الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي..! / القسم الثاني والأخير

هادي فريد التكريتي

2007 / 11 / 22
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


ثلاثة عناوين متفرقة في البلاغ خصصت ل " التوجهات الأمريكية والموقف منها ، رفض قرار بايدن ، والوجود العسكري الأمريكي " لا تضيف هذه الفقرات جديدا إلى موقف الحزب الشيوعي العراقي ، من التواجد الأمريكي الحالي في العراق، فموقفه مناهض منذ تأسيسه ، لسياسات الدول الاستعمارية ، ومعارضا لتدخلها في شؤون الغير ، كان وحتى اللحظة ، على الرغم من محاولات تشكيك المتياسرين ، بموقفه المعلن والمعارض ، لشعار الحرب على العراق ، وكذا معارضته لإسقاط النظام ، عن هذه الطريق ، فموقفه من الحرب ومن النظام الدكتاتوري ، من قبل أن تدخل القوات الأمريكية الأرض العراقية ، معروف للقاصي والداني ، " لا للحرب على العراق ، لا لسقوط النظام بيد القوات الأجنبية ." معتبرا سقوط النظام شأنا داخليا ، ومهمة الشعب العراقي ، لا شأن للدول الخارجية فيه ، فدخول القوات الأمريكية والأجنبية إلى العراق ، كان نتيجة لقرار أمريكي صرف ،التقت عليها المصالح ، المصلحة الأمريكية ، ومصلحة بعض القوى السياسية ، قومية ـ عنصرية وإسلامية ـ طائفية ، اتفقت وتعاونت معا على إسقاط النظام ، عن طريق الحرب . الحزب الشيوعي العراقي ، ليس من بين هذه القوى ، المؤيدة للحرب على العراق ، بل معارضا لها ، لذا استبعدته ـ أمريكا ـ من كل نشاط سياسي كانت لها يد في إدارته ..
لجنة العمل المشترك (*)عقدت آخر اجتماع لها في دمشق بمقر حزب البعث ، قيادة قطر العراق ، المناهض للنظام الصدامي ، حضرت هذا الاجتماع أغلب قيادات هذه اللجنة ، كما حضره السيد مسعود البرزاني ، القادم ،لتوه ، من الولايات المتحدة ، حيث أبلغ ، السيد مسعود ، ممثلي أحزاب لجنة العمل المشترك ،المجتمعين ، قائلا : " أن أمريكا قررت دعمها لعقد مؤتمر في( صلاح الدين ) ، دون موافقتها على حضور حزبين من المعارضة العراقية لهذا المؤتمر.." كان واحدا من الحزبين المحجوبة عنه نَِعمْ أمريكا ،هو: الحزب الشيوعي العراقي .
الحزب الشيوعي العراقي ، قد رفض الاحتلال ، فبديهي أن يرفض كل نتائجه ، خصوصا تلك التي يراد منها تقسيم العراق ، فـمجلس الشيوخ الأمريكي، بأغلبيته الديموقراطية ، تبنى مشروع ، بايدن ، سيئ الصيت ، وأصدر قراره بتقسيم العراق إلى ثلاث كانتونات قومية ـ عنصرية وطائفيه ، متقاتلة ومتخاصمة ، دون قدرة على حماية نفسها ، ودون إمكانية على اتخاذ قرار وطني و مستقل ، رفض هذا القرار ويناضل ضده ، ليس الحزب الشيوعي العراقي لوحده ، بل الكثير من القوى السياسية الوطنية ، بغض النظر عن انتمائها الوطني والقومي والديني والطائفي .
قرار "بايدن " الأمريكي ، كان في حقيقته بديلا للحل الوطني والديموقراطي، الخاص بالقضية القومية في العراق ، الذي أطلقه الحزب الشيوعي ، حيث أورد البلاغ عن هذا القرار"رفض الحزب هذا القرار الخاطئ في قراءته ومعالجته ، وفي الوقت ذاته أكد الموقف الذي تبناه الحزب منذ أوائل تسعينات القرن الماضي ، ارتباطا بالتطورات في إقليم كردستان العراق غداة انتاضة آذار 1991 والذي يرى في النظام الاتحادي ( الفيدرالي )الحل الديموقراطي للقضية الكردية في ظروف العراق الملموسة .وفي الوقت نفسه أيد الاجتماع من حيث المبدأ ، إقامة نظام اتحادي في العراق .." فالحلول العراقية الوطنية ، المنطلقة من واقع وحاجة العراق إليها ، هي من يجب أن تتوجه لها كل القوى الوطنية والديموقراطية ، وليس ما تخطط له الدوائر الأمريكية والأجنبية ، فليس سوى قصيري النظر ، من يعتقد أن الدول الأمبريالية ( دول العولمة ) هي مخلصة في ما تقدمه من حلول للمشاكل العراقية ، سواء أكانت هذه الحلول لقضية قومية كانت أم أثنية ، أو لقضايانا الأخرى من مشاكلنا الاقتصادية والأمنية ، فعلى قادتنا ورجال حكمنا ، من السياسيين والمنظرين ، قراءة التاريخ العراقي واستيعابه جيدا، للاتعاظ بدروسه ومعطياته ، فالاحتلال ليس دائم الوجود ،وهو غير قادر على حماية ودعم القوى التي لا يعنيها من العراق سوى تقسيمه وتجزئته ،كما أن العراقي الوطني لن يبقى ، أبدا ، منقطعا عن تاريخه أو ماضيه، ومسلوب الإرادة، تتقاذفه أمواج الطائفية الكريهة ، ورياح القوميةـ العنصرية البغيضة .الشعب العراقي، كما يقول المثل، ـ معروف ومجرب ـ لن يبقى صابرا ، على ضيم يحيق به ، ولا على ذل يسحقه، ولن يستسلم لإرهاب المليشيات الطائفية والقومية العنصرية ، المدعومة بالمال والسلاح ، من دول ومنظمات أجنبية ، معادية للعراق وشعبه ، تخشى قوت بأسه ، وعمق وعيه ، فلا بد من صحوة ، وهي بلا شك قادمة ..

