الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إندماج أم إقصاء؟!

عفيف إسماعيل

2007 / 10 / 18
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


*مُسامرة سودانوية
"أحسد المسمار لأن هناك خشباً يضمه ويحميه"
محمد الماغوط

عندما تخلو قبعة الحاوى من الأرانب والحمائم يلجأ إلي أوراق اللعب ليمارس حيل بصرية قديمة يخبرها كعروق يديه التي يمرر بينها بسرعة ومهارة حاذقة أوارق اللعب ويفنطها بسرعة دربة كذيل الطاوؤس، ثم يعود ليبطئ ليوهم الرائي بانه جزء من اللعبة وعضواً اساسياً لا تتم إلا بمشاركته المتواطئة في استعداده البديهي للدهشة والانخداع، كذلك يفعل السياسيون منذ ان عرف ذاك "الكرت" الرابح في العملية السياسية " فرق تسد"، لذا لم يكن غريباً ان يعود حزب الاحرار الحاكم في استراليا في توهانه الغريق في البحث عن مخرج ملائم من ازماته الطاحنة في مواجهة الحملة الانتخابية لذاك" الكرت" الرابح في اللعبة السياسية هو اشعال روح التعالي والعنصرية عند الأغلبية البيضاء كما تشير الاحصاءات، ولتدق مسماراً غليظاً في العمود الفقري للمجتمع الاسترالي المبني اساساً علي التعدد والتنوع والإختلاف وتحرسه ترسانة من القوانين المتأصلة عبر ازمان طويلة لتحرسه من هواة دق مسمار الفتنة والشتات.

جاءت تصريحات وزير الهجرة الاسترالي كيفن اندرور العنصرية في حمي حصد اصوات في المعركة الانتخابية يدعو فيها لخفض نسبة توطين اللاجئين الافارقة علي وجه العموم والسودانيين علي وجه الخصوص بحجة عدم القدرة علي الاندماج في المجتمع الاسترالي!!!

قرار وزير الهجرة دعوة واضحة للعنف وضد طمأنينة الوافدين الجدد لأستراليا، وبذر للفتنة وجذور الشتات وفتح بوابة القبول لكل من تردعه القوانين عن تنفيذ افكاره المريضه في المجتمع الاسترالي كي يجد المبرر الكافى لنفث سمومه في المجتمع الذي يكبح جماح الاحقاد والعنصرية، وليس هناك ضابطاً معيارياً دقيقاَ يحدد كيفية هذا الإندماج فهو فعل يتم بطهو هادي وجيد التحضير لكل مقاديره.
يطمس قرار وزير الهجرة الاسترالي كيفن أندرو ملامح منطقة العبور من اللاجئ إلي مواطن صالح ثم اندماجه الكامل كي يساهم في رفد التعدد الثقافي الاسترالي بخيرات تميزه الاثني وما يحمل من خبرات انسانية أهمها جنوح المواطن الجديد إلي السلم بعد عمر طويل من ويلات العمر، سجون، حروب، قهر، اذلال، تشريد، وكل الافعال القهرية التي اجبرت اللاجئ للخروج اصلاً من بسطامه. يفتح هذا القرار نوافذ مشرعة للاعاصير والعواصف لإستشراء ثقافة العنف والاقصاء، ورفض الآخر المختلف وجعله مثالاً لسواءات استراليا وسوف تلازمه هذه الصفة المزرية طويلاً لم اذا يحرك ساكن الخمول الذهني والجسدي ويهب كي يكون شريكاً فاعلاً في تنظم مصيره المستقبلي من خلال عمل اجتماعي ثقافي سياسي يعي عبء اللحظة والحاضر ومسئولية تأسيس المستقبل ويساهم بفعالية في استنباط الحلول والسعي لإنجازها علي مستوي الواقع العملي.

هناك ثلاثة مستويات لمجابهة هذا القرار، وليس من بينها جلد الذات والتسليم بالنواقص لإسباب معروفة ومعلومة ولا تخفي حتي عن عين الكفيف، التي هي نتاج طبيعي للتهشيم الذي انطبع في ذوات هؤلاء المغلوب علي امرهم من زلزلة الاقتلاع من اراضيهم الطيبة وفجأة وجدوا انفسهم في تربة غريبة المناخ وعليهم بتجذير بذرتهم فيها لحماية انفسهم التي ظلت لأعوام طويلة نهباً للتهديد والرعب اليومي بالتنظيم السريع في شكل لجان تنسيق محدودة الغرض- بعيداً عن التناحرية- لمجابهة هذا القرار وفضحه أولاً.

ثانياً توسيع مواعين الحملات والحوار السياسي والثقافي والاجتماعي في هذا الأمر فهو ليس شأناً سودانياً أو افريقياً كما يبدو، بل ما تريده حكومة حزب الاحرار هو هذا الغرق الذاتي والحوصلة الاجتماعية والعرقية الضيقة ، يهم هذا الأمر مستقبل استراليا ككل ويجب مجابهته بهذا الكل المتفهم لمعني ومغزي التعدد والتنوع باستراليا.

ثالثاً تعبئة الراي العام ضد قرار الوزير برفع دعوى قانونية ضده حتي يتراجع عن قراره نهائياً ومطالبته بالاعتذار للمتضررين عسي ان يخفف ذلك من ثوارت الغضب التي تعتمل وتشتعل بالنفوس ومن ويلات الثأر الأعمي.

القادمون مثلنا من دول تُحكم بترسانة من القوانين النائمة ما ان تستفيق إلا وتحدث الكارثة والدمار يعلمون جيداً مثل هذا القرار له خطورته المستقبلية في هدم اهم ركائز المجتمع الاسترالي وهو التعدد الثقافي والاثني وعلي الديمقراطية نفسها، ويعلمون جيداً ماذا يعني مسمار جحا.
*مُسامرة سودانوية.. المقال الشعري الذي يكتبه عفيف إسماعيل لصحيفة "المهاجر" باستراليا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص