الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسيحيون الصهيونيون ونظرتهم إلى الناس والعالم

جعفر هادي حسن

2007 / 11 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المسيحيون الصهيونيون هم أتباع مدرسة في الفكر الديني المسيحي تشكلت معالمها في القرن التاسع عشر.وما يميزها عن غيرها هو أنها تعتمد التفسيرالحرفي لفهم نصوص الكتاب المقدس(القديم والجديد) حيث لا مجال للرمز أوالمجاز.وفي ضوء هذه القراءة قسموا التاريخ إلى مراحل سبع وهواليوم في نهاية المرحلة السادسة وعلى اعتاب المرحلة السابعة والأخيرة التي سيظهر فيها المسيح عيسى مرة أخرى حيث يحكم العالم لألف سنة بعد أن ينتصرعلى الدجال في معركة الأرمغدون.وأصبحت فكرة ظهورالمسيح عيسى فكرة مركزية وأساسية في معتقد أتباع هذه المدرسة حيث تدور القضايا الأخرى حولها وترتبط بها. وهم يعتقدون بأن هذا الظهور قد أصبح وشيكا بل إنهم يؤكدون ان العالم يعيش عصر الظهور وأن هذا الجيل، طبقاً ل"هال لندسي" (صاحب أكثر الكتب شهرة في هذا الموضوع)، هو آخر جيل قبل الظهور. وهم يرون بأنه لابد أن تسبق ذلك موطئات وعلامات تهيئ لظهورالمسيح عيسى وتبشربه.ومن هذه المؤشرات حدوث كوارث وحروب وأحداث لم يُر مثلها حيث أشير لها في الكتاب المقدس كما يعتقدون. ولذلك فعندما تحدث هذه فهم ليسوا فقط لايساعدون في التخفيف من مآسيها وما يصيب الناس منها بل إنهم في الواقع يفرحون بها ويسعدون. وهذا لا يبدو غريباً لمن يعرف هذا الفكر الذي يتبناه هؤلاء، فهذه في نظرهم تباشير بقرب الظهور الثاني الذي ينتظرونه بفارغ الصبر.وهم يعتقدون بأنه كلما كثرت هذه الكوارث وضخم حجمها وتسارعت وتيرتها، كلما اقترب الظهور وعندما حدثت كارثة تسونامي وما صاحبها وتلاها رأى فيها هؤلاء إحدى الكوارث الكبرى التي أشار إليها الكتاب المقدس وإن لم ينص عليها بالإسم . .
ومن نصوص الكتاب المقدس التي استدلوا بها ما جاء في انجيل لوقا 21/25-32 "وستظهر علامات في الشمس والقمر والنجوم وينال الأمم كرب في الأرض ورهبة من عجيج البحر وأمواجه. وستزهق نفوس الناس من الخوف، ومن توقع ما ينزل في العالم؛ لأن أجرام السماء تتزعزع وحينئذ يرى الناس ابن الإنسان آتياً في الغمام في تمام العزة والجلال. وإذا أخذت هذه الأمور تحدث فانتصبوا قائمين وارفعوا رؤوسكم لأن افتداءكم قد قرب".ومع أن المنظمات المسيحية من غير هؤلاء أبدت حزنها على الضحايا وبادرت بارسال المساعدات وطلبت التبرعات إلا أن المسيحيين الصهيونيين لم يقوموا بشيئ من هذا وكانوا عرضة للنقد من الأخرين. .
ولأن هؤلاء ينظرون إلى هذه الكوارث نظرة ايجابية فإنهم لا يهتمون بموضوع الاحتباس الحراري في الكرة الأرضية، ولا بموضوع الحفاظ على البيئة أوالإهتمام بتناقص المصادر الطبيعية. وقد عبّر عن ذلك صراحة جيمس وات، أول وزير للداخلية أثناء رئاسة رونالد ريغان، عندما قال في جلسة أمام إحدى لجان الكونغرس: "إن الحفاظ على المصادر الطبيعية غير مهم لسبب الرجوع الثاني القريب للمسيح عيسى، فالرب قد سخر لنا هذه الأشياء لنستفيد منها وهو سيرجع عندما تُقطع آخر شجرة"و يقول القس سبونك في كتاب له عنوانه الذنوب في الكتاب المقدس
Sins of the Scriptures
"إن عيسى يعرف أنه جاء إلى الأرض نيابة عن الرب في السماء وإن الدين الذي أصبح بعد ذلك المسيحية يشجع أتباعه على أن يتوقعوا حياة تكون في السماء وأن لا يركزوا على الأرض ولا أن تكون عليهم مسؤولية في الإعتناء بها وبطبيعتها وتحولها وأن الخلاص صُور على أنه الهروب من الأرض التي تعتبر إلى حد ما شرٌُ....وأن الكوارث البيئية شيئ لابد منه"
.
وهم أيضاً يدعمون نظرتهم هذه إلى البيئة بما ورد في سفر التكوين 1/27: «فخلق الله الإنسان على صورته، وعلى صورة الله خلقه ذكراً وانثى، خلقهم وباركهم وقال لهم أنموا واكثروا واملأوا الأرض واخضعوها وتسلطوا على أسماك البحر وطيور السماء وكل حيوان يدب على الأرض». فهذا النص كما يقولون قد جعل الإنسان سيد الطبيعة يستغل مصادرها ويستفيد من مواردها بحرية لا حدود لها كما أن الرب أمره أن يتكاثر ويملأ الأرض من دون تحديد للنسل. ثم يقولون لماذا نهتم بالكوارث التي تحدث في الأرض بسبب تأثر البيئة مع أنها علامات أخبر عن حدوثها الكتاب المقدس؟ ولماذا الاهتمام بتغيّر المناخ الذي يحدث في الكرة الأرضية بينما سنُنقد (من قبل المسيح)؟ ولماذا نفكر بإبدال الطاقة النفطية بالطاقة الشمسية بينما سيقوم المسيح بعمل المعجزات كما في معجزة الخبز والسمك ويوفر بليون برميل من النفط الخفيف في لحظة بل قبل أن يرتدّ طرف الإنسان إليه (والمعجزة التي يذكرها هؤلاء قد وردت في انجيل متى 14/17-21 حيث أطعم المسيح عيسى بخمسة أرغفة خبز وسمكتين، خمسة آلاف رجل عدا الأطفال والنساء) . .
وقد اصبحت نظرة هؤلاء الى قضية الحفاظ على البيئة نظرة ناقدة بعدما كانت لا مبالية، واخذوا ينتقدون الداعين الى الحفاظ عليها والمهتمين بما يحدث لها بل ويشهّرون بهم.كما أن للمسيحيين الصهيونيين اعضاء كثيرين في الكونغرس الاميركي، وبعض هؤلاء ذوو تأثير على قرارات لجنة البيئة فيه مثل جيمس آنهوفي الذي كثيراً ما يكون صاحب التأثير لموقعه ومسؤوليته فيها وهذا العضو يصرح بإنكاره للاحتباس الحراري الذي قال عنه «انه اكبر خدعة مُرّرت على الشعب الاميركي». وقارن التحذير منه بالتخويف من تصاعد برودة الأرض الذي قال به بعض علماء البيئة في السبعينات من القرن الماضي والتي لم تثبت صحته. كما أن عضو الكونغرس هذا معروف بإيمانه بالتفسيرالحرفي للكتاب المقدسً ومعروف بقوله: "إنني مؤمن بأنه ليس هناك أي قضية تناقشها الحكومة لم يذكرها الكتاب المقدس"!

وجيري فلول المسيحي الصهيوني الأشهر(الذي توفي في هذه السنة) مثل عضو الكونغرس المذكوركان يرفض ايضاً تصديق التصاعد في حرارة الأرض فهو قال في مقابلة مع شبكة «سي.ان.ان» التلفزيونية: "لقد لقد قالوا عن تزايد برودة الكرة الأرضية قبل ثلاثين سنة واليوم (يقولون) بتزايد حرارتها... وفي الحقيقة فإنه ليس هناك احتباس حراري".وقال أيضا "إن نشاط البيئيين إنما هو لتحويل الإنتباه عن قضايا الكنيسة الرئيسة".
.كما أن نظرتهم إلى المعاناة البشرية فيها الكثير من اللامبالاة وعدم الإهتمام .والحروب في نظرهم هي من علامات الظهور وهم لا يحاولون إيقافها بل هم في الواقع يشجعونها كما شجعوا الحرب على العراق( مع المحافظين الجدد) بل قالوا إنهم وجدوا نبوءة لها في كتاب "رؤيا يوحنا" حيث تكرر سقوط بابل(التي يشار بها إلى العراق) ثلاث مرات. كما يرى هؤلاء أن ما حدث من معارك قرب الفرات في بداية الإحتلال الأمريكي على العراق يؤكد ما ورد في هذا الكتاب حيث جاء في 9/14 منه: (فقال للملاك السادس الذي يحمل البوق: أطلق الملائكة الأربعة المقيدين على النهر الكبير، نهر الفرات، فأطلق الملائكة المتأهبين للساعة واليوم والشهر والسنة، كي يقتلوا ثلث الناس)ووجدوا ما يفترضونه إشارة الى تقسيمه عندما جاء في إحدى عبارات كتاب الرؤيا(16-8)"وصارت المدينة العظيمة ثلاثة أقسام" ولذلك فهم اليوم يشجعون على تقسيمه. وتلتقي أفكار هؤلاء- التي هي تعتمد على تنبوءات غامضة لايعرف على وجه التحديد الغرض منها- مرة أخرى مع أفكارالمحافظين الجدد حيث كان كبيرهم المستشرق اليهودي المعروف والمستشار غير الرسمي لجورج بوش برنارد لويس قد كتب كتابا في التسعينات حول تقسيم منطقة الشرق الأوسط وذكر العراق بالذات وعنوان الكتاب هو تنبؤءات- مستقبل الشرق الأوسط .
كما أن المسيحيين الصهيونيين لايشجعون الناس على تحقيق السلام لأن السلام في رأيهم لايتحقق قبل رجوع المسيح.وأن الدعوة اليه يعتبرونها بدعة وهرطقة. وقد أشار إلى ذلك الواعظ التلفزيوني المعروف جم روبيرسون إذ قال "لن يكون سلام حتى ظهور المخلص وكل دعوة إلى السلام قبل رجوعه هي بدعة وهرطقة ومخالفة لكلمة الله وهي أيضا ضد المسيح"وقال بات روبرتسون وهو أيضا واعظ تلفزيوني شهير"إن الأمور في المجتمع يجب أن تسير نحو ألأسوأ وليس إلى الأحسن،وأن المسيحيين يجب أن يعملوا على عدم تأخير رجوع المسيح" .ومن هذا المنطلق فهم لايهتمون بما تقوم به الأمم المتحدة من محاولات لبسط السلام وفض النزاعات تماما كما لايهتم بذلك المحافظون الجدد.
ونظرة هؤلاء الى كثير من القضايا السياسية والاجتماعية هي مثل نظرتهم الى الكوارث، فهي تكون من خلال تفسيراتهم الخاصة بهم للكتاب المقدس. ومن هذه القضايا قضية الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني. فهم اعتبروا جمع اليهود في فلسطين وانشاء دولة اسرائيل التي دعوا إلى إنشائها قبل ظهورالحركة الصهيونية أيضا علامة من علامات الظهوركما يقولون لوروده في بعض أسفار التوراة ومن النصوص التي يستدلون بها ما جاء في سفر حزقيال36:24 وآخذكم من بين الأمم وأجمعكم من جميع ألأقطار وآتي بكم إلى أرضكم " وهم يفسرون هذا تفسيرا حرفيا. وقد بدأوا بالعمل على تحقيق ذلك منذ القرن التاسع عشربل حتى قبله. وما قام به هؤلاء في هذا المجال وما يقومون به يعرفه الكثير من الناس من خلال الجمعيات والمنظمات التي أنشأوها ومن خلال النشاطات التي يقومون بها. وبعد إنشاء دولة إسرائيل أصبح هؤلاء أكثرنشاطا وما زالوا يجلبون اليهود بل والمشكوك بيهوديتهم إلى إسرائيل من كل حدبٍ وصوب، وهم يغرون من يتردد في الهجرة إليها بالمال والمساعدات الأخرى وعملهم هذا هو العمل نفسه الذي تقوم به الصهيونية اليهودية ولذلك سموا بالصهيونيين.وهم يؤكدون دائماً على ضرورة وقوف الولايات المتحدة الى جانب اسرائيل دون قيد أو شرط، لأن الرب هكذا يقول في عبارة سفر التكوين 12/3 "وأبُارك مباركيك وألعن لاعنيك"(مع أن هذا كلام قصد به النبي إبراهيم) ويعتقدون بأن الرب يبارك الولايات المتحدة لأنها تساند إسرائيل وتساعدها وتقف إلى جانبها إذ أن هؤلاء يعتقدون أن اليهود مازالوا هم الشعب المختار على عكس مايراه المسيحيون الآخرون الذين يخالفونهم الرأي ويعتقدون بان اليهود شعب مغضوب عليه لأنه رفض المسيح عيسى.وهم يعتبرون الفلسطينيين الذين يناضلون ضد الإحتلال أعداء للرب ويطالبون اسرائيل باستعمال القوة ضدهم. وأن تلحق الأراضي المحتلة بها. كما أن دك آرمي الرئيس السابق للأغلبية الجمهورية برر في مقابلة تلفزيونية التطهير العرقي ضد الفلسطينيين وترحيلهم إلى الدول العربية. وبعضهم مثل روب ريتشارد أعتبر الفلسطينيين أجانب وآخرون اعتبروهم من "العماليق"(وهؤلاء أعداء بني إسرائيل التاريخيين) وبعضهم مثل ديفد هنت ورومن بنت أنكروا وجودهم أساسا
بل هم بفترضون أيضا أن العرب أعداء لليهود ف"هال لندسي" يقول" إن الشعوب العربية متحدة بفكرتها المتعصبة لتدمير إسرائيل" بل وهو يرى كذلك " إن كل المسلمين ينظرون إلى إسرائيل على أنها عدو" وقد كثر الحديث ضد المسلمين من قبل هؤلاء خاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر.فقد قال بات رببرستون عن الإسلام"إنه دين عنيف ويؤكد على تدمير العالم وإن الأمريكيين المسلمين قد شكلوا خلايا إرهابية لتدمير الولايات المتحدة" وقال آخر إن الإسلام دين وثني وكل الأديان الوثنية هي شيطانية. ولما كان المسلمون في نظر هؤلاء أعداء اليهود لذلك يجب أن يلعنوا ويضربوا(والعن لاعنيك). كما يدفعون الإدارة الأمريكية اليوم إلى ضرب إيران لأنها تعلن العداء لإسرائيل.ونظرة هؤلاء إلى المسيحيين الآخرين هي نظرة سلبية(ولكنها أقل سلبية بكثير من نظرتهم إلى المسلمين) إذ يعتقدون أنهم وحدهم القابضون على الحقيقة. وهؤلاء يريدون لدولة إسرائيل أن تكون من النيل إلى الفرات، طبقاً لما ورد في 15/18 من سفر التكوين: (لنسلك أعطي هذه الأرض من النيل إلى النهر الكبير الفرات). ولذلك هم يعلنون رفضهم لفكرة الأرض مقابل السلام،.بل اعتبر بعضهم مثل مايك إفانزعملية السلام مؤامرة عالميةلسرقة أورشليم من اليهود وادعى بأن خلف مجموعة المؤامرة الدولية متآمر رئيس وهو الذي يوجه اللعبة. كما يدعون إلى هدم الأقصى كي يبنى مكانه ما يسمى بالهيكل الثالث حتى يؤدي فيه المسيح فريضة الأضاحي كما يعتقدون وهم لهم في هذا أقوال كثيرة.فارفنغ بكستر يقول إنه قبل حرب ألأرمغدون فإن الهيكل سيبنى...ونحن الجيل المبارك الذي اختيرلأن يكون جيل الخلاص..وأنه في حياتنا سيبنى الهيكل الثالث وإن مسجد قبة الصخرة يجب أن يؤخذ إلى مكة. وبعضهم قال إن جبل الهيكل يجب أن يُطهر ولكن الرب سيعمل ذلك (ولا ندري) هل يكون بهزة أرضية أو إرسال جماعة لتهديمه ولكننا نعرف أنه سيطهر. ومع أن إسرائيل هي التي قررت الإنسحاب من غزة فإن هؤلاء اعتبروه مخالفا لإرادة الرب حتى ان بات روبرتسون اعتبراصابة ارئيل شارون رئيس وزراء اسرائيل السابق بالمرض الذي لم يفق منه إلى ألآن عقابا الهيا لأنه كما يقول" قد قسم أرض الرب وأنا أقول الويل لأي رئيس وزراء لإسرائيل يتخذ قرارا مثل هذا من أجل أن يرضي الإتحاد الأوربي والأمم المتحدة أو الولايات المتحدة الأمريكية". والغالبية العظمى من هؤلاء اليوم هم في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يبلغ عددهم عشرات الملايين وهم ينشرون فكرهم من خلال آلة إعلامية ضخمة يحركها عدد لا يحصى من الأدبيات وما يقرب من ألفين من محطات الراديو ومئتين وخمسين محطة تلفزيون وهم بأفكارهم هذه قد يقودون العالم على المدى البعيد أو القريب الى الخراب والدمار.
www.dirasaatyahudiya.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا


.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد




.. يديعوت أحرونوت: أميركا قد تتراجع عن فرض عقوبات ضد -نتساح يهو


.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي




.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل