الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين تكون الصدفة مؤسسة سياسية

عبد الحميد الصائح

2003 / 11 / 7
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


كل عراقي مهما كان عمله  ودينه وعرقه ومذهبه لابد وان يحدثـك عن صدفة لولاها لهلك ،ولولاها لما انفتحت أمامه نوافذ الأمل وابواب الفرج، صدف في   الحياة  مع الحصول على جواز أو إجازة أو دراسة، صدف مع الانتماء مع السجن مع الخلاص  من التعذيب مع الخلاص من الحرب، الموت السفر الهجرة الزواج الطلاق الهروب من البلد التهريب اللجوء وغيرها الكثير مما لايحصى  حتى يستنتج المرء انه لو الصدف الكثيرة  لهلك هذا الشعب دون شك. ولو لم يكن لهذا الشعب ارث طويل من المودة والتراحم والترابط الأسري والأخلاقي والوفاء  والعمل والقناعة لتحول الى شعب مسخ في ظل الضغوط الداخلية والخارجية التي انهالت   عليه، فالحياة في هذا البلد كانت صدفة، الأمان صدفة،ا لوظيفة صدفة، العلاقات صدفه ، وعليه فان الصدف هي التي سيرت حياتنا وقادتنا الى ما لم نفكر به،  ففي مجتمع  يخضع لسلطة قمعية جبارة كالتي  حكمت العراق، لاتجد فيها من يصغي بهدوء او يحاكم بهدوء او يعاقب برحمة ،يتحول الاستبداد إلى عرف وطريقة ومنهج ، فالكل مستبدون وضحايا في  الوقت نفسه الا الديكتاتور الأعلى. فالوزير ضحية وهو جلاد  موظفيه وموظفوه ضحايا لكنهم جلادو مراجعيهم وكذلك الأب ضحية لكنه جلاد أسرته والرجل ضحية لكنه جلاد امرأته وهكذا يتم توارث الاستبداد ،  الكل يعوض عن ظلم نفسه بظلم الاخر حتى تضيق رئة البلاد ويختنق المجتمع بالأعراف والوصايا والعنف ، اختناقا لاتحل عقدته الا الصدفة والطاريء من العدالة او الغفلة، لامجال لحكمة أو ثقافة طليعية أو حق بالاجتهاد أو التمرد ، لغة السيف والدم هي السائدة ، الكل يطالب بالعدالة والإنصاف والمشاركة السياسية لحين تسلمه  المسؤولية، والكل يطالب باحترام الرأي ويعني رأيه وحده لاراي معارضيه ،  في وقت تقول الحكمة لا اعرف عدلك إلا حين أرى معارضيك ،ولا ألمس رحمتك الا حين أحس بحريتهم  تحت حكمك. الذي يحدث في العراق الان على جميع الصعد ليس سوى نمط من الهستيريا الاجتماعية والسياسية، هستريا لامنهج لها قد تودي بالبلاد إلى التهلكة والتقسيم والعنف طويل الامد،  حيث يضيع   الحق العراقي  مثلما يضيع الان الحق العربي والإسلامي وسط  دورة متصاعدة من الموت   تقلق البشرية، يخشى أن اعتمادنا سيستمر على الصدفة وحدها لانتشالنا منها.
الاسوأ من ذلك  ليس الاعتماد على الصدفة او الطالع لحل الأزمات  ونيل الفرص ،بل هو التأسيس  عليها والانصراف عما سواها من الحلول والجهود والمقترحات والسعي ، بحيث تتحول الصدفة في حياة العراقي الى مؤسسة سياسية واجتماعية لايمكن انتظار نتائج متسلسلة منطقية منها بقدر المراهنة النهائية على فاعليتها في تحديد مصائر شعوب وأنظمة وبلدان لا  الأفراد حسب، وحين تكون الصدفة أو الطالع أو الاتكال على المقسوم مفردات للعمل الإنساني والسياسي وأيضا الثقافي داخل المجتمع لهو دليل على عقم هذا المجتمع ويأسه و جفاف  بصيرته.
هذه المرة لن ينفع  الاتكال على الطالع او انتظار دوران الفلك السياسي الذي حول أمريكا من مصدر رضاعة لصدام الى عزرائيل ،وحول العراق من سوق خاص له ولابنائه الى سوق عام لكل من هب ودب.لان الصدفة  لاتاتي دائما حسب الأهواء والحاجات ، فهي ربتما تكون خيرا من ألف ميعاد  وقد تكون موعدا لقدر لارادة  له ولاشفيع، وعليه فالعقلية العراقية أمام امتحان نهائي لادرجات فيه اما التفوق والخروج من الإنفاق المظلمة التي تحيط به، أو الدخول فيها دخولا لارجعة عنه حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.   








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل