الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار أخير على أعتاب السفر

شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)

2007 / 8 / 16
الادب والفن


التقينا, لم يدرك أي منا حجم المسافة, كنتُ على شفا الانهيار, وكانت على أعتاب السفر.
تدركني هاوية, وتحملها غيمة.
يعبر كلٌ منّا الآخر, ونعود إلى البداية
ويبدأ حوارٌ بين عصفورةٍ تعشق السفر, وأرض تقدس البقاء..
تقول: أما زلتَ كيانا لا تغيّره عوامل الزمن ؟
فأجيبها: من يرحل يختار وجهته, ومن يبقى هو الوطن, فأيّنا الحقيقة وأيّنا الخيال ؟ من يغادر أم من يبقى؟
• كن واثقا أن جذورك راسخة بروحي كطيفٍ أزلي يهدهدني عند البكاء.
• حتى جذور الأشجار تموت سيدتي
• نعم لكنها تموت بأرضها
• من يظن ذلك مخطئ, فبعد أن تموت الشجرة يأتي من يقتلعها ويكون مصيرها مجهولا, قد تحترق, قد تقطّع وتوزع في بقاع الأرض.
قد تصبح جزءً من أثاثٍ منزلي, أريكة, خزانة, أو سرير لا أكثر.
• سيدي: احتراقها وتقطيعها بعد الموت لا يضير شيئا، فماذا يضير الشاة بسلخها بعد ذبحها ؟
• هذا إن ماتت بأرضها وليس حين تقتلع بفعل فاعل, وحتى بعد الموت, ألا يضير الشجرة الأصيلة أن تصبح مجرد مقعد أو طاولة بين الجدران ؟
أهذه كرامة الأشجار التي خلقت لتموت واقفة ؟
• قد لا تكون أثاثا, لم تفترض ذلك ؟
• ماذا ستصبح ؟ شجرة زينة مثلا ؟
• بل شجرة يانعة ومثمرة في أرضٍ طيبة.
• بعض الأشجار التي اعتادت أرضا ما، لو انتزعت من تربتها تموت مهما حاول البعض إحياءها.
• هنا فلسفة معقدة سيدي
• لا تعقيدات في تراب الأرض, لو نظرتِ من ناحية علمية ستجدين العقد دوما تكمن في جذوع الأشجار, ولا أعتقد حتى أن موتها واقفة يمنحها هيبة الشجرة الشامخة أو تحميها من تحويلها لأثاث منزلي .
وفي أحسن الأحوال قد يصنع منها بابا لعبور الحياة.
• لم أعهدك بهذه القسوة, وحتى الأبواب قد يكون عطاؤها عظيما فيعبر الآخرون من خلالها للحياة.
• ليست قسوة بل واقع, فالأبواب كتب عليها أن تبقى مكانها, يعبرها الآخرون وهي قابعة بنفس المكان, ومع عوامل الزمن يصبح لها صريرا مزعجا, قد يعتاده الرواد, وقد يملّونه يوما فيرغبون بالتجديد.
• إنّ العبور من الأبواب والانزعاج من صريرها بفعل عوامل الزمن متعلق بطبيعة الرواد ولا يمكن الحكم أو التنبؤ بطبيعة هؤلاء الرواد قبل وقوع الأقدار.
• لذلك من حق الأشجار أن تجرّب, فهذه مفاهيم ما يسمى بسنّة الحياة كما يحلو للأشجار تسميتها ؟
• في هذه الحياة لكل شئ سنّته ومسماه, حتى الحب, ولا شئ كامل أبدا.
• نحن من نصنع النقصان في الأشياء والأحوال والأشخاص والأماكن, وبتنا نختلق النقصان حتى في المشاعر, لنبرر الأحداث الدائرة. وها نحن بسبب هذا نقع في وحل الحياة بلا طوق نجاة.
وبالتالي حب الشجرة لأرضها أو المخاطرة بتجربة ستكون سيان ؟
• أجل, أعترف, نحن من نصنع النقصان في الأشياء والأحوال والأشخاص والأماكن والمشاعر أيضا.
• حسنا, فهمت
• وتبقى الأرض " أرضي " سر غموض هذا الكون, وقد تعودت أن تحتوي أرضي حماقاتي.
• ليكن, وهذه قبلة على جبينك, أودعكِ كما تودع الأرض جذع نخلة تفارقها للأبد.
• أحبك...
• قد نلتقي بعد عام, بعد عشرين, بعد خمسين, من يدري ؟ , وحينها تكون الأرض ميتة في بقاءها والأشجار قد أثمرت.
• إلى اللقاء إذن.
وعادت لتمتطي غيمة, و عُدتُ أنا للسفر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا