الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي يجب على الفلسطينيين أن يحملوه لمؤتمر دمشق ؟

مهند صلاحات

2007 / 11 / 4
القضية الفلسطينية


رغم تأجيل مؤتمر دمشق الذي كان مقرراً كردٍ على ما سيحمله المفاوض الفلسطيني إلى "مؤتمر الخريف في أنابوليس بولاية ماريلاند الأمريكية"، إلا أن هذا لا يعني أن المؤتمر قد تم إلغاؤه، أو تم أي تغييرٍ على مجراه أو خطته الهادفة للرد على مسارات التفاوض الفلسطينية التي تسير تحت غطاء الحل السلمي، وفي حقيقتها تحمل مضامين أخرى مختلفة.
فمنذ وفاة ياسر عرفات الذي بدأت فيما يسمى المفاوضات السلمية مع الصهاينة برعاية أمريكية أوروبية، وآدت أخر عمليات تفاوض سياسية بين الطرفين، ليحل محلها مفاوضات يصح تسميتها بالتجارية أكثر من كونها تحمل مضامين سياسية؛ فياسر عرفات الذي رأت فيه إسرائيل ومن خلفها أمريكا الشريك المراوغ في التفاوض السياسي، وبعد أن حددت شركاء جدد تابعين لها من أمثال محمود عباس وقريع وشعث وياسر عبد ربه وغيرهم؛ والذين تحولوا بعد وفاة أو اغتيال عرفات إلى أصحاب شركات بفعل رؤوس الأموال التي حصدوها من صفقاتهم المشبوهة مع الإسرائيليين ومن الفساد الذي مارسوه منذ عودتهم عبر اتفاق أوسلو للأراضي الفلسطينية. فقررت إسرائيل بعد انتهاء ظاهرة عرفات الضغط بشكل أكبر على الشعب الفلسطيني لصالح معاونيها من الجانب الفلسطيني، ليتقدموا بقوة، وبدون أي معارضة شعبية فلسطينية لعملياتهم التفاوضية، وتحول جذرياً مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية من مفاوضات سياسية إلى تجارية تهدف لتحقيق مصالح ومنافع، وكأنها مفاوضات بين سماسرة وبائعين، وليست كما كانت تجري في البداية -رغم قيامها على مبادئ غير عادلة منذ أوسلو- على مضمون واستحقاقات سياسية.
فما هو المطلوب اليوم من الذاهبين لمؤتمر دمشق ؟؛ سواء ممثلي الفصائل الفلسطينية والنخب في دمشق، أو الذين سيمضون لدمشق، أو من سيتم منعهم مثل بعض الشخصيات في الداخل الفلسطيني الذين سيضطرون للعبور من الأردن لسوريا، والتي تقف بدورها ضد المؤتمر، أو إسرائيل، فتساهم أحدهما أو كلاهما بمنع بعض أو كل الوفود من الوصول لدمشق؟
على هؤلاء جميعاً، التركيز على عدة نقاط أساسية، دون الانجرار لحمل أي خطابٍ سياسيٍ تجاه "مؤتمر الخريف في أنابوليس" والذاهبين له، لأن الكثير من النخب (العربية) ترى أن المفاوض الفلسطيني، وكل السلطة الحكم الذاتي الفلسطينية القائمة اليوم هي دون أي مستوى خطاب سياسي، وستبدو مخاطبتها سياسياً كالنفخ في قربة مثقوبة، أو كجدال الأطرش، لأن الحالة السياسية الفلسطينية المتكرسة في السلطة اليوم هي حالة التجار والسماسرة والفاسدين، بالتالي لا يجوز أن يتعدى خطاب مؤتمر دمشق لهم هذه النقاط التي تتلخص بالأخيرة وهي (مكافحة الفساد، وسوء استخدام السلطة)، ليكون مؤتمر دمشق بمثابة محاكمة لهؤلاء الفاسدين أمام العالم، وأمام العرب بشكل خاص، وفضح ممارساتهم الفاسدة، من سرقات ونهب لأموال تأتِ للشعب الفلسطيني بناء على ضمانات أوروبية وأمريكية وأسيوية، وتنهب بعدة أشكال.
ثانيا:ً مسائلتهم عن الجهل وسوء استخدام السلطة، والتعسف في استخدامها لدرجة تصل أن يتم تقديم قوائم بأسماء ما يمكن تسميتهم مجرمي حروب بحق شعبهم، من أمثال محمد دحلان، وأبو شباك، وغيرهم من رؤساء ما تسمى "أجهزة الحكم الذاتي الأمنية" والتي مارست قمع وتعذيب وقتل في داخل وخارج السجون لمتظاهرين فلسطينيين، ولمقاتلين فلسطينيين، وعلى رأسهم محمود عباس الذي صرح موجهاً تعليمات "مصورة" لأفراد الأجهزة الأمنية قبل أحداث غزة بإطلاق النار، وقتل كل من يحاول أن يطلق النار أو الصواريخ على غزة، أي أنه قرر أن يحكم على المقاومة الفلسطينية بالموت، ولهذا يجب أن يقدم للمحاكمة بتهمة حتى انتهاك القوانين الدولية التي في الأصل تجيز حق الدفاع المشروع عن الأرض والنفس والمال، وكل هذه الحالات توفرت لدى الشعب الفلسطيني وأحزاب المقاومة الفلسطينية التي أراد عباس قتل أفرادها لمجرد كونهم يدافعون عن أرضهم وأموالهم وأنفسهم.
ثالثاً: أن تحمل الوفود العربية سواء السورية المضيفة، أو الوفود المتضامنة القادمة لدمشق، أجندة واضحة تهدف لإعادة الغطاء العربي للقضية الفلسطينية، الذي كشفه أوسلو ومن ساروا به، وتحميل المجتمع الدولي أولاً، والقيادة السياسية لسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية المسؤولية عن كل ما جرى ويجري في الأراضي الفلسطينية، سواء على صعيد الحصار المستمر على المدن منذ سبع سنوات، كما في مدينة نابلس التي لا تزال تخضع حتى هذه اللحظة لحصار دائم وخانق على كل مداخلها، أو بقية المدن الأخرى، وعن الانحياز الدولي الأعمى لإسرائيل، وتغاضي المجتمع الدولي عن الجرائم اليومية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية، واستمرار اعتقال عدد من أعضاء هذه القيادة السياسية دون توجيه اتهامات لهم كما يحدث مع أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني المعتقلين، والذين لم تشفع لهم حصانتهم لا دولياً ولا إسرائيلياً ولا عربياً.
التشديد على ضرورة حق الشعب الفلسطيني في انتخاب قيادة تناسبه، دون قيدٍ أو شرط على إرادة الشعب، كما يحاول محمود عباس فعله، بأن يشترط على المرشحين للمجلس التشريعي القادم الاعتراف بمنظمة التحرير التي لم تعد حتى اللحظة تمثلُ أحداً، باستثناء بعض المنتفعين من غطائها من أمثال عبدربه وغيره.
رابعاً: البحث في أخر التطورات لما يحدث في غزة، والتشديد على ضرورة التضامن العربي والعالمي لما يحدث فيها من حرب تجويع، وقتل يومي، وعقاب جماعي، وانتهاك لكافة القوانين الدولية والإنسانية، وضرورة حلّ الأزمة الفلسطينية الداخلية بغطاء عربي كامل، يضمن عدم عودة المجرمين لغزة، والذين تسببوا بهذا الانفجار الشعبي والاحتقان السياسي فيها، وضمان كافة الحقوق للقوى الوطنية فيها، من حق الدفاع المشروع، وحق تشكيل الأجهزة الأمنية من كافة الأطياف والفصائل الفلسطينية من ضمنها حماس والقوة التنفيذية، والجبهتين الشعبية والديمقراطية وغيرها ممن ترغب من الفصائل.
وغير ذلك، لا يمكن لمؤتمر دمشق أن ينجح، وإلا تحول لمجرد مناكفات سياسية غير مجدية، كأن يتحول لخطاب سياسي تنظيري، على مجموعات ذاهبة إلى "مؤتمر الخريف في أنابوليس"، والتي لا تحمل سوى مشاريعها النفعية الخاصة لتفاوض عليها إسرائيل بمباركة أمريكية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء