الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيل ا لكبير في الغرفة العراقية

عبد الحميد الصائح

2003 / 10 / 25
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



  تشير هذه العبارة – المثـل  إلى العائق الذي يعوق قضية معينة أو الأزمة التي يمكن أن تحصل فيما لو تم انجاز شيء ما، وهو تشبيه كاريكاتيري طريف للعائق. فتخيل ان فيلا  ضخما داخل غرفة ، لايمكن إخراجه ولايمكن العمل أو التأثيث أو اتخاذ أي حركة أو خطوة بوجوده داخلها.  فمع كل قضية أو محور أو معضلة دائما هنالك فيل في الغرفة  ،الأمر الذي يستدعي الاكتراث  مع التعرض الى أية قضية  بدأ من  حركات التحرر من العبودية حتى موازنة المصروف اليومي، و محظوظ من يكون فيله اقل حجما ليفسح المجال امام تحرك معقول او يتيح الأمل بخروجه،  وعليه تتنوع  تعاريف – فيل الغرفة- حسب نوع العائق ، مرة يكون  سلوك  رب الاسرة  أو احد افرادها، ومرة يكون شحة اقتصاد الدولة ومرة يكون الصحة ومرة يكون الخوف أوالفقر او الحياء ومرة يكون النفاق واغلب الأحيان  وربما دائما في محيطنا العربي السياسي يكون الحاكم ونظام الحكم ، وفي  البلاد  التي تشهد  تحولا وفوضى  تجعلان مصيرها مفتوحا على الاحتمالات جميعها،نرى اكثر من فيل واحد في الغرفة، اكثر من عائق واكثر من توجه واكثر من راي  كل منها يرى انه يملك الحقيقة النهائية في البلد.حيث لايمكن عمل شيء أو تحقيق إنجاز مستمر دون معالجة وجود هذه الفيلة او في الاقل منعها من التناسل.فماهو الفيل الكبير الآن في الغرفة العراقية؟.  مع هروب فيل النظام ومجيء فيل الاحتلال والمطالبة بخروجه أيضا يخشى من ان ذلك سيفسح المجال لنمو  الفيلة الأخرى وان فيلا واحدا أهون بكثير من جوقة من الفيلة مختلفة في الأهداف والأساليب، فيلة من نوع ، الشهية للسلطة  ومخلفات الطائفية التي زرعها النظام والتدخل الخارجي في الشؤون العراقية ومحاولة التأثيرات على مجريات الأحداث والتحولات داخل البلد، والتخلف الذي يعمي الأبصار عن رؤية الحقيقة ومجرى التغيرات الحاصل الآن،وفيلة قادمة من الخارج لاتعرف عن العراق بلدا حرا متحضرا مليئا بالكفاءات العلمية والثقافية ومميزا بنظرات خالدة في الاجتهاد الحضاري بل تراه ساحة وصحراء سياسية لتصفية الحسابات وعقائد القتل العمياء ، والتفسيرات المظلمة الضيقة للحرية والكفاح.
هذه الفيلة وغيرها  هي التي ستحرق ما تبقى من العراق ، وهي التي تجعل من العراقيين الآمنين يواصلون الفرجة على دمائهم بعد ان انتقلت سجون النظام السابق السرية والقتل الغامض والمخفي لتصبح سجونا معلنة للتيارات الشرسة على الساحة  ،وبعد ان تحول الخوف  من جهة واحدة هي النظام واجهزته الى خوف من أطراف لاحصر لها. اذا ضرب هؤلاء سقط ضحايا ابرياء وإذا رد اولئك سقط ضحايا أبرياء كذلك.وبين هذا وذاك يخفت نور المستقبل ويتحسر المتفائلون على طيورالحرية والسلام وهي تختنق وسط الرمال والعواصف التي  تزفرها الفيلة الهائجة الآن على الساحة العراقية. وعليه لابد من التنبه إلى نوعين من المشاكل، مشاكل داخلية يمكننا حلها والتفاهم بشأنها وتجاوزها ، فنحن شعب مسالم مكافح اضطهد كثيرا ينشد الحرية والاستقلال ، وقد كان الفيل الكبير المخلوع سببا في قمعنا وتفتيت بلدنا وتحويله من بلد ثري فاعل في الحياة السياسية الدولية والإنسانية وشعب مكتف اقتصاديا الى بلد محتل خائب سياسيا وشعب منهك تتلاقفه الأفكار والأوهام والولاءات غير المنضبطة. وهناك مشاكل يسببها التدخل الخارجي ايا كان نوعه وجهته لاسيما من دول الجوار ، التي إذا لم تسكت تحدثت باطلا ،فليس من المنطق ان فوضانا تسمح بالتدخل الإيراني او التركي او الباكستاني او أي تدخل يكون بمثابة إدخال فيلة جديدة إلى الفيلة الهائجة على الساحة العراقية.
لابد من أن يأخذ المجتمع العراقي بفئاته كافة والفئات الصامتة الآن بوجه خاص وعبر مؤسسات المجتمع المدني والكفاءات العلمية والثقافية زمام المبادرة  ومسؤولية التدخل مباشرة ليس فقط لتحييد الفيلة الموجودة على الساحة العراقية بل لدراسة الأسباب التي انتجتها وسمحت بنموها ودخولها كي لايتكرر التباس المعايير ولا تتضخم الفيلة إلى أقصى حدودها في الغرفة العراقية.
  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر باريس حول السودان: ماكرون يعلن تعهد المانحين بتوفير مس


.. آلاف المستوطنين يعتدون على قرى فلسطينية في محافظتي رام الله




.. مطالبات بوقف إطلاق النار بغزة في منتدى الشباب الأوروبي


.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: هجوم إيران خلق فرص تعاون جديدة




.. وزارة الصحة في غزة: ارتفاع عدد الضحايا في قطاع غزة إلى 33757