الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التمسك بمبدأ التقسيم وشعار الدولتين يعني التمسك بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة

محمد بركة

2007 / 12 / 16
ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين


(شرفتني مؤسسة "البيت العربي" في إسبانيا بالدعوة للمشاركة في الندوة التي جرت في العاصمة مدريد في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بمناسبة الذكرى الستين لصدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، رقم 181 المعروف باسم قرار التقسيم والصادر في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947.
وقد جرت الندوة في إطار مجموعة النشاطات التي نظمتها المؤسسة والتي اتسمت بالتأييد الكبير للحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، حيث جرى إصدار كتاب في المناسبة يشمل عددا كبيرا من القرارات الدولية والاتفاقيات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وأقيمت أمسية موسيقية شرقية رائعة أحيتها فرقة أم الخلخال المقدسية الأصيلة.
مؤسسة "البيت العربي" هي مؤسسة شبه رسمية، ومركزها في مدينتي مدريد وقرطبة، وترعاها كل من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإسبانية، وحكومتا إقليمي مدريد والأندلس، ومجلسا مدينتي مدريد وقرطبة، وتعنى بالعلاقات الإسبانية العربية، ويقف على رأس البيت العربي، وزير خارجية إسبانيا، ميغال انخل موراتينوس.
وقد شاركت في الندوة إلى جانب، كل من الدكتور خليل الشقاقي، مدير المركز الفلسطيني للأبحاث السياسية، والبروفيسور ليف غرينبرغ، المحاضر في جامعة بئر السبع وايلان هليفي عضو دائرة العلاقات الخارجية في حركة فتح، ومندوبها لدى الاشتراكية الدولية، وانقسمت الندوة الى قسمين استغرقا زهاء خمس ساعات.
وافتتح الندوة كل من برناردينو غروس سكرتير وزارة الخارجية الإسبانية، والدكتورة غيما مارتن مونوز المديرة العامة للبيت العربي، وسفير فلسطين في إسبانيا موسى عامر عودة، وعميد السفراء العرب في إسبانيا ، سفير السعودية، الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز).

******
في خطابه باللغة العبرية، في البرلمان التركي، في 13112007، قال رئيس دولة إسرائيل، شمعون بيرس، "إن هدفنا هو إقامة دولتين لشعبينا، دولة فلسطينية للشعب الفلسطيني، ودولة يهودية للشعب اليهودي".
بينما ذهبت وزيرة الخارجية الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك، على مسمع وزير خارجية فرنسا، الذي كان ضيفها عندما أكدت أن الدولة اليهودية هي الحل القومي لكل اليهود، والدولة الفلسطينية هي الحل القومي لكل الفلسطينيين، بمن فيهم الفلسطينيين المواطنين في دولة إسرائيل، واللاجئين الذين هُجروا من بيوتهم خلال نكبة الشعب الفلسطيني.
قد يبدو من خلال إلقاء نظرة سطحية لتصريحات بيرس وليفني وأولمرت أيضا، أننا بصدد تحول جذري في السياسة الإسرائيلية، في اتجاه السلام العادل.
بينما نظرة إلى عمق التصريحات الإسرائيلية، قد تدفع بعض ضعاف النفوس من مؤيدي حل الدولتين إلى الكفر بهذا الحل، بفعل أن إسرائيل الرسمية تتبناه بكامل غطرستها العدوانية.
لكن الحقيقة هي أن حل الدولتين أو بالأحرى الحل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وحل قضية اللاجئين لا يمتان بصلة إلى المواقف الإسرائيلية الرسمية والمعلنة وليس هناك ما يستدعي التطوع بالتنازل عن هذا الحل إكراما للاحتلال الإسرائيلي وخضوعا عند تحريفه الخبيث للقرار الدولي 181.
يتحدث المسؤولون الإسرائيليون عن حل الدولتين وكأن دولة إسرائيل لم تقم بعد، وكأن اللاجئين لم يقذفوا خارج وطنهم، وكأن موجات الهجرة اليهودية لم تكن أصلا، وكأن إسرائيل لم تقم في 1948 على مساحة تجاوزت قرار التقسيم ثم استكملت الاستيلاء على ما تبقى من فلسطين في العام 1967.
لقد جرى اعتماد قرار التقسيم في الأمم المتحدة لإنهاء الانتداب البريطاني، وفي ظل استحالة إقامة دولة واحدة ديمقراطية ومشتركة لجميع سكان فلسطين بسبب مخططات الحركة الصهيونية ودعم الاستعمار البريطاني لها، وتواطؤ الرجعية العربية، وجرت صياغته في ظل الإلحاح على الضمير الغربي بعد جرائم النازية الفظيعة التي ارتكبت بحق اليهود والسعي "لحل المسألة اليهودية" ، ليس في إطار المجتمعات التي عاشوا فيها.
إن قرار التقسيم هو قرار مجحف بحق الفلسطينيين - أهل البلاد الأصليين وغالبية سكانها الساحقة - ولكنه جاء لضمان إمكانيات الحياة لأهل البلاد.



صحيح أن قرار 181 تحدث عن إقامة دولتين: دولة يهودية ودولة عربية، ولكن القرار لم يكن هكذا سطرا واحدا، فحدود "الدولة اليهودية" تشمل 56% من مساحة فلسطين، وتشكل صحراء النقب غالبية مساحتها، ويشكل الفلسطينيون الذين كان من المفترض أن يعيشوا فيها 43% من مجموع السكان.
إن الدولة اليهودية في قرار التقسيم هي ليست دولة إسرائيل في 15 أيار/ مايو 1948، وليس إسرائيل في 11 حزيران/ يونيو 1967، وليست دولة إسرائيل التي أرادها مؤسسوها "نظيفة من العرب".
إن "الدولة العربية" في قرار التقسيم ليست دولة اللاجئين وليست دولة على أقل من 22% من مساحة فلسطين، وليست دولة الاستيطان وليست دولة الجدار.
لذلك فإن استعارة المسؤولين الإسرائيليين لمصطلحات قرار التقسيم لا تمت إلى قرار التقسيم بأي صلة، ليس هذا فحسب، فقرار التقسيم 181 تضمن بنودا واضحة، وبالأخص في الفصلين الثاني والثالث، تكفل الحريات والحقوق الأساسية والثقافية والدينية للأقلية في كل من الدولتين.
تضمن القرار 181 حرية المرور المطلقة بين الدولتين، وتضمن البند الثامن من الفصل الثاني عدم جواز نزع ملكية الأرض من أي مواطن وتضمن تثبيت مواطنة كل مواطن في الدولة التي يعيش فيها.
لقد تضمن القرار 181 - قرار التقسيم- إقامة مجلس اقتصادي مشترك يدير اقتصادا مشتركا وموحدا للدولتين.
أما البند الحادي عشر من الفصل الأول، فقد تحدث بصريح العبارة عن أن شروط إقامة الدولتين هي شروط صارمة، لأنه "يجب إقرارها في الدولتين في إطار قانون أساسي"، أي أن الشروط هي مكوّن دستوري من مكونات كلا الدولتين.
وهذا يعني أن قرار الجمعية العامة 181 المعروف بقرار التقسيم لم يقر على الإطلاق بإنشاء دولة عرقية اوعلى أساس ديني ولم يقر على الإطلاق تهجير غالبية الشعب الفلسطيني، ولم يقر جواز ضم أراضي الدولة الفلسطينية (العربية) إلى الدولة "اليهودية" (إسرائيل لاحقا).
في مقدمة إعلان إقامة دولة إسرائيل (وثيقة الاستقلال 1451948)، جاء أن ضمن الأسس التي قامت عليها إسرائيل هو قرار الجمعية العامة 181، وعندما تقدمت إسرائيل لعضوية الأمم المتحدة في العام 1949 تعهدت بتنفيذ القرار 181، كشرط لقبولها، ولذلك فإن الشرعية الدولية لقيام إسرائيل وحتى شرعيتها ضمن ما تعهدت هي فيه، تظل منقوصة طالما لم تقم الدولة العربية الفلسطينية التي تشكل الشق الثاني أو الأول لقرار التقسيم.
إن الحكومة الإسرائيلية، وفي سياق مفاوضاتها مع القيادة الفلسطينية لصياغة وثيقة أنابوليس، حاولت ابتزاز اعتراف فلسطيني ودولي بأنها دولة يهودية.
طبعا من السهل الوقوع- في سياق تبرير الرفض الطبيعي لهذا الاشتراط غير المسبوق- في مطب أن تعريف إسرائيل هو شأن داخلي إسرائيلي.... لكن هذا التبرير لا يمكن أن يكون صحيحا!!
اذا كيف يمكن الاعتراف بيهودية إسرائيل فلسطينيا ودوليا بينما قامت إسرائيل على مساحة أكبر من المساحة المعدة لها في قرار 181، وكيف يمكن الاعتراف بيهودية إسرائيل طالما "اكتسبت" يهوديتها من تهجير غالبية الشعب الفلسطيني، وإخلاء بلاده منه ؟؟
طالما لم تقم الدولة المستقلة، ولم تحل قضية اللاجئين فإن تعريف إسرائيل ليس شأنا داخليا، إنما هو متعلق بتطبيق الشرعية الدولية، وخاصة القرار 181 بشأن الدولة الفلسطينية، والقرار 194 بشأن قضية اللاجئين.
ويسأل السؤال، ما الهدف الإسرائيلي من طرح مسألة يهودية الدولة، هل هي فعلا بحاجة إلى المفاوض الفلسطيني ليعرف للإسرائيلي دولته؟
إن الحفاظ على الطابع اليهودي وعلى الأغلبية اليهودية ومطالبة إسرائيل للاعتراف بها كدولة يهودية هي بمثابة مبرر:
1- لمبدأ الصهيونية الأساسي وهو ما يسمى جمع الشتات وأن إسرائيل هي الحل القومي لكل من يدين باليهودية في أي مكان في العالم.
2- لضم الكتل الاستيطانية- وضم غالبية القدس العربية بحكم وجود 200 ألف مستوطن في محيطها- والاعتراف بالجدار الذي أقيم على أساس العزل العنصري كحدود سياسية لأطماع إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة.
