الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صحيفة الصباح العراقية/ من فراغ الزاير حتى تركات الشبوط(1)

محمد خضير سلطان

2007 / 8 / 26
الصحافة والاعلام


مملكة الصباح ، استعارة وتسمية ، تصحان ان تطلقا على احوال ونحل الاعلام العراقي الحر المامول عبثا في صحيفة الصباح بعد ان ولى الاعلام الاحادي الموجه من قبل دولة التسلط ، وحل الاعلام الحر، التائه، للاسف في اكثر من مفترق دستوري وبرلماني وحكومي وبدافع من اللاشعور الاعلامي المستحكم في المختزن المعرفي عند بعض الاعلاميين ان لم اقل كلهم، ( الرواسب الاستعبادية العميقة التي تجعل مفارقة العبد السيد قائمة في الشخص الواحد) فلابد هنا من الطريق الحكومي السهل المفيد والمتراكم كخبرة منذ العهد الماضي، من اجل البقاء اطول مدة ممكنة للاستفادة من الوضع الهش واختيار اقصر الطرق المضمونة للاصطفاف مع الركن التنفيذي من الدولة وسفح المعنى المهني بالمعايير الجديدة الحرة التي تعطي دورا كبيرا للاعلام كونه ركنا من اركان الدولة، من جهة، والنفعي المباشر من جهة آخرى فالخبرات الاعلامية عند الكثيرين في ادارة جريدة الصباح ، ليس كلهم بالطبع، وتحت طائلة الجهل والفائدة من الجهل ايضا ، تستصعب ادوارا ومسؤولية جديدة ، وليس من السهل عليهم تحديد موقع الذات على خارطة النظام السياسي الجديد حتى لو كان تحديدا بدئيا وبامكانية بسيطة، بل انهم استثمروا جهلهم المقصود بطريقة ديالكتيكية مائلة، تزعم بان مرحلة جديدة ، بدأت من العمل المهني الخاضع للعبودية في كل الاحوال ، استبداديا كان ام ديمقراطيا الآن، فلم يتغير شيئا، تمهلوا وعلينا ان نذعن لهذا الامر خدمة لرزقنا الكريم وتشدقنا القديم، وكل من تناقشه في العكس او بعضه، يبادرك بكلمة اليأس العراقية( يمعود!!!!!!) ، ويوضح لك ضمنا ، ان الوضع لم يتغير فما زالت الشخصنة وعبادة الفرد قائمة بل هي امر الآن، لأنها عبادة الافراد، حيث لكل مؤسسة فرد على قمة الهرم ، يستوجب الطاعة وما عليك الا ان تبتكر اسلوبا للتوافق بين العبادات،
حسنا ولكن من هو المتحدث عن كل تلك الدراما الاستبدادية الرثة، ربما تعتقد بانه من يستطيع حمل النار المقدسة ثم يهديها الى الفقراء، ربما تراه بما يختزن من معاناة ، سوف يحولها الى مصابيح على طريق الناس الدامسة،انه لا هذا ولا ذاك وسرعان ما يستعيض عن كلامه بكثافة مركزة في سلوكية ادوار الوصولية والذيلية واقصاء الاخرين وحسن الانابة وتمثيل المسؤولين ظالمين او مظلومين وحفظ امانة افكارهم وحمالة حقائبهم، ولو كان صامتا هذا الذي تناقشه ولا يعول على شيىء الا اليأس لقلنا هو موقف من المجريات فالسكوت والتواري هو عنوان هذا الموقف والاعتزال هو السبيل الامثل للعمل، ولقلنا انها نار بروميثيوس المقدسة ومصابيح ديوجين التي يضيئها الزيت المر.
ولكن انى له أن يدرك من سخر قلمه للتفيض على قطب بيانات الحرب والحصار والتسلط في العهد الماضي، من اين له ان يدرك بان انهيار الاستبداد هو الخطوة الاولى لبناء الحرية بايدينا، لأن الاستبداد من الممكن ان ينهار بمختلف الظروف ولكن الحرية لابد ان تنتزع في كل الظروف،كانت وقائع تاريخ العبودية، تذكر بان بعض ابواب السجون المحصنة التي تقتلعها رياح المتغيرات يحدث فيها ما يثير العجب قبل عرفان السبب، لأن السجناء لطالما استغرقوا النظر في الابواب وحلموا طويلا بالخروج منها ألا انهم جراء الخوف المتلبد لن يمتلكوا الجرأة الآن على تخطي الابواب المقتلعة ويظلون قابعين ملعونين بالرغم من الشمس المترعة في الابواب المفتوحة.
كان الاعلام العراقي ومنذ الحرب مع الجارة ايران وقبلها، في صحيفة او تلفزة ، لن يستطيع الاتيان بكلمة واحدة قط مالم يلحق أي حدث بيان صادر ثم تأتي كلمة الاعلام بما يشبه التداعي والتفيض على محور البيان، اما اذا تأخر البيان فسوف تنتظر المطابع ونشرات الاخبار بصمت ، وليس بوسع احد مهما كان ان يصيغ جملة او يورد فكرة ، وحينما ياتي البيان سرعان ما يبدأ الزعيق واناشيد الاحتضار ودعاوى الالفاظ ومزاعم القول، وهكذا وجد الاعلاميون العاملون انفسهم امام موضوعة جاهزة لا تحتاج الى جهد مضاف ولن تتطلب التحليل والراي بل هي خط بلاغي ثابت لا ياتيه الباطل ولم يعتوره اختلال(1) حتى ان الواقع الشعبي ظل ينظر الى النص الاعلامي الرسمي ومتابعة الوقائع وخاصة المتصلة بالاسعار والسلع والمواد الغذائية بحالة من الاستهجان الممزوج بالسخرية السرية فالنص الاعلامي الرسمي مثلا، يستخدم مفردة (ترشيد) البطاقة التموينية ، ترشيد الطاقة، والنص الشعبي يستخدم على نطاق واسع وبحذر مفردة ( نقص) البطاقة التموينية، نقص الطاقة، والفرق كبير، لغة ومنطق، اقول من اين لهؤلاء الاعلاميين الذين انتقلوا من الاعلام السابق الى الحالي، واخذوا مواقعهم في صحيفة الصباح وغيرها، من اين لهم الانتقال الى الابواب المفتوحة المترعة بالشمس او ان يدركوا الآن بانهم لا يحتاجون الى بيان صادر لكي ينشر في الصفحة الاولى ثم يتقفوه في الصفحات الداخلية، قطعا الامر ليس سهلا، ولكنهم اكفاء ويستطيع بعضهم تخطي رواسبه العميقة والبعض الاخر ، تغذيه رواسبه العميقة وتعد ضمانا لنجاحات متحققة في كسب المسؤولين عنه تحت طائلة كل الظروف الا من يزعم اننا في عهد اعلامي جديد.
لنسأل ، من اتاح لهذا البعض ان يقود صحيفة الصباح الى ان تصبح تجمعا اندماجيا لصحف ومجلات من العهد الماضي وتضم كوادرا وطنية منها ثم تتشكل في صيغة مبهمة خالية من مخطط او رؤية مهنية او حتى مقاربة مع الادبيات الدستورية والبرلمانية الراهنة، ولو عرفنا المسؤول عن ضياع الرؤية الاعلامية العراقية الراهنة لاعطينا العذر لهؤلاء، اذن فهم معذورون لأن مجلس الامناء المتشكل منذ انهيار النظام السابق لم يأخذ دوره وعانى من تصدعات كثيرة وهو في طور التأسيس، وأؤكد على طور التاسيس لأن اكثر الاعضاء يعملون على القاعدة القانونية بشكل مطلق ويتصرفون كما لو انها منزلة وصلبة دون ان يعملوا الفكر في التخطيط الهيكلي الجاد، ولأنهم لم يبنوا الاسس والتشبث بها ولعبت بهم شمول الحكومات المتعاقبة حتى طوتهم عباءة المحاصصة ففقدوا نواتهم الدلالية المحركة واضاعوا قدرتهم على ابداء الطاقة وبدلا من ان يكونوا الحاجز بين صحيفة الصباح والحكومة كما جاء في اللوائح القانونية المؤقتة، صاروا في موقع لايحسدون عليه خارج العملية الاعلامية واقتربت الصباح شيئا فشيئا من الحكومة برضا او عدم رضا المكتب الاعلامي لرئاسة الوزراء ولم تمر فترة التحالف القصيرة من خلال مرافقة الصحيفة لزيارات رئيس الوزراء حتى صارت الصباح تستقوي بالحكومة لرد الكيد القادم من منابع شتى ومنها مجلس الامناء، ومن الطريف ان مجلس الامناء اراد ان يختبر وجوده وتشكله الاخير باصلاح بسيط داخل الصحيفة، يقر به القاصي والداني او ممن يلم بشيىء مبسط حول بدهيات المهنة الاعلامية في واقعها الجديد، وهو الفرق بين صحيفة مكونات المجتمع العامة في الفضاء الاجتماعي التي تديرها قيم الدولة وبين واقع الرأي الفردي والجهوي والحكومي داخل الصحيفة فاوعز المجلس الى الصباح بتوسيع مساحة الراي من صفحة يومية الى صفحتين يوميتين ، تضمان المقال الافتتاحي الذي يكتبه رئيس التحرير الحالي فلاح المشعل والمتناغم بوتائر صوتية اعلى من المجريات الحكومية المتواضعة حتى لو يتحدث بها ناطق الحكومة الاصل كما اوعز الامناء بنقل العمود اليومي الثابت في الصفحة الثالثة لرئيس التحرير المستقيل السابق محمد عبد الجبار(2) الى صفحتي الراي ايضا ، فما ان جاء الايعاز حتى قامت الدنيا ولم تقعد، وعدت الصباح الامر بانه تدخل لايمت بصلة لصلاحيات المجلس وخرقت حدود صلاحياتها هي دون ان تشعر طبعا كونها الجهة الادنى في هيكلية الاعلام العراقي من المجلس كونه جهة عليا وراحت تطرق ابواب مجلس الوزراء بشكوى الغاء الافتتاحية ووصلت الشكوى عبر اكثر من وسيط الى رئيس الوزراء حتى أمر بعد ايام قليلة من توقف الافتتاحية الى استئنافها اذ تدفقت بسيل من المديح لأن رئيس الوزراء انتصر لحرية الاعلام والموقف نفسه التبس على الكاتب القدير محمد عبد الجبار حين ظن بشطب عموده بدلا من نقله ووصف سلوك الامناء بالارهاب الفكري عليه وصفق عبر كتابة عمود جديد حين رد الاهاب عنه وهو ادرى بالشروط التي صرح بها علنا في صحيفة الشرق الاوسط وغيرها التي فرضت عليه لتجديد عقده قبل ان يرفض ويستقيل من الصباح.
من جانب آخر، يؤكد الامناء في تصريحات غير رسمية، بانهم قد جمدوا اعمالهم وان هذا الوضع يبعث بهم على الشلل وعدم القدرة على تنفيذ المهام المكلفين بها ، ولو كانت تلك التصريحات رسمية لكانت مؤهلة اكثر لدواعي الاستجابة والحوار من التفهم والقرار عن بعد، وعلى مجلس الامناء ان لا ينظر من الزاوية العملية( الادارية) فقط بل لابد من بناء الارضية التنظيمية التي هي اساس وجود المجلس فلا زال مؤقتا بالحساب الاداري فيما اتخذت الهيئات المستقلة بناءها التنظيمي وقرارها الخاص تبعا لمقررات دستورية وبرلمانية، اريد ان اوضح باختصار ان الزاوية العملية في ظل بناء تنظيمي مؤقت ، سوف تعمل على تغيير اشخاص بدلا من آخرين، وتظل عملية التغيير بلاتوقف في من غياب القانون او الميثاق الاعلامي الوطني.
هوامش
1- هذه المركزة في الكتابة، يعمل بها القائمون على الصباح الآن ولكن بشكل آخر، ويعرف العاملون في الصحيفة من يكتب احيانا نيابة عن غيره تحت هذا الدافع المهني في مقالات اساسية.
2- جاء هذا العمود على شكل صفقة ابرمها رئيس التحرير الحالي عقب استقالة عبد الجبار من اجل تسوية اموال بذمة رئيس التحرير السابق وطرد على اثرها محاسب الصحيفة.
3- قدمت استقالتي من الصحيفة في 4-8 ، وعدت بعد ثلاثة ايام لأخذ بعض الاوراق والكتب ، وفي اثناء ذلك، تكلمت ببعض النقد ثم خرجت وسرعان ما ذهب من يحمل مفارقة العبد السيد ليؤلب رئيس التحرير ضدي فلم ينتظر السيد الرئيس ان تسعفه حكمته او يمهله حلمه حتى قرر منعي من دخول الصحيفة واوصى الحرس والميليشيا وطبع اعلانا بذلك، اقول اذا منعتني من دخول مملكة الصباح، انا خرجت طوعا منها ولكن هل تستطيع ان تمنع من يخرجك كراهة، وهل لايدرك احد في الصحيفة ان العد التنازلي قد بلغ شوطا وهو في مراحله الاخيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق