الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المادة 142من الدستور ..عقبة في استقرار العراق ..!!
هادي فريد التكريتي
2007 / 11 / 15دراسات وابحاث قانونية
بعد سقوط النظام العراقي في العام 2003 ، أعادت قوات الإحتلال الأمريكي تشكيل الدولة العراقية ومؤسساتها الرسمية ، على أسس طائفية وعنصرية ، مدركة كل الإدراك الهدف والغاية من وراء هذا التشكيل ، وما سيلعبه مستقبلا هذا النظام ، من ترسيخ نزاع وعدم استقرار ، بين مكونات الشعب العراقي ، و قيام علاقات اجتماعية قلقة وغير مستقرة ، تخدم الأهداف الأمريكية ومصالحها ، ليس في العراق لوحده ، بل وفي عموم المنطقة كلها ،لآماد طويلة .
الإدارة الأمريكية ، لم تدخل العراق بقرار آني وغير مدروس ، نتيجة لما كان يعانيه الشعب العراقي من اضطهاد وقمع، مارستها ضده سلطة فاشية ، فأمريكا هي من أتت بصدام ، وهي تعرف طبيعة النظام وفلسفته ، كما تعرف أن رئيسه " المنصور " الذي اختارته و دربته مخابراتها ، فاشي حتى العظم ، عدو ليس لتطلعات الشعب العراقي ، وكل نسيجه الوطني والقومي ، وإنما لشعوب وحكومات المنطقة ، أمريكا تعرف هذا مسبقا ، كما عرفت مقدار عزلته عن الشعب،بعد أن نفذ لها كل ما أملته عليه من سياسات كانت كلها ليست في صالح العراق وشعبه ، كتوقيع معاهدة الجزائر مع شاه إيران في العام 1975 التي أباحت له قتل وإبادة الشعب الكوردي ، وإعلان الحرب على إيران وغزوه للكويت ، وبعد أن حققت ما رسمت له وخططت ، ما عادت تراه مؤهلا لتنفيذ أهدافها اللاحقة في المنطقة ، لذا أسقطته لتأتي بحكم بديل ، رموزه طائفية وقومية عنصرية ، مستعدة لتنفيذ مهام المرحلة الراهنة والمقبلة مهما كانت أهداففها صعبة التنفيذ ، بعض قوى المعارضة لصدام والمتعاونة مع أمريكا ،حاليا، كانت تدرك عن يقين مدى بطلان صحة دعاوى" الديموقراطية "التي تتبجح بها أمريكا لتوريدها للشعب العراقي ، ولشعوب المنطقة ، فلو صح هذا لما تعاون من يقود الحكم حاليا ، لأنها أحزاب دينية ـ طائفية ، وقوى قومية وعنصرية ، من حيث الفكر والممارسة، ليست ضد الديموقراطية فقط وإنما ضد العلمانية، التي هي أوطأ درجة من المفاهيم الديموقراطية ، ممارسة ومفهوما .. أمريكا لو كانت مخلصة أو صادقة في دعواها: " تخليص العراق وشعبه من نظام حكم دكتاتوري وشوفيني، ولبناء مجتمع ديموقراطي " فعلا ونية ، لما شرعت ، وهي العريقة في الديموقراطية ، للعراق نظام " المحاصصة الطائفية والعنصرية "، فهذا النظام أسوء مما كان عليه الوضع السابق ، فتأسيس نظام على بداية سيئة ، نتائجه اللاحقة لن تكون إلا أسوء من سابقتها ، وهذا ما كان ، وحصل ، منذ أول خطوة خطتها أمريكا في إعادة تأسيس الدولة العراقية ، وهذا ليس خطأ غير مقصود، من باب الاجتهاد ، كما يحاول البعض من كتابنا ومحللينا أن يصورونه ، بل هو أمر مدروس وعن عمد ، فإدارة بوش وقيادات قوات الاحتلال الأمريكية لها خبرات واسعة قد تراكمت عبر عشرات السنين ، وهي تعرف جيدا ، خطورة " العنصرية والطائفية " على الديموقراطية ، بل تتنافى كليا مع أبسط مبادئها .
لذا دولتنا العتيدة ، تتبنى وتمارس الطائفية والعنصرية ، في كل مؤسساتها الرسمية فـ :المجلس النيابي ، ورآسة الجمهورية ، والحكومة ، كل هذه المواقع اختفت عنها المفاهيم الوطنية ،وهي تمارس الطائفية والعنصرية وتجاهر علانية بها ، سواء من كان في منصب الرئيس أو مناصب نواب الرئيس ، وكل أعضاء هذه المؤسسات في هذه المواقع الثلاثة ،تنكر للقسم الذي أقسمه ( إلا قلة كالجاموس الأبيض من بين القطيع ) : لأن يصون مصالح الشعب ويحمي الوطن ، الكل تناسى المفاهيم والقيم التي كان يرددها و يدعيها أمام أنصاره ومريديه ،والكل يتعرى دون أدنى حياء أو خجل من مبادئه، ومن كل ما كان يؤمن به ، ويتناسى مصالح شعبه ، وهموم مواطنيه ، عندما يلتقي رئيس الإدارة الأمريكية ، أو من يمثلها ، ليضمن البقاء في موقعه ، أو ليحتل منصبا يليق به في وقت لاحق ، جزاء ما قدم من خدمات .
أصحاب الحكم الحالي ، يعلمون أن الإدارة الأمريكية لم تقع بحب هذا أو ذاك من المسؤولين العراقيين ، كما لم يكن هدفهم إرجاع حق مغتصب من هذه الطائفة أو تلك القومية ولم يكن قدومها للعراق واحتلاله من أجل ضمان استمرار هذه الطائفة أو تلك في الحكم ، كما ليس من أجل رخاء ورفاه الشعب العراقي ، تقدمه وازدهاره ، وليس من اجل بناء الديموقراطية ، كما قالوا . ما يهمها حاليا ، استثمارنتائج غزوهم للعراق ولتنفيذ المهام التي استقدمت جيوشها وقواتها من أجلها ، في العراق ، والمنطقة، وللمحافظة على ما تحقق لها من مواقع فعلا ، وما سيتحقق لها مستقبلا ، و الإدارة تدرك أن ديمومة بقاء مصالحها مرتبط بديمومة " شرعية" بقاء قواتها العسكرية والأمنية ، وفق اتفاقات ومعاهدات عاجلة،تستعجل السلطة العراقية على إبرامها وتوثيقها ، آخذة بالاعتبار مصالحها أولا وأخيرا ، وهذا ما تحدث به صراحة وعلانية الرئيس بوش مع رئيس الوزراء نوري المالكي ، عندما التقاه في نيويورك في منتصف شهر أكتوبر على هامش الذكرى السنوية لتأسيس الأمم المتحدة ، حيث اقترح عليه " عقد اتفاقية أمنية استراتيجية ، طويلة الأمد بين العراق والولايات المتحدة على غرار الاتفاقيات التي عقدتها الولايات المتحدة مع دول الخليج ، وبالذات الاتفاقية الأمنية الطويلة الأمد مع المملكة السعودية " ، لأن هذه الاتفاقية وفق تصور بوش " ستكون ملزمة للرئيس حاليا ، ولرئيس الولايات المتحدة القادم ، كما أنها تزيل القلق السعودي والخليجي الناجم من عدم توقيع العراق لمثل هذه الاتفاقية الأمنية .." ليس هذا فقط ما طلبه بوش من المالكي ، إنما طالبه " سرعة المصادقة على قانون النفط والغاز " وهذا بعض أهداف عاجلةا جاءت قواته من أجلها للعراق " وإنجاز ملفات المصالحة الوطنية ، وحكومة الوحدة الوطنية ، واجتثاث البعث , واستكمال الخطوات التي تتعلق بقضية كركوك وتعديل الدستور " والمطلب الأخير هو ما يضفي الشرعية على كل ما سيتحقق من أهداف ، المالكي كان يصغي بانتباه للرئيس بوش ، فمطالبه أوامر ، ما عدا إبداء مخاوفه من تسليح عشائر الدليم التي يفهم مغزاها جيدا ، فربما يؤدي هذا إلى ضياع ما تحقق ، حتى الآن ، للطوائف ولجيرانهم من مكاسب ، ـ وهي مخاوف مشروعة وفي محلها ـ إلا أن الأمريكان ، علمتهم تجاربهم عدم وضع البيض في سلة واحدة غير مضمونة البقاء ، ولهذا شرعت قوات التحالف ، تسليح عشائر غرب العراق ، الموالية لهم ، والتي وثق الرئيس بوش علاقاته الشخصية معهم ، وأمدهم بالمهم وبكل ما يحتاجونه ، دون استشارة الحكومة ، بل قد زارهم شيوخا وأفردا ، في دورهم ومنازلهم ، سرا وعلانية ، أكثر من مرة ، دون علم أو استئذان من سلطة دولة ، تطلب من الغير احترامها ،كما تدعي الاستقلال والسيادة على الأرض العراقية ..
إدارة الرئيس بوش تدرك جيدا أن كل ما جاءت من أجله في العراق ، ربما ، يذهب هباء منثورا ، إن لم تعالج حكومة المالكي ، ومؤسسات السلطة الأخرى ، الملفات التي لم يبت فيها حتى الآن، خصوصا تلك المساعدة على استقرار الوضع العراقي بشكل عام ، وهي كثيرة ، أهمها على الإطلاق مسألة تعديل الدستور وفق المادة 142 ، هذه المادة شرعت بالأساس ، لتلافي عدم اتفاق القوى المشاركة في مجلس النواب على نصوص بعض مواد الدستور قبل إقراره، وبما أن الوقت ـ آنذاك ـ قد استنفذ وقته ومداه في مجال المناقشة ، وخشية الرجوع إلى نقطة البداية ، وهي في غير صالح حكم"المحاصصة" شرعت هذه المادة ،لتلافي هذا الواقع، وهي ملزمة التنفيذ بعد المصادقة عليه ، إلا إن المالكي و الائتلاف الحاكم لا زال يتهرب من فتح هذا الملف ، لأن التعديل سيشمل موادا يعتبرها الحكم حقوقا وأحكاما مقدسة..لايجوز المساس بها ...و إدارة بوش وخبراء القانون، في البيت الأبيض ، يدركون:إن كل اتفاق أو معاهدة تبرم مع العراق ، تعتبر غير شرعية أو غير دستورية، قبل التعديل ، وعدم التعديل يعطي المعارضة العراقية ، في المجلس النيابي وخارجه ، حق الطعن في شرعية كل القوانين والمعاهدات التي تقدم على إبرامها السلطة .. الدستور العراقي غير مكتمل وينتظر البدء بتنفيذ المادة 142 ، وكل حديث عن استقرار العراق سابق لأوانه قبل التعديل ...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. العدل الدولية تأمر إسرائيل بوقف المجاعة في غزة مع سقوط المزي
.. مواجهة صعبة بين نتنياهو ووزيري الحرب غانتس وآيزنكوت بسبب صفق
.. محكمة العدل الدولية: المجاعة ظهرت بالفعل في غزة
.. الأمم المتحدة: طفل من كل 3 يعاني من سوء تغذية حاد في شمال قط
.. مسلسل مليحة الحلقة 3.. قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين بداي