين ولااقول المثقفيتن وفي مشاعر تتسم بالهستيرية وفقدان التماسك والاتزان الثقافي والشخصي اشتركوا في حالات اقامة العزاء والمهرجانات بل والمظاهرات الغاضبة التي تندد بالحكم الصادر بحق هذا الطاغية في بلدان عربية تفتقر الى ابسط مبادئ الديمقراطية والتعبير عن الرأي في محاولة وعبر حقن مصل ديمقراطي مزيف يبرز صورة مغايرة للطاغية الذي اعدم على يد ابناء هذا الشعب ان هذه السلوكيات هي تشخيص مباشر لحالة التصحر الحضاري والانساني لعدد كبير من المثقفين العرب التي قاسمت السلطات في الدور السلبي في تجميل وجه النظام حتى بعد اعدامه واسدال صفحة هذا النظام فسلطات العالم العربي وكما هو معلوم بعضها اقام مجالس عزاء وبعضها اقامن تماثيل لذلك الجلاد وبعضها اقام صلاة الغائب في كل البلاد و الكارثة الكبرى هي مشاركة العديد من المثقفين في ذلك وهم الذين يعتبرون ضمير الامة الحي ولكن في موازاة هذه الصورة السلبية رأينا عدد المثقفين العرب الذين مازالوا يحملون بذرة الضمير الحي ومناصرة الشعوب المظلومة قضاياها الصادقةاتخذوا مواقف مشرفة ففي تقاريراعلامية اعلن عدد من الكتاب والمثقفين المصريين رفضهم المشاركة في مجالس العزاء الذي اقامته لجنة الحريات بنقابة المحامين المصريين بالقاهرة للرئيس العراقي المخلوع ووصف هؤلاء المثقفين الطاغية صدام بانه ديكتاتور ظالم قتل الالاف وشرد الملايين وتسبب في ضياع ثروة بلد عربي اسلامي كبير ومن هؤلاء المثقفين والمثقفات الكاتبة صافيناز كاظم وقالت انها ستقاطع كل من سيشارك في هذه المآتم واضافت ان المشاركين في هذه المآتم لم يتذكروا الالاف العراقيين الذين قتلوا على يد السفاح صدام حسين وعلى مدار ربع قرن ولم يحترم فيها مناسبات دينية او اعيادا وطنية فيما اكد الكاتب اسامة انور عكاشة استحالة مشاركته في مثل هذه المآتم وكيف نقوم بذلك وننسى الاف القتلى الذين خلفهم حكم صدام حسين وتسببه في دخول الولايات المتحدة الامريكية الى المنطقة واستنكر عكاشة سير الشعوب وراء الزفة التي حولت صدام حسين الى شهيد وبطل شعبي ووصف عكاشة اقامة مآتم العزاء لصدام بانه مهزلة من المحامين والمثقفين واضاف ان المشاركين اما طبالون وزمارون او جماهير لاتعلم حجم جرائم الطاغية صدام وموقف الشخصية الليبرالية العربية الدكتور شاكر النابلسي وموقف الفنان يوسف شعبان الذي دان مواقف هذا النظام منذ فترة التسعينات وان ياتي العراق ويمدح النظام مقابل الالاف الدولارات لكنه رفض ذلك بشدة مقابل مواقف منكرة من فنانين عرب سال لعابهم لرؤية الدولارات ولكنهم سقطوا من احترام الشعب العراقي وهم معروفون ان هذه المواقف الحضارية لمثقفين عرب رفضوا نهج الطاغية المخلوع رغم قلتها امام مواقف المثقفين السلطويين العرب اللاهثة وراء خلق مجد زائف لديكتاتور آفل الا انهم عبروا عن مشاعرهم بصدق وجرأة ويستحقون الاحترام عليها في عالم عربي يخلق الكذبة ويصدقها لانهم يعلمون ان هذا الطاغية لايستحق أي تعاطف الا انه انقطاع انبوب المال العراقي المتدفق وانتهاء سياسة الارتزاق المالي في ايام الطاغية لهؤلاء المثقفين والاعلاميين العرب وكلنا رأى زيارات بعض الفنانين والمثقفين السلطوين العرب الى العراق في ايام الطاغية في محاولة لخلق رأي عام عربي زائف يتعاطف مع الشعب العراقي ضد الحصار في تلك الفترة وبعد سقوط النظام البائد رأى الجميع اسماء هؤلاء في كوبونات النفط التي كان يوزعها النظام على الذين كالنوا يتعاونون معه في السر في تلك الايام ويجملون وجهه في البرامج واللقاءات التلفزيونية في الاعلام والفضائيات العربية المشبوهة التي يستضافون فيها والبعض انخدع بالحماسة الثورية في الدفاع عن هذا النظام من قبل بعض المثقفين والسياسيين العرب واذا بهم يفاجئون ان ذلك غير متأتي من الحماسة الثورية بل من الحماسة الدولارية لرؤية براميل النفط ورائحته الزكية وبشكل يمثل ضحالة ثقافية لمتثاقفين فقدوا كل احترام0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة