الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تعذبو الكلمات

طلال الغوّار

2007 / 12 / 19
الادب والفن



تظل الكلمة المبدعة نابضة في ضمير التاريخ ، وهي الباب الذي يدخلنا إلى تلمس الحقيقة، ومن خلالها نكشف عن مكوناتنا الشعورية والفكرية ونقدم تصوراتنا ورؤانا عن الإنسان والحياة, وألا لما بقيت حية في الضمير الإنساني وتمارس فعلها عبر العصور ، فقد لازمت الإنسان في مراحل حضارته الأولى ,,وسجلت مسيرته عبر التاريخ ونشاطه الإبداعي..وهنا لا اعني أي كلمة ، بل الكلمة التي تختزل الحياة ـ ليصبح لها وظيفة، ويصبح لها الفعل الفني الخالد ،، الفعل السحري ,, المؤثر . أنها الكلمة التي تؤسس مشروعا ثقافيا ورؤيا تساهم في الرقي الإنساني باتجاه البحث المتواصل الى الكمال والذي لا يتوقف عند حد، والكلمة حينما تكون خارج ذلك تفقد بريقها وبالتالي قيمتها التاريخية والإنسانية وفعلها الذي يقتحم الحياة، بل تساهم إلى حد ما في عملية التشويه للحقيقة .
وهنا يأتي دور مبدعي الكلمة ، وما يترتب عليهم من مسؤولية أخلاقية من مثقفين وكتاب وأدباء، الذين وجدوا في الكلمة أداتهم التعبيرية وسلاحهم في الحياة،خصوصا ونحن اليوم نواجه إلى عملية واختراق وتشويه للثقافة والتاريخ والمعتقد و القيم ،نواجه هجوما على معاقل مكوناتنا الثقافية وهويتنا الوطنية والقومية. ما موقف هؤلاء جميعا وهم يرون هذا الاختراق هنا وهناك في محاولات التطبيع وتسريب الأفكار التي من شانها تدمير ألذات وتمارس عملية الاقتلاع من الجذور،وشراء الضمائر وإشاعة ثقافة الانهزام والتخاذل ,بما يحقق لحالة الشعور (بالقزمية )إمام ثقافة الأخر .
هل سيظل الأديب والكاتب معذبا للكلمات ويجلدها بسوط الخوف والتردد والنواح لينتج خطابا ثقافيا مثقلا بالفجائع وبكل ما يدمر ألذات كما هو الحال قبل عقود خلت , وخطابا يرثي الماضي ويسقط على الحاضر حالاته الانهزامية ,دون إن يستفز فيه قدراته وطاقاته الإبداعية وينفخ في الحياة روح الأمل وهاجس التطلع إلى الإمام ويستشرف أفاق المستقبل ويستبينه حتى من خلل الدموع, خطابا خاويا من أي فعل لا يحقق في الواقع حقائقة الثقافي وامتداداته في الوسط الحياتي ,خطابا لا يرضي إلا حالة التمركز الفردي الذي يتربع على عرش النظام أي كان نوعه,ومنهمكا بالفضائيات والمسابقات والجوائز ,ويتسابق للوصول إلى المحاسب الذي يدفع له ثمن عذاب الكلمات
لا أريد هنا إن انفي الحالات الإبداعية في كل ما كتب وما جادت به أقلام المبدعين , فليس لي الحق في ذلك ,لكن هذه الصورة تكاد إن تشكل مساحة واسعة من المشهد الثقافي اليوم التي تزخر بهذه النتاجات الثقافية والأدبية ,فما الذي سيفعله هذا النوع الكتابي أمام محاولات الاختراق وممارسات الاقتلاع .
أن أصحاب الكلمة المبدعة عليهم إن يدركوا خطورة وأهمية دورهم في الحياة , وان الكلمة مسؤولية أخلاقية تستمد قوة إبداعها وفعلها المؤثر من مكونات الثقافة القادرة على الحوار والتفاعل مع ثقافة الأخر لا الاستسلام لها أو الانغلاق عنها ,أنها الكلمة التي توقد الشرارة لتضيء وتستشرف المستقبل,الكلمة التي توظف من اجل استيعاب هذا المتغير الذي قلب الموازين لتجسد الحاجة الفنية والجمالية في جانبها االابداعي التي تضفي أحساسا ووعيا جديدين المتولد بدوره عن الحاجات الإنسانية المتمثلة بالحرية والكرامة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في قصة صورة من الأرشيف: فيفيان أنطونيوس تروي ذكرياتها المميز


.. على هامش تكريمها في مهرجان الزمن الجميل... هذا ما قالته المم




.. كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها


.. مفاجأة! مشيرة إسماعيل كانت البطلة الأصلية في مسرحية -العيال




.. أون سيت - الفنان محمد رياض مع إنجي يحيى | الخميس 17 يوليو 20