الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أغرب تحقيق مع متهم في التاريخ
عبد الحميد الصائح
2003 / 10 / 27العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
جهدتُ وما أزال كي لا أصدّق هذه القصة الغريبة، رغم أن ضحيتها حيٌّ الان وأحتفظ بعنوانه وعنوان أحد ذويه ، وهو رجل في السبعين من العمر في حالة نفسية سيئة منذ مجيئه من ( الآخرة)!، اقول جهدت في عدم تصديقها وساسردها بسرعة على هذه المساحة رغم انها لاتحتمل قصصا من الوزن الثقيل كهذه، فاذا كانت من الخيال فهي انتاج لافت فعلا ، واذا كانت حقيقة – وهي كذلك – فهي رسالة للانسانية والمثقفين والتجار والمجرمين والسياسيين ورجال الدين و والمقاومة والمساومة والهتافين والباحثين عن الاستقلال أو لقمة العيش أو الستر والعافية او الثورات الوطنية والقومية التقدمية والامة العربية الخالدة الواحدة التي لاشريك لها في إهانة ابنائها .
اقتيد السيد ( نعمة الشكرة) من قبل اجهزة مخابرات النظام البائد ،وكالعادة دون ان يعرف تهمته اغمضت عيناه وادخل احدى الزنزانات المنفردة ، ليباشر معه فورا جلسات التحقيق ومواعيد التعذيب اليومية بالأساليب الوطنية المعروفة،من اجل نزع اعترافه بما ورد من معلومات بشان علاقته بمؤامرة داخل تشكيلات حزب البعث العليا،واشياء اخرى، وبعد يأس المحققين وارهاق الجلادين وقبل ان تعود روح الشكرة الى السماء من التعذيب صدر عليه الحكم بالإعدام شنقا ، وابلغ بالحكم وموعد التنفيذ ، وحسب المراسيم المتبعة في تلبية ما يطلب العريس ليلة اعدامه مما يشتهي، شرب نصف قدح من الماء ، واقتيد في الموعد المحدد الى منصة الاعدام البس كيسا اسود في راسه والتف حبل المشنقة على رأسه ، وتلا رجل دين آية قرانية قبل التنفيذ كون المعدوم مسلما ، ونفذ الحكم وانتهت حياة المواطن نعمة الشكرة ( أو هكذا يفترض).
حتى الان القصة عادية جدا في الحياة العراقية الماضية وغير محزنة عربيا.لكن غير العادي وغير المألوف حين أفاق نعمة الشكرة وسط ظلام دامس وأصوات غريبة لمعذبين وبمواجهة رجلين جليلين يرتديان ثيابا بيضاء، تحدثا معه بلطف مع قراءة للآيات والتعاويذ وتعهد بالرحمة وطلب الغفران عن كل فعل وطلبا منه تقليدهما في بعض الطقوس ، خيّل للرجل انه في الآخرة، مذهولا أخذ يسترحم ويستغفر ويشتكي حاله ويقص حياته بالكامل على الضيفين الجليلين ، شرح لهم عن رفاقه وتحركاتهم ومافعلوا وبراءته وعدد اسماءهم واحدا واحدا وكيف انه لم يخن الامانة في الاعتراف عليهم و ضحى بحياته من اجل مباديء سامية ولاعتقاده بانه ميت ميت اعترف او لم يعترف ، واعتذر عن تقصيره في الدنيا ،وناشد حسن العاقبة في الاخرة.
ما ان انتهى السيد الميت من تجاذب الحوار الصريح الفضيحة حتى صارحه الشيخان الجليلان بانهما ليسا من الملائكة كما يظن بل انهما من رجال الجهاز – وهو المصطلح الذي يتداوله المنتمون الى جهاز المخابرات - وأنه ليس ميتا ، بل أعطي عقارا جعله يفقد الوعي اثناء تنفيذ الحكم ، وانهم لن يقتلوه بعد ذلك وسيعود الى منزله وحذروه من سرد ماجرى لاحد ،
يقول ذوو الميت الحي نعمة الشكرة:لو كانوا قتلوه لكان ارحم له من حياة عاشها مضطرب الحواس مرعوبا نصف انسان يقص حكاية لايصدقها احد.
مرة اخرى ، إن لم تصح هذه الحكاية فهي ( بقلم كاتبها) وإن صحّت كما أكد الضحية وذووه فانها فعلا اغرب اسلوب في نزع اعتراف من متهم في التاريخ البشري على الاطلاق.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الشريعة والحياة في رمضان| سمات المنافقين.. ودورهم الهدّام من
.. كيف تحول متجر بجوار المسجد الحرام إلى قبلة لمحبي التراث المك
.. نور الدين - إزاي إبليس وسوس لآدم في الجنة ...فضيلة الشيخ علي
.. نور الدين - لماذا أخذنا الله بذنب سيدنا آدم وخرجنا كلنا من
.. مصر بلد الحكماء وليس بلد الأنبياء