الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الفرقة السمفونية العراقية تعزف -چا ما لي والي- الجزء الأول
عصمت موجد الشعلان
(Asmat Shalan)
2007 / 12 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تأسست الفرقة السمفونية العراقية سنة 1959 بعد ثورة 14 تموز بعام، عزفت للأحرار، للحرية والحياة، للنهرين الخالدين دجلة والفرات، أمتزجت الحان الرومانس لبتهوفن وجايكو فسكي مع تغريد البلابل وهديل الحمام وزقزقت العصافير، استمر هذا التناغم الجميل لمدة ثلاثة أعوام ونصف.
بعد توقف طبل المسحراتي في بغداد صبحية 14 رمضان 1963، دبت حركة غير عادية للمركبات والأشخاص، وفي ساعة الصفر، العاشرة صباحاً عزفت الفرقة السمفونية نوتة اللاجرو المتسارع لموتسارت على خلفية اصوات رهيبة، اصوات قصف الطائرات والدبابات وأزيز الرصاص وهتافات المتظاهرين بسقوط المتأمرين وحياة الجمهورية وزعمائها الميامين، انتصر خفافيش الظلام، فأمتلأت السجون والمعتقلات بالنساء والرجال ولم يسمع من عزف سوى صراخ المعذبين في قصر النهاية وخلف السدة وسجن بغداد المركزي وسجن رقم واحد في معسكر الرشيد وآهات آباء وامهات المعتقلين وفحيح الأفاعي ونعيق الغربان وعواء ذئاب الأمة الخالدة.
سقطت حكومة الصبيان وأختفى أزيز رصاص الحرس القومي وجاء رئيس جديد بأمر القبيلة، يطرب لأهازيج الصوفية وصهيل الخيل ورغاء الأبل وثغاء الماعز والخراف، لاتثير مشاعره السمفونيات، ومن ثم تولى الحكم شقيقه بعد مقتله والأخ على خطى أخيه وأكثر، يطرب لسماع عبد الباسط عبد الصمد والشعشاعي ولايعرف من هو باخ وموتسارت وبتهوفن.
وفي يوم من أيام شهر تموز 1968، استبدل بث الأذاعتين المسموعة والمرئية بمارشات عسكرية وسمع منهما مفردات وشعارات جديدة منطلقة من حناجر مألوفة، شعارات تعزيز الروابط بدول المعسكر الأشتراكي آنذاك وأعطاء الحقوق القومية للكورد وتأميم النفط وأجازة الأحزاب وتشكيل الجبهة الوطنية القومية التقدمية بزعامة حزب الكواسر، صدق البعث المغفلون وحلم الحالمون ببناء الأشتراكية واستبشر العازفون بأنفتاح السلطة على الفن ورجاله، فأنطلقت الفرقة السمفونية تعزف داخل الوطن وفي الدول الغربية والشرقية.
صمتت الفرقة السمفونية وارتفعت اصوات المداحين والمباركين بصعود نجم القبيلة، عبدالله المؤمن، حامي البوابة الشرقية، رافعاً لواء القضاء على الشيوعية وتحجيم الثورة الخمينية، أعلن الحرب بعد قرع طبولها في ايلول 1980 بمباركة الأخوة الأبالسة والشيطان الأكبر، استمر نزيف الدم والأقتصاد لمدة ثمانية اعوام لم يسمع خلالها سوى اصوات الصواريخ والطائرات وصراخ العمال والباعة المصريين والسودانيين في شوارع بغداد والمدن العراقية.
وبعد مرور عامين على توقف الحرب على الحدود الشرقية وجه قواته صوب أبناء العم على الحدود الجنوبية، عاث الجنود فساداً، استباحوا ونهبوا مع الرفاق المركبات والأجهزة والمعدات من المدارس والجامعات والمستشفيات، وأقترفوا فضائع لم يقترفها المغول في العراق.
لم يذ عن الطاغية لنصائح وتحذيرات ومناشدات الأقرباء والأصدقاء بالأنسحاب، فهبت عاصفة الصحراء في 16 كانون الثاني 1991 ترمي قنابلها الذكية والعنقودية وصواريخ كروز على الجسور والطرق والمصانع ومحطات توليد الكهرباء وتكرير المياه ومراكز الأتصالات والمنشئات النفطية، هذا الذي حدث ولم يسمع عزف للفرقة السمفونية، تحررت الكويت في 26 شباط واندحر الجيش منكسرأ مهاننا وآلياته مهشمة على طريق الموت.
ثأر الجنود لكرامتهم بتوجيه رصاص البنادق وقنابل الدبابات الى تمثال الصنم في البصرة، ومن هناك انطلقت الحشود في الجنوب والوسط و كوردستان تحرر القرى والمدن من أزلام صدام وبعثه، كاد النظام أن يهوى لولا الهاجس الطائفي من سيطرة الشيعة على مقاليد الأمور.
سمحت امريكا للمجرم بتحريك قطعاته وسمتياته للقضاء على المنتفضين، أزيلت حسينيات ومساجد بالجرافات ولم تسلم أضرحة اهل البيت من قنابل المدافع والرصاص، ودفن الأطفال والنساء والشباب والكهول في قبور جماعية.
فرض الحصار الأقتصادي و فرضت مناطق محرمة على طيران الطاغية، بح صوت الفرقة السمفونية ونالها شظف الحصار، فأنخفضت القيمة الشرائية لرواتب العازفين، فأصبحت لاتساعد الحصة التموينية في سد الرمق، فأنهارت قوى عازفي العود وبقية الآلات الوترية وضعف النقر على الطبلة والآلات الأيقاعية وقل نفخ الناي وآلات النفخ الموسيقية.
ملاحظة: "چا ما لي والي" معنى ذلك ليس للفرقة السمفونية من يدافع عنها أو يحميها.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مقتل عشرات العسكريين السوريين في غارات إسرائيلية على حلب
.. بوليتيكو: البنتاغون في -محادثات مبكرة- لتمويل قوة حفظ سلام ف
.. رغم استمرار خطر الهجمات.. النازحون الفلسطينيون يريدون العودة
.. رئيس الأركان الأميركي: إسرائيل لم تتسلم كل الأسلحة التي طلبت
.. بحضور أوباما وكلينتون.. بايدن يجمع 25 مليون دولار لحملته الا