الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
القضايا الدولية والأزياء السياسية
عبد الحميد الصائح
2003 / 11 / 12اخر الاخبار, المقالات والبيانات
تبدو العلاقات الدولية والتصرفات السياسية لنا نحن العامة مثل الأزياء تتغير بتغير الظروف وتغير الازمان، فقد تعودنا نحن البسطاء على ان هنالك مفاهيم لاتتغير في حجمها او طبيعتها،فلايوجد مثلا وقت مناسب للكرم ووقت غير مناسب، لذلك ترى الكريم كريما ملكت يده ام لم تملك، ولاتجد موقفا يستحق الجبن وآخر يستحق الشجاعة ،ولاتجد صدقا كبيرا وصدقا صغيرا فالصدق صدق ، ولاتجد باطلا في الصباح يتحول الى حق عند المساء ، لكنك تجد الفرق بسهولة بين دموع الفرح ودموع الحزن، بين الهروب من العذاب والهروب للسياحة، بين النضال من اجل الناس والمباديء وبين النضال من اجل الجيوب والمناصب، لاتغير إذن في الثابت والمتحول من المفاهيم والقيم الإنسانية المتعارف عليها، غير ان السياسة لاتعرف ذلك البتة ، فعدو الامس صديق اليوم وصديق اليوم ارهابي الغد وهكذا، غير ان من اللافت في هذا السياق هو التغير الحاصل في الاستجابة للأحداث والأفعال والرأي العام ، فالذي نعرفه ان الرأي العام في البلدان الغربية عادة ما يؤثر على القرارات السياسية، ولذلك تنشط مؤسسات المجتمع المدني بهذا الاتجاه ،ونلحظ ان سلامة امن المواطن غالية عندهم ، والحفاظ على ارواح الناس لديهم لا يعادله الا الحفاظ على كرسي الحكم في اولويات القادة الميامين العرب حفظهم الله جملة وتفصيلا. فكان اذا خرجت مظاهرات في لندن او واشنطن ارتبكت الحكومات وغيرت اتجاهها واذا ما انفجر برميل نفط في سفارة ، اوقفت الدولة العمل في سفارتها وبحثت اسباب ذلك والكيفية التي تضمن تجاوزه وعدم وقوعه ثانية. واذا دخلت الحكومة حربا فاشلة استقالت برمتها،واعتذرت لشعبها،لكن ذلك اختلف كثيرا الآن بل تناقض مع ماكان عليه الامر تناقضا، فاذا احرق شخص نفسه اعتراضا على اجراء ، اصرت الحكومة على هذا الاجراء، واذا تظاهرت الجموع الغفيرة ضد الحرب اصرت الحكومة على شنها،واذا فجرت سفارة او اعتدي على المدنيين بهدف الابتزاز السياسي او لايضاح قضية ما، استخف السياسيون بذلك واصروا على الاسباب التي ادت اليه، بحيث وصل الامر الى ان العمليات الاستشهادية التي يقوم بها فدائيون لاثبات حقوقهم ، تعود عليهم بالعناد والاصرار والمزيد من الاحتلال وسفك الدماء، حتى تحول تفجير الجسد الغالي العزيز و"الجود بالنفس اسمى غاية الجود"ِ الى سلاح عاطل مثله مثل "المكوار" الذي اخاف الانكليز ايام الاحتلال وشردهم من العراق. فما الذي يعنيه هذا التغير ومالذي ينشده ، هل يعني ان تستكين الشعوب تماما لما يطلب منها وتعتمد على العدالة السماوية فقط دون تدخل ، ام يعني افساح المجال اكثر للعمل السياسي والدبلوماسي من اجل حل القضايا المستعصية العالقة. هل بدأت مرحلة العنف بالتصاعد حتى انهاء الحياة برمتهاعلى وجه الارض، تدمير البلدان مع كل تفجير ، والزحف على الشرق والغرب مع كل عملية انتحارية، يقابلها اصرار من الميلشيات والتجمعات تحت أسماء وذرائع وعقائد وتفسيرات لاحصر لها ،على قتل الناس الابرياء الذي يدفعون تبعات حماقة جميع الاطراف. وكأن هذه المجموعات المرعبة تعمل لصالح اعداء الشعوب كلما احرجت وجفّت موارد تبريراتهم خرج هؤلاء بمجزرة تعيد لهم ماء الوجه ولغة الدوافع التي تبقي سيوفهم على رقاب سكان الارض اينما حلوا.
هكذا إذن تغير السياسة أزياءها في الوقت الذي نصر فيه على التعامل معها عارية باسلحة قديمة، نحاول تجويعها وحصارها وتشريدها فنكتشف اننا دون قصد نضخ لها الحياة ونغذيها.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الحملة الانتخابية لبايدن تجمع أموال أكثر من حملة ترامب |#امي
.. 33 قتيلا من المدنيين والعسكريين بينهم 5 من عناصر حزب الله ال
.. فيديوهات متداولة على منصات فلسطينية لاقتحام منطقة جبل النصر
.. حرب غزة.. محادثات مبكرة لتمويل مهمة قوات حفظ سلام في القطاع
.. هل فقدت الشهادة الجامعية أهميتها؟ |#رمضان_اليوم