السؤال الملح ، للحزب الشيوعي العراقي ، ما هي إمكانيات القوى الوطنية وطاقاتها الموظفة في الظرف الراهن على الساحة العراقية لـ " السير بها قدما على طريق بناء العراق الجديد ، الديموقراطي والفدرالي الآمن وكامل السيادة " ومن هم الحلفاء المعتمدون والداعمون لمثل هذا البناء ، ومن سيعضد " رفض أي وجود عسكري أجنبي دائم على أرض بلادنا .." وكل حكم " المحاصصة " وقادته طاروا رعبا من مقترح " سحب القوات الأمريكية " ، وتناوبوا حط الرحال، أسرابا ووحدانا ، في ساحة البيت الأبيض ، لا فرق بين طائفي أو قومي عنصري ، كلهم ، حتى الذين كانوا يطالبون زورا برحيل القوات الأجنبية ، سجدوا متضرعين إدارته ، بالعدول عن مثل هذه المقترحات ..

أشار البلاغ إلى قضايا كثيرة، تهم المواطن ، في كل مجال حياته ، وكثيرة هي المشاكل والقضايا التي طرحها ، كلها من اختصاصات الحكومة ، والحكومة عاجزة عن الحلول الشافية والناجزة ، نتيجة لعدم النزاهة و فساد أجهزتها المتنفذة ، وبعض ما أورده البلاغ يتعلق بتشريع القوانين ، المطروحة أمام مجلس النواب ، برسم المناقشة والإبرام ، وهي قوانين تمس حرية العراق وسيادته، استقلاله ووحدته ،كما هي بنفس الوقت ثروات واقتصاد البلد برمته ، أشار لها البلاغ ك " قانون النفط والغاز والموارد المالية .." ومشاكل أخرى تنتظر صدور قرارات توافقية ك "قضية كركوك " فالتسويف ، وعدم الجدية في المعالجة والبت فيها ، من قبل ذوي الشان ، تؤدي إلى احتقانات قومية وطائفية وسياسية ، و العراق ليس خالي الوفاض منها ، فالأمر الحكيم يقتضي تجنب العنف أو تصعيده ، كما المصلحة العامة ضرورة حل الجدل الحاصل حول حقوق " صلاحيات الإقليم في توقيع عقود التنقيب والإنتاج ، وحول ، اعتماد عقود المشاركة .." العراق كله بحاجة لموارد مادية ترفد خزينته، ليس لنهب المسؤولين وانتفاخ كروشهم ، بل لبناء البلد المنكوب بهم ، ولإعادة بناء مشاريع التنمية والبنى التحتية المخربة ، في كل أنحاء العراق ، فكل ما ذكره البلاغ عن " المعاناة المعيشية والحياتية ومشاريع اقتصادية حكومية ، وغيرها من العناوين ، تحتاج لمعالجات آنية وجذرية من الحكومة ومجلس النواب ، وكلاهما بالوضع الحالي ، غير قادرين على الالتئام وجمع الشمل ، وذلك للخلافات المستعصية بين القوى والفصائل اللذان يتشكلان منهما ، دون شعور بمسؤولية ضمير أو شرف ، تجاه الوطن والمواطن الذي أنتخبهم ، وهذه من أعقد المشاكل التي تواجه الدولة بكل مؤسساتها ، فلا بد من حل ، حتى وإن كان اللجوء للعمليات القيصرية ، وإن كانت خطرة ، وعلى الحزب مسؤولية لأن يدفع بهذا الاتجاه ..
القضايا التي أشار إليها البلاغ أو لامسها ،كلها هامة وضروري حلها ، إضافة لمشاكل أخرى لم يتطرق لها ، كقضية السجون والموقوفين ، وهي من المشاكل التي تحتاج إلى حلول عاجلة ومعالجات جذرية ، وبالتأكيد أنها مسؤولية الدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها ، كما هي من مسؤولية منظمات المجتمع المدني ، بقدر ما يتعلق الأمر باختصاصات هذه المنظمات ، والحزب الشيوعي تقع على كاهله مسؤولية أكبر ، حسبما أعتقد ، على الرغم من أنه أصغر الأحزاب تواجدا، سواء أكان في المجلس النيابي ، أم في السلطة ، إلا أنه في كل المقاييس ، هو مشارك في الحكم ويتحمل المسؤولية ، أمام شعبه ،والمواطنيين من حزبه ، كما يتحملها أي حزب آخر، إن لم يكن أكثر، لاعتبارات كثيرة ، فالتعثر في حلول الدولة ومؤسساتها ،والإمعان في عرقلة الحلول ، تتطلب من الحزب ، وهو عين من العيون الوطنية ، في مجلس النواب والسلطة ، أن يعلي من صوته في تشخيص الخلل ومكمنه، والدعوة لعلاجه ، وبدون هذا تتلاشى مصداقيته ، حيث هوـ الحزب ـ في ظرفنا موضع اختبار وتجربة لدعواه في الدفاع عن العراق وشعبه ، عن حريته ومعاشه وأمنه ، ضد كل من يعمل على إدامة خوفه وسرقة قوته ..
الحزب الشيوعي العراقي ، يتمثل في المجلس النيابي بعدد متواضع من رفاقه ،العراقيين ، والكوردستانيين العراقيين ، وهؤلاء يمثلون كتلة الحزب الشيوعي في البرلمان ، كان بودي لو حصلت إشارة لنشاط هذه الكتلة ودورها في هذه المؤسسة المهمة ، فالحقيقة لا تبتعد عني إذا قلت ، أن كل القوى السياسية الوطنية والطائفية والقومية ، تعطي كتلة الحزب دورا كبيرا ومهما ، في نشاطها بهذه المؤسسة التشريعية ، يفوق العدد الذي تتكون منه هذه الكتلة ، لما يملك الحزب من تراث ومصداقية وطنية ، وما لديه من مؤهلات تاريخية وثقافية ومعرفية ، مدعومة بفكر تقدمي ، يمثل شغيلة اليد والفكر ، إلا أن ما نلمسه يكاد يكون متواضعا جدا ، إن لم يكن باهتا ، أو معدوما ، فهل هذا ضريبة المشاركة في السلطة ، أم أن كل شيء داخل هذه المؤسسة على ما يرام ..؟ الحزب الشيوعي العراقي مطالب برفع صوته ليس بين جماهير الشعب ، بل في مجلس النواب أيضا ، حيث حيتان القرش والضواري تحكم البحر والبر في العراق ، آملين أن يبرر الحزب الشيوعي ثقة ناخبيه، على أقل تقدير ، مع تمنياتنا لأن يكون أكثر شفافية ، في المرات القادمة، مع الشعب للإطلاع على قراراته المتخذة ، وأن تنضج ، لتكتمل صورة الديموقراطية بها ، فالعلانية والديموقراطية والشفافية ، من أكثر الأساليب فاعلية للمراقبة الجادة في تطوير العمل ، و لتحقيق أمن واستقرار البلد، وسعادة الشعب العراقي.. مع خالص التمنيات للجهود المبذولة والهادفة..!

21تشرين ثاني ‏2007‏‏-‏11‏‏-‏21‏

___________________________________________________
(*) لجنة العمل المشترك ، هي تجمع سياسي لقوى المعارضة العراقية ، ضد نظام صدام المقبور ، تشكلت من مختلف الفصائل الوطنية و القومية والإسلامية:عربية وكردية وكلدوـ آشورية واسلاميةـ طائفية ، وقوى ديموقراطية وشيوعية ، عقدت مؤتمرا للمعارضة العراقية في بيوت ،عشية الانتفاضة، في الأول من آذار من 1991 )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقيف مساعد نائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصال


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تهز عددا متزايدا من الجامعات




.. مسلحون يستهدفون قواعد أميركية من داخل العراق وبغداد تصفهم با


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين -للقيام بمهام دفا




.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال