الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذاكرة السياسية والعدالة: -المغرب/الأرجنتين- دراسة مقارنة:الجزء التاني عشر

عبد الواحد بلقصري

2007 / 9 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تضمن التقرير العديد من النقط:
أولا: تضمن حصيلة اشتغال الهيئة فيما يخص التحريات الميدانية والبحث الوثائقي
ثانيا: المعيقات التي واجهت عمل الهيئة أثناء البحث عن الحقيقة
ثالثا: مسألة جبر الضرر والتأهيل الصحي
رابعا: التوصيات

أولا: حصيلة اشتغال هيئة الإنصاف والمصالحة
أكد التقرير على أن هيئة الإنصاف والمصالحة اشتغلت فترة زمنية تعد هي الأطول مقارنة مع تجارب أخرى من العالم 43 سنة، وأكد على أن هاته الانتهاكات الجسيمة المسجلة على امتداد هذه الفترة، كان نتيجة أزمات عنف سياسي ذات طبيعة متعددة شارك فيها فاعلون دولتيون وغير دولتيون.
قصد الاستماع إلى الضحايا وتحديد مطالبهم، وشرح مقاربة هيئة الإنصاف والمصالحة والتسوية المتبعة لهذا الملف.
كما باشرت في إطار جلسات مغلقة الاستماع إلى شهود قضوا فترات إلى جانب ضحايا لم يحدد مصيرهم، ونظمت زيارات معاينه لمراكز الاحتجاز. واستمعت إلى أشخاص أشرفوا سابقا على حراسة تلك المراكز.
أما فيما يخص البحث الوثائقي. ودراسة السجلات والوثائق، فقد قامت هيئة الإنصاف والمصالحة بتجميع وتحليل المعطيات المحصلة من مختلف المصادر المتداولة وطنيا ودوليا (لوائح، تقارير). لوائح المنظمات الحقوقية الوطنية، لائحة منظمة العفو الدولية، وثائق الفريق الاممي المعني بالاختفاء القسري، كما قامت بدراسة أجوبة الأجهزة الأمنية، والقوات المسلحة الملكية، والوثائق المتوفرة لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر بخصوص المفقودين على إثر النزاع المسلح بالأقاليم الجنوبية وقد أفضى عمل هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلق بالاستماع وإجراء التقاطعات ودراسة الأجوبة التي تلقتها من السلطات العمومية إلى النتائج التالية:
- اكتشاف وتحديد هوية 11 شخصا توفوا على إثر مواجهات مسلحة والوقوف على أماكن دفنهم فمنهم 7 توفوا سنة 1960 (مجموعة بركاتو ومولاي الشافعي) و4 منهم سنة 1964 (مجموعة شيح العرب)
- الانتهاء إلى أن 325 من أسماء بعضهم في عداد مجهولي المصير، قد توفوا على إثر الاحداث الاجتماعية سنوات 1965. 50 وفاة و 1381. 114 وفاة 49 وفاة موزعة كما يلي 13 بتطوان.4 بالقصر الكبير. 1 بطنجة. 12 بالحسيمة، 16 بالناظور ونواحيها. 1 بزايو. و2 ببركان. وباستثناء أحداث الدار البيضاء خلصت إلى أن المتوفين قد تم دفنهم في مقابر عادية.
وفي غياب عائلاتهم ودون تدخل من النيابة العامة وبلغ إلى علم الهيئة من مصدر طبي بان العدد الإجمالي لضحايا أحداث يونيو 1981 بالدار البيضاء قد بلغ 142 حالة
- الانتهاء إلى أن تحديد وفاة 173 شخصا رهن الاعتقال التعسفي والاختفاء في الفترة الممتدة من 1956 إلى 1999 في مراكز اعتقال اكدز بالريش ودار المقري ودرب مولاي علي الشريف وتافيلالت والكوربيس.
- ارتبطت 39 وفاة بالسنوات الأولى للاستقلال في سياق الصراعات بين فاعلين غير دولتيين و14 خلال الستينات وسجل عدد مرتفع خلال السبعينات. حيث بلغت 109 وفاة في حين عرف عقد الثمانينات والتسعينات انخفاظا ملحوظا في عدد الوفيات. 3 حالات في الثمانينات و2 حالات في التسعينات.
- بالنسبة لنزاع في الأقاليم الجنوبية أفضت تحريات الهيئة إلى استجلاء 211 حالة للأشخاص كانوا محسوبين في عداد المختفين وهم كالتالي:
- وفاة 144 شخصا خلال الاشتباكات المسلحة، تم تحديد هوية وأماكن وفاة 40 67 شخصا كانوا محسوبين في عداد المختفين.تبت للهيئة أنهم سلموا للجنة الدولية لصليب الأحمر بتاريخ 31 أكتوبر 1996. مما سبق نستنتج أن الهيئة أكدت على أن عدد الأشخاص الذين تم استجلاء الحقيقة عن مصيرهم بلع 742 شخصا. هذا من جهة ومن جهة أخرى أن التحريات التي جرت من طرف الهيئة مكنت من التقدم في مجال الكشف عن الحقيقة، كل هذا دفع بالهيئة إلى الدعوة من الاستفادة من التجربة والعناصر والشهادات والمؤشرات وسبل البحث والتحريات المتراكمة والتي تعتبر جزءا من أرشيف الهيئة، لكن كل هاته التحريات بقيت مثار جدل من قبل الفاعلين الحقوقيين والسياسيين.
- المعيقات التي واجهة الهيئة فيما يخص التحريات الميدانية والبحث الوثائقي. أشار التقرير إلى المعيقات والحواجز التي واجهت الهيئة أثناء عملها. وتتمثل في محدودية الشهادات الشفوية وهشاشتها. وللتغلب على ذلك تم اللجوء إلى مصادر مكتوبة.
- أشار كذلك إلى الحالة المزرية التي يوجد عليها الأرشيف الوطني والتعاون غير المتكافئ لبعض الأجهزة، حيث قدم البعض منها أجوبة ناقصة عن ملفات عرضت عليها، كما رفض المسؤولين السابقين المحالين عن التقاعد المساهمة في البحث عن الحقيقة وبالرغم من ذلك أكد التقرير على أن المهام التي أوكلت إلى الهيئة من إطار اختصاصاتها شكلت خطوة مهمة في النهوض بالحق في معرفة الحقيقة من خلال ما ابتدعته من طرق وأشكال. لم تكن معهودة ساهمت في الرفع من مستوى الكشف عن الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي شهدتها بلادنا خلال السنوات السابقة.
ثالثا: جبر الضرر
بالنسبة لجبر الضرر من جهة أشار التقرير إلى الطلبات المفروضة على الهيئة تجاوزت 22 ألف تم فتح 16.861 ملفا بمكتب الهيئة من دراستها واتخاذ مقررات بشأنها.
وقد أصدرت الهيئة مقررات بالتعويض لفائدة 9280 ضحية من بينهم 1895 ضحية صدرت لفائدتهم توصيات إضافية بأشكال أخرى لجبر الضرر الإدماج الاجتماعي تسوية أوضاع إدارية وظيفية وعالية وغيرها... وإصدار توصيات تتعلق بأشكال أخرى لجبر الضرر الجماعي عبر التعويض المادي لفائدة 1499 ضحية، سبق لهم أن استفادوا من تعويضات مالية بموجب مقررات صادرة عن هيئة التحكيم المستقلة للتعويض هاته المقررات صدرت لفائدة ضحايا الانتهاكات التالية:
الاختفاء القسري
الاعتقال التعسفي المتبوع أو غير المتبوع بمحاكمة أو المتبوع بوفاة نتيجة تنفيذ حكم قضائي بالإعدام
الوفاة أو الإصابة بالرصاص أو الاعتقال التعسفي خلال أحداث اجتماعية
الاغتراب الاضطراري
الاغتصاب
وقد أكد التقرير المعايير التي اعتمدها في إصدار المقررات وهي الحرمان من الحرية كمعيار موحد بالنسبة لجميع الضحايا، الأمر الذي ترتب عنه تحديد تعويضات متساوية مع مراعاة المدة التي قضوها في الاختفاء القسري أو الاعتقال التعسفي
وقد اعتبر التقريران الاختفاء القسري يعد انتهاكا مركبا تنتهك بفعله حقوق أساسية متعددة على رأسها الحق في الحياة، أو يشكل تهديدا مستمرا لهذا الحق مع مراعاة ظروف الاعتقال من حيث التعرض لانتهاكات أخرى مرافقة، كالتعذيب والاعتداء وسوء المعاملة والمس بالكرامة.
هذا من جهة أولى، ومن جهة ثانية أشار التقرير إلى مسألة التأهيل الصحي، حيث أن الهيأة. بادرت عند إنشائها إلى اتخاذ تدابير لتقديم خدمات صحية للضحايا والتدخل لإسعاف الحالات المستعجلة عبر إنشاء وحدة طبية لمقرها، عمل بها أطباء ومختصون في العلاج النفسي، كما قامت الهيأة بدراسة حول الأوضاع الصحية بعد تشخيص حالات المشتكين عن أمراض عضوية. من خلال ملفات الضحايا أو ذوي الحقوق الذين صرحوا أنهم يعانون من أضرار صحية والبالغ عددهم 9992فردا.
وقد مكنت هاته الدراسات من اعتماد التوصيات التالية- تأمين التغطية الصحية الإجبارية الأساسية للضحايا وذوي الحقوق
التحمل الطبي الفوري لفائدة 50 ضحية يعانون من مخلفات صحية خطيرة ومرضية
إنشاء جهاز دائم لتوعية ومساعدة ضحايا الانتهاكات أو سوء المعاملة
ومن جهة ثالثة فيما يخص جبر الضرر الجماعي. أوضح التقرير أن الهيأة أولت اهتماما خاصا لجبر الضرر الجماعي من خلال تنظيم ندوات بمختلف المناطق والمدن المتضررة (فكيك –الرشيدية-خنيفرة-مراكش...)
وتنظيم منتدى وطني حول جبر الضرر بمشاركة 200 جمعية وخمسين خبيرا وطنيا ودوليا
وعقد لقاءات تشاورية مع السلطات العمومية ومع فاعلين في المجتمع المدني، بالإضافة إلى ذلك إلى أن الهيئة اقترحت عدة.مشاريع وبرامج سوسيواقتصادية أو لما فيه لفائدة مجموعة من المدن (الدار البيضاء) ومناطق الريف ومنطقة فكيك، تازمامارت- أكدز والأطلس المتوسط...)
يستنتج مما سبق انه وفي ظل غياب أرشفة و توثيق ودراسات أكاديمية تتناول مراحل معينة من تاريخ المغرب الراهن فإن عمل الهيئة اتخذ أوجها مختلفة.
وبالرغم مع أن جلسات الاستماع العمومية للضحايا التي تم بتها من طرف وسائل الإعلام ومئات الأشرطة المسجلة أو المحفوظة في أرشيفات الهيئة قد مكنت من توسيع النقاش العمومي. حول نصف قرن من التاريخ السياسي للمغرب المستقل. وبالرغم كذلك مع أن الهيئة استخدمت مفهوم الاختفاء القسري خلال أغلب نقاشاتها فإن هناك عدة أنواع من الانتهاكات ظلت رهينة الصمت أو الطابو أو الشائعات. وهو ما يفسر محدودية عمل الهيئة في إقرار الحقيقة في نظر متتبعي الشأن الحقوقي بالمغرب فهل التوصيات عكست كل هاته الأشياء أم أنها ذهبت في نفس المسار. هذا ما سنتطرق إليه في المطلب الثاني.
المطلب الثاني: خلاصات وتوصيات التقرير
أكد التقرير على أنه لضمان عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ببلادنا ومن اجل توطيد مسلسل الإصلاحات الجارية. قدمت الهيئة مجموعة من التوصيات تتعلق بالإصلاحات المؤسسة، وباستراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب وبتتبع تنفيذ التوصيات.
وقد اختلفت مضامين التوصيات منها ما يرتبط باستراتيجية وطنية لمناهضة التعذيب ومنها ما هو متعلق بالسياسة الجنائية:
وبالنسبة للتوصيات المتعلقة بالمجال الدستوري أوصت الهيئة بدعم التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان كما هي متعارض عليها دوليا. وذلك عبر ترسيخ القانون الدولي على القانون الوطني وقرينة البراءة في محاكمة عادلة، كما أوصت بتعزيز مبدأ فصل السلطة وبمنع الدستور لكل تدخل من طرف السلطة التنفيذية في تنظيم وسير السلطة القضائية وأوصت الهيئة بالتنصيص الدستوري الصريح لفحوى الحريات والحقوق الأساسية مثل حريات التنقل والتظاهر والتنظيم النقابي والسياسي والتجمع والإضراب. وسرية المراسلات وحرمة المسكن واحترام الحياة الخاصة.
كما أوصت الهيئة بتقوية المراقبة الدستورية للقوانين والمراسيم التنظيمية المستقلة الصادرة عن الجهاز التنفيذي مع التنصيص دستوريا على الحق من الدفع استثناء بلاد دستورية قانون من القوانين مع الإحالة على المجلس الدستوري للفصل فيه.
بالإضافة إلى ذلك أوصت الهيئة بتحريم الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والإبادة والجرائم الأخرى ضد الإنسانية، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو العقوبة القاسية أو اللانسانية أو الحاطة أو المهينة وكذا منع كل أشكال التمييز المحرمة دوليا وكل دعوة أو تحريض على العنصرية والكراهية والعنف.
أما بالنسبة لتوصية إقرار وتطبيق استراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب دعت هيئة الإنصاف والمصالحة بناءا على النتائج الواردة في تقريرها الختامي إلى وضع استراتيجية وطنية متكاملة مندمجة ومتعددة الأطراف في هذا المجال، كما دعت إلى وضع وتطبيق سياسات عمومية في قطاع العدل والأمن وحفظ النظام والتربية والتكوين المستمر بمشاركة فاعلة للمجتمع برمته.
كما اعتبرت هيئة الإنصاف والمصالحة أن هذه الاستراتيجية، يجب أن تستند إلى قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان بملاءمة التشريع الوطني الجنائي والالتزامات الدولية للمغرب. كما أكدت هيئة الإنصاف والمصالحة أن توطيد دولة الحق والقانون يتطلب إضافة إلى ذلك إصلاحات في مجالات الأمن والعدالة والتشريع والسياسة الجنائية وعلى ضوء ذلك أوصت بالحكامة الأمنية التي تتطلب تأهيل وتوضيح ونشر الإطار القانوني والنصوص التنظيمية المتعلقة بصلاحيات وتنظيم مسلسل اتخاذ القرار الأمني وطرق التدخل أثناء العمليات وأنظمة المراقبة، وتقييم عمل الأجهزة الاستخباراتية والسلطات الإدارية المكلفة بحفظ النظام أو تلك التي لها سلطة استعمال القوة العمومية. هذا من جهة.
من جهة ثانية دعت إلى تقوية استقلال القضاء. التي تتطلب فصلا عن التوصيات ذات الطابع الدستوري، مراجعة النظام الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء بواسطة قانون تنظيمي تراجع تشكيلته ووظيفته بما يضمن تمثيلية أطراف غير قضائية داخله.
ثالثا دعت إلى إعادة تأهيل السياسة والتشريع الجنائيين، التي تقتضي تقوية الضمانات القانونية والمسطرية ضد انتهاكات حقوق الإنسان. وتفعيل توصيات الندوة الوطنية حول السياسة الجنائية المنعقدة بمكناس سنة 2004، وإدراج الحريات والحقوق الأساسية التي تتضمنها مثل
حريات التنقل والتظاهر والتنظيم الجماعي النقابي والسياسي والإضراب. حرية المراسلات وحرمة المسكن واحترام الحياة الخاصة.
كما أوصت الهيئة كذلك بتقوية المراقبة الدستورية للقوانين والمراسيم التنظيمية الصادرة عن الجهاز التنفيذي، مع التنصيص دستوريا على الحق في الدفع بلا دستورية قانون من القوانين، مع الإحالة على المجلس الدستوري للفصل فيه.
بالإضافة إلى ذلك أوصت الهيئة بتحريم الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والإبادة والجرائم الأخرى ضد الإنسانية، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو العقوبة القاسية أو اللانسانية أو الإحاطة .بالكرامة أو المهنية، وكذا منع كل أشكال التمييز
في الأخير يمكن القول انه بمعالجتنا في هذا الفصل لتجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، إنها تجربة غنية.بالنظر إلى أن طرق اشتغالها وعدد لجانها ومهامها كانت متداخلة. مع تسجيل ملاحظة أساسية. هي انعدام التنسيق. هذا دون أن ننسى أن غياب مركز وطني للتوثيق والأرشفة اثر عليها. بالإضافة إلى عزوف الجامعة عن الاهتمام بشكل كبير بهاته المواضيع. نظرا لأسباب متعددة منها ما هو امني – سياسي إلا أن بعد هاته التجربة بدأ هذا الطابو يزول مع ملاحظة أخرى يمكن تسجيلها وهي أن التقرير تضمن نقط بخصوص تقرير الهيئة بعموميتها كانت إيجابية التوصيات. لكنه لم يشر في تحليله للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إلى حالات الإعدام خارج القانون. بيد انه يستفاد من خلاصات هي نطاق بقي الأبحاث والتحريات والتي تنتهي الهيئة. أن هذا الانتهاك ارتكب فيما يخص عدد من (المقاومين) بالإضافة إلى ذلك نجد أن هناك مجموعة من الاعتبارات السياسية طغت على قضية المهدي بن بركة، حيث انه عند هاته القضية ووجهت الدعوة إلى أبنائه ومحامية فإنها تكون قد اعتبرت اختطاف زعيم الاتحاد الوطني للقوات الشعبية واختفاءه داخلا ضمن اختصاصاتها. مع العلم أن هاته القضية تعتبر مصيرية بالنسبة للشعب المغربي كان يجب الحسم فيها وعدم التطرق إليها في هدا.البحث المتواضع هو ناتج بالنظر إلى أهميتها باعتبار إنها قضية تستحق بحثا أكاديميا لوحدها بالنظر إلى مساراتها السياسية المعقدة التي طبعتها  وبالرغم من أن التقرير تعدى المجال الحقوقي الضيق. وتضفي العديد من التوصيات مرتبطة كما أشرنا سابقا بالإصلاحات السياسية والدستورية عنها على الخصوص استقلالية السلطة القضائية على السلطة التنفيذية. واعتماد مبدأ البراءة والحق في المحاكمة العادلة أولوية القانون الدولي على القانون الداخلي.
تعزيز مراقبة دستورية القوانين الحقيقي التجانس بين التشريع الجنائي والالتزامات الدولية، وتنفيذ استراتيجية وطنية مندمجة لمكافحة الإفلات من العقاب. التوصية باعتماد ودمج برامج للتنمية السوسيواقتصادية والثقافية لفائدة مجموعة من المناطق في إطار جبر الضرر الجماعي.
وعلى العموم رغم أهمية عمل هيئة الإنصاف والمصالحة. والتي أشادت بها منظمات غير حكومية دولية مثل "هيومين رايتس ووتش" التي اعتبرت أن الهيئة أنجزت عملا كبيرا في مجال تقصي انتهاكات الماضي ورد الاعتبار للضحايا.
وأعطى لها تقرير الخارجية الأمريكية مكانة خاصة. كما أشادت بها منظمات حقوقية وطنية واغلب الفاعلين السياسيين .رغم كل هذا فإن عملها لم كل من نواقص. كما أكدت كل من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومنتدى الحقيقة والإنصاف.
حيث أكدوا على أن الهيئة تركت ملفات مهمة كما أكدت سابقا قبل ملف المهدي بن بركة وعبد اللطيف زروال. بالإضافة إلى أنها قفزت على محطات تاريخية مهمة. خاصة في السنوات الأولى من الاستقلال.
هذا دون أن ننسى كما أكد المنتقدين أن هناك معايير سياسية ليست بالحقوقية اعتمدتها الهيئة في تحديد بعض المصطلحات والأحداث (مثل استعمال التعليق على بعض القتل بدل الاعتقال والقتل) ونعت أحداث الريف في نهاية 1958 وبداية 1959 بالتمرد والنزاع والحرب الأهلية. بالإضافة إلى تملصها من إظهار الحقيقة في العديد من الأحداث.
وكما أكد الأستاذ عبد الحي المودن في ندوة العدالة الانتقالية بعد صدور تقريرها الختامي، أن الهيئة لم يجب عن سؤال لماذا حدث كل هذا؟ هذا على العكس مما كانت عليه الشأن بالنسبة. لجنوب إفريقيا وبعض الدول التي عرفت العدالة الانتقالية. لكن بالرغم من كل هذا وكما جاء على لسانه أنه على الأقل تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة حاولت إعطاء مسح لتاريخ العنف السياسي بالمغرب مع العلم أن مصطلح العنف اتخذ عدة اتجاهات. البعض عرفه بكونه استخدام القوة المادية أو التهديد باستخدامها لتحقيق أهداف سياسية. وبول ويلنسكون عرفه بأنه استخدام القوة أو التهديد باستخدامها لإلحاق الأذى والضرر بالأخرين لتحقيق أهداف سياسية. وحدده بعض الباحثين أته إعمال الشغب و الأذى والتدمير كافة، يصعب إعطاء مطابقة لهذه التعاريف في التجربة المغربية بالنظر إلى الصعوبات السوسيوسياسية والغموض الذي انتاب قراءة التاريخ السياسي للمغرب المستقل. لكن تقييم عمل الهيئة لكن يكون له سمة الموضوعية بدون أخذ ردود الفعل بعض الفاعلين الحقوقيين والسياسيين والأكاديميين أولا وثانيا مقارنة خصوصيات التجربة المغربية بتجارب الدول التي عرفت العدالة الانتقالية.الغاية هي الإجابة على أشكال كيف يمكن قراءة التجربة المغربية على ضوء هؤلاء التجارب مع أخذ نموذج الأرجنتين. هذا سوف أتطرق إليه في الفصل الثاني من هذا القسم.




الفصل الثاني:
ردود الفاعلين حول التجربة المغربية والتجارب المقارنة
(الأرجنتين نموذجا)

مصطلح العدالة الانتقالية نتائج لما حققه المجتمع الدولي في لحظة زمنية معينة، وفق صور متعددة من تاريخ دولة معينة، بإعادة التأكيد على حقوق الإنسان والإيمان بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. الأمر الذي أعطى تقدما كبيرا وقفزة نوعية ضمن سيرورة العلاقات داخل المجتمع الواحد. رغم شساعة المفهوم وصعوبة ضبط حدوده، لكنه يظل أحد مرتكزات إحداث التغيير الجيوسياسي في الأنظمة الديكتاتورية بتطوير الخطاب ومقومات المشروعية الدولية.
الوقوف على هذا المفهوم، بمراجعة الذات وتشخيص ماضي الأخطاء المرتكبة في حق الإنسان، والعمل على شجبها ومحاكمة أو الصفح عن المسؤولين عن ارتكابها، مما فتح الباب أمام إجراء تحول حقيقي وفعلي ينزع للكونية يتجه نحو العولمة ومواكبة المركب الديمقراطي.
انطلاقا مما سبق سوف نعالج في هذا الفصل مبحثين: المبحث الأول سوف نعالج فيه المغرب وتجارب العدالة الانتقالية في العالم من خلال معالجتها لماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ودورها في الانتقال إلى الديمقراطية في تناول تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب ومقارنتها بالتجربة الأرجنتينية من خلال أوجه التشابه وأوجه الاختلاف والمبحث الثاني سوف نعالج فيه ردود الفاعلين الحقوقيين والأكاديميين والسياسيين حول التجربة المغربية.
المبحث الأول:
تجارب العدالة الانتقالية في العالم
بالنظر إلى أهمية تجارب العدالة الانتقالية في العالم. سوف نتطرق في هذا المبحث إلى مطلبين. المطلب الأول سوف أوضح فيه بعض هذه التجارب (البرازيل-جنوب إفريقيا-الأرجنتين) والمطلب الثاني سوف أقارن فيه التجربة المغربية بالتجربة الأرجنتينية من خلال إبراز أوجه التشابه من جهة أولى وأوجه الاختلاف من جهة ثانية










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة