الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أربع سنوات من العمل الصحافي الواسع وجز رقاب الصحافيين العراقيين

حسام السراي

2007 / 12 / 20
الصحافة والاعلام


الحريات الصحفية. .. موضة كلامية أم حقيقة في طريقها إلى التجسيد ؟

نشرت الواشنطن بوست في إحدى المرات تحقيقا عن مهنة الصحافة في العراق ،بعد نيسان عام 2003 ،كتب فيه "جوناثان فاينر "،إن العراق الجديد لم يتكيف بسهولة مع الحريات الجديدة التي كسبتها صحافته وهي حريات يقول أنصارها إنها، كما الانتخابات النزيهة والحرة ،أساسية من أجل تغذية وتطوير الديمقراطية "، وليس بغريب أو مدهش ،ووفقا لإحصاءات محلية ودولية ،إن الصحافيين العراقيين قد حجزوا المقاعد الأولى في تراجيديا التصفيات الجسدية اليومية بين أقرانهم في العالم .
أمران لايمكن لأحد الإفلات من التفكير بهما ، الأول صدقية مفهوم حرية الصحافة في العراق وإيمان الساسة والمسؤولين به ،والثاني معنى "أخبار المقاتل للعديد من الزملاء في الوسط الصحافي ،هذان يجعلان الإقرار بالحصول على مكسب الحرية ، ملتبسا ، مشوشا ، مشوبا بالتشكيك وربما التنكيل حتى من قبل أعداء العملية السياسية وترسيخ مبدأ الديمقراطية في العراق ،و ألسنتهم تصدح :"أين الحرية التي تتحدثون عنها وسفك دماء الصحافيين العراقيين متواصل إلى أمد غير مسمى ؟"، وبقدر ارتباط مصطلح "الإعلام المستقل " بتوفر الحرية الكاملة للصحافي في نقد هذا الوزير ،أو ذاك المسؤول ، فإنه ليس ممنوعا عليه بالطبع أن ينتقد أي " رئيس حكومة" ،لأنه جاء أو سيأتي لمنصبه بإقرار دستوري يتمثل بالانتخابات وبالتصويت داخل قبة البرلمان ،وعليه احترام بنود الدستور الأخرى ،ومنها :" تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب:أولا:ـ حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.ثانياً :ـ حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر. ،و إلا لكان إطلاق تسمية الدكتاتور عليه بلمح البصر ، فهو وفي الحالة تلك لا يحترم الصحافة والصحافيين ولا يحترم إرادة من أوصله إلى مقعده الوزاري أو منصبه الرئاسي ،حينما لا يقبل برأي يقوّم سلوكه الخاطىء ، ويجدر بنا التذكير بمثال الرئيس الفرنسي ساركوزي،الذي شهدت وسائل الإعلام الفرنسية منذ توليه السلطة ، عددا قياسيا من الاملاءات، لم تشهده من قبل، مقارنة بقصر الفترة التي توالت فيها "اقتراحات" على مديري تحرير بعض الصحف بعدم نشر مقال، أو بتجاهل خبر. وهو تطور لافت، خصوصا أن سلفه جاك شيراك، لم يقاض مرة صحافيا أو كاتبا، ولم يشك وسيلة إعلامية. أمر آخر يخرج عن إطار لوم الصحافيين العاملين في صحف غير مستقلة ،حزبية ،طائفية ،قومية ، لأن تجاوز الحدود يعني قطع أرزاق وأعناق مزدوج، وهناك مشكلة أكبر من ذلك تتحدد بوجود صحافيين ، غير مؤمنين بشيء اسمها تجربة عراقية جديدة وانتخابات ، والصحافة بالنسبة لهم ، مهنة سهلة أو مطية يركبها من يشاء لجني الدولارات من خلال الرشا والاستجداء المقزز ، فأقلامهم أرخص من أن ينتظر مغدق الهدايا ومانح الهبات ، سيلان لعابهم أمامه.
"الحريات الصحافية في العراق ، حقيقتها ، مديات وجودها ، ما يؤثر عليها أو يحد منها ،موضوع حساس وجوهري ،في ظل عملية التحول التي نشهدها ،نحو مجتمع ودولة ديمقراطيتين ، ولعلها عصب الموضوع ،إن لم نخطىء في ذلك ، ولمزيد من الأفكار والتصورات المتعلقة بــ"الحريات الصحافية " إستطلعنا آراء عدد من الصحافيين والإعلاميين والمثقفين العراقيين .

"الانحسار عن المتلقي ".
يرى الكاتب والإعلامي "قيس قاسم العجرش " أن الحديث عن الحريات الصحافية لا يوجد فيه شيء مطلق ، فكل ما نقيس به هو نسبي ، ويقول :"صحافتنا اليوم المسموع منها و المرئي أوالمقروء هي اختيار صعب للمقارنة مع صحافة الغير و تلك التي كانت تدار في العصور الزيتونية الغابرة .
لكنها تسير في طريق صحي و صحيح و بالرغم من أن التجربة الحزبية ملاصقة لكثير من وسائل الإعلام العاملة في الداخل إلا أنها بدأت أخيراً تدرك أن الاستمرار بالخطاب الحزبي هو انحسار عن المتلقي، فبدأت تحاول أن تظهر في ثوب الحياد , هذه المحاولة لكي ( تبدو ) محايدة هي بذاتها محاولة صحية و ممارسة في محلها
و هي التي جلبتها واقعا إلى الأرض المحايدة .من جانب آخر فإن غياب النص القانوني الحارس للحريات الصحافية ساهم في إرتعاشة القلم الناقد و ازدادت قبضة السياسي على الوسيلة الإعلامية ، فنحن بحاجة إلى رقابة مؤسساتية على الأجهزة الإعلامية و الوسائل ، "رقابة " تخضع معاييرها إلى غير هوى التسييس و الحكومة ،ليكون ذلك سر نجاحها" .

دولة بحاجة للرأي الحر وللمثقف
مجموعة مخاوف وتهديدات يتعرض لها الصحافي العراقي، يتحدث عنها الفنان عبدالرحيم ياسر، فيقول :" بصراحة نحن لا نملك في العراق حريات صحافية حقيقية في العراق ،والمخاوف والتابوات أكثر من السابق ، ولا علاقة للحريات الصحافية بعدد كبير من الصحف ووسائل الإعلام العراقية ،فكثير منها غير مؤثرة، وبرغم إنها محسوبة على القارىء العراقي ، فتجد 100 صحيفة مثلا غير فعالة الآن وكأنها صرخة في غرفة مغلقة ،وبعضها لا يطبع سوى ألف نسخة. ربما اليوم رقيب الدولة غير حاضر أو موجود الآن على الصحف العراقية ونعاني من فوضى في النشر ، وهذا ليس بسبب ديمقراطية الدولة، بل يوجد خوف ممن هم خارج سيطرة الدولة غير القادرة على حماية حريتك في النشر، لأنها في السابق كانت تحدد المسموح به من غيره ،واليوم هي لاتملك القدرة على حماية حريتك كما أسلفت ، والتي تقول إنها وفرتها لك ، وتحقيق الحرية للمجتمع ومنهم الصحافيين ،يحتاج إلى دولة قوية ومقتدرة" .
وأضاف :"أحيانا نلجأ إلى التساؤل، هل من المفيد أن نعرض حياتنا للخطر ،من دون أن يكون لما تنشره صدى لدى الآخرين ،من الضروري حساب هذه المعادلة بدقة ،وفي بعض الأوقات تتراجع أمام مخاطر جمة ،وأرى إني لست حرا فيما أنشره حاليا ،بدليل مقتل الكثير من أصحاب الرأي ،وفي داخلي رقيب وليس "شرطي " ،لايمكن أن يعرضني للخطر من غيري ،ويدعوني دائما لأن أكون متوازنا في هذه المرحلة ، التي يكون فيها الإيماء أفضل من التصريح ،وهذا تعلمناه على مدى حياتنا المهنية ،وأنا لم أٌقل أشياء لم أرد قولها لكني لم أقل كل ما أريد قوله ،وهذا ينطبق عليّ الآن وسابقا .
واعتقد لابد أن يكون لهذا البلد المتحضر الكبير ،دولة يستحقها تستطيع صيانة حريات الناس ،وهذه الدولة ستكتشف فيما بعد إنها بحاجة للآراء الحرة والمثقف النقدي الناجح الذي يستطيع أن يبني الحضارة من جديد ،وهذا هو الأمل الذي يجعلنا نعمل في حقول الثقافة ،و إلا لجعلنا اليأس ننحسر ونولي الأدبار ونتجه إلى مهنة أخرى ،الأمل وحده يجعلنا نستمر بانتظـار أن تتغير أشياء كثيرة).

هوية الحرية ومفهومها الفضفاض
الكاتب والإعلامي علي عبدالسادة يعتبر حتى مع الصحافي الذي يدعي إن مؤسسته الإعلامية (تمنحه) قدرا كبيرا من الحرية، أن هناك هدفا، في أغلب الأحيان، يقف وراء تلك (المنحة)،هو (تقييد) حرية التلقي. ويقول موضحا ذلك :"ما بالنا بذلك الصحافي المقيد بأطر الخنادق وقوالب كلاسيكية مازالت صالحة للعمل حتى الساعة.
وغير تلك القوالب والأطر، فان ما ندعيه "تنمية" في حين، ونسميه " بناء الدولة الديمقراطية" في حين آخر، سيصبح سوطا على رقاب رجالات الرأي العام، بكل أشكاله. وبرغم ان أمر التغلب على القوالب سهل في حدود صراع طبيعي من اجل (الجديد). إلا إن المعضلة تكمن في لعبة (المزدوج) بين ارتداء ثوب صناعة ثقافة ديمقراطية، وقمع من هو ديمقراطي فيها.
ويضيف :"يبقى مفهوم الحرية الصحافية في العراق فضفاضا ما دامت الدولة فضفاضة في هويتها، عشوائية في صناعة تقاليد وجودها، وتعاني الكثير من اجل قيام مؤسسة عصرية على أنقاض ماضٍ خرب القيم والمفاهيم. ويبقى المفهوم، كذلك، أكذوبة كبيرة ما دام مفهوم الحرية شعارا غريبا على مجتمع التقاليد والمحرمات، تقتله هواجس من أن ينتهي بك مقال، أو رأي ما، في حقيبة سيارة نحو المجهول.
إلا أن الحق يقال، فان ما نشكوه من أزمة قيود وضيق مساحات يعد نسبيا؛ تحدده عوامل وظروف مختلفة تتعلق بدرجة أساس بالعامل الأيديولوجي. ويلعب رأس المال، أيضا، دورا يكاد يكون كبيرا في هذا المجال".
وقد لا يلق هذا الرأي، كونه متشائماً من حريتنا (المحلية)، استحسان الكثيرين إلا أن التفاؤل قد توقف بعد أن استمرينا تباين الآراء لندعيه جدلا ثقافيا جاء نتاجا لحريتنا الصحافية. نحن، في العراق، لم نستبدل ما كنا ننبذه في صحافة الماضي، بتقاليد مغايرة تكرس مفهوم (الحرية)..نحن ببساطة لم نفعل ذلك، وحسب. ومثلما نلقي باللوم على المؤسسة، بمعناها المتعارف عليه هذه الأيام، فان الصحافي، هو الآخر، يتحمل جزءا مهما من أزمة التعرف على هوية (حريتنا)، فان عددا هائلا من (الهواة) بات يحتل مكانة مهمة من جسد المؤسسة الصحافية، ما يعني أن محاولة التجديد- التغيير، الخلق- ستصدم بفقر الإمكانية وشحة الإبداع..وهذا يفسح مجالا لتحويل الصحافة إلى مهنة جامدة..ربما لا نفرق، غدا بين محرر في صحيفة وبائعها في كشك على ناصية الطريق..المهم لكليهما بيع (قوة العمل).
لذا نحن، ومعضلة الحرية المزعومة، أمام إشكالية معقدة تزدحم فيها عناصر سياسية واجتماعية واقتصادية تحتاج إلى حزمة من الحلول
لا توفرها لنا أدمغة متخمة بشعارات"الحرية الصحافية".

تقاليد عريقة ...مساحة ضيقة
الإعلامي رعد كريم عزيز أشار إلى أن صحافتنا تمتلك تقاليد عريقة في صناعة الصحافة ،لان حرفيتها عالية ودروسها اشتغلت في أكثر من ميدان ومنذ بزوغ أول صحيفة عراقية مما أسس أرضية صلبة في إعداد الخبر ومتابعة التحقيقات و حتى شكل التصميم ،والاهم من ذلك كله عدم الانجرار للإثارة الصحفية التافهة ، وأضاف :هناك صراع وتنافس من اجل الحقيقة والخبر الصادق .وماكان يحصل في السابق قد تغلق صحيفة أو يسجن صحفي أو يحاكم شاعر على قصيدة،ولكن ما يحصل الآن عكس ذلك تماما حيث إن الحاكم والمنفذ هو جماعات وأفراد تعادي الصحفي لأنه يختلف معها وربما لا يختلف، بل مجرد انه يشتغل مع جهة ثانية أو ثالثة، فيحلو لهذه الجماعات أن تهدر دمه، فيضطر إلى المغادرة أو الانكفاء أو تحاشي الظهور الإعلامي.
ووصف كريم ذلك بـ"المحنة وأردف بالقول": توجد أكثر من صحيفة ومجلة وإذاعة وتلفزيون ارضي وفضائي يشتغل ضمنها العاملون وسط خطر محدق وأجور غير كافية في اغلب الأحيان ولكن الحرية محدودة بسبب التأكيد غير المعلن للعاملين على إتباع تعليمات المكان الذي يشتغل ضمنه الصحفي وهناك أكثر من دليل على غياب الحرية في صحافتنا والدليل الأعم هو التنقلات مابين الأماكن بسبب مقالة ما أو نقل تصريح معين. والحالة هذه تعكس أكثر من اتجاه يجعل الصحافة تتخبط في مساحة حريتها المفترضة .
فهناك صحف تتخذ من الهجوم على الحكومة وظيفتها الأولى بغية الإثارة الصحفية من دون أن تتحقق من المعلومات، وما أسهل الهجوم والانتقاد إزاء وضع ملتبس،مقابل ذلك هناك حرية مشروطة لبعض الصحفيين حتى إنهم غادروا أمكنتهم بسبب مقالة أو رأي يمس هذا أو ذاك من مسؤولي الحكومة أو الأفراد المتنفذين.
نحن لا ندعو إلى حرية غير مشروطة ولا ندعو لحرية مكبلة للكتابة ولكننا نحتاج إلى ترسيخ تقاليد ليبرالية تعكس حرية الكاتب وتحترم الرأي الآخر .ولا نسمح لهمس يتداول في الممرات السرية يقصي من يشاء ويقرب من يشاء.وهذا يدفعنا إلى تذكر قضية ملموسة تحققت في هجرة الصحفيين إلى الخارج فكانوا من المتميزين في أكثر من مجال والسبب يعود لمســاحة الحرية التي يشتغلون فيها وخاصة حينما يكتـــبون عن الشأن العراقي.
إننا نحتاج إلى أكثر من رأي لاتخاذ خطوات سليمة تؤمن حرية قلم الصحفي حتى يترفع عن التفكير بالخبر اليومي،ويكون بمأمن من التهديد بقطع الرزق حفاظا على ارث كبير بدأ بالجواهري صحفيا وحرام أن ينتهي إلى ما يشبه الدكان البائس لبيع أوراق خطها رث وكلماتها يابسة وقارؤها غائب".

تهميش وعراقيل
واعتقد الباحث ياسر جاسم قاسم أن الحياة الصحافية تنفست الصعداء، بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق واستطاع الصحفي العراقي من ممارسة الكثير من الحريات في الإشارة إلى الأوضاع القائمة وحقق الصحافي العراقي تقدما واضحا في هذا المجال لكنه أردف بالقول:" بعد مرور فترات زمنية معينة عادت بعض القوى الخارجة عن القانون بمحاربة الصحافي العراقي بالتهميش وبوضع العراقيل في طريق حريته في الإشارة والنقد لوضع ما، مما أودى بحياة بعض الصحافيين ، والذي حد من حرية الصحافة وجود الميليشيات المتطرفة التي تحاول قتل صوت الصحافة وهي أيضا تحاول الحد من رؤى الحرية التي اكتسبها العراق الجديد و برأيي نحن نملك حرية صحافية جيدة جدا لولا العراقيل التي تحاول بعض الأحزاب والميليشيات المتطرفة وضعها في طريق الصحافة، وكلي أمل بالحكومة العراقية أن تضع حدا لكل هذه الانتهاكات التي تحصل لاسيما ونحن نعيش أجواء الديمقراطية الحقيقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال