الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطاريء والدائم في قضية حقوق الانسان

عبد الحميد الصائح

2003 / 11 / 2
الغاء عقوبة الاعدام


في حديث سالف حول  مبادئ حقوق الإنسان وملاءمتها للوضع العراقي أشرت إلى أن معوقات كبيرة وكثيرة تقف أمام  التعاطي مع هذه المسالة منها ما هو عرفي متأصل ومنها ماهو طارئ بفعل الأحداث الراهنة وعدم الاستعداد لتغيير وسائل وطبائع الاستجابة لها، واشرت إلى أن مما هو متأصل عرفي هو الاختلاف بين نمط مجتمعنا والمجتمعات   الأخرى ، فإذا اتهمتَ أحدا هنا بالعنصرية أوجعته واخفته، وإذا اتهمته بالعنف أربكته وأهنته وإذا اتهمته بالخروج على القانون قللت من إنسانيته، أما لدينا فالأمر مختلف حيث يعتبر البعض أن  العنصرية أصالة والعنف رجولة وخرق القانون دليل على أن المرء لايخاف ألا من ربه. ومن العوائق الطارئة؛ تلك التي تتصل بفكرة حق المتهم او حق مرتكب الجريمة او الانتهاك ، حيث لن يستوعب العراقي باية صورة كانت ان يتمتع الجلادون والسفاحون باية فرصة للحرية والمطالبة بمواصفات الحياة الادمية ، ولن يقتنع العراقي ان الذي احرق مدنا بالاسلحة المحرمة وجعل الاطفال يفقسون كالبيض الفاسد، له الحق في ممارسة الرياضة وحق المطالعة والحق في فترات استراحة والحق في العناية الطبية والحق في الصمت والحق في الدفاع والمراجعة واستقبال الزوار والحق في سجن يليق بالحياة الادمية والحق في المحاكمة العادلة والحق في عقوبة لاتحط من كرامته الانسانية والحق بعدم التشهير بشخصه، وغيرذلك مما توفره وتضمنه مباديء حقوق الانسان التقليدية للمتهم او مرتكب الجريمة،فذلك ما لايدخل مخ العراقي الذي طعن على مدى اكثر من ثلث القرن في كرامته وامنه ووطنه وابسط حقوقه في العيش الكريم.
مناسبة طرح هذا اليوم هو المذكرة العجيبة التي اصدرها عدد من المثقفين العراقيين طالبوا فيها باعادة عقوبة الاعدام التي الغيت من قبل سلطة الاحتلال، تحت ذريعة ان هذه العقوبة  هي الرادع الوحيد الذي يعيره المجرمون اهمية ويخشونه ،غير ان الامر حتى وان انطوى على منطق عملي مؤقت الا ان شكل المطالبة به غير موفق ،فليس من المعقول ان نجد تواقيع لنشطاء في حقوق الانسان  لهم  سعي بارز في ذلك  تحت مذكرة تطالب باعادة عقوبة كالاعدام مهما كانت الذرائع والحجج والموجبات، لان الامر بالنسبة لداعية حقوق الانسان ليس حل معضلة ما حسب، بل التثقيف باتجاه فكرة ابعد هي فكرة ترسيخ قيم انسانية جديدة والتطلع الى ان ناخذ درسا في التعامل مع الاخر ، لايفرض ذلك لا بالقوة ولا بالاعدام ولا باية وسيلة ،فقط باحترام الاخر، فقد كنا اول مجيئنا الى اوربا نتصور ان هذه البلدان يمكنك ان تفعل فيها ما تشاء ، وان الحرية فيها غير محدودة ، وكنا نتوهم ان من حقك  القيام بكل شيء بما في ذلك التاخر عن العمل والصراخ في الشوارع والتدخين وتعاطي أي شيء في أي مكان، وغير ذلك من الفوضى التي تعودنا عليها او كتمت في داخلنا، غير اننا فوجئنا بان المحرمات هنا من نوع اخر، فكل مايؤذي الاخر محرم، ولك انت ان تجرد مالذي يؤذي الاخر في قيامك وقعودك وووظيفتك ومسكنك والشارع الذي تسير فيه وشخصك ومراسلاتك ، ولكونك انت نفسك آخر بالنسبة لغيرك ستتمتع ايضا بكل هذه الحقوق .  ذلك بالطبع ليس سهلا انه بحاجة الى الصبر قبل العلم وبحاجة الى تشجيع واستعداد وترسيخ  سلطة القانون وسيادة القانون الذي يحترم الجميع وينصف الجميع ولا احد فوقه مهما كانت منزلته وادعاؤه. نعرف جميعا الحاجة الى قبضة صارمة للحد من الفوضى لكن هذا ليس باب عملنا الان ،فمايحصل هو الحاضر الطاريء الملتبس وما يعنينا هو المستفبل والافاق التي نطمح الى ان تتحقق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب


.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا




.. الأمم المتحدة تدعو لتحقيق بشأن المقابر الجماعية في غزة وإسرا


.. سكان غزة على حافة المجاعة خصوصاً في منطقتي الشمال والوسط




.. هيئة عائلات الأسرى المحتجزين: نتنياهو يمنع التوصل إلى اتفاق