الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفاوضات منهاست ومخاطر المنطقة الحدية لنزاع الصحراء الغربية

أحمد سالم أعمر حداد
(Ameur Hadad Ahmed Salem)

2008 / 1 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


عقب فشل الدور الثالث لمفاوضات منهاست و اتفاق طرفي النزاع المملكة المغربية وجبهة البوليساريو على تمديدها إلى شوط رابع أيام 11-13 مارس القادم، وبعيدا عن التصريحات بنوعيها المتشنجة والدبلوماسية و المنسقة تنسيقا جيدا، والتي اعتاد كلا الوفدين المغربي والصحراوي رشق الآراء العامة المحلية والدولية بها عبر الصحافة، بهدف التخفيف من حدة المخاوف التي يسحبها التكتم الذي فرضته المظلة الأمريكية على مسار المفاوضات والمشاورات المستمرة ما بين الأشواط الرسمية لعملية التفاوض، أصبحت هذه المفاوضات فعلا تستحق نوعا من الاهتمام والمتابعة الذكية، لسبب ضخم وفي غاية القوة وهو المتعلق بواقع النجاح في "التعايش التفاوضي" بين الوفود، رغم التباين بل والتحجر المتعلق بمواقف وفدي النزاع في المفاوضات، وباقي الأطراف ذات الصلة والضاغطة، وهو واقع يصبح معه من اليسير الادعاء أن هذه المفاوضات سوف تستمر تحت المظلة الأمريكية، وفقا للأهداف الجيوستراتيجية الأمريكية المصاغة على ضوء التحاليل الكلية للعلاقات الدولية ومخرجات السياسية الخارجية الأمريكية التي تتعامل مع العالم وفق رقع جغرافية كبرى، وليس وفق طموحات جزئية غير جادة تلوح بها فواعل دولية ضعيفة مثل المملكة المغربية، وجبهة البوليساريو الذين اضطرا إلى الانحناء لحالة الانسداد و معاكسة طموحاتهم السياسية ثم الذهاب والانزواء بعيدا في مبنى منتجع "غرينتري" بمانهاست، ضمن عملية تفاوضية ارتجالية وغير ممنهجة سوف يتحملون بعد أن تلفض مخرجاتها مسئولية تاريخية ضخمة، سوف تسحب نتائج في غاية السلبية على منطقة المغرب العربي، وبالتالي على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيابرمتها.

كلها أفكار تركيبية صغرى قابلة للاختبار، أريد من خلالها التمهيد لفرضية كبرى وخاصة اعتقد من خلالها أن الوفود المشاركة في مفاوضات منهاست ذهبت من أجل تحصيل نتائج أخرى غير مبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة المغربية للأمم المتحدة كردة فعل غاضبة يوما واحدا بعد مبادرة البوليساريو، لان هذا الأخير لا يمكنه أن يتوج كفاحه العسكري والدبلوماسي على مدى 32 سنة، بنتيجة الحكم الذاتي التي طرحت عليه أكثر من مرة ومنذ الإدارة الاسبانية لإقليم الصحراء الغربية مثل الحكم الذاتي،ولا حتى الاستفتاء لأسباب بسيطة لأن الأمم المتحدة عجزت عن تنظيمه في عهد الدبلوماسي القوي جيمس بيكر احد أعمدة صناعة القرار الأمريكي، لكونه لا يوافق الأجندة الأمريكية الحالية، وهو ما يبعد فرضية أن يتم تنظيمه في عهد الأمين العام الحالي للأمم المتحدة بان كيمون، لكون ذات السبب لا يزال قائما ونظرا لواقع التعقيد الذي تم سحبه على عملية الاستفتاء، ورغم أن البوليساريو أعلنت في عدة مناسبات وخلال كل جولات مفاوضات منهاست قبولها أن يكون الحكم الذاتي وفق الصيغة المغربية ضمن الخيارات المطروحة في الاستفتاء، إلا أن المملكة المغربية لم تقدم لحد الساعة أية ضمانات إجرائية لفائدة الصحراويين تفيد بجدية مقترح الحكم الذاتي، خاصة بعد تقليص تمثيلية الصحراويين ضمن الحكومة التي أفرزتها الانتخابات المغربية في شتنبر 2007 الأخير،حيث كان الصحراويين في الحكومة الفارطة ممثلين في شخص وزير الصحة السابق، قبل أن تنزل تمثيليتهم في الحكومة الحالية إلى كاتب دولة صوري ، في وزارة الخارجية، تحد من فعاليته كاتبة دولة حقيقية، والغريب أن يتم تبخيس تمثلية الصحراويين على إيقاع الترويج للحكم الذاتي ومفاوضات منهاست، بدل بعث روح القوة في المقترح المغربي عبر تمثيل الصحراويين في الحكومة الحالية تمثيلية حقيقية، كأن تسند إليهم وزارة حقيقية من قبيل وزارة الصيد البحري أو تسيير المكتب الشريف للفوسفاط، وهو ما سوف يخفف العبء عن المفاوضات الجارية، ويقلل من حدة الجدل القانوني حول ثروات الصحراء الغربية.خاصة أن الجسم الانتخابي بإقليم الصحراء الغربية كان وراء حفظ ماء وجه الدولة المغربية ورفع النسبة العامة المشاركة، والمنتخبين الصحراويين الفائزين كانوا وراء صعود الأحزاب الممثلة في الحكومة الحالية.

كما أن المملكة المغربية تدرك جيدا، ومعها الجزائر ودول الجوار، مخاطر الدخول في خلق سابقة مغاربية يكون مضمونها إعمال نظام الحكم الذاتي واللامركزية الإدارية الحقيقية، نظرا لمخاطره الداخلية، وتماسه مع قضايا الامازيغية والأقليات والخصوصيات السوسيو-ثقافية الجهوية، وبالتالي فان أقصى ما يعرضه المغرب على البوليساريو، هو القبول بحكم ذاتي ممنوح قريب من مفاهيم القانون الدستوري والجهوية الموسعة، بعيدا عن مفاهيم القانون الدولي، وقرب مفهوم الحكم الذاتي من الاستقلال وكونه مرحلة تمهيدية لاستفتاء غير مضمون النتيجة، ومحفوف بالمخاطر على استقرار المملكة المغربية، وهو ما تحول دونه وبقوة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، لأنه لا يمكن التفريط في استقرار المغرب كحليف استراتيجي اقتصاديا وأمنيا على الأقل في الفترة الحالية.

ناهيك عن سلبيات المبادرة المغربية الحالية، حيث تعاني من تناقضات عديدة، وأخطاء مميتة، من قبيل تمسكها بكون الصحراء أرض مغربية، وفي نفس الآن تعلن مناصرتها لمبدأ تقرير المصير، وهو خطأ قاتل بمثابة تناقض خطير، يبعث على تشكيك الجماعة الدولية، ولا بد من تداركه وتعديله لتلطيف أجواء المفاوضات.

معطى آخر متعلق بحراك الشارع الصحراوي، فمنذ 1999 ، واندلاع أحداث العيون، وما تسميه جبهة البوليساريو " انتفاضة صحراوية" وتطلق عليه المملكة المغربية "أحداث شغب"، أصبح ملف حقوق الإنسان عاملا رئيسا وخارج السيطرة، وللأسف في أحايين كثيرة عاملا للمزايدة وامتصاص الغضب، من طرف الجميع، فبعد أن نجحت الفواعل الصحراوية الشابة المكونة من الكوادر الدارسة بالجامعات والناشطين الحقوقيين، ومختلف القطاعات الاجتماعية المهملة سابقا من طرف الدولة المغربية، في تغيير المشهد الصحراوي، ومنح الرأي العام الدولي ومنظمات حقوق الإنسان صورة أخرى عن الصحراء الغربية، منافية تماما لوجهة النظر الرسمية للمملكة المغربية، حيث التعبير اليومي عن مفاهيم تقرير المصير والرغبة في انفصال الإقليم الصحراوي المتنازع عليه عن المملكة المغربية، هذا إلى حدود 25 مارس 2006 أي قبل أن يبدأ المجلس الملكي الاستشاري الصحراوي المغربي في العمل تحت إدارة الكادر الصحراوي الملكي السياسي خليهن ولد الرشيد، الذي استطاع إلى حد بعيد وفي ظرفية قصيرة (أقل من سنتين) إطلاق العديد من المواقع الالكترونية وغرف الدردشة،والمدونات النيل من غلبة البوليساريو في الحرب الالكترونية ضد المغرب، عن طريق تقديم صورة أخرى للأقاليم الصحراوية، والترويج لمشروع الحكم الذاتي بعدة لغات عالمية، واتهام البوليساريو أيضا في قضايا حقوق الإنسان، والنتيجة هي أن أصبح الشارع الصحراوي دون أن يعي يلعب دور الكومبارس السياسي، وبالتالي فمن المخاطر أن تستمر كل من المملكة المغربية، وجبهة البوليساريو في الثقة المطلقة بواقع توجيه وتأطير الشارع الصحراوي، الذي أثبت فاعلية كبيرة، في الاستفادة البراغماتية من ايجابيات الواقع الدولي، وعلى رأسها انتهاء مفهوم المناطق المغلقة. وهو ما يطرح تحديا كبيرا على مفاوضات منهاست المرتجلة، فلا هي تستطيع أن تتجرأ وتعلن عن نتيجة اقل من حكم ذاتي حقيقي يفضي إلى الاستفتاء، ولا بنتيجة الاستفتاء على جميع الخيارات بما فيها الحكم الذاتي والاستقلال، وهو تحد بمثابة معضلة كبرى.

كلها مؤشرات تشجع على القول لقد ذهب طرفي النزاع ومعهم الأطراف المراقبة وذات الصلة إلى منهاست لتحصيل نتيجة أخرى بعيدة عن الحكم الذاتي، ومعه الاستفتاء، ومهما كانت فهي نتيجة سوف تسحب المزيد من التعقيد على نزاع الصحراء الغربية، لكون جميع الأطراف ليست لديها السيطرة على العديد من المعطيات التي أصبحت تشبع نزاع الصحراء الغربية، واستطاعت أن توصله إلى منطقته الحدية، ( أي مرحلة الإشباع التي يستحيل معها التكهن والتي تفضي إلى نتائج مفاجئة)، وهي فرضية لا تخفي تشاؤمها و التي أحاول بحثها من خلال عناصر المقالة التالية:


يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تضع نزاع الصحراء الغربية على أجندة أولوياتها وحلولها للمعضلات الدولية في الفترة الحالية، لأسباب تعتبرها العقيدة الأمنية للرئيس بوش وفريقه من المحاربين قوية لكونها تتعلق بضرورة التعاطي اليومي مع أزمات ومآزق الشرق الأوسط والملفات النووية الحساسة المتناثرة عبر القارات، وارتباطاتها القوية أو الكاذبة بشر" الإرهاب" المهول، حيث تغيب الملامح والجغرافيا الخاصة بفواعل العنف، وتتعدد أساليب الدمار المستخدمة.أما نزاع الصحراء الغربية فهو أزمة بمنحنى غير متحرك ويمكن وصفها بالأزمة المستقرة، لانتفاء محدد العنف، وهي تتعلق بفواعل ودول في غاية الضعف وخاصيتها الجاهزية الدائمة لاستقبال السياسات والحلول، ومن شأنه أن ينتظر إلى حين، عندما يصير معطى ترويج يافطات الديمقراطية، يبيح تعطيل مسار التنمية بمنطقة بكاملها، ومصادرة أحلام وحرية أجيال تحلم بمستقبل أفضل.

ورغم كون خلاصات بعض التقارير الدولية المتخصصة في تحليل و تصور حلول معينة لفض المنازعات الدولية تذهب إلى كون الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت تلقى جرعة زائدة من الاهتمام لنزاع الصحراء الغربية، اشتباها في علاقته بتنامي خطر الإرهاب، حيث أصبحت جادة أكثر من أي وقت في حل معضلة الصحراء الغربية، لتفويت الفرصة على منفذي الهجمات الإرهابية بالمغرب العربي، وإفشالا لمخططات امتدادات القاعدة عبر شمال إفريقيا، وتنفيذا لبرنامج الشراكة عبر الصحراوية لمناهضة الإرهاب، الذي يضم كلا من الجزائر والمغرب، إضافة إلى تشاد ومالي وموريتانيا والنيجر ونيجيريا وتونس والسنغال، منعا لأن تتحول تلك الصحراء الغربية الممتدة إلى مجال خصب لتفريخ "الإرهاب"، عن طريق ربط الإرهاب المحلي بالإرهاب العالمي.

ورغم أن مقاربة ربط حل نزاع الصحراء الغربية بضرورات درء مخاطر الإرهاب العالمي فرضية ضعيفة لا تحتاج إلى كبير اختبار، ذلك أن السلم والأمن العالمي ( بما فيه المصالح والمنافع الأمريكية المتناسلة هنا وهناك ) لا يتهدده دائما الإرهاب، بل العنف بجميع أشكاله بما فيه الحروب العنيفة المتجددة، خاصة تلك الناجمة عن الثقة بواقع النزاعات المستقرة، وإهمال فرضيات إمكانيات تجدد الحروب، نتيجة اليأس السياسي، أو املاءات تجارة السلاح العالمية، والتي يفرخ معها كل الضرر بما فيه الإرهاب، وهي فرضية قابلة للسحب على نزاع الصحراء الغربية، حيث تمتلك جبهة البوليساريوكمنظمة شرشة ودبلوماسية في نفس الآن أسلحة تمكنها من العودة مجددا إلى إحالة المنطقة إلى وضع مرير من الفوضى والعنف عن طريق استئناف حرب العصابات، خاصة أنها استمرت في ممارسة الدبلوماسية واحترام إعلان وقف إطلاق النار المطبق منذ 6 سبتمبر 1991 لإحراج الأطراف الدولية حول واقع نيتها المضي قدما وبشجاعة نحو طي نهائي لحل نزاعها مع المملكة المغربية بشكل تريده أن يحفظ لشعب الصحراء الغربية حقه الطبيعي والمصون دوليا في تقرير مصيره عبر استفتاء حر ونزيه على أساس أن يتضمن خيار استقلال الإقليم عن المملكة المغربية، هذه الأخيرة التي ما فتئت تعبر عن نفس النوايا، مع عدم استعدادها الانخراط في أي حل يمس ما تعتبره سيادتها الثابتة على إقليم الصحراء الغربية، وهو ما يمنح فرضية عودة جبهة البوليساريو أو إجبارها على ذلك من طرف جناحها العسكري الذي أصبح يعاني من البطالة إلى خيار حمل السلاح مجددا دينامكية أكبر.

من هنا تأتي العديد من الأحداث لتعزيز فرضية أن حل قضية الصحراء سوف يحفظ المصالح الأمريكية ومن بينها القضاء على الإرهاب العابر للصحراء، وعلى رأس هذه الإحداث، دلالات تلويح جبهة البوليساريو ضمن أشغال مؤتمرها الأخير بتيفاريتي (ديسمبر2007) التي تعتبرها أراضي محررة، بينما تعتبرها المملكة المغربية منطقة عازلة، بقرار العودة إلى حمل السلاح، وذلك لرفع الحرج عن الخصم الإقليمي للمملكة المغربية الجزائر، حتى لا يفسر تهديد البوليساريو بكونه تهديدا جزائريا إقليميا موجها ضد المغرب، وهو ما تذهب إليه العديد من التحاليل حول كون البوليساريو جادة فعلا في قرار العودة إلى حمل السلاح، من خلال تشييدها لعديد من البنايات والمراكز الحيوية بتفاريتي، ولكونها فعلا تحتاج إلى امتصاص حالة اليأس وفقدان الأمل الذي أصبح يجهر به الشارع الصحراوي، سواء بمخيمات تندوف أو في الأقاليم الصحراوية التي يديرها المغرب.

ومن الأحداث التي من شأنها دعم هذه القناعة الأمريكية نذكر الحدث الإرهابي الأخير الذي عانت منه موريتانيا ومقتل 4 سائحين فرنسيين وجنود موريتانيين، وإلغاء رالي دكار باريس لأول مرة لأسباب أمنية، وهو معطى يذكر بتهديدات جهة البوليساريو في ديسمبر 2000، باستئناف العمل العسكري فور وصول رالي دكار باريس إلى الحدود المغربية الصحراوية.ورغم كون هذه الوقائع تمنح نوعا من القوة للفرضية الأمريكية، لكن ما هي نوعية الحل الذي من الممكن أن تنخرط فيه كل من المملكة المغربية والبوليساريو معا بشكل يرضي الطرفين، ويوافق المصالح الأمريكية، وطموحات الصحراويين ؟ وهو ما يجعل الأزمة أكثر تعقيدا، والمفاوضات الجارية مبعثا للتشكيك والمخاوف.


ان الأمم المتحدة تهمل نزاع الصحراء الغربية، الذي أصبح بمثابة مادة تدريبية لمختلف الأمناء العامين ومساعديهم، ورغم كونها تعترف بأنها مسئولة بحكم القانون الدولي عن حل هذا النزاع، لكنها في نفس الآن تستمر في سحب التعقيد على هذا الملف المغاربي- العربي، وكلما حل أمين عام بالمنظمة إلا وكان لزاما عليه خوض مادته التدريبية، وان يبدأ من جديد عن طريق لوك المقررات و إعادة صياغتها و تنميقها وسحب نزاع الصحراء الغربية بقوة إلى منطقة الصفر، ذلك انه أصبح بالإمكان دمغ السقف الحالي لنزاع الصحراء بوضعية المأزق والحل المستحيل بدفع من منظمة الأمم المتحدة نفسها -كمسئولة حسب القانون الدولي المدونة أبجدياته العتيقة ضمن القانون الأساسي للمنظمة- عن حفظ السلم والأمن الدوليين، مادام طرفي النزاع المملكة المغربية وجبهة البوليساريو ، وكل الأطراف اللصيقة بالنزاع تشهر خططا وسبلا خاصة لحل النزاع، ويتحدث بيقينية تامة عن قوة ما يقترحه لفض النزاع نهائيا. وهي وضعية حرجة تنبلج معها بعض التساؤلات من قبيل هل للأمم المتحدة فعلا نية وإستراتيجية حقيقية لفض نزاع الصحراء الغربية؟ هل تقدر الأمم المتحدة عواقب التسويف المستمر لفض نزاع الصحراء. هذا فضلا عن فشل الأمم المتحدة في تنظيم استفتاء تقرير المصير بالصحراء الغربية،نظرا لقدرة طرفي النزاع جبهة البوليساريو والمملكة المغربية،على حفظ مصالحها من المخاطر التي قد يسفر عنها استفاء غير مضمون النتائج. ويفاقم من حدة المخاطر، ويكرس من الأزمة، أن الأمم المتحدة لم تراوح مستوى تقديم حلول فنية لأزمة سياسية خطيرة.

خلاصة القول منذ 29 ابريل 1992 ، تاريخ تشكيل البعثة الأممية لإجراء الاستفتاء في الصحراء الغربية "المينورسو"، والأمم المتحدة لا تعرف طريقا لتطبيق الاستفتاء، كما أن مفاوضات منهاست الحالية لا تستمر في سياق بحث تفاصيل سبل إجراء الاستفتاء، ما دام المغرب يعتبره أمرا متجاوزا، وعلى أساس هذه القناعة قدم مشروعه للتفاوض حول الحكم الذاتي، كما أن البوليساريو أرغمت على المشاركة في مفاوضات تعي انها تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية أحد مساندي المشروع المغربي، وبالتالي فان هذه المفاوضات تعتبر أقل أهمية من مفاوضات لندن ولشبونة سنة 1997 ، واتفاقية هيوستن الموقعة بين طرفي النزاع في سبتمبر 1997، من هنا ينشئ الانطباع بأن هذه المفاوضات تجب كل ما قبلها، وتتجه إلى خلق واقع جديد، وهي تعبر عن عجز الأمم المتحدة، وتوريطها لأطراف النزاع في الرفع من سقف الفشل وحالة الانسداد، والعودة بنزاع الصحراء الغربية إلى منطقة الصفر،على وقع معطيات جديدة في غاية الخطورة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسفر عن أية انفراجة أو تقارب لوجهات النظر، وأقصى ما يمكن أن تلفظه من نتائج، معاهدة سرية مفروضة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية على شاكلة اتفاقية مدريد الثلاثية سنة 1975 ، لكن بشكل يحفظ مصالح كل من المغرب والجزائر ويخفف من حدة الصراع الإقليمي بينهما، ويقدم ضمانات مؤجلة للصحراويين، لأن كل من المملكة المغربية والجزائر مطالبين بالانخراط المستمر في الحرب على الإرهاب العابر للصحراء، وبالتالي فان جبهة البوليساريو سوف تجد صعوبة في العودة إلى الحرب والتشويش على المصالح الأمنية الأمريكية، وخلاصة القول انه وبدون أن تقدم الولايات المتحدة على الضغط من داخل الأمم المتحدة على جميع الأطراف بهدف محاصرة ملفات حقوق الإنسان بالصحراء الغربية وغضب الشارع الصحراوي، فان المنطقة سوف تكون مرشحة لنوع آخر من العنف الاجتماعي والاقتصادي الخارج عن السيطرة، بسبب معاهدة منهاست القادمة مهما تعددت أشواط المشاورات التي يطلقون عليها إعلاميا اسم المفاوضات.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان