الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات عراقيين في دمشق

حسام السراي

2008 / 1 / 2
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


مقاه تفوح منها رائحة العراق قبل الشاي والأراكيل

يقول الناقد ياسين النصير: وجدت دمشق مدينة قوية وشعرت في اول يوم لي فيها انها ستأخذ بغداد مني، فوضعت نفسي في موقف عدم الانسجام معها، التفاته وإشارة ذكية من النصير فكثيرا ما نسمع من العراقيين الذين غادروا البلاد منذ ما يقرب الثلاثة عقود، ان دمشق اليوم تشبه بغداد السبعينيات، باضوائها ومدنيتها وارتباط أبنيتها بجذور التاريخ وفي هذه العاصمة التي لاتبعد كثيرا عن بغداد، مقاه عديدة يديرها عراقيون، ارداوا بافتتاحها توفير لقمة العيش لعوائلهم المهاجرة، والاستفادة من التواجد العراقي الذي تجاوز وفق إحصائيات دولية المليون نسمة.
مقاه اتخذت من أسماء لرموز وأمكنة عراقية وبغدادية عنوانا لها فكانت محط أنظار واهتمام العراقيين الذين لم ينقطعوا عنها.
"لشهرزاد مقهى ايضا"
في مقهى شهرزاد الذي يقابل مطعم نخيل بغداد في حي جرمانة بدمشق، ثمة مظاهر عراقية تميزه عن مقاه اخرى في هذا الحي ،الشاي "السنكين" والأحاديث عن الوضع في العراق ومشاكل الإقامة، ولقربه من شركات السفر والسياحة الممتدة بمحاذاته والى الطرف الاخر منه، صار كمحطة لاستراحة سائقي السيارات التي تنقل المسافرين "العراقيين " من دمشق الى بغداد او بيروت وبالعكس.
محمد احد القادمين الجدد الى دمشق يجلس في المقهى بانتظار أقرباء له، يسكنون في ضواحي العاصمة السورية، يسال الشخص المسؤول عن الطلبات مقهاكم اذاً عراقي؟ يجيبه :نعم هو كذلك يا صديقي ويضيف: مالذي تحب ان تشربه الان لدينا شاي وقهوة واركيلة وزهورات؟ محمد يترك كل تلك الطلبات، ويستوقف الشخص ربع ساعة ليفهم ما هو شراب الزهورات الحديث العهد على القاموس العراقي في الغربة.
"هناك حتى بولنغ الهندية"
"دوشيش" ،"دومنت" ،عيون مشدودة بانتظار الجوكر، أصوات متجمعين لمشاهدة مباراة بين "برشلونة وفالنسيا" ، طاولات تتناقل مواعيد مباريات المنتخب في تصفيات كاس العالم يحتوي صخب كل هؤلاء من العراقيين ، نادي "بولنغ الهندية" الذي يقع في بداية شارع الدير ،دير ابراهيم الخليل، شباب ورجال مسنون يجدون في هذا المكان الواسع متنفسا لقضاء ساعات طوال تبدأ من الخامسة عصرا ولا تنتهي الى ما بعد منتصف الليل بساعتين فالمكان يعيد لهم شيئا من ذكرياتهم في بغداد يتنافسون فيه بود، ويتحاورون ويطلقون توقعاتهم عن مباريات الليلة في الدوري الأسباني او الإيطالي.
"تفاصيل بغدادية"
اول ما تدخل هذا المقهى كانك تجد نفسك في احدى مقاهي الحارثية ببغداد الديكور وطريقة تقديم الطلبات والاختيارات الموفقة للطاولات والكراسي فيه انه مقهى البغدادي ولوقع الاسم في نفسك تود لو تزوره كل يوم، فما فيه من مظاهر بسيطة وجميلة، تحيلك الى المقارنة مع أماكن غادرتها وترغب بالعودة اليها لكنك تستعيد سحر المكان الاول وارتباطك الروحي به، فتعدل عن تلك المقارنة، وتقول بهمس مع نفسك، البغدادي هذا اسم فقط لا أكثر.
"الدورة وشبابها"
مفارقة كبيرة عدد ممن وفدوا الى سوريا جاؤوا بسبب تهجيرهم من منطقة الدورة ، لذا تفاجأ البعض منهم بوجود مقهى باسم "شباب الدورة" يحمل اسم تلك المنطقة ويحتضن كل ابناء الدورة المهجرين وغيرهم ممن غادروها لسوء الاوضاع يسأل احدهم الاخر: مادمنا متفقين لِم نحن هنا خارج الدورة وخارج بلادنا!!
"ابو حالوب... لا يحتاج الى التعريف"
في مقهى الروضة، الطاولة الأشهر من "الروضة" نفسها والاكثر ارتيادا انها طاولة ابو حالوب، العراقي ،الدليل ،الامين، صندوق البريد، الاخ، الصديق وكالة الانباء، الراصد، كاتم الأسرار، من على طاولته نسمع يوميا إخبار العراق ومن اتى قادما من بغداد او ستوكهولم،تورنتو، كوبنهاغن، ومن سيسافر الى ايطاليا او غيرها ليلا، وفي لحظة الكتابة هذه عن (ابو حالوب) كانت نشرة انبائه لهذا اليوم، وصل جبر علوان الى دمشق وسافر احمد هاشم الى الجيك، وحدث انفجار في الكوفة ظهرا ابو حالوب لا يتحدث عن احد مطلقا عليه صفة ما، لانه يسميهم باسمائهم من دون الشاعر ،الكاتب، الفنان، الموسيقى، هم مسجلون في ذاكرته وأصبحوا جزءاً من يومياته التي لا تنتهي فالتواجد العراقي ارتبط منذ عقود مضت بشخص ابو حالوب، محور الأمانات والرسائل والعناوين والأخبار الدقيقة، لا يفوته شيء، وشهرته توزعت على محافظات العراق بالتساوي، وبالقدر الذي عرفه عن ابنائها من المبدعين الذين مروا به في مراحل هجرتهم.

المادة كتبت في دمشق قبل أشهر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نازح من غزة ينشئ صيدلية مؤقتة في خيمة برفح


.. غالانت يتعهد باستمرار الحرب ضد حزب الله | #رادار




.. بايدن: القانون الذي صدق عليه الكونغرس يحفظ أمن الولايات المت


.. رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي: جيشنا يستعد لعملية رفح وينتظر




.. العاهل الأردني وأمير الكويت يشددان على أهمية خفض التوترات في