الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمبراطورية الأرزية اللبنانية وحضارة البلح الخليجية

مهند صلاحات

2007 / 12 / 13
كتابات ساخرة


منذ أكثر من اغتيال في لبنان؛ باعتبار السنوات في لبنان ليس لها قيمة منذ أن أصبحت بيروت أشبه بمجموعة قنابل موقوتة لكثرة العدادات على شاشة فضائية المستقبل والمنار وغيرها دون أن يحدد أحدهم ساعة الصفر للانفجار العظيم، وأصبح الزمن يحسب بعدد الاغتيالات فيها، وتحديداً منذ اغتيال الحريري حتى اليوم والفرقاء التاريخيون في لبنان مختلفون على التوافق الذي يجري دوماً الاتفاق عليه بوساطة خارجية، فرنسية أو أمريكية أو سعودية، أو غيرها. ولا أحد يعلم ما الذي يريده هؤلاء من كل هذه الضجة التي يثيرونها زوابعَ حول العالم، فقط من أن أجل أن يجلسوا على طاولة التوافق ليتم مرة أخرى التوافق على ما تم الاتفاق عليه في كل مرة.
في حين تتغنى كل الدول العربية من شرقها لغربها بما يسمى الديمقراطية اللبنانية، والنموذج الديمقراطي اللبناني، وضرورة تعميم النموذج اللبناني عربياً، وهذا ما لا نفهمه، أي نموذج يُقصد بتعميمه عربياً؟
إن كان المقصود نموذج الحرب الأهلية المستمرة منذ مائة عام في لبنان، فقد أصبح لدينا نموذجاً عراقياً ولسنا بحاجة لواحد أخر –هذا إن سمحت أمريكا- ومللنا مشاهد الدم العراقي المنسكب داخلياً.
وإن كان المقصود بالديمقراطية اللبنانية هو التعالي على سيادة القانون، كما يفعل الوزراء اللبنانيون الذين استقالوا من الحكومة وظلوا يمارسون صلاحياتهم بالتوقيع والتوظيف والإقالة، فلدينا أيضاً نماذج كثيرة عربية، بدليل حكومة إسماعيل هنية في غزة.
أو كان المقصود هو ديمقراطية النوادي الليلية البيروتية، والدعارة المرخصة في لبنان، التي يجني أرباحها بالملايين جنرالات الحرب، ابتداء من سيد الأرز ميشال عون صاحب نظرية "حضارة الأرز وحضارة البلح"، وجعجع، وبري، والشيخ سعد، وغيرهم، فيجب أن نطمئن السيد ميشال عون بأننا أيضاً حضاريين ولدينا في الأردن والبحرين ودبي ودمشق وغيرها من دول عربية أندية ليلية وإن لم تكن بمستوى التعري و"التشليح" اللبناني، إلا أننا لا زلنا على بداية الطريق، وأول خراب الديار عارية.
أم أن يكون المقصود بالديمقراطية اللبنانية هي التفريخ اليومي للمذيعات الفارهات الفارغات؟، فأعتقد أن هذه مسالة أخرى متعلقة بالإمكانيات الجسدية الثقافية الحسية، والخلفيات الثقافية المرتفعة قليلاً، والاندفاع الفكري من المقدمة.

أليس من المخجل على كل السياسيين والمفكرين في العالم العربي النطق بكلمة ديمقراطية بجانب كلمة لبنان وهي بلد منذ نشأة بعد سايكس بيكو، وبه حروب أهلية باردة وساخنة، والأهم من ذلك أنه منذ أن تأسست تشكيلته السياسية الأولى، قامت ولا تزال على تقسيم طائفي للرئيس ورئيس الوزراء ومجلس النواب ؟
فأين الديمقراطية بكل هذا التفصيل؟ وكيف يمكن للديمقراطية أن تكون متماهية مع الطائفية أو العنصرية؟ وأي ديمقراطية هذه التي لا ينتخب فيها الشعب على الأقل رئيسه؟
وكيف يمكن أن نفسر بحسب التعريف البدائي للديمقراطية، أن هنالك دولة ديمقراطية يجب أن يكون رئيسها مسيحياً مارونياً؟ وإن قبل البعض فكيف تقبل دولة –إن صح تسميتها بذلك- على نفسها أن تقول أنها ديمقراطية وهي تقوم على تقسيمة طائفية للأقوى فقط ؟ فأين الأغلبية المسيحية الأرثوذكسية من قائمة الحصص السياسية اللبنانية ؟ وأين الدروز ؟ وأين وأين ....الخ.
المشكلة ليست لدى اللبنانيين، لكن المشكلة لدينا نحن الذين نتمنى أن نصل لمستوى نواديهم الليلية، وكلنا ظن بأن هذه هي الديمقراطية، لأننا نحن في بلاد ما بين حضارة النخيل وحضارة الأرز مجرد جهلة، فالإمبراطورية اللبنانية المنشغلة بتصدير عالماتها ومفكراتها المختصات بالفضائيات لأصحاب "حضارة النخيل" بحسب وصف ميشال عون" في الخليج العربي، لتعليم هؤلاء الخليجيين "أصحاب حضارة النخيل"، الحضارة الأرزية الراقية، على يد هؤلاء المذيعات والراقصات المختصات بالحضارة والديمقراطية. ولم يعد لدى إمبراطورية الأرز الوقت لتصدر لنا نحن البلاد المتخلفة الأخرى في سوريا وفلسطين والأردن وليبيا والمغرب العربي بعض من مفكراتها العظام ليساعدننا على الارتقاء الحضاري والإنساني.
الديمقراطية بحسب التعبير اللبناني تعني أن يكون لكل زعيم مليشيا مسلحة دور سياسي، يحدد فيه جنسية وطائفة رئيس الدولة ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب، وكذلك الاغتيال بطريقة ديمقراطية، فإطلاق النار لم يعد وسيلة ديمقراطية جيدة، فالسيارة المفخخة هي أفضل وسائل التنافس السياسي الديمقراطي بين الفرقاء اللبنانيين، بدليل أن الأخوة العراقيين فهموا الموضوع كذلك، حين جاءت أمريكا لتحتل بلادهم وتحمل لهم نموذج ديمقراطي "ممتاز"، فعلمتهم تصنيع السيارات المفخخة التي تدوي يومياً في بغداد وتحمل معها مئات الأرواح غير الديمقراطية.
والغريب أن هؤلاء الديمقراطيين جميعاً حين قرروا التوافق على رئيس، توافقوا على جنرال عسكري، فيما العالم كله يصرخ ضد إبقاء جنرالات الحروب والعسكر في مناصبهم السياسية، لما شهدوه منهم في العراق سابقاً، وفي باكستان اليوم، من الطريقة الديمقراطية جداً في الحكم، فحلبجا، والأنفال في العراق، وكذلك مذبحة المسجد الأحمر في باكستان، لشواهد جميلة على حكم الجنرالات للشعوب.
نسيت أن أوضح مسألة مهمة حول إمبراطورية البلح وإمبراطورية الأرز، أن اللبنانيين الغارقين بوحل الفرانكفونية وأوهامها، أفاقوا من نومهم فجأة ذات صباح ليكتشفوا أنهم ليسوا بعرب، وهذا ما دعا بعض مناصري الجنرال عون بأن ينطلقوا بألسنتهم ضد بعض العرب، ويقولوا إن جماعة "حضارة البلح" يريدون السيطرة على "حضارة الأرز"!! في الوقت الذي يعمل أكثر من نصف الشعب اللبناني ومعظمهم من جماعة عون في دول الخليج العربي، وقبل كل ذلك لن ننسى نذكر الجنرال عون بأن الملايين التي دعمته في حربه السابقة ضد سوريا أيضاً كانت من بلاد البلح التي سميت ارض السواد لكثرة النخيل فيها، لكن يبدو أن الجنرال نسي بعد إعدام صدام أن ملايين الدولارات التي أخذها غبان حرب مع سوريا في الثمانينات والتعسينات هي من أموال النفط والبلح أيضاً التي كان يهيبها صدام حسين من أموال شعبه العراقي لشعوب ديمقراطية وجنرالات حرب ديمقراطيين من أمقال ميشال عون، وغيره.
حديث اللبنانيين الدائم عن الديمقراطية يذكرني دوماً بحديث أسامة بن لادن والظواهري عن الإصلاح الاجتماعي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع