الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تماثيل...جدليةعلب الكونكريت والمقدس المطلق

مهدي القريشي

2007 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


تعكر صفو (الملا )حينما اعترض الاسير محسن الذهبي على الافكار التي طرحها في ساحة تجمع الاسرى والتي تفيد ان التماثيل رجس من عمل الشيطان يجب ازالتها لانها في اقل تقدير تعني المساس بالمقدس المطلق ولان الاسير (محسن )له رأي اخر كانت عقوبته ترك جسده النحيف في العراء حتى صباح اليوم التالي تحت رحمة الوفر النازل بلا حياء والذي (تضامن ) مع (الملا ) في انزال العقوبة ب (المارق )محسن الذهبي ليلتها بكى على ما آلت اليه حا ل محسن حتى الحرس الغرباء المحيطين بالشبك .
انتهت الحرب بين الجارتين اللدودتين (العراق وايران )وحتى يغيظ صدام اعداءه التقليديين وحتى تبقى صور الحرب راسخة في الذاكرة الجمعية نصب قرابة مئة تمثا ل اسود اللون باصطفاف عسكري على ضفة شط العرب اقيمت لتخليد ذكرى اولئك الذين قاتلوا في الحرب ضد ايران حيث كانوا يحملون اكثر من رسالة في زمن السلم المؤقت فاصطفافهم من جهة البصرة وابهام ايديهم يؤشر بأتجاه ايران امتدت بشكل مستقيم تترك خيطا وهميا للناظر بأن المد (الاصفر )كما كان يسميه القادة السياسيون جاء من الجارة ايران وحتى يكون التأكيد ملازما للحقيقة كما في مخيلة صدام ازدحمت التماثيل على شط العرب , زاحمت كل شيء على الكورنيش ابتداءا من باعة (البسطيات )والمرطبات وصولا الى تمثال الشاعر بدر شاكر السياب الا انهم لم يستطيعوا انقاذه من الاطلاقات الطائشة العوراء التى اصابت جسده المثقل بالهموم .
هذا الحشد من التماثيل ذكرني بما تم اكتشافه سنه 1974 في الصين حينما عثر على ثلاثة خنادق رئيسية منقسمة الى (11)ممرا يبلغ طول الممر الواحد حوالي 200م 3م ممتلئة بالجنود والمحاربين وبشكل استعداد حربي ويتكون من 204 جندي يمثلون فرق المشاة ,طول الجندي الواحد منهم من 170 سم الى 190 سم , والذي يثير الدهشة هنا ان كل جندي يختلف في شكله عن الجندي الاخر وفي الصف الثاني اصطف راكبي الخيول والعربات وبكل التجهيزات العسكرية اما الصف الثالث فهم مجموعة من الجنود المجهزين بالاسلحة وفي احد الخنادق وجد تماثيل الحرس الخاص والمقربين من امبراطور الصين الاول (كن شي ها نجدي )200 ق.م وهو نفسه الامبراطور الذي بنى سور الصين العظيم المحيط بمقبرته حيث كان يعتقد ان هذا الحشد من التماثيل (الجنود الاصنام )هم الذين سيحمون مقبرته بعد موته واذا كان امبراطور الصين حشد هذا العدد الهائل من الثماثيل لحماية مقبرته فأن صدام حشد اكثر من هذه الاعداد من الجنود والقادة الحقيقيين لحمايته لكن الاثنين خابت امالهم فلا التماثيل جمت المقبره ولا جيش صدام دافع عن (القاعد) الضرورة والنتيجة من هذا الرعونه استبيح الوطن …
كانالفضاء الممتد على طول حافة الشط في مدينة البصرة يشكل نسقا مكانيا اجتماعيا تستعير من الملامح المدينية صفة له ليملأ الفضاء , المكان ,ويكون الشخصية البصرية بالتفاعل مع المكونات الاجتماعية خارج تشكيل رصيف الشط والذي غدا نوعا من الحاضنة الدافئة لمجتمع غير متجانس اجتماعيا وسياسيا وثقافيا لما تمتلك البصره من امتدادات جغرافية وتلاقحات ثقافية وفكرية تأريخية وتأثيرات اجتماعية متبادلة مع دول الجوار وحتى الدول الابعد مكانيا مما ادى الى اضفاء سلوكيات لاتحتملها امكنة اخرى.
الاان امتلاء هذا الفضاء بعلب الكونكريت المسمى (قادة عسكريون ) ليكونوا بدلاء عن الجندي المجهول وتكرار صفات هذا الجندي لاكثر من مئة جندي ( جنرالات غير مجهولين ) يعطي انطباعا مغايرا للانطباع السائد فعسكرة المكان التي تشكل عسكرة خارج نطاق المألوف (المعسكر ) وسرقة جزء من المكان المجتمعي المديني وتجيره الى العسكر وهذه صوره من صور الثقافة السائدة قبل سقوط الصنم والتي من اهدافها الرئيسية هو الاقتحام والسيطرة على الاشياء التى لا تخطر على بال وفرض شروط بالقوة وبالتالي جعله جزءا من الحياة المدينية , هكذا صفة لم تنتج ولم تثمر الا القطيعة مع المكان اولا ومع الاشياء الاخرى ثانيا ورفض الاخلاقيات اللامنتجة اوفاعلة والمتتبع للثماثيل العسكرية التى نصبت في بغداد قرب جامع ام الطبول يد رك انه حتى (رفاق )اصحاب هذه التماثيل اهملوا وجودهم وشطبوا على تأريخهم وبقوا مجرد حجراسود مركون على جافة الرصيف يشكو الغربة والوحدة والاهمال وتراكم الاوساخ الى ان جرفتهم العاصفة يوم سقوط هبل وتحويلهم الى خردة .
السياب وحده ابن هذه المدينة القلقة حفزت احاسيسه امواج شط العرب الملساء , اراد ان يكتب قصيدة عن جراح العراقيين لكن الجلبة التي عكرت صفو الماء وشتت المعنى يوم اصبحوا جيرانه ثقلاء الدم , شرسي الطباع , حتى مع ابناء جلدتهم هؤلاء هم الجنرالات المتقاعدون رغما عنهم . اذن المعادلة غير متوازنة وحتى غير اخلاقية فالسياب واحد والجنرالات كثر يتكررون بشكل غير جمالي وغير نظامي معتقدين انهم مازالوا يمارسون لعبة القمع ضد الشعب العراقي وماعرفوا انهم قد رقن قيودهم في السجلات الدنية وفي الضمير الانساني .
في تلك الليلة , الجنرالات فروا هاربين وبدون ان يودعوا جارهم الشاعر . انهزم الجنرالات الى مقبرة بلا شواهد ليلتها ضحك السياب من القلب وهو يرى كورنيش البصرة اصبح ملكا صرفا له وللباعة المتجولين واصحاب البيوت الواطئة سقوفها وعلى الطريقة العراقية بعد سقوط الصنم (عادت البناية او المزرعة الى اصحابها الشزعيين ), المفارقة الكبيرة ان الجنرالات وخلال مكوثهم على شط العرب أبو ان تكون مؤخراتهم المكتنزة باتجاه البصرة , ورغم ان السياب غريب على الخليج في لحظة خانقة من تاريخه الاان الجنرالات غرباء عن الوطن كل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس


.. قتلوها وهي نائمة.. غضب في العراق بعد مقتل التيكتوكر -فيروز أ




.. دخول أول دفعة من المساعدات الإنسانية إلى خانيونس جنوبي قطاع


.. على وقع التصعيد مع إسرائيل .. طهران تراجع عقيدتها النووية |#




.. هل تتخلى حركة حماس عن سلاحها والتبعية لطهران وتلتحق بمعسكر ا