3- لتكريس وضع المواطنين العرب الفلسطينيين في دولة إسرائيل كمواطنين من الدرجة الثالثة.
4- للتلويح بسيف تطبيق مخططات الترانسفير والتبادل السكاني، علما أن أكثر من ثلث الناخبين الإسرائيليين صوتوا في انتخابات آذار 2006 لأحزاب وقوائم تنادي بأشكال مختلفة بترحيل المواطنين العرب، أو التخلص منهم، أو مصادرة مواطنتهم بمعنى ليس مجرد هذيان في هوامش السياسة الإسرائيلية إنما هو موقف موجّه لأحزاب تجلس في صلب الائتلاف الحاكم
5- لاغلاق الباب كليا أمام حق العودة وأمام حل قضية اللاجئين.
أي أن دولة إسرائيل تريد اعترافا فلسطينيا ودوليا بها كدولة يهودية وصهيونية، وبفعل ذلك يجري إسقاط كل قضايا الحل الدائم (القدس واللاجئين والحدود والاستيطان) حتى قبل بدء التفاوض.
جاء في وثيقة إعلان استقلال فلسطين الصادرة في 15/11/1988، ما يلي: "ومع الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني بتشريده وحرمانه من حق تقرير المصير، اثر قرار الجمعية العامة رقم 181 عام 1948، الذي قسّم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، فإن هذا القرار ما زال يوفر شروطا للشرعية الدولية تضمن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في السيادة والاستقلال الوطني.
ان احتلال القوات الإسرائيلية للأرض الفلسطينية وأجزاء من الأراضي العربية واقتلاع غالبية الفلسطينيين وتشريدهم عن ديارهم، بقوة الارهاب المنظم، واخضاع الباقين منهم للاحتلال والاضطهاد ولعمليات تدمير معالم حياتهم الوطنية، هو انتهاك صارخ لمبادئ الشرعية ولميثاق الأمم المتحدة ولقراراتها، التي تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية بما فيها حق العودة وحق تقرير المصير والاستقلال والسيادة على أرضه ووطنه".
إن الإلحاح الإنساني والدولي يجب ان يكون منصبا الآن ليس على إعادة صياغة الكيان الإسرائيلي، وإنما على توفير أسس الحياة والكرامة والاستقلال للشعب الفلسطيني.
القضية ليست إقامة إسرائيل من جديد وتعريفها، بل إن القضية الأساس هي إقامة فلسطين لذلك يجب عدم الوقوع في الشرك الإسرائيلي لإسقاط شعار الدولتين للشعبين، لأن تنفيذ هذا القرار يعني اليوم والآن، بشكل واضح ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
لذلك فإن الإعجاب بترديد القيادة الاسرائيلية لشعار الدولتين ليس في محله لأنه يتجاوز إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وكاملة السيادة.
كما أن العزوف عن شعار الدولتين بسبب ترديده من قبل القيادة الإسرائيلية ليس في محله، لأنه أيضا يتجاوز إقامة الدولة الفلسطينية التي تشكل المعنى الحقيقي لتنفيذه اليوم.
إن لعبة الوقت هي لعبة الحركة الصهيونية ولعبة إسرائيل الرسمية، ففيها تواجه العالم بالأمر الواقع، وبها يجري اخضاع شروط التفاوض للأمر الواقع.
من الموافقة على قرار التقسيم 1947، وتثبيت دولة إسرائيل في حدود 1948 ومن الحديث بعد حزيران/ يونيو 1967/ أن المناطق المحتلة عام 1967 هي وديعة للوصول إلى السلام، إلى الكتل الاستيطانية، من إقامة الجدار كحدود "أمنية" لتتحول إلى حدود سياسية، كل ذلك لبدء المفاوضات من الأمر الواقع الذي يفرضه الاحتلال المتدحرج.
إن لعبة الوقت الإسرائيلية تتطلب توحيد وتصعيد وتسريع الجهود الدولية والاقليمية للتوصل إلى سلام والى حل القضية الفلسطينية على أساس الشرعية الدولية كمرجعية أساس.
من ناحية أخرى فإن مفتاح الاستقرار لجميع شعوب المنطقة ومن ضمنها الشعب الفلسطيني والشعب في إسرائيل ، يكمن في إنجاز هذا الحل، لذلك فإننا نصر على العمل في داخل إسرائيل على أسس العمل المشترك الديمقراطي، اليهودي العربي، من أجل سلام الشعوب الحقيقي وليس أمن الاحتلال الذي تسعى اليه اسرائيل.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام