الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كركوك والبصرة ..الأخطر في الصراع العراقي ..القومي والطائفي ..!

هادي فريد التكريتي

2008 / 1 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد هدوء نسبي شهدته العاصمة العراقية ، بغداد ، ومناطق عراقية أخرى في الوسط والجنوب ، تتوارد من جديد أخبار وتقارير عن تزايد حالات تفجير وقتل في مناطق متعددة من العراق، فكركوك والبصرة ، أصبحت من أكثر المناطق العراقية توترا ، ومسرحا لممارسة العنف فيها ، نتيجة لانتقال حدة الصراع الذي تقوده " القاعدة " وحلفاء لها من قوى " المقاومة الشريفة " ، من المنطقة الغربية ، إلى محافظة ديالى في الشرق ، حيث تتشارك هذه المحافظة مع إيران بمناطق حدودية واسعة وطويلة ، تشكل مواقع استراتيجية مهمة .
ديالى، تتمازج وتختلط فيها الانتماءات السكانية ، عرقية ودينية وطائفية مع بعضها ، وتعتبر قاسما مشتركا بين الشمال الجنوب ، حيث تقع المدينتان العريقتان ، كركوك إلى الشمال ، والبصرة في الجنوب ، وهاتان المدينتان غنيتان ، بثروات نفطية ، وبشرية متعددة الإنتماءات ، من كل ما في العراق من أطياف ، عرقية ودينية ومذهبية وطائفية .
ديالى ، تعتبر منطقة جغرافية ستراتيجية للعراق كما هي مهمة لإيران ، فحدودها تلاصق المنطقة الكوردية ، حيث كركوك ، بؤرة النزاع القومي والأثني في العراق ، ولها ـ ديالى ـ حدود إدارية متداخلة مع حدود الكثير من المحافظات الجنوبية المتصلة بمدينة البصرة ، موضع نزاع آخر، عراقي إيراني ، تدور فيها وحولها نزاعات دينيةـ دينية وطائفية ـ طائفية، حيث يتشارك السكان مع بعضهم ، في تعدديات مختلفةـ دينية ، ومذهبيةـ طائفية ، وقوميةـ عنصرية ، ولإيران اليد الطولى في تأجيج حدة الصراع وإدارته ، لتدخلها المباشر في إدارة شؤون المدينة الأمنية والسياسية والدينية والمذهبية ، بعيدا عن حماية الدولة العراقية ومؤسساتها الأمنية ، فهذه المؤسسات خاضعة لأحزاب الحكم الطائفي ، الموالية طائفيا وسياسيا لإيران .

الحدود العراقيةـ الإيرانية ، تعتبر من أطول حدودها مع دول الجوار ، فهي تمتد من جهة الشرق ، من التقاء نقطة حدود المثلث العراقي ـ التركي ـ الإيراني ، في أقصى الشمال ، وحتى مصب شط العرب في الجنوب ، وبالقياس مع هذه الحدود ، تبدو الحدود مع تركية قصيرة في الشمال ، وكذا الحدود الغربية المشتركة مع دول عربية ، سوريا والأردن والسعودية والكويت ،صحراء وقصيرة .
ما يميز الحدود الإيرانيةـ العراقية عن غيرها ، كثافة سكان مدنها ومناطقها المأهولة ، وتعدد قومياتها وأديانها ، وتنوع الطوائف والمذاهب فيها ، و جغرافية المنطقة ، متنوعة التضاريس ، كثيفة البساتين ، تساعد على الاختفاء وتصعب على المراقبة و الملاحقة العسكرية ، لذا يمكن الجزم بان نقل الصراع ، الدائر بين " القاعدة " وحلفائها من القوى المناهضة لجيش الاحتلال وللحكومة العراقية ، من الغرب إلى الشرق ، جاء نتيجة اتفاق مسبق وتعاون عسكري ، بين القاعدة وإيران ، و لم يكن هذا أمرا اعتباطيا ، كما لم يكن مثلما أشاعته وسائل الأعلام العراقية والأمريكية ، من أن هروب القاعدة ومؤيديها ،من منطقة الأنبار، والخسائر التي لحقت بهم، كانت نتيجة للضربات التي سددتها فصائل الـ " صحوة " الأمريكية الصنع والهدف، فما هذاإلا من قبيل الدعاية البائسة لهذه " الصحوة " التي شكلتها القوات الأمريكية ، من فصائل الجيش الصدامي ـ البعثي ، للوقوف بوجه الحكومة لاحقا ، وعرقلة أية حلول ، لم تمتثل لها حكومة المالكي ، وفقا للأوامر الأمريكية الواجب تنفيذها في العراق .

إيران لا يهمها من أمر "القاعدة" إن كانت سلفية ، سنية ، أو إرهابية تمارس إرهابها ضد الشعب العراقي بكل طوائفه ، وحتى لو كان كل ضحاياها من الشيعة ، أو من غير المتعاونين مع الحكومة أو قوات الإحتلال ، ما يهمها هو أن ما تسعى إليه " القاعدة " من أهداف في العراق ، ينسجم والمخطط الإيراني ، في إبقاء القوات الأمريكية رهينة مواقعها في الدفاع عن قواتها ، دون تحقيق أي نصر يعزز مواقفها أمام شعبها ، ولتحريض الرأي العام الأمريكي ضد حكومته ...فكلما كثرت جثث الجنود الأمريكان العائدة للوطن ، كلما زادت نقمة الشعب الأمريكي على حكومة بوش ، وبذا يخف الضغط والحصار الأمريكي المفروض عليها ، ويسمح لها بحرية التدخل في الشأن العراقي ، ومنطقة الخليج العربي .
تدخل إيران واضح المعالم في الصراع الدموي وتأجيجه في كركوك ، حيث تتشارك ميليشيات جيش المهدي، الإيرانية الصنع والتمويل ، مع عناصر القاعدة وفلول البعث هناك ، في التفجير والقتل، لإرهاب الناس هناك ولوضع صعوبات أمام تنفيذ الحلول الذي تبناها الدستور في مادته 140 لقضية كركوك ، مستغلة الخلاف بين مختلف القوى السياسية العراقية حول مصيروعائدية هذه المدينة ، فهي لا تدعم نشاط "القاعدة " ضد الكورد فقط ، وإنما تحرض وتدعم كل القوى على الصراع فيما بينها ، ليبقى العراق ضعيفا مسلوب الإرادة ، ُتحكم سيطرتها فيه ، وتُملي إرادتها عليه ، تنفيذا لمخططاتها السياسة والطائفية التي تخدم مصالحها في المنطقة .

مدينة البصرة وضعها ليس أفضل من مدينة كركوك ، أو أية مدينة عراقية أخرى تسيطر عليها قوى الإرهاب ، فالحكومة وأحزابها "الشيعية " وفق ما يقوله مسؤول أمريكي ، " فشلت في التصرف بمسؤولية لحفظ الأمن " فالمدينة تتقاسم حكمها قوى