الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرفاق الطيبيين أسرة الحوار المتمدن

عماد يوسف

2007 / 7 / 31
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن


تحيــة تحمل في ثناياها أسمى آيات التقدير والعرفان بالجميل لما ساهم فيه هذا الموقع المتميز " بكل المعاني " من إغناء لحركة الفكر العربي الديمقراطي، وتحديداً اليساري منه، الذي لمّا يزل يبحث عن انبثاق جديد لفكر مازالت نواته قادرة على الخلق من جديد، وربما تكون في المستقبل القريب، أو البعيد، هي الحل الناجع لتلك التناقضات المهولة التي يعيشها إنسان اليوم، والتي تلغي الإنتماء الإنساني للأغلبية العظمى من سكان هذا الكوكب لحساب أقلّية لم تتوقف عن اللهاث لغاية تسخير كل طاقات وامكانات هذا العالم في خدمة وجودها مهما كانت الأثمان، والتي غالباً ما يدفعونها من حسابات غيرهم من البشر التي يحولونها إلى بيادق، تماماً كلعبة النرد، وذلك تحت مسمّيات ايديولوجية كثيرة، و درس العراق خير دليل على ما سلف ذكره من قول .
ما أصبو إليه هنا من قول، ليس الدخول في تفاصيل ربما ملّ الجميع ذكرها، ولكن جوهر القول هنا، هو التذكير بأننا مازلنا في الخطوة الماقبل الأولى ربما، من درب الألف ميل، وأن الخط البيالني للعمل النضالي، والمطلبي العربي، و الذي كان يجب أن يتجه صعوداً، هو اليوم يتجه نزولاً، حتى أوشك أن يلامس درجة ( الصفر) ، إذا ما اعتبرنا أنها الدرجة التي توجب الصعود منها، باتجاه الأعلى . لقد بات من الواضح تماماً أن الأمة العربية تعيش ليس مأزقاً واحداً، أو عدة مآزق، بل هي تعيش آلاف المآزق مجتمعة، وأن الإنسان العربي عاجز عن الفعل ورد الفعل، في مجتمعه العربي، وهذا الإنسان، هو إنسان مهزوم، هرم، مكسور الإرادة ومقتول في حيويته، وسلبي في تفكيره، وهو فوق كل ذلك إنسان مستلب العقل والفكر والذهنية، القادرة على التفكير الخلاّق والمبدع .
لقد انتظر هذا الإنسان العربي تغييراً لواقعه، يصبو إليه ويحلم به منذ عشرات السنين، ولكنه لم يجد يوماً، ولم يستطع يوماً، أن يخلق الأدوات والسبل التي تحقق له أهدافه، أو حتى أن يسعى إلى خلقها، إلاّ ما حصل من تجارب متواضعة هنا وهناك، غير ناضجة الرؤية، متخبطة، بين المدارس الفكرية المتنوعة، وغير حاملة لرؤى مطلبية واضحة المعالم، قادرة على طرح مشروع تغييري شامل ومتجاوب مع متطلبات المواطن العربي العادي، ومتطلبات البناء المجتمعي العام والخاص، ومتطلبات التكيّف العالمي المعاصر .
اليوم، الكثير من المواقع الحاملة للفكر الحرّ، والتنويري، ملغيّة من قاموس الأنترنت العربي، في أغلب الدول العربية، واليوم ، نشهد انتصارات لمشاريع عربية، دكتاتورية البنى، أحادية الرؤية، وذاتية النهج والفكر، ما كان غير قابل للوجود والاستمرار منذ عشر سنوات خلت، على سبيل المثال، عندما كان العالم ما يزال متأثراً بانهيار المعسكر الاشتراكي برمته، بزعامة الاتحا السوفييتي . إن تجربة ميلوزوفيتش، وصدّام على الرغم مما بطّنت في طيّاتها من أهداف غير معلنة كان الهدف منها خدمة، وترسيخ لوجود النظام العاملمي الجديد، وأمريكا في القمّة منه، إلاّ أن هذان الدرسان لن يتكررا في تصوري المتواضع، على الأقل في المدى القريب من السنين التي ستأتي عليها المجتمعات العربية من بدايات القرن الواحد والعشرين .
ليست السياسة، بمعناها التكتيكي، محضَ مذهب حنبلي الرؤية، مغلق الأبعاد، فولاذي البناء، بل هي مادة لّينة، مطواعة، تعطي أصحابها المرونة اللازمة للإستفادة من ظروف إستثنائية، أو أحداث عالمية، أو فرص تاريخية تحمل رياح تغيير، ليس الإستفادة منها مقتل لمبادىء تتنافى مع تلك الرؤى والمتغيرات، وهذا ما لم تعه ِ المجتمعات العربية، ولم تستفق إليه إلاً متأخرة، عندما بدأ الانهيار الكبير لمنظومة الدول " الدكتاتورية " الاشتراكية، إبتداءً من العام 1980 بداية ظهور بذور التغيير على أيدي نقابة عمال " تضامن " في بولندا، وانتهاءً بسقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفييتي مع العام 1989و90 .
إن عالم اليوم، كثير التشابك، بالغ التعقيد، ما يجعل حركة التاريخ المعاصر فيه دقيقة جدأ، ومعقدة كثيراً، فما يحصل اليوم في بقعة جغرافية حيوية من العالم، قد يؤثر طرداً، على متغيرات كانت ستبدأ، أو بدأت، أو أنها في طريقها إلى البدء، وهذا ما لا يراه الكثيرون من رجال السياسة اليوم في العالم العربي، وينظرون إلى رؤاهم على أنها من المحرّمات التي لا يجوز المساس بها أو حتى مناقشتها، فالفيتو العربي على، المصطلح، والكلمة، والرؤية، من أقوى أنواع الفيتو عند مثقفينا العرب، ولا يحتمل أنصاف الحلول، أو حتى أشباهها.
لم تكن حركة الفكر العربي المعاصر يوماً، أو رواد مشروع التغيير في كل المجتمعات العربية، لم تكن يوماً أذكى من حكوماتها، وهذا أمر طبيعي، لأن هذه الحكومات لديها الكثير من الإمكانيات والطاقات والكوادر البشرية والفكرية، وغيرها، التي تستطيع أن تسخّرها في خدمة غاياتها، ووجودها في السلطة، أما المثقف العربي، على اختلاف مشاربه، فقد كان دوماً في مهب ريح هذه الحكومات تأخذه يميناً ، ويساراً، وترفعه هبوطاً ونزولاً . ولكن مع كل هذا عندما سنحت الفرصة لهذا المثقف النقدي والتغييري الديمقراطي، أن يتجه إلى الناس، لم يجد في جعبته ما يقدمه، سوى بعض من بيانات مطلبية لا تؤتي أكلها، نظر إليها الناس على أنها أحاجي وألغاز يصعب فك شيفرتها، وحل ألغازها، فما كان عليهم إلاّ ركوب السهل، في الأحكام والرّد، فجاءت ردودهم على تلك البيانات تحمل إتهامات باستيرادها من غير اجازة استيراد رسمية، واعتبرت تهريباً، لفكر غريب عن واقع لم يع ِ الناس بعد مدى تدهوره وفقره الفكري وبؤسه المعرفي .
وقد أدركت تلك الحكومات هذا الواقع، واستشعرت هذا الاغتراب الكبير بين هذا المثقف وبين المجتمع، وأدركت من جوانب عدّة، مربط الفرس في هذه المجتمعات، فما كان منها إلاَ أن استثمرتها استثماراً كبيراً، فغذّت ما يناقض ذلك مكن طروحات، وعزفت على أوتار الروابط العائلية والطائفية والعشائرية لدحض تلك الأفكار وقتاها في المهد، دون أن تتدخل هي في ذلك في الكثير من الأحيان، بل تركت للشارع القبلي والديني الوقوف في وجه مصطلحات كمثل: الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والمجتمع المدني، والدولة، ومأسستها، والانتخابات الحرّة، وغيرها، مستفيدين كثيراً من رياح عصفت بالمنطقة العربية قاطبة، بدأت هبوبها في العراق ولم تتوقف تداعياتها حتى هذه اللحظة .
ما يمكن أن يحدث من عشر سنوات في كل البلدان العربية، أضحى من الصعوبة بمكان حصوله اليوم، أو حتى السماح في حدوثه، ونرى اليوم مزيداً من القمع والتضييق، على حرّيات الفكر والرأي، والمزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان وغيرها في المنطقة العربية، بعد أن كانت قد بدأت تترعرع في بقعة هنا، وأرض هناك .
ما أريد أن أصل إليه هنا هو أنني لا أستطيع أن أتابع مواضيع الحوار المتمدن، ولا أستطيع المساهمة بالكتابة فيه، بسبب حجبه كلياً وجزءياً، وقد مضى على ذلك الكثير من الوقت، وليست المواقع الأخرى بأفضل حال من الحوار المتمدن، هذا المنبر " الجميـــــــل "، الذي كان وما يزال المنبر الوحيد، بتنوعه وقدرته على فتح الأبواب للجميع، من كل المشارب الفكرية، دون إستثناء، وترك القارىء على سجيّته، يمارس قراءة منهكة، وطويلة، ليعرف أين موقعه الحقيقي من هذا أو ذاك، ولكن هذه التجربة الرائعة، والتي استمرت، وستستمر، سيكون من الطبيعي أن يقف لها الكثيرون بالمرصاد، محاولين اصطيادها وحجب أشعتها عن النوافذ المغلقة، والموصدة بالقضبان .

دمتم، ودامت الحرية ، حق لنا... بما أننا ننتمي إلى الإنسانية !















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطائرات من دون طيار الفاعل الرئيسي الجديد في الحروب


.. سيول جارفة ضرب ولاية قريات في سلطنة عُمان




.. دمار مربع سكني بمخيم المغازي جراء القصف على غزة


.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: سنرد على إيران وقاعدة نيفاتيم




.. بايدن ينشغل بساعته الذكية أثناء حديث السوداني عن العلاقة بين