الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار المتمدن – من ادوات بناء الديمقراطية وصيانتها

سامي بهنام المالح

2007 / 12 / 12
ملف مفتوح : نحو مشاركة واسعة في تقييم وتقويم النشاط الفكري والإعلامي للحوار المتمدن في الذكرى السادسة لتأسيسه 9-12-2007


اغلب مجتمعاتنا الشرقبة منكوبة بسيادة الفكرالشمولي، بكل تجلياته، الدينية والقومية والطائفية والايديولوجية والسياسية والثقافية. وهي تختنق، او تكاد، من الانغلاق على الذات، ومن تعطيل البحث على كل المستويات، وغياب الرغبة في تجاوزالواقع والنظرنحو الافاق، ومن شحة في حب الاستطلاع وتوسيع المدارك والمعارف، وادمان رهيب على اعتبارالماضي والمعتقدات الموروثة راسمال متميزومجموعة من الحقائق المطلقة.
على هذه الحقيقة المرة تترتب نتائج كارثية، امراض وعاهات خطرة، تجذرت مع الزمن كظواهرتشوه وتؤطرعملية التفكيرالمنطقي والعلمي السليم، واخرى تعرقل عملية تلمس وصياغة الحلول العملية والمعالجات لتحديات الحياة وادارة المجتمع وتطورالانسان الفرد، وظواهرتشل جمع قدرات الناس ونتائج عملها وعطائها وابداعاتها الجماعية في خدمة توفيرالمستلزمات المادية والروحية لحياة مشتركة كريمة هادئة طبيعية امنة مستقرة دافئة وجميلة.
من المعلوم ان بعض هذه الظواهر، مع تاثيراتها التاريخية، قد باتت جزءا من بنيان وجود مجتمعاتنا. فهي، تطبع نمط تفكيراغلب الناس وتحدد افاقه ومداه، وهي جزء من نسيج الثقافة العامة ومن العادات والتقاليد والعلاقات الاجتماعية، كما انها تتحكم بسلوك الجماعات والافراد، وبعملية اختيارالاساليب والطرق لتحدبد العلاقات والتعبيرعن المصالح والتفاعل ومعالجة المشاكل والتعقيدات والتناقضات والصراعات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

التعصب، بكل اشكاله، هو نتاج الفكرالشمولي وثمرة الايمان المنغلق بالحقائق المطلقة. التعصب يؤدي، شئنا ام ابينا، الى وحدانية الرؤية، الى عدم قبول الاخر، الى استخدام كل الوسائلل للقضاء على الاخر. الى احتكار الحقيقة، وبالتالي الى التخشب والتقوقع والعدوانية والعنف والتسلط. وفي حالة التمسك بالسلطة وادواتها يؤدي الى الدكتاتورية والفاشية.

الحوارهو نقيض التعصب. اداة لكشف جوهره، ووسيلة لتحديد وانهاء تاثيره. الحوار هو اسلوب للتفاعل الايجابي مع الاخر، محاولة مجدية للتقرب من الحقيقة، هو ممارسة وجهد لتوسيع الافاق وتغيير زوايا النظرللاشياء والظواهر. هو عملية جريئة تهدف الى الغوص في عمق القضايا ودراسة وتحليل الموضوعات وصولا الى اتحاذ الموقف الانتقادي وتحديد وتطويرالمفاهيم.
فالحواريعني الاقرار بالتعددية، والاستعداد للاصغاء وللمشاركة والعيش والتفاعل المشترك، وهو لذلك من اهم ادوات بناء الديمقراطية وصيانتها وتطويرها.

الحوار بالنسبة لمجتمعاتنا هو بمثابة الاوكسجين في غرفة العناية المركزة. فهي غارقة في التخلف والجهل والامية المستشرية والفقر والحرمان والقيم البالية، وهي تعاني من هجمة الفكرالشمولي الظلامي وتصاعد وتائراستخدام العنف لتحطيم العقل ومسخ الوعي، ولاجبار السواد الاعظم لقبول حياة بائسة مظلمة غير انسانية على الارض بأنتظار نعم السماء.

ينبغي على كل قوى التغيير، التي تهدف الى انقاذ مجتمعاتنا ودفع عملية اعادة بنائها وتطويرها، ان تضع الحوار – الدعوة للممارسته و نشر ثقافته وتعلم فن ممارسته – على راس مهماتها وبرامج عملها.
فالدعوة الى الحوار، باستمرار، في كل المناسبات، في كل المحافل، على كل المستويات، في الاسرة، في المدرسة والجامعة، في المقاهي والمجالس والتجمعات والنوادي والملاعب، في المنظمات والمؤسسات ودوائرالدولة واجهزة السلطة المختلفة، تشكل في الواقع معركة سلمية حظارية ضد العنف، وهي دعوة لكسر حواجز الانغلاق والتقوقع ورفض الاخر.
ومع الدعوة الى الحوار، دون توقف، يجب نشر حقائق ومعطيات وتجارب واحصاءات وبحوث ودراسات عن جدوى الحوار، عن نتائجه، عن تاثيرات تلك النتائج في حياة الشعوب والافراد، عن قوة الحوار الخلاقة في عملية التطورالعلمي والمعرفي وتوسيع مدارك البشر. ينبغي، بمعنى اخر، جعل الحوار جزء من الثقافة الانسانية الاوسع والمتاحة لاوسع الجماهير.

الامرالاخرهو تعلم ممارسة الحوار. فالحوارالهادف في المجتمعات المعاصرة، فن ومنهج علمي يتعلمه التلاميذ في المدارس، يدرس في المعاهد والجامعات. تنظم لتعلمه السمنارات والدورات والمؤتمرات. والحوارممارسة لها مستلزماتها وشروطها كي تعيش وتتطور، وكي تحقق اهدافها.

الحوار المتمدن، موقعنا الالكتروني الذي يطفيْ شمعته السادسة، يؤدي بعض من هذه الوظائف. وعليه فان مبادرة تطويرالموقع الى مؤسسة لتنشيط الحوارالعلمي المنهجي، ولتعلم المزيد من فنونه وتحسين ادواته وتنويع موضوعاته، تشكل بلا شك خطوة جريئة وحيوية على طريق الاستخدام الاكثر فعالية والامثل لسلاح الحوار، من اجل الارتقاع بالوعي وتدقيق وتقويم العمل الفكري، والمساهمة في تلمس الحلول الناجعة لمعضلات وتعقيدات الحياة، ولمواجهة العنف والجمود العقائدي والعنصرية والتعصب المقيت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على