الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس تسقط العلم الفلسطيني

جميل محسن

2007 / 6 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


فتح الفاسدة , فتح العميلة , فتح المهيمنة على القرار الفلسطيني , فتح مكسر عصا كل من هب ودب لأكثر من 40 عام من تاريخ النضال الفلسطيني المستمر , جمل عبر الصحراء القاحلة يحاول ركوبه أو السيطرة عليه من تغريه وحدانيته وصبره , فلا يتمنع ولا يركع مادام ماضيا نحو الهدف .
نقلت فتح منذ نشأتها أواسط الستينات القضية الفلسطينية من مثاليات احمد الشقيري وبيروقراطية الجامعة العربية وإعلام الأنظمة وتجارة مؤتمرات القمة , إلى ارض الواقع , يتجه سهم الزمن إلى الأرض عبر النهر ودبابات الجيوش العربية الناطرة , وعيون وآذان العسس المتوجسة , ليسيل الدم العائد ويفتك بالآخر الغازي المستوطن والعين بالعين والسن بالسن , حجر صغير هو أول شهيد لفتح ولكنه حرك الماء الراكد الآسن لسنوات عجاف بطلها احمد سعيد ومن لف لفه .
تكاثرت الحجارة , وهل يملك غيرها اللاجئ المبعثر حول فلسطين قريبا او بعيدا يبحث عن وطن فلا يحصل المحظوظ منهم إلا على ورقة إقامة ! بعدها تفجرت أزمة صراخ الأنظمة وشعاراتها الثورية وجيوشها المنتفخة على حساب شعوبها المقهورة حربا أنتجوها إعلاميا لرمي اليهود في البحر , وتمسك إسرائيل المنتظرة والمستعدة بالفرصة السانحة لتتمدد وتكتسح ماتشاء من باقي فلسطين وأراض عربية مجاورة هازمة الحكام وإعلامهم وجيوشهم الكارتونية في حرب حزيران 1967 , ويبدأ التباهي أمام العالم بدولة القوة والعلم والديمقراطية والتقدم مقابل الجهالة والتخلف العربي .
تتلاشى وتخفت رايات قوات الإعلام العربية , ولكن ينهض البديل فتح والمقاومة الشعبية ويرتفع العلم الفلسطيني لأول مرة منذ سنوات بأيدي فلسطينية خالصة غير موظفة في وزارة دعاية من المحيط الى الخليج بل استوطنت وانتشرت وترسخت في وادي الأردن عند محيطها البشري واكبر الشتات وحيث أكثر نظام فقد ارض وثقة وسيطرة , وتواصل النضال وتكاثرت الهجمات لتصحو إسرائيل من سكرتها ونشوة وانتعاشة النصر الساحق والامتداد بانتظار التواصل من الفرات الى النيل .
جاء يوم معركة الكرامة , أبو عمار وصحبه يتراكضون بكوفياتهم بين الدبابات الإسرائيلية في فتح لاند الأولى , أجيال من مواطني الأمة العربية تسمع وتشاهد وأكثرها للمرة الأولى في حياتها مقاومة ضارية شرسة ولكنها غير رسمية , وتكتب بياناتها على الأرض وليس في دهاليز الإذاعات ووزارات الدعاية , ورب شرارة أشعلت النار في الحقل كله , تلك انجازات فتح وأبو عمار والبداية .
تلقفت الأنظمة طرف الخيط وركبت الموجة وزرعت فروعها الفلسطينية وجبهاتها المتعددة لتساند فتح والمقاومة وحتى لتكون هي المقاومة ! الأحزاب والحركات المنتهية صلاحيتها بعد نكسة حزيران في طول وعرض بلاد العرب استلمت الفكرة واستقبلت الكرة في ملعبها وأخرجت الجبهات المتعددة لتحرير فلسطين كل فلسطين فأبشر بالعون والمدد ياياسر يا ابن عرفات .
تمسكت قيادة فتح بالوطنية الفلسطينية وحددت الهدف الرئيسي وتركت ماعداه ورفعت العلم الحلم الوطن العودة الأرض البيت العائلة الأهل الأجداد ودخلت المخيمات والتفت النواة الفلسطينية الصلبة حول فتح وبدأت الانتقادات التي أكدت صحة المسار ذاتية , قطرية , وطنية فلسطينية ضيقة , غير قومية التطلعات , لم تنفي لجنتها المركزية ولم تؤكد بل كان سهم زمانها وفعاليتها يؤشر ثانية نحو القدس والوطن والدولة بكل الوسائل المتاحة والممكنة .
عابوا عليها عدم الوضوح الإيديولوجي فأبرزت ليبراليتها الموازية لديمقراطية إسرائيل الذاتية .
لجنة مركزية تجمع القس وشيخ الإسلام والتاجر والماركسي المتفهم والمهندس والطبيب وقليل التعليم والمثقف وابن الداخل وربيب الشتات . ثم منظمة تحرير شاملة ولم لا ؟
فلسطينيوا الأنظمة , أهل اليسار واليمين , أرباب المال والأعمال , العسكريون وأصحاب الخبرة , مندوبوا المنظمات الفلسطينية على اختلاف عقائدهم حتى لو عارضوا نهج فتح , مع ميل أبو عمار السياسي الفذ الى تجميع الخيوط والإمساك بأغلبها خاصة وقت التصويت على القضايا الكبرى في المجلس الوطني الفلسطيني . هاهي ثمرة العمل الوطني , المؤسسات الشرعية قد تكاملت وامتدت المكاتب (السفارات) لتشمل إنحاء المعمورة ولم يبق لتضييق المشاكل والانطلاقة الحقيقية إلا الاستقرار على بقعة ارض فلسطينية (وطنية ) بعد عمان وبيروت ودمشق والقاهرة وتونس وبغداد مرورا بأم درمان , تقينا الانحراف والانجرار خلف اشتراطات قيادات الأنظمة ذلك هو الهدف (الآن) , لترمي قيادة فتح خلف ضهرها المنطق الثوري المثالي الذي يهمه بالدرجة الأولى تسجيل المواقف لاحرق المراحل لتمارس الواقعية السياسية خاصة فترة أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات واضعة نصب عينيها الحصول على أي قطعة ارض تبني عليها سلطتها في ارض الوطن تنجيها ربما أولا من تجار الأنظمة وترتحل الوفود المفاوضة نحو مدريد وأوسلو لتتنازل في ضوء الشمس مكرهة عن ماليس في اليد للحصول على أول الغيث هنالك في الضفة والقطاع والجلوس في بناية تحت ظل علم حملوه طويلا ليعود الى مكانه كبداية لسلطة وطنية تستمد شرعيتها الدولية وتؤكدها من ثقة الشعب الفلسطيني وصناديق الاقتراع وبداية المسار الديمقراطي .
ولا بأس أخيرا من جرده حساب قبل الدخول في المتاهة .
كل أهلنا في الشتات والداخل امنوا طوعا إن فتح أصبحت (أم) الشعب الفلسطيني ولا فرق في النظرة بين تنظيمات متحالفة معها او معارضة لسياساتها ولكن تستلم المساعدات وحتى الأرزاق والعتاد وقت المعارك من صندوق فتح , ومنظمة التحرير هي الإطار تستلم مايدفعه المترفون من أبناء هذا الشعب سواء في دول الخليج او المهجر مايمكن تسميته ضريبة الانتماء والخدمة المتبادلة , ويحاسبها الجميع بعد أن أصبحت الكيان الرسمي المسئول عنهم , ولكن ماذا بعد العودة الى الوطن حيث الاحتلال في الضفة والقطاع تختلف حساباته مع قيادة فتح ومشروعها عن الأنظمة العربية التي تصالح وتحارب وتستغل وتتحالف مع الرموز الفلسطينية وعينها على الكرسي الذي تمتطيه وما يمكن ان يوفر لها الجانب الآخر من توسيع لفرص البقاء .
مع إسرائيل الصراع يختلف هو على الوجود بعد أن فشل المشروع التوراتي وانطفأ حلم التمدد نحو النهرين الى تقلص على الأرض اقل حتى من حدود فلسطين التاريخية مع احتمال ولادة النقيض الذي جاءت به فتح ومنظمة التحرير وقيام دولة فلسطين بدأ بسلطتها الوطنية وعلمها الخاص على أية ارض يتم الاستحواذ عليها وبأي طريقة ممكنة واستغلال كل الظروف المحيطة .
أليس هذا بالضبط هو منطق الحركة الصهيونية في بداية مشروعها لإنشاء دولة إسرائيل ؟ تعلم أهل القضية الدرس ويحاولون تطبيقه .
عودة القيادة التاريخية لفتح للضفة والقطاع لاتعني استكشاف المجهول بقدر واجب تغيير التكتيكات ودراسة الواقع الجديد المحكوم بقوى عديدة متباينة الأهداف والرؤية ورغم تجذر فتح في الداخل ولكن التأثير المباشر والاكثر فاعلية وشمول هو للتنظيمات السياسية المرتدية للعباءة الدينية والمسيطرة على المساجد ودور العبادة وما أكثرها في ارض الأنبياء , مستغلة مشاعر القهر واليأس من الحلول الأرضية لدى عامة الناس ومحولة صراع الوجود مع القوى الصهيونية التوسعية الى محور ديني إسلامي ضد اليهود وحلفائهم الصليبيين للسيطرة على ارض المقدسات , وضمن هذا التوجه انتشرت وتوسعت قوى الإسلام السياسي في الداخل خارج إطار منظمة التحرير !! ممثلة بحماس وباقي التنظيمات الأقل حجما . ومشكلة فتح الليبرالية ان هنالك دوما من يريد تحجيمها لأسبابه الخاصة , وأولهم في الداخل إسرائيل , فهي أي فتح المكافئ والمعادل الموضوعي والحقيقي وغير المسيطر عليه , الحلم والدولة الفلسطينية مقابل الحلم والدولة الصهيونية الإسرائيلية بلا إيديولوجيات او برامج محكومة بمروجيها في الخارج تلزمها يوما التحول الى ذيل للمركز المتواجد خارج ارض فلسطين .
كيف سيتعثر وربما يسقط مشروع عرفات اذا لم تنتصب له من وجهة نظر إسرائيل شبكة حماس ؟ لتسحب من تحت أقدامه (امومة ) الفقراء والمهمشين في الداخل بإمكانات مادية تفوق مالديه وقدرة على خلق التعاطف من جماهير وجدت من يوفر لها خيرات الأرض وملكوت السماء .
النافخ الثاني في مشروع حماس هو السعودية , والتأويلات عديدة بين أسباب رئيسية وثانوية , ورغم كل العلاقات الجيدة لقيادة فتح مع المملكة , فليبرالية فتح وعلاقاتها تصادمت غالبا وخاصة في السبعينات والثمانينات مع عمى وانغلاق ورجعية وتحالف القيادة السعودية مع المعسكر الغربي ضد قوى التحرر في الدول العربية والإسلامية والعالم الثالث والمعسكر الاشتراكي حيث البحر المساند لقضية فلسطين ضد العنصرية والتوسع الصهيوني , وأثارت مسألة الجهاد في أفغانستان آنذاك ضد التواجد السوفياتي وخاصة في فترة الثمانينات استنكار وتألم القيادة الفلسطينية وهي تشاهد تحول الاهتمام من القضية المركزية للعرب والمسلمين ارض فلسطين وبداية تحالف سعودي أمريكي للاتجاه الى ارض الثغور الأفغانية وكأن الدولة العباسية وهارون الرشيد يحكم المركز لا مناحيم بيغن وشارون وعربدتهما المتواصلة على لبنان وجنوبه حيث تركزت في ذلك الزمان فتح لاند .
عرفات وسلطته الوطنية يواجهان في الضفة الغربية وغزة إسرائيل والسعودية وحماس في أزمة كبرى جديدة تعلمت فتح مواجهتها (بالعنصرية) والإقليمية الفلسطينية وكان ذلك هو الاختيار الأمثل والصحيح والحتمي للقيادة التاريخية في مواجهات ارض الشتات حيث تعني عنصرية القيادة الدخول في البحر الفلسطيني وجعل أي فرد من هذا الشعب يتشبث ويلتف حول قيادته , ولكن الداخل مختلف , والثوب العنصري هنا لايمكن ارتدائه , فالكل فلسطينيون , وما دامت فتح في السلطة فسيستظل بهذا الرداء المتسلقون والمرتزقة ليبعدوا القيادة عن الشعب العادي البسيط , ويمنح الكادر الفتحاوي نرجسية تنظيمية تجاه الآخر , ربما كانت السبب الأساس في عدم استيعاب وإفلات شرائح مهمة وفاعلة من المجتمع وخروجها عن اطار منظمة التحرير الفلسطينية , وكأن هذه ايضا تتحول الى طرف لا البنية الكاملة لأهل الداخل والشتات .
سيدخل على الخط آخرون بعد ان حوصر عرفات في رام الله وتتحول حماس الى الاستجداء وبيع السيادة الوطنية التي لاتفهمها مثل ابو عمار خيط العنكبوت الذي يشده اذا أرخوا ويرخيه إذا شدوا , ويضل بيده , وتدمر إسرائيل اغلب ماسيبنية من بنى تحتية مادية ومعنويه , ولكنه يبقى محا فضا على المكتسبات والاتفاقات وما( أعطى ) وما اخذ خلال عشرات الأعوام من التعامل مع المجتمع الدولي , وبناء المؤسسات الشرعية الوطنية .
مايريده الآخرون الجدد هو التجارة المستمرة بقضية فلسطين لأسباب شتى داخلية وخارجية , وما ترغب به حماس هو السيطرة والحكم واضهار سياسة فتح وكأنها استسلام لاعلاقة له بالظرف والفترة وتنويع التحرك خدمة للهدف الأساس لا إطلاق الشعارات حتى لو كان طريقها الوحيد هو الهاوية والارتباط بالأخر غير الفلسطيني دون التفكير الجدي والمتوازن بنواياه الحقيقية وأجندته الذاتية مادام يدفع ويطاب بالتحرير والعودة أكثر من فتح وعرفات .
وقعت حماس في المحضور لأنها تجاوزت منظمة التحرير الفلسطينية وارتبطت بجبهة الممانعة الإسلامية الإيرانية السورية وحدد دورها في الداخل باغتصاب غزة !! وتتحول الى علقمي آخر , اخرج فتح والسلطة الوطنية ومؤسساتها ورئاستها وعلمها ؟ وهنا بيت القصيد , ليرتفع فوق غزة علم حماس الأخضر الإسلامي وباختصار وضحت حماس أسباب الصراع .
علم ابو عمار وابو مازن وفتح ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية المكتسبة والذي اسقط من فوق مؤسساتها في غزة هو نفسه لاغيره علم فلسطين التاريخي قبل الاحتلال والاستيطان ونشوء دولة إسرائيل وابشر بطول سلامة يامربع ! وما رفع مكانه من اخضر او اصفر او أي قطعة قماش حزبية مليشياوية سلطوية تقسيميه يخجل من تواجدها الحالي سجناء فتح وحماس والجهاد والجبهة الشعبية من داخل معتقلات إسرائيل قبل غيرهم وكل من شاركهم وثيقة العهد الموقعة منهم .
وما صرح به السيد إسماعيل هنية حال (تحرير غزة) حول تقبل هدنة مع اسرائيل والاعتراف بحدود ال1967وما وقع معها من اتفاقات يعني الكثير , فلم الاحتراب والتخوين والاقتتال إذن ؟ اوليس هذا منطق وطريق فتح الذي رفضتموه إمام الشعب وانتم خارج السلطة ؟ وحتى بعد المشاركة فيها , ولكنكم ترتضونه بعد السيطرة المطلقة على القطاع !! فالى أين من هنا ؟ العلم عندكم ,كما هو واضح للقيادة الإسرائيلية هدنة وتجميد على الحدود الشمالية , وانفتاح تكفيري عند الجنوب حيث بدو سيناء وتهريب الأسلحة والتطلع نحو مصر بانتظار رحيل مبارك او زحزحة سلطته , ثم القفز نحو السعودية الحليف السابق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد