الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخوف على الذاكرة في - وجه الصباح *- رواية ابراهيم العلوش

أحمد مولود الطيار

2007 / 9 / 4
الادب والفن



" ماذا لو نبهوا الأوكسجين ألا يمرّ على منخري؟ يدخل الكربون والآزوت والنشادر والظلام البارد ويبقى الأوكسجين مرابطا , بعيدا عن رئتي الظامئتين له ، سوف أتلوى على الأرض ، وتنتفخ جثتي ، تتضخم أعضائي، أنفي، عيناي، يداي، .. ستدخل الكلاب والقطط والجرذان جثتي وتنخبها، بعضها يأخذ من أمعائي، وبعضها يأخذ من صدري.. ستغمس الحيوانات شواربها في خلايا الذاكرة .."
هذه اللوحة لم يرسمها " سلفادور دالي "، كتبها إبراهيم العلوش ويقول أنها حدثت وتحدث مرارا في صحارينا العربية وكما يؤرخون "لانتصاراتهم " يؤرخ ابراهيم للوجع والسياط، لأمهات ثكلى وللعذارى فقدن الحبيب، يؤرخ للخوف، للعصافير الهاربة ول " جدار هائل من السواد نتوارثه من آلاف السنين"، لصدى الذين رجعوا. ويحصي لنا كل ما "مددوه من الجثث في الهواء الطلق أو في الظلام، أو في التراب".
"وجه الصباح" تأريخ الكف "لماذا يعتبر الكف أكبر إهانة؟" يجيب "لأنه ضرب مباشر على الدماغ" وأيضاً وأيضا مخافة أن يتحول الدم الى ماء. خاف على قمره ويعرف تماما أنهم يغتالون القمر.
"سألوا عنك هذا الصباح، سألوا عنك كل شيء، عن أقاربك وأخلاقك ولباسك، ملؤوا أوراقا كثيرة كأنهم يريدون أن يرسلوك مبعوثا الى السماء.."
اسم أمك وأبيك وخالتك وأخيك؟
أصدقائك منذ يوم مولدك والى آخر العمر؟
اسم جدك وجدتك؟
زوجتك وعشيقتك التي ترتسم بها مخيلتك الفاجرة؟
أين ولدت وأين ستموت؟
ماذا تأكل؟
ماذا تشرب؟
أين ذهبت وأين ستذهب؟
ما هو السبب في عدم انتمائك الى حزبنا؟
هل أنت حيادي سلبي أم ايجابي؟
"يملأ الاستمارات ليل نهار"
ويكتب وتكتب وأكتب "ملؤوا طنا من الاستمارات.. يتوالى عليها رجال معدنيون".
"وجه الصباح" فزع أن يكون المستقبل كما هو اليوم "كي لا نكون أشبه بالخراف المرهونة للمحل والذئاب"
ويتابع "وجه الصباح" التأريخ كي لا يزوّروه ..
يؤرخ للتكرار، يؤرخ للامبالاة، للأعلام السوداء؛ انه التأريخ الذي يخجل التاريخ منه، يطأطئ خجلا، ينسحب جارا معنا أذياله، فلطعم الموت مذاق لا نستطيع مداناته، يغدو رغبة طافحة، يعزّ الموت ويصبح بعيد المنال، وبدل أن يقبض على روحك ويزهقها، تحاول أنت القبض عليه لتطفئ جمرته في قلبك لتموت وهو يموت منهيا درب الآلام، لكنه يخادعك ويتملص منسحبا من بين رؤوس أصابعك، يلعب معك، يدوس جثتك الممدة، مستغلا انطفاء عينيك. أقام حلفا لعينا مع الجلاد.
وجه الصباح، لن يداهمك ليلهم مهما طالوا.


سورية – الرقة

* للروائي السوري ابراهيم العلوش صادرة عن دار التكوين للتأليف والترجمة والنشر في سوريا – طبعة ثانية 2007









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا