الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاشباع غير المقدس للنزعات الحيوانية

مهدي القريشي

2007 / 11 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يحكى ان عصفورا استرشد بخبرة ابيه عن كيفية معرفة الحيواني في الانسان وعن كيفية اخذ الحيطة والحذر من الانسان
حينما تستفحل عنده او تطغى الصفة الحيوانية في الانسان على الصفات الاخرى (ان وجدت ).
استجمع الاب عصارة فكره ولملم تاريخه الحافل بالفر من الانسان واوقد ذاكرته الرخوة ليستخلص منها كيف انه بقي حيا للان .
قال :يا بني اذا رايت الانسان يلتقط حجرا من الارض فاعلم انه ينوي امااصطيادك او قتلك فما عليك سوى الهروب منه . لكن العصفور الصغير ومن خلال خبرته القليله قال مستدركا :وكيف اعرف اذا كان يريد قتلي وقد جلب معه حجارته .
سنبتدىء من حيث انتهى حديث العصفور الصغير (( الحجارة )) هذه الاداة الصغيرة من ادوات القتل البدائية التي التصقت بالثقافة الجمعية الانسانية والتي ترجمت مستقبلا لتصبح عصا ثم بندقيه ومسدسا الى ان اوصلها العلم السلبي الى اسلحة دمار شامل والمستخدم في قتل الانسان لاخيه الانسان اولا وكل ما نهض به العقل البشري من تطور وتقدم ، والمتصفح للتأريخ (الانساني )سيجد ان صفات الحيواني ا والنفعي وجهان لعملة واحدة ويؤديان الى مصب واحد هو الاشباع غير المقدس لنوازع النفس البشرية البعيده عن الانسانية ,الصفة المتفرد في حملها في هذا الكون هو الانسان , والانسانية لم تكن بعيدة عن التلوث بصفات اخرى مكتسبة من الانسان الاخر او متبلورة في داخل ا لانسان نفسه او للاثنين معا لهذا فلم نجد عبر التاريخ نقاءا خالصاللانسانية حتى في ارقى الامم او الاقوام المدعية لنفسها انها الافضل او الانقى او الاعلى .والتاريخ البشري سيجد ان معظم الكوارث واعني بها (الحروب )خرجت من رحم الامم ((الراقية )) كالحربين العالميتين اومجزره الاتراك للارمن والتي راح ضحيتها الكثير اوحروب الخليج وما حدث ويحدث في العراق وغيرها الكثير , وحتى نكون منصفين ان هؤلاء الادوات الغبية , ادوات التدمير ,لابد ان تكون لها حواضن دافئة وعقول تحركها حيثما تميل مصالحهم الانانية .
فالانسان يحب بل هو مغرم بالتملك المتمخض من روحه الانانية ولكي يشبع هذه الروح عليه ان يمتلك كل شيء وباي طريقة
ان المنفعة المادية في مثالنا السابق (اصطياد او قتل العصفور )ليست ذات قيمة تذكر اذن لابد من ان يكون هناك سبب اخر واذا بحثنا جيدا في ماهية الانسان هذا سنجد ان الخلل كامن في المنظومة الثقافية له . والى حب التملك ولذة السيطرة اللذين هما من الاسباب التي يدفع الانسان لاصطياد هذا العصفور اضافة الى الصفة الازلية المتمثلة في الانتماء الابوي الخالي من الوعي المقارن بين الماضي والحاضر والاعتقاد بان بذرة الاب (بكل تفاصيلها ) ولابد ان تنتقل الى الاولادوالاحفاد وهكذا يحدث الحلول السلبي واضفاء صفة التطهير والقدسيه عليه .هذه وغيرها سببت نمو روح الوحشية داخل المنظومة الفكرية والثقافية والاجتماعية للانسان ورغم ان الكثير من الحركات السياسية التقدمية والدينية المتنوره والحركات الاجتماعيه وضعت في اجندتها وبرامجها السياسيه والاجتماعيه والاقتصاديه انسنة الانسان وتطهيره من رواسب الماضي المتخلفة الا ان الواقع المادي هو الذي دفع الانسان الى ارتكاب هكذامجازر ليس بحق الحيوان(كمثالنا السابق)بل بحق اخيه الانسان ايضا وكما قال ماركس ((ان تفكير الانسان ووعيه وميوله واتجاهاته انعكاس عن الواقع الموضوعي المادي الذي يعيشه الانسان في حياته))
* *
وقد جاء في كلام العرب ان كلمه انسان يرجع معناها الى الظهور وقد ذكروا معنى اخر هو النسيان كما اورد ابن منظور عن ابن عباس قوله(انما سمي الانسان انسانا لانه عهد اليه فنسى) لهذا نراه يكرر الماسي في حق البشرية كل مره لان منظومة الوعي عنده تفقد مفعولها وينفد خزينها التاريخي كانماتصل الى مرحلة متأخرة من (الاكسباير)او تصبح خارج (التغطية)عندمايباشر للتخطيط لجريمة جديدة فتتهيأ لتشكل منظومة اجراميه جديده وبطرق اكثر حداثويه .على الطرف الاخر فالحيواني الرابض في الانسان والمتمثل في النكوص في الوعي وهيمنه المكبوت الثقافي والاجتماعي وتقهقره الى مادون البشري وفقدان كل ماهوحضاري والتشبث بالانا العليا او الخلل العقلي القريب جدا من الجنون كل هذه الصفات الحيوانية تنمو باتجاه ان تنتج افعالا تؤدي الى نشوه الانسان بالنصر او الفوز او الغلبه حتى لو كان ذلك في الاحلام او الوهم .
اي انه يمني نفسه بأنتصار كاذب وسطحي فيتنامى هذا النزوع عند الانسان حينما يلغي السلوك المغلف بالوعي والعمل المنتج الخلاق من خلال اخضاع الانسان الاخر الى عبوديته واستبداده . فالمجد المقدس الذي يدعيه الانسان ما هو سوى المبرر الكاذب الممزوج بالنفعية الوهمية وهو يمارس هواياته المفضلة وعلى رأسها القتل وبالطرق البشعة كالذبح وقطع اجزاء الجسد وسمل العيون وحرق الجثث وتعليقها على اعمدة الكهرباء او رمي الانسان الحي وهو مكبل اليدين والرجلين في الانهر وهو بذلك يكون في اوج انسجامه مع واقعه المادي او الغرائزي بعد ان دفع العقلنة والوعي الى الخلف لانه يرى نفسه انسانا شاذا او خارجا عن المألوف فيمااذا مارس المعقول وبعيدا عن منظومته الثقافية التي جهد حتى وصل الى فهمها !! .
انا بأعتقادي ان الحيوان ككيان ينتمي الى فصيلته الحيوانيةيتميز عن الانسان (ما عدا العقل المتطور لدى الانسان والمعطل مع الاسف )بصفات تحتسب لصالحه فالحيوانات من فصيلة معينة لا تعتدي على جنسها وان حدث ذلك فهذا متأتي من خلال بروز غريزة الاشباع وهي غريزة مشتركة مع الانسان في حين ان الانسان تمرن واستبسل واتفق مع الانسان الاخر على قتل الانسان (خارج المنظومة الغريزية للاشباع ) اكثر مما قتل من الحيوانات . في الجانب الثقافي يتميز الانسان بتعدد الالسن واللغات واختلافالعادات والتقاليد والطقوس والممارسات الاجتماعية الاخرى حتى وصف بأنه حيوان ناطق ونجده يأكل اللحوم والنباتات وغيرها في حين ان بعض الحيوانات كالسباع مثلا لاتأكل الا اللحم فيما يتغذى معظم الطيور على الحبوب فقط وحيوانات اخرى لا تتغذى الا على الحشائش فيما الانسان ومن روحه المتهالكة على الاستحواذ على كل ما تقع عليه عيناه الفارغتان ........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة