الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا عند مفترق طرق الديمقراطية، القوة وأرث المحافظين الجدد

هاشم نعمة

2007 / 12 / 12
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


صدر باللغة الانكليزية في عام 2006 كتاب بعنوان " أمريكا عند مفترق طرق ... الديمقراطية، القوة وأرث المحافظين الجدد" للكاتب المعروف فرانسيس فوكوياما ويتألف من 227 صفحة من القطع المتوسط. الناشر جامعة يال ونيوهافن ولندن. علما أن المؤلف صاحب كتاب "نهاية التاريخ" الذائع الصيت.


ينقسم الكتاب إلى سبعة أقسام غطت العناوين الرئيسية: المبادئ والتعقل، تركة أو أرث المحافظين الجدد، التهديد، الخطر والحرب الوقائية، التفرد الأمريكي والشرعية الدولية، الهندسة الاجتماعية والتنمية، إعادة التفكير المؤسساتي بنظام عالمي ونوع مختلف من السياسة الخارجية الأمريكية.

يتناول الكتاب موضوع السياسة الخارجية الأمريكية منذ هجمات القاعدة في 11 أيلول (سبتمبر) 2001. وينتقد الكاتب احتلال العراق ويضع نفسه على طرفي نقيض مع أصدقائه من المحافظين الجدد سواء داخل أو خارج إدارة بوش. ويشرح كيف أن إدارة بوش في قرارها غزو العراق أخفقت في إدارة السياسة الخارجية الأمريكية. أولاً لأن الإدارة أخطأت في الحرب الوقائية التي تشكل الركيزة الرئيسية لسياستها الخارجية. إضافة لذلك أساءت التقدير بصورة سيئة لرد الفعل العالمي لممارستها " الهيمنة المُحسنة" وأخيراً فشلت في توقع الصعوبات المرافقة لعملية الهندسة الاجتماعية ذات الحجم الكبير. إجمالا أساءت تقدير الصعوبات المرافقة لتأسيس حكومة ديمقراطية ناجحة في العراق.

لم يكن غزو العراق استجابة واضحة لأحداث 11 (أيلول) سبتمبر. وقد توقعت إدارة بوش حرباً قصيرة الأجل وتحولاً سريعا ونسبياً غير مؤلم لعراق ما بعد صدام حسين. وأولت اهتماماً قليلا لمتطلبات إعادة البناء لفترة ما بعد انتهاء الحرب وتفاجأت عندما وجدت نفسها تقاتل التمرد لفترة طويلة.

لقد اقترح منظرو الفكر المحافظ الجديد في السنوات التي كانوا فيها خارج السلطة قبل انتخابات عام 2000 أجندة السياسة الخارجية الأمريكية التي تتضمن تغيير الأنظمة والهيمنة المُحسنة والتفرد الأمريكي لتكون علامة فارقة في السياسة الخارجية لإدارة بوش. وقال الكثير من المحافظين الجدد خلال أواخر التسعينات بأنه يجب على الولايات المتحدة أن تستخدم تفوقها العسكري لفرض "الهيمنة المُحسنة" على أجزاء إستراتيجية مهمة من العالم. والكثير منهم كانوا يؤيدون الحرب بقوة ودافعوا عن تحويل التركيز من منظمة القاعدة إلى العراق.

وقد فشلت إدارة بوش في توقع متطلبات السلم وإعادة أعمار العراق وكانت متفائلة بشكل مفرط في تقديرها لسهولة الهندسة الاجتماعية بنطاق كبير وإمكانية إتمامها ليس في العراق فحسب وإنما في الشرق الأوسط ككل.


وقد كشفت حرب العراق حدود الهيمنة المُحسنة في الولايات المتحدة. لكن أيضا كشفت محدودية وجود المؤسسات الدولية خصوصا الأمم المتحدة التي كانت قد فضلت من قبل الأوروبيين كإطار ملائم للشرعية الدولية. ولم تكن الأمم المتحدة قادرة على المصادقة على قرار الولايات المتحدة للذهاب إلى الحرب أو وقف واشنطن من عمل ما تريد. ومن كلا الوجهتين يعد هذا فشل لهذه المنظمة.

العالم اليوم لا يمتلك مؤسسات عالمية كافية قادرة على منح الشرعية للعمل الجماعي و سيخلق نشاء مؤسسات جديدة توازن جيد لمتطلبات الشرعية والفعالية وهذا سوف يكون المهمة الأولى للجيل القادم. ونتيجة أكثر من مائتي سنة من التطور السياسي أصبحنا نسبيا نمتلك فهماً جيداً حول كيفية إنشاء المؤسسات التي هي قواعد ملزمة ومسؤولة وفعالة بشكل معقول. وإلى الآن ليس لدينا مؤسسات كافية للمساءلة الأفقية بين الدول.

الحاجة إلى المساءلة الأفقية أصبحت على وجه الخصوص حاسمة لسببين. الأول العولمة التي تعني بأن المجتمعات تتداخل بشكل متزايد اقتصاديا وثقافيا حيث التغير في التكنولوجيا أو الاستثمار على بعد آلاف الكيلومترات يمكن أن يؤدي إلى فقدان العمل وتأثيرات ثقافية جديدة أو أضرار بيئية في بلد الأصل. السبب الثاني حقيقة وزن الولايات المتحدة على المستوى الدولي الذي خلق عدم توازن ملازم: حيث تستطيع الولايات المتحدة أن تؤثر في دول كثيرة في العالم دون أن تتمكن هذه الدول من ممارسة درجة من التأثير المماثل في الولايات المتحدة. وهذا الأمر يبدو أكثر وضوح في عالم القوة العسكرية إذ تستطيع الولايات المتحدة تغيير نظام يبعد عنها 8,000 ميل.

يكشف المؤلف الجدل الدائر بخصوص نقد إدارة بوش التي نفذت أجندة المحافظين الجدد التي فرضت على السياسة الخارجية الأمريكية خلال الفترة الأولى للرئاسة. وفي رأيه يوفر هذا تاريخاً رائعاً من تباين مواقف الفكر المحافظ الجديد منذ ثلاثينات القرن الماضي. ويقول أن تركة أو أرث المحافظين الجدد مسألة معقدة يمكن أن تفسر بشكل مختلف تماما عما كانت عليه بعد انتهاء الحرب الباردة. ويحلل سوء تقديرات إدارة بوش استجابة لتحدي ما بعد 11 (أيلول) سبتمبر، ويقترح نهجا جديدا للسياسة الخارجية الأمريكية من خلال الاستفادة من هذه الأخطاء التي قد تتحول إلى جوانب ايجابية للتراث المحافظ الجديد بالارتباط مع نظرة أكثر واقعية حول الطريقة التي يمكن أن تستخدم فيها الولايات المتحدة القوة في أنحاء العالم.

يبدو من المشكوك فيه جداً بأن التاريخ سوف يحكم على حرب العراق بلطف حيث خلقت إدارة بوش بغزو العراق نبوءة ذاتية التحقق تتمثل في أن العراق الآن حل محل أفغانستان كقاعدة جذب وتدريب والقيام بالعمليات من قبل المنظمات الإرهابية مع تعرض الكثير من الأهداف الأمريكية للهجوم. العلاقة الضعيفة بين الإرهابي الأردني أبو مصعب الزرقاوي والبعثيين في العراق ما قبل الحرب نمت باتجاه تحالف كبير كامل يغذيه الاستياء المتبادل من الاحتلال الأمريكي. الولايات المتحدة لا تزال تملك فرصة لبناء عراق ديمقراطي يهيمن عليه الشيعة لكن الحكومة الجديدة سوف تكون ضعيفة جداً لسنوات قادمة وتعتمد بدرجة كبيرة على الدعم العسكري الأمريكي. وحتى إذا تمكنت الولايات المتحدة في الأخير من الانسحاب وتركت ورائها ديمقراطية مستقرة فأن التكاليف ستكون ضخمة: أولاً في سنتين بعد الاحتلال أنفقت الولايات المتحدة مائتي مليار دولار مع خسائر بشرية ربما وصلت إلى 15000 قتيل وجريح. وثانياً من الجانب العراقي يصل عدد القتلى بسبب الاحتلال والتمرد إلى عشرات الآلاف؛ رغم أنه لم تعد تجاوزات صدام حسين قائمة لكن هذه الإصابات في بلد كنا نسعى لمساعدته تمثل خسارة بشرية فادحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي