الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى مدني صالح : لم تمت ايها المدني الصالح

جاسم المعموري

2007 / 7 / 22
سيرة ذاتية


لم يكن مدني صالح الفيلسوف العراقي الكبير استاذا جامعيا فحسب , بل كان ومازال يشكل علامة بارزة في الفلسفة والادب العربي , شكلت بدورها مدرسة مدنية صالحة ابد الدهر , ولم يكن مدني صالح اكاديميا بارعا ومربيا فاضلا وكاتبا بارزا فحسب , بل كان عراقيا محبا للعراق كله وللعراقيين كلهم , والاهم من هذا كله انه كان يشكل بارقة امل تشحذ همم الاجيال نحو الجد والعمل في زمن طغى فيه الخوف وجثم على صدور المثقفين العراقيين لما يقارب الاربعين عاما, وكان يزرع تلك البذور الطيبة الطاهرة في قلوب تلاميذه وقراءه .
وكنا عندما نقرأ له روائع ما كان ينتج كنا نحس بالشجاعة تملأ قلوبنا وبقيمة الانسان ومعنى الانسانية واهمية العقل والانفتاح على الاخرين والتفاعل مع الحضارات تملأ صدورنا .. كان يربينا دون ان نراه او نسمع صوته .. كان يدربنا على الصبر والمحبة والتسامح دون ان يقول ذلك , كان يدخل قلوبنا وعقولنا من بوابة الفلسفة يحمل بيده اليمنى كتابا وبالاخرى شمعة فنشعر بالامن والسلام والمحبة .. كنا عندما نشتري جريدة الجمهورية نبحث فيها عنه حتى اذا وجدناه ميّـزنا الصفحة التي هو فيها وتركنا بقية الجريدة للريح تعبث بها هنا وهناك .. اما اذا وجناه في الاقلام او الطليعة الادبية وهما مجلتان عراقيتان ادبيتان شهريتان شهيرتان نبلغ من السرور اشده ونقرأه مرات ومرات .....

كنت افكر بأسمه دائما واقول بعد الانتهاء من قراءة مقالاته او دراساته او نتاجاته : نعم يامدني صالح والله انت مدني وصالح , فماكان هذا الفيلسوف الا كذلك اسم على مسمى .. وكان قد كتب في النقد فاجاد وتميز باسلوبه الفذ في كتابة المقالات الادبية الساخرة وكتب للفلسفة وعن الفلاسفة باسلوب عذب متميز حتى نعرف اسلوبه وان لم نقرأ اسمه على المقال او الكتاب ... نعم لقد كان مدني صالح مدنيا صالحا بكل معنى الكلمة وكان ارسطو العرب وسقراطهم والذي يحق لهم ان يفتخروا به وان يجعلوا من نتاجه الفكري الفلسفي والادبي الرائع كأعلى نتاج على المستوى العالمي والانساني ..وكفى بقوله ان الفلسفة صرخة تملأ الزمان لتؤسس ارادة القول .
فلم تمت ايها الفيلسوف العملاق ولم ترحل ايها المدني الصالح .. نعم مات الجسد الذي كان يحمل تلك النفس الكبيرة وكيف لا يموت فاذا كانت النفوس كبارا تعبت في حملها الاجسام .. مات ذلك الجسد وبقيت ارادة القول التي اسست لها انت بصرختك التي مازالت تملأ الزمان ..
جاسم المعموري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المقاتلات الإسرائيلية تشن سلسلة غارات على محيط بلدتي عيتا ال


.. سياق| بريطانيا .. لماذا التضييق على الفن الفلسطيني؟




.. للمرة الرابعة بيتكوين تدخل مرحلة الهالفينغ.. ماذا يعني ذلك؟


.. استقالة عبدالله باتيلي ليست آخرها




.. بيلوسي تهاجم نتنياهو.. -عقبة أمام السلام- في الشرق الأوسط