الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عراق لكل العراقيين ..!

هادي فريد التكريتي

2007 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


حشدت الحكومة التركية مئات الآلاف من جنودها المدعومين بالدبابات وسلاح الجو ، وما يقتضيها من عتاد ومؤنة ، على الحدود العراقية الشمالية من اقليم كوردستان ، بحجة مكافحة إرهاب متمردي حزب العمال الكوردستاني التركي ، بعد أن رفضت تركيا كل مقترحات الحكومة العراقية بصدد حل المشكلة سلميا ،الموقف التركي المتعنت يستغل ما يعانيه العراق من وضع داخلي متمزق ، فالحكومة المركزية غارقة في خلافاتها مع الفصائل السياسية المكونة لها ، وهي غير قادرة على اتخاذ قرار موحد بصدد أية قضية مهما كانت ،وكل وزارة تنفذ ما يراه وزيرها وفق رؤية الفصيل الذي يمثله ، وهذا شأن البرلمان أيضا ، كما هو شان الرئاسة ومكتبها ، فكل أعضاء هذه المؤسسات ، يزورون مختلف البلدان ، الإقليمية والأوربية والأمريكية منفردين ،أو ضمن وفود ، وكل يدلي بتصريحات متناقضة ومتضاربة ، عن الوضع العراقي وكيفما اتفق ، وكأن أمر هذا البلد لا يعنيهم بالمرة ، أو ربما اعتقده البعض منهم ملكية خاصة به ، فرئيس الوزراء المالكي يزور العديد من دول الجوار دون أن يقدم تقريرا عن زيارته أمام مجلس النواب ، وكأن الأمر شأن من شؤون طائفته ، وليس باعتباره رئيسا لحكومة العراق، وكذا رئيس الجمهورية وأعضاء مكتب الرئاسة ، كل منهم يعتقد أنه ممثلا لانتمائه العرقي والطائفي ، وليس كونهم مكتبا رئاسيا للجمهورية العراقية ، وكذلك شأن المجلس التشريعي وهيئته الرئاسية ، وليس الحال بأفضل من هذا الواقع، فيما يخص العلاقة القائمة بين الحكومة المركزية وإقليم كوردستان ، فالتنسيق معدوم بينهما، كما هو الحال بين المجلسين التشريعيين في المركز والإقليم ، وهذا ما جعل البعض يعتقد أن الأقليم الكوردي وحكومته غير معنيين بسياسة الحكومة المركزية ، إلا ما يترتب بذمة الحكومة المركزية من التزامات مادية تجاه الإقليم ، وكذا المركز لا يهمه ما يجري في إقليم كوردستان ،حتى وإن تعرض الإقليم لمخاطر جدية من جيرانه ، نتيجة لنشاطات عسكرية لحزب العمال الكوردستاني ، ضد الحكومة التركية ، على الرغم من أنها نشاطات غير مرغوب فيها من على الأرض العراقية ، ولم تكن وفق رغبة كوردية عراقية ، حتى وإن كان بعض القوميين من الكورد ممن يدعمون سرا هذه النشاطات ، دون علم أو دعم من حكومة الإقليم ، كما إنها غير خاضعة لسيطرتها ، مع الجزم بأن هذه النشاطات لم تكن وليدة الساعة .
الحكومة التركية على علم بهذه الحركة المسلحة منذ سنين طويلة ، وهي غير قادرة على القضاء عليها عسكريا ،كأي حركة مقاومة قومية ـ وطنية ، تجد ملاذا لها بين أحضان شعبها المجزء ـ بين تركيا والعراق وإيران وسوريا ـ الذي يشاركها أهدافها ومنطلقاتها، في الحرية والتحرر من الاضطهاد القومي والشوفيني الواقع عليها ، كما ترى، هذه الحركة الغير معترف بها ، في الديموقراطية والحوار السلمي أسلوبا لحل صراعها مع الحكومة التركية ، فالحل لن يكون إلا سياسيا أولا وأخيرا ، وهذا ما ترفضه الحكومة التركية ، أما حمل السلاح والمقاومة فما هو إلا مظهر من مظاهر الضغط على الحكومة التركية ، وعلى القوى الديموقراطية في العالم ، للإقرار بالحقوق السياسية للكورد المجزء وطنه وشعبه .
الاحتلال الأمريكي وتواجد القوات الأجنبية على أرضه ، تسبب في ضعف العراق حكومة ومؤسسات أمنية ودفاعية ، كما تسبب في احتراب مكوناته الطائفية والقومية فيما بينها ، واصبح العراق هو المكان المناسب و الظرف المناسب لحل كل تناقضات وخلافات بعض دول الجوار مع الولايات المتحدة الأمريكية ، فالعراق غدا ساحة نزال لتحقيق أهداف لا يمكن أن تحققها دول الجوار في ظرف آخر، إن تعافى الوضع العراقي وتمكنت حكومته من فرض سيطرتها وسيادتها على كل جزء من العراق .
فسوريا تغازل تركيا ، وتعطيها الحق في دخول العراق للقضاء على المقاومة الكوردية التي يقودها حزب العمال الكوردستاني ـ التركي ، ليس حبا بتركيا ، بل كرها بالكورد ، وإمعانا في توسيع شقة الخلاف التركي ـ الأمريكي ، فيما يخص الموقف الأمريكي من تحميل تركيا مسؤولية ذبح الأرمن ، ومحاولة جر تركيا لأن تقف موقفا مؤيدا لها في نزاعها مع أمريكا ، بالموقف من إسرائيل والمحكمة الدولية ـ اللبنانية ، عن التفجير الذي أودى بالحريري وركبه ، كما تبحث عن مؤيد لها يبرؤها من تهمة دعم ومساعدة الإرهابيين في العراق .
و إيران الحليف لسوريا ، تعضد وتدعم الموقف التركي في جهوده للقضاء على حزب العمال الكوردستاني وغزوه للعراق، فالمشكلة الكوردية في إيران هي بعينها ما تعاني منه تركيا ، وكلنا يتذكر حكومة مهاباد ، أول حكومة كوردية قامت في أربعينيات القرن الماضي في إيران ، لذا فالمصيبة قادمة حتما ، بعد أن تحقق بعض النصر للكورد في العراق ، وإذا ماتحقق لاحقا في تركيا ، لابد من أن يتحقق غدا في إيران ، فالقضية قضية وقت ليس إلا ، وإيران في نزاع مع أمريكا منذ سقوط الشاه في العام 1979وسيطرة الملالي على الحكم ، وهي أيضا متهمة بدعم ومساندة الإرهاب في العراق ،عن طرق ميليشيات عراقية ، قوات بدر ، وجيش القدس الإيراني ، وبالأمس قامت ميليشيات "جيش المهدي " باختطاف شيوخ ديالى ، وهذا ما كان له أن يكون دون إيعاز من الحكومة الإيرانية ودعمها ، كما تحاول إيران جر تركيا إلى موقف داعمة لها فيما يخص نزاعها مع أمريكا، بصدد موقفها من تهديد بإبادة إسرائيل ، ومحاولة امتلاك السلاح النووي ، والعقوبات التي تسعى أمريكا ودول أخرى فرضها على إيران ، .
وتركيا شريك موثوق به ، وحليف تاريخي يعتمد عليه لأمريكا في المنطقة ، وأمريكا لا يمكنها الإستغناء عن تلك الشراكة ، ولا يمكن أن تعرض تحالفها مع تركيا للإنهيار، أو تسمح لها بالذهاب ـ زعلانة ـ إلى التحالف الروسي الإيراني مع بقية الدول الواقعة على بحر قزوين ، وبذا تخسر أمريكا ، الطاس والحمام، كما يقول المثل ، فالخبراء العسكريون ، الأمريكان ، ومعهم وزيرة خارجيتهم ، قادمون إلى أنقرة لتنفيذ كل ما تطالب به من تعويضات عن حشدها العسكري الحالي ، و تحتاجه تركيا من مطالب وضمانات ليس أولها رفع الإدانة عن مذابح الأرمن ، وليس آخرها الضغط على العراق وحكومته المركزية ، وحكومة إقليم كوردستان، لطرد حزب العمال الكوردستاني من المنطقة العراقية ، بل و تقديم الضمانات لها ، فيما يخص تعديل الدستور العراقي بموجب المادة 142، الذي لا يمكن الركون لأي اتفاق سياسي أو اقتصادي ، أو تشريع أي قانون و نفاذه ، وحل أي من المشاكل العراقية دون تعديل المواد المختلف عليها ، فالفيدرالية وحل قضية كركوك ، التي تعتبرها تركيا ، من القضايا التي تهدد أمنها وأمن المنطقة ، وهذا ما ستنصاع له الدولة العراقية طالما هي غير قادرة على تحقيق وحدة وطنية عراقية ، و عراق لكل العراقيين ..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيل في شمال قطاع غزة هو الأعنف منذ إعلان خفض القوا


.. طفل فلسطيني برفح يعبر عن سعادته بعد تناوله -ساندويتش شاورما-




.. السيناتور ساندرز: نحن متواطئون فيما يحدث في غزة والحرب ليست


.. البنتاغون: لدينا بعض المخاوف بشأن مختلف مسارات الخطط الإسرائ




.. تظاهرة مؤيدة لفلسطين في بروكلين للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل