الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة حول التنوع الثقافي واللغوي في وسائل الإعلام بالمغرب (*)

محمد المدلاوي المنبهي

2007 / 8 / 11
الصحافة والاعلام


1) ما المقصود بالتنوع الثقافي في المغرب

التنوع الثقافي، أنّى كان، وسواء أكان واقعا تاريخيا، ومعطى انثروبولوجيا، أم كان نتيجة خطة سوسيو-تربوية إرادية، غالبا ما يشكل مزية إيجابية تكون من العوامل المساعدة على الإبداع الفني والعلمي وعلى القدرة على التكيف مع المستجدات.
لكن يتوقف حصول إيجابية التنوع الثقافي على توفر أرضية جامعة تؤطر عناصره في اتجاه ديناميكية بناءة، ويتضافر في تشكيلها ما هو تاريخي، وما هو مسطـّـر كإطار من القيم الكونية، وكبرنامج من الأهداف السامية المستقبلية التي تتوحد عناصرُ ذلك التنوع الثقافي واللغوي في السعي جميعا إلى تحقيقها.

والتنوع الثقافي واللغوي معطى أنثروبولوجي وتاريخي بالمغرب مند أن برز هذا الكيان إلى حيز العصر التاريخي (انظر Elmedlaoui 2001-2006). ولقد أصبح ذلك المعطى يندرج، مند بضع سنوات، في إطار خطة سوسيو-تربوية إرادية بدأت مع المصادقة على "الميثاق الوطني للتربية والتكوين"، الذي اعترف – على علاته - لأول مرة، من منظور تعددي جنيني، بتنوع أدوار ووظائف اللغات؛ وقد خَـطـت تلك الخطة شوطا كبيرا نحو الأمام مع صدور الظهير المؤسس لــ"لمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية"، ذلك النص الذي عمّق وطوّر بعض دعائم ذلك الميثاق، إضافة إلى كل ما تلا ذلك من خطوات تدبيرية للفضاء اللغوي، وللشأن الثقافي عامة، بالمغرب خلال العشرية الحالية على الرغم من كل أوجه المقاومة أو التجريب أو التحريف.

ويتوفر المغرب، بعناصره التعددية، على أرضية جامعة صلبة شكلها التاريخ، الذي رسم ملامح شخصية هذا الكيان منذ قرون في استقلال عن المراكز الجهوية والعالمية، وجعل منه، هو نفسه، مركزَ إشعاع ساهم ويساهم في التطور الجهوي والكوني على مستويات الفكر والإبداع، والعلم، والأخلاق، والعمران، ونظم الحكم (انظر المدلاوي 1999)؛ إنها أرضية جامعة يدعمها اليوم الطموحُ المشترك العام لدى كافة المغاربة إلى إقرار قيم الحداثة والديموقراطية وحقوق الانسان. فبهذا الاعتبار يحقق المغرب وحدته التركيبية، المركِّــبة للعناصر – لا المقصية لبعضها لحساب البعض – ويقيم حالة من التكامل ما بين عناصر التعدد ومقومات الوحدة، ما بين التاريخ وآفاق المستقبل، وما بين ما هو محلي هوياتي وما هو جهوي أو كوني.

2) ما هي الطريقة المثلى لضمان التنوع الثقافي المغربي داخل وسائل الإعلام السمعي-البصري

إن ضمان توازنات التنوع الثقافي المغربي متوقف على إنجاز تحولات نوعية على عدة مستويات منها:
• ضرورة تحقيق قفزة فكرية على مستوى الذهنيات، تتخلص من الخُطاطات التصورية الاختزالية التي لا تتصور الوحدة إلا بشكل إقصائي يتمثل في تغليب عنصر أو عناصر معينة وتشذيب بقية العناصر عن طريق الخطابة والأيديولوجيات الإثنية أو الملية، وهي قفزة لا بد في تحقيقها من تضافر تغييرات فرعية على مستوى المدرسة ومضامين برامج التعليم عامة، وعلى مستوى عقليات مصادر القرارا والتوجيه في مؤسسات الإعلام السمعي البصري نفسه، وكذلك على مستوى إنتاج النخبة نفسها من الأفكار؛
• ضرورة إنجاز دراسات علمية متخصصة في مختلف القطاعات المعنية (ديموغرافيا، سوسيو-لغويات، سوسيولوجيا، اثنولوجيا، آداب شعبية، موسيقولوجيا، سينيما) للوقوف على المعطيات وعلى الطلب والحاجيات في كل قطاع وميدان؛
• ضرورة تغيير ذهنية مصادر القرار والتدبير للتعود على بناء القرارات على ضوء دراسات علمية واستقراءات ميدانية، وليس على مجرد ثقافة "الدمغي" والحس المشترك العام. ولعل طلبا للاستشارة صدر أخيرا عن "الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري" موجها إلى بعض مراكز البحث يندرج في إطار هذا السعي الجديد، فيتعين تعميمه على بقية مستويات اتخاذ القرار في القطاع السمعي البصري.


3) ما هو الأساس الذي يمكن الاعتماد عليه لاعتبار برنامج معين برنامجا أمازيغيا

المهم بالنسبة للمغرب اليوم، في إطار خطته السوسيو-ثقافية، والسوسيو-تربوية، والسوسيو-إعلامية، الرامية إلى إعادة التوازنات الثقافية والسيكو-اجتماعية (Elmedlaoui 2007) الكفيلة برفع مشاعر الإقصاء الرمزي أنى كانت، وبفتح باب التفتح المواطني أمام الجميع ليتعبأ الكل في مسيرة التنمية التشاركية، ليس هو البحث الميتافيزيقي قصد التمييز ما بين ما يُـفترض أو يُـعتقد بأنه "أمازيغي" في الجوهر وفي الأزل، وما يفترض أو يعتقد بأنه ليس كذلك في الجوهر وفي الأزل، إذا ما كان مثل ذلك التمييز الميتافيزيقي الإطلاقي ممكنا بالأساس. إن المهم، في إطار خطة إعادة تلك التوازنات، هو العمل البنـّاء لتحديد كل أوجه العمل الكفيلة بتحقيق تلك التوازنات تحقيقا بنائيا وصيروريا لإعادة بناء هوية قوية متكيفة مع الحاضر ومع المستقبل من موقع قوة وثقة، أكثر من ارتهانها لتصورات الماضي، تاريخيةً كانت تلك التصورات أم أسطورية. وبما أن اللغة والثقافة الأمازيغيتين من المكونات الأساسية الراهنة لهوية الشخصية المغربية، التي لا يمكن لها أن تقوم وتصمد بدون اجتماع كافة تلك المكونات وتكافؤها، وبما أن اللغة والثقافة الأمازيغيتين قد عانيتا خلال فترة معينة، من حيث هما مضامين ملموسة (لغة، أدب، فنون)، من تبعات تجربة إقصاء وتهميش معنويين وماديين، بشريا وجغرافيا وعمرانيا وفنيا، أكثر مما لحق مكونات أخرى من مقومات الشخصية المغربية، وهو ما يستدعي برامج استدراكية استعجالية لصالح تلك المضامين، فإن أوجه خدمة البعد الأمازيغي للشخصية المغربية متعددة، ويتعين أن يتم العمل على اكتشافها باستمرار، وأن تقام بينها سلـّمية لأولويات للمعالجة الإعلامية عن طريق تدوين وتوثيق المادة، وعن طريق معالجة تلك المادة قصد التقديم المباشر لها عبر الحوامل الإعلامية المختلفة (كتاب، كراسة، إذاعة، تلفزة، سينيما، الخ)، أو جعلها موضوع برامج حوار وتداول، أو موضوع استطلاعات صحفية، أو برنامج معرفية علمية بلغات واصفة أخرى، على محوري ما هو تاريخي وما هو قائم، وذلك على عدة مستوايات منها:

• مستوى اللغة كمتن يُـتداول للتعبير بواسطته، والإخبار به، والترفيه ، والتثقيف، والتواصل عامة بواسطته،
• مستوى الأنواع الأدبية من شعر (عاطفي، ملحمي، وصفي، تربوي، إصلاحي، نقدي، دعوي، الخ) ونثر (قصة، حكاية، أمثال، رواية، مسرح، الخ)
• مستوى التقاليد والأعراف والأوجه الانثروبولوجية العامة
• مستوى الفنون والمهارات اليدوية
• مستوى فنون الموسيقى والرقص والغناء
• مستوى فنون العمران والتدبير والسياسة،
• مستوى الفضاءات الطبيعية (البادية الجبلية خاصة) والاثنو-اجتماعية المختلفة التي كانت مغيبة من أفق الإعلام لارتباطاتها الرمزية بشكل أو بآخر بما كان مهمشا من الثقافة الوطنية.

انطلاقا من هذا المنظور والتصور، وبعد أخذ مسألة الأولويات بعين الاعتبار في كل مرحلة من مراحل تطور خطة التوازنات الثقافية المنشودة، فإن كل برنامج إعلامي من شأنه أن ينعش ويطور المكون الأمازيغى للشخصية المغربية، وأن يضمن له الإشعاع في محيطه المباشر أولا، ثم في فضاء الثقافة الكونية عامة، يعتبر برنامجا يخدم المكون الأمازيغي للثقافة المغربية، سواء أكان ناطقا بالأمازيغية كليا أوجزئيا، وسواء أكان ناطقا بها أصلا، أم كان مترجما أو مدبلاجا إليها، أم كان عملا مترجما أو مدبلجا من الأمازيغية إلى لغة وطنية أخرى، أو حتى إلى لغة أجنبية شائعة الاستعمال في المغرب. وكذلك يمكن القول بالنسبة لأي برنامج يدور حول اللغة والثقافة الأمازيغيتين بلغات أخرى، من كل ما من شأنه أن يفتح أمام تلك الثقافة أبواب الإشعاع على غيرها من الثقافات.

واعتمادا على ما أشير إلى عينات منه من خلال المستويات المشار إليها على التو أعلاه، فإن الثقافة الأمازيغية لا تختزل في شقها اللغوي بالرغم من أهميته من حيث كونه حاملا أساسيا لكثير من بقية الأوجه.


4) على أي أساس يمكن الاعتماد لإعطاء حصة معينة للأمازيغية في القطب الإعلامي العمومي

يتعين اعتماد المرحلية في هذا الباب؛ فما دامت خطة معيرة اللغة الأمازيغية، وتوحيد أوجهها في التخاطب العادي، لم تتم بعد لمد الجسور في التفاهم العادي بين الممتلكين سليقة لوجه من أوجهها الجهوية وبين الممتلكين لوجه جهوي آخر، وما دامت العقليات لم تتطور بعد لدى عموم المواطنين بشكل يجعل هذه اللغة تتوفر على حظوظ الاجتهاد لاكتسابها من طرف من لا يتوفر عليها سليقة ممن لم يعد له حظ في التمدرس - وهي أقرب مع ذلك إليه سوسيولوجيا سوسيولسانيا من اللغات الأجنبية أو من بعض اللهجات المشرقية في مصر أو في الخليج التي أصبح كثير من المغاربة يجتهدون للتحكم فيها لمتابعة المسلسلات والكليبات - وباستثناء نشرات الأخبار الرئيسية، فإن حصة الأمازيغية في القطب العمومي يتعين أن تكون في مرحلة أولى مقصورة على صنف ما تغلب عليه "لغة الفن" (موسيقى، غناء، رقص، سينيما مدبلجة، الخ)، التي يشترك في فهمها الجميع، وصنف الاستطلاع الصحفي، والبرنامج العلمي المستعين بلغة واصفة أخرى ذات انتشار أوسع، وعلى صنف الأعمال المترجمة أو المدبلجة عن نصوص أمازيغية إذا ما تعلق الأمر بمواد تقوم على النص (مسرح، سينما، حوار)؛ وذلك على أساس أن تتكفل برامج خاصة، عبر قنوات خاصة، ببقية الأوجه مما يتوقف جوهر مضمونه على فهم متن الوجه المعين من أوجه اللغة الأمازيغية (مختلف الآثار الأدبية المقصودة لخصائصها الفنية الذاتية وليس لمجرد مضامينها الإخبارية أو الوصفية). إن أي إقحام استعجالي لمواد لم تـُـهيأ لها بعدُ الظروفُ الثقافية اللازمة لحصول مزيتها الإعلامية والتواصلية لن يكون من نتائجه إلا تحوّلُ فئة عريضة من المستهدفين إعلاميا (مستمعين أو مشاهدين) - بمن فيهم بعض الناطقين بهذا الوجه أو ذلك من أوجه الأمازيغية - إلى قنوات أخرى، خصوصا في البدايات التأسيسية، التي غالبا ما ستضيف إلى ضيق دائرة التواصل اللغوي أوجها أخرى للنقص تتعلق بضعف القدرة على حيازة معاير الجودة والمهنية في ميدان التقنيات العامة للتواصل.


5) كيفية تقديم التنوع كمصدر غنى لا كوجه منافرات إثنية بين المواطنين

هذا بدوره متوقف على ما أشير في النقطة الأولى من الفقرة (2) أعلاه إلى ضرورة قيامه، أي تحقيق قفزة فكرية على مستوى الذهنيات والتصورات، تتخلص من الخطاطات الاختزالية التي لا تتصور الوحدة، في هذا الاتجاه أو ذاك، إلا بشكل إقصائي يتمثل في تغليب عناصر، وتشذيب أخرى؛ وهي قفزة لا بد في تحقيقها من تضافر تغيير الذهنيات على مستوى المدرسة، ومضامين برامج التعليم عامة، وعلى مستوى عقليات مصادر القرارا والتوجيه في مؤسسات الإعلام السمعي البصري نفسه، وكذلك على مستوى إنتاج النخبة من الأفكار الرائجة عبر الكتاب والصحيفة والإبداعات. فقد آن الأوان مثلا للنخبة المساهمة في النقاش الفكري حول أمور التوازنات الثقافية – وكيفما كان منطلقها في ذلك النقاش – لتعمل، أكثر فأكثر، على تأسيس خطابها في القضايا المطروحة (الأمازيغية، العربية الفصحى، العربية الدارجة) ليس على مجرد الشحنات العاطفية والتمثيلات المخيالية للزاد الإثني العامّي لكل فئة، الذي لا يغير من عاميته أي تغليفٍ للتعبير عنه بسُجُف إعرابيات وبلاغيات أي لغةٍ عالمة (عربية فصحى، أو فرنسية)، ولكن على أساس إلمام معرفي بما تيـسـّر من التراكم العلمي والمعرفي في باب تلك القضايا باعتبارها مواضيع للبحث العلمي.
فإذا ما حصلت لدى المفكر الفاعل في الساحة مثلا معرفة علمية صورية باطراد العلاقة البنيوية القائمة ما بين العربية الفصحى والعربية المغربية الدارجة من جهة (انظر Elmedlaoui 2000 ) وبالعلاقة البنوية القائمة، من جهة ثانية، ما بين هذه الأخيرة واللغة الأمازيغية، باعتبار أن العربية الدارجة عبارة عن نتاج تاريخي للنطق الأمازيغي بوجه من أوجه العربية المضرية (انظر Elmedlaoui-1998 و شفيق- 1999)، وإذا ما حصلت لديه معرفةُ علمية صورية بالعلاقة القائمة ما بين مقطعية وعَـروض شعر زجل الملحون مثلا، وبين مقطعية وعَـروض الشعر الأمازيغي (انظر المدلاوي2001- ؛ Elmedlaoui-2006 و Dell & Elmedlaoui-2002)، وحصلت لديه معرفة بخصائص المقامات اللحنية والبنيات الإيقاعية المغربية المتميزة، باعتبار أن ما يميزها عن غيرها من المقامات في الشرق والغرب (غياب ربع النوطة، وانتشار السلالم الخماسية والإيقاعات الوِتـْرية من خماسي وسباعي وتساعي) يخترق الأغاني الأمازيغية، والملحونية، والعيطاوية، والطقطوقية، والكَـناوية، والشعبية العصرية (السلاوي، فويتح، الخ) وليس مرتبطا بشكل إقصائي بوجه لهجي معين، ولا بكيان إثني معين (أنظر المدلاوي 2006 و Elmedlaoui-sous presse)، إذا ما حصلت لدى المفكر مثل تلك المعرفة، فإن هوة المنافرة العامية الإثنية بين كثير من أوجه الشخصية الثقافية المغربية تتلاشى من تلقاء نفسها في ذهنه، وترتد لديه تلك الأوجه الثقافية إلى جوهر واحد وعبقرية واحدة.


6) كيفية تمثيل فروع اللغة الأمازيغية في خدمات القطب العمومي للإعلام المغربي

هذا مرتبط بدوره بما سبق أن أشيرَ إليه في النقطة الثانية من الفقر(2) من ضرورة بإنجاز دراسات في مختلف القطاعات (ديموغرافيا، سوسيو-لغويات، سوسيولوجيا جهوية، اثنولوجيا، آداب شعبية، موسيقولوجيا) للوقوف على المعطيات (أوجه الالتقاء والاختلاف، الرقع الجغرافية، معطيات الديموغرافية والاقتصادي والتخطيط)، وعلى الطلب والحاجيات في كل قطاع وميدان. فالمناطق المغطاة الآن على الأقل بقنوات إذاعية جهوية، ليست من سلم الأولويات في نفس درجة أولوية المناطق التي لا تغطية لها البتة مثلا. وتوقيت حصة كل فرع ينبغي أن يحدد بدوره على أساس خصائص الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية الغالبة على الفئة المستهدفة، إلى آخر ما هناك من اعتبارات اجتماعية وسوسيو-اقتصادية يمكن أن تكشف عنها الدراسات التي يتعين على المؤسسات المعنية التعاقدُ في شأن إنجازها أو إصدارُ طلبات عروض لإنجازها.


7) هل يتوفر المغرب الآن على إنتاج سمعي-بصري أمازيغي تتوفر فيه المعايير المهنية، وفي حالة غيابه، ما هي الوسائل الكفيلة بتوفيره ؟

الجمهور المغربي متفاوت من حيث فرص التثقيف ونوعيته. فهناك من ليس بوسعه – بمقتضى التفاوتات التربوية والثقافية والإعلامية - أن يحقق إشباعه في التثقيف والترفيه إلا من خلال ما تبقى من مظاهر الفُرجة الشعبية المفتوحة، في حلقات الأسواق البدوية، وساحات بعض المدن، ومحافل الغناء والرقص في البادية، وكذلك من خلال أشرطة الكاسيط الشعبي. فمن خلال ذلك تشبع تلك الفئة حاجتها الترفيهية وتتعلم "التاريخ"، و"الميثولوجيا"، و"الأدب"،. وقد كانت بعض مواد برامج الإعلام السمعي البصري (إنتاجات عبد الرؤوف، قشبال وزروال، مثلا) تستجيب لحاجيات وأذواق مثل تلك الفئات من خلال احتضان تلك البرامج لذلك القبيل الشعبي من المضامين الثقافية ومن أوجه الإنتاج الابتدائي، مما سمح في النهاية بالرقي بذلك القبيل نفسه من الإنتاج، وذلك بفضل مواكبة النقد للفن وتطويره إياه.
أما واقع الإنتاج السمعي البصري الامازيغي حاليا، وكما برز ذلك من خلال أعمال اليوم الدراسي "الفيلم الأمازيغي، قضاياه ورهاناته" الذي نظمه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (6 يونيو 2007) فمتقدم كثيرا– خصوصا في قطاع الفيديو والسينيما والمسرح - على مثل تلك النماذج المشار إليها، والتي كان لها عشاقها من المواطنين والمواطنات الذين كانوا يستعيدون بفضلها توازناتهم السيكو-اجتماعية. فلقد ازدهرت مثلا سوق حرة لسينما الفيديو بالأمازيغية لعدة سنوات خارج أي عناية مؤسسية؛ ويتعين الآن إجراء دراسات لجرد ما هو متداول في السوق، ولما نفذ من إنتاج (أنظر دراسة Lakhsassi 2006)، وذلك قصد استثماره في نتشيط حصص الأمازيغية في قنوات الاتصال السمعي البصري لحفز النشاط النقدي الذي من شأنه وحده أن يزيد في تقريب الإنتاج من معايير الجودة والمهنية.
أضف إلى كل هذا ضرورة تأهيل العنصر البشري الذي يوكل إليه الإنتاج، والتحرير، والتقديم، وخلايا المتابعة بالإنصات والمشاهدة المهنيين، وذلك عن طريق فتح التكوينات الأساسية، ودورات التكوين المستمر، واعتماد مساطر علمية في عمليات التوظيف أو التعاقد والمراقبة. فلا يكفي مثلا أن يصرح شخص بأنه "أمازيغى" بالنـَسَب وبالقرابة، أو أن يكون مناضلا جمعويا في الحركة الأمازيغية، لكي نفترض لديه امتلاكَ ناصية اللغة من حيث هي سليقة واستقامة لسان، أو امتلاك أسس الثقافة الأمازيغية من حيث هي مضامين علوم أدبية، أو لغوية، أو موسيقية، ناهيك عن امتلاك مهارات وتقنيات الإعلام والتواصل على مستوى الإنتاج والتنشيط والتقديم. فالمستمع يلاحظ اليوم مثلا من حين لآخر وجود مذيعين شباب من جيل تربى في وسط سوسيو-لغوي لم يكن لتتوفر فيه حظوظ حد أدنى من امتلاك سليقة الأمازيغية، فلا يقتصر النقص المهني لديه، بسبب ذلك، على التلعثم والحبسة والإرتاج المزمن (لا داعي لذكر الأسماء) بل يتعداه إلى ارتكاب أخطاء نحوية فادحة تخدش آذان المستمعين وليس هنا مجال استعراض عينات منها.


المراجع المحال عليها

شـفـيق، محمد (1999) الدارجة المغربية مجال توارد بين الأمازيغية و العربية. مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة المعاجم
المدلاوي، محمد (1999) عن الذاكرة و الهوية (الواقع والمتخيل). سلسلة شــــراع ؛ ع 64 طنجة المغرب.
المدلاوي، محمد (2001) الأسس العروضية لشعر الملحون والزجل المغربي عامة؛ ص 129-137 من البحث في الطرب الغرناطي: حصيلة و آفاق. إعداد مصطفى الغديري؛ منشورات كلية الآداب-وجدة، رقم 41؛ سلسلة ندوات و مناظرات، رقم 12
المدلاوي، محمد (2006) "عـَـروض، وطبوع، وإيقاعات أغنية الروايس الأمازيغية (مشروع قاعدة مؤعددة لأغنية الروايس ). الأسس الأمازيغية للثقافة المغربية. منشورات جامعة سيدي محمد بن عبد الله. سلسلة مؤتمرات وندوات. إعداد د. موحى الناجي.

Dell, Fancois. & Mohamed Elmedlaoui (2002) Syllables in Tashlhiyt Berber and in Moroccan Arabic; the Kluwer International Handbooks in Linguistics; vol. 2; Kluwer Academic Publishers Dordrecht / Boston / London.
Elmedlaoui, M. (1998) "Le substrat berbère en Arabe Marocain: un système de contraintes"; Langues et Littératures, vol. xvi-1998 (Contact et évolution historique des langues au Maroc), pp: 137-165. Publications de la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines – Rabat.
Elmedlaoui, M. (2000) "L Arabe Marocain: un lexique sémitique inséré sur un fond grammatical berbère"; pp: 155-187 in Salem Chaker, éd. Etudes Berbères et Chamito-Sémitiques; mélanges offerts à Karl-G. Prasse; réunis par Salem Chaker et Andrjez Zaborski. Peeters: Paris-Louvain 2000.
Elmedlaoui, Mohamed (2001-2006) "Le Berbère et l histoire du plurilinguisme au Maghreb (le cas du Maroc)"; présentée dans la rencontre Languages in Norht Africa: Multiple Practices, Multiple Identities, Multiples Ideologies; a conference sponsored by the American Institute for Maghrebi Studies (May 23-26 2001; Tangier, Morocco) ; paru dans Prologues N° 27/28, 2003 (L’amazighe : les défis d’une renaissance) pp : 83-103 ; puis dans Etudes et documents berbères (Paris). N° 23 (2006). Pp 153-178.
Elmedlaoui, Mohamed (2006) "Questions préliminaires sur le mètre de la chanson rifaine". Etudes et documents berbères (Paris). N° 24 (2006). Pp 161-191.
Elmedlaoui, Mohamed (2007) "Langue maternelle, musique, identité et stabilité psychosociale ; rapport entre recherche et gestion". Une version légèrement révisée du texte publié dans le numéro 301 de l’hebdomadaire marocain La Vérité (26-30 mai 2007) ; pp. 33-34
Elmedlaoui, Mohamed (sous presse) "Métrique, rythmes et modes de la chanson amazighe des ‘rways’; un plaidoyer pour la sauvegarde du pentatonisme de la musique marocaine". A paraître dans un ouvrage collectif en hommage à ‘X’ (Maroc). Publication de l’IRCAM – Rabat.
Lakhsassi, Abderrahman (http://www.rdh50.ma/FR/pdf/contributions/GT9-6.pdf.) Etat de la culture amazighe après 50 ans d’indépendance. Théatre, Cinéma, Vidéo, Roman, Poésie.
----------------------------------------------
(*) أساس هذا العمل إجابة عن طلب خبرة كان قد صدر عن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في ماي 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشكل طريف فهد يفشل في معرفة مثل مصري ????


.. إسرائيل وإيران.. الضربات كشفت حقيقة قدرات الجيشين




.. سيناريو يوم القيامة النووي.. بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم


.. المدفعية الإسرائيلية تطلق قذائف من الجليل الأعلى على محيط بل




.. كتائب القسام تستهدف جرافة عسكرية بقذيفة -الياسين 105- وسط قط