الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيادات الحزب الشيوعي مفخرة لعراقنا

سمير طبلة
إداري وإعلامي

(Samir Tabla)

2007 / 8 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أتحدى هنا من يزعم ان أية قوة سياسية عراقية قدمت، ولا تزال تقدم، للعراق وشعبه ومصالحهما كالحزب الشيوعي العراقي، وقياداته تحديداً، من دون ذرة استهانة بما قدمته شرفاً، لها وللعراق، كل القوى الاخرى. بعد ان عُمد هذا العطاء بدماء آلاف الشهداء البرّرة، ومنهم العشرات من "قيادات الحزب". فهل هناك أكثر من ان يقدم الانسان حياته ثمناً لمعتقداته، التي تخدم البشرية (وخير الناس من نفع الناس)، لا حباً بالموت الاجرامي المجنون، كما يفعل الارهابيون القتلة اليوم بعراقنا المنكوب وبناسه الابرياء، بل حباً بالحياة، وأيماناً بأن الانسان يستحق الأفضل، كما فعل الخالدون في التاريخ: سبارتكوس وكاوة الحداد والمسيح والحسين وفهد وسلام عادل وجيفارا وأليندي والصدر وأخته، والآلاف المؤلفة من خيرة ما انجبتهم البشرية، سواء أخطأوا ام أصابوا في اجتهاداتهم.
بالتأكيد لم يكن هؤلاء ملائكة، بل بشراً، ولم يرتكبوا أي جريمة سوى قناعتهم بما آمنوا به، خدمة للبشرية. وفي آخر المطاف فأبن آدم خطّاء. لكن هذا لم ولن يقلّل مما قدموه. بل ان حاضر البشرية المتقدم مدين بالكثير لتضحياتهم العظيمة. وما من أنسان، يحمل ذرة وجدان، إلا وينحني أجلالاً لما قدموه. وها هو التاريخ يقول كلمته العادلة بحقهم. وبالمقابل لنرى موقع الجزارين: نيرون ويزيد والحجاج وبريه وموسوليني وهتلر وبول بوت وصدام والزرقاوي. وكلهم بشر ايضاً، إلا ان ما ارتكبوه بحق البشرية وضعهم في مزبلة التاريخ مثالاً للظلم والجريمة.
أذكر هذا مقدمة للرد على كلمات صعقتني من محسن الجيلاوي، وكان رفيقي بالعمل وبالسلاح مقارعاً أعتى دكتاتورية عرفها عصرنا الراهن، المعنونة "الله لا يجعلها شماتة يا قيادات الحزب الشيوعي...!"، كما وردت بالنص، لأضع، من جانبي، مليون علامة تعجب على أغلب كلماته المتجنية والظالمة والباطلة، ومؤلم حقاً ان تنشر في موقع "ينابيع"، وهو للانصار الشيوعيين العراقيين القدامى، بذريعة الديمقراطية(!)، وحق الرأي والرأي الآخر. والأخير شيء، وينبغي ان يكون حراً بكل الاحوال، وكيل اتهامات باطلة شيء آخر تماماً، وأخطر من هذا الاساءة لذكرى شهداء قدموا حياتهم قرباناً لمصلحة أهلهم ومثلهم السامية، والانصار بغالبيتهم المطلقة وموقعهم يمجد شهدائه وتضحياتهم البطولية.
فهل حقاً ان "قيادات الحزب الشيوعي" لها تاريخ مشترك "من الاستهتار بمصير الناس والوطن"؟ وهل ان عقولنا من الغباء لأن تعتبر الضحية جلاداً، لمجرد ان انساناً له مآخذ او اختلافات، حقاً او باطلاً، على قياداته السابقة، التي "استطاعت ان تتحكم بعقولنا ودمائنا"؟
أتجاوز حقيقة ان هذه المقالة المخجلة لكاتبها، قبل غيره، لم تذكر بحرف واحد مجرمي شعبنا وجلاديه السابقين والحاضرين، ولم تنتصر للضحايا، بل حولت قسماً منهم لجلادين، لمجرد خلافات في الفكر، وأحياناً بالممارسة.
نعم لجميع البشر أخطاء و"لا أستثني اي واحد"، ولكن هل ارتكب أي من الاسماء التي تناولها الرفيق محسن جريمة، لأطالب قبله بمحاسبتهم وإدانتهم، وأكون شاهداً معه؟ أم ان اتهاماته الباطلة لكل الأسماء، التي ذكرها، وهي لي شخصياً على الأقل، من مفاخر شعبنا، وأساتذتي في النضال من أجل مصلحة العراق وشعبه، سواء أخطأوا ام أصابوا باجتهاداتهم. وكلمات المقال الظالم عمّمت على "باقي قيادات الحزب الشيوعي"، أي كلها بالاطلاق!؟ وهم، على العموم، كنز للحركة الوطنية والديمقراطية العراقية.
ليذكر لي العزيز محسن جريمة قتل او اعتداء او ضرب أو تجاوز على الانسان وحقوقه او خرقاً للقانون الحضاري (وليس لقوانين صدام القرقوشية، التي حكمتُ بها وإياه بالاعدام عشرات المرات)، ارتكبها أي من الاسماء التي ذكرها لأكون معه. وبعكسه فأنا أتهمه بالطعن والتشهير بالآخرين، دع عنك بخس تضحياتهم المشرفة طوال حياتهم في سبيل مصلحة شعبهم، وبما آمنوا به. فكلهم ضحايا ظلم، قاتله محسن ذاته، مضحياً بأحلى سنوات شبابه. فأين هي "الغنائم" كي "يختلفوا على تقاسمها" وجميعهم يعيش المنافي الباردة، مشردين ظلماً، ومحرومين من وطنهم وناسهم، وكلهم كفاءات اجتماعية وعلمية مرموقة؟ بل ربما كانت حياة العزيز محسن الحالية افضل من بعضهم بكثير.
فما الذي جنته "قيادات الحزب الشيوعي" والرفاق الذين ذكرهم الكاتب، وهم الذين قضوا عمرهم، باختلاف اجتهاداتهم، مطالبين بالحياة الحرة والكريمة للانسان،. وقضوا لهذه الاهداف النبيلة سنوات طوال من الملاحقة والاضطهاد والسجون والتعذيب والتشرد، فيما قدم المئات من رفاقهم حياتهم، غير هيابين، ثمناً لقناعاتهم.
لا تزلفاً لأي من "قيادات الحزب الشيوعي" أقول هذا الكلام القليل جداً بحقهم، فهم بشر بآخر المطاف، لهم أمجادهم وأخطائهم. ولكنهم اجتهدوا ويجتهدون "فإن اخطأوا فلهم حسنة، وإن اصابوا فلهم ضعفها".
فلم تعد سراً بعض خلافاتي الفكرية والسياسية والتنظيمية مع بعض قيادات الحزب السابقة والحالية. من دون ان يقلل هذا من الاحترام والتقدير لتضحياتهم الجسيمة، لما يعتقدوه يصب في مصلحة شعبهم ووطنهم.
وإذ يحق لأي منا ان يبدل قناعاته الفكرية او السياسية أو غيرها، بل حتى وإن يتنكر لتاريخه المشرف، فلا يحق له ان يكيل التهم جزافاً، ومنها من يُحاسب عليه قضائياً، احقاقاً للحق.
ربما أصاب العزيز محسن ببعض مما قال عن تمجيد الذات هنا او هناك في المذكرات، التي نشرها بعض من قادة الحزب السابقين، او القاء المسؤولية على الآخرين ونسج بطولات غير صحيحة. وكم كنت أتمنى على الجميع ان يكون الحوار، بهذا الصدّد، موضوعياً بين رفقة جمعتهم سنوات نضال مشرف، والغريب انهم جميعاً يتفقون على ان ما يطرحوه هو لمصلحة وطنهم وشعبهم. ولكن ينبغي ان لا يسكت عن كيل التهم الباطلة جزافاً، والحكم على أساسها، وإلا نحن أمام اعادة انتاج دكتاتورية جديدة عانينا من مثيلها الكثير، وها هو عراقنا يدفع الثمن باهضاً بدم ابنائه الأبرياء جراء ممارستها الاجرامية.
لا يختلف احد منا على حق نشر الآخرين لتاريخهم، فهم احرار، حتى وإن برّروا اخطاؤهم. ولا نختلف قطعاً على حق محاورة، بل وحتى تفنيد كل او جزء من هذا التاريخ، فهو بآخر المطاف ليس تاريخهم الشخصي فقط، وانما جزء من تاريخ شعبنا، وهو ملك لهذا الشعب، سواء كان تاريخاً مجيداً، سجله ابناؤه المخلصين البرّرة، او تاريخاً مخزياً و"اسود" سجله قتلة الشعب وظالميه. ولا يحق لأحد أن يقلب الحقائق، ويكيل اتهامات، بضمنها جرائم لرفاق الامس، لمجرد اختلافه بالرأي والفكر معهم.
فأتق الله برفاق الامس يا رفيقي بالعمل وبالسلاح يا محسن الجيلاوي، وكن شجاعاً، كما عرفتك، واعتذر منهم. وبهذا ستكبر بعيوننا جميعاً، وسأحفظ لك شخصياً كل الاحترام، حتى وإن اختلفت آراؤنا بالكامل.

لندن 22/8/2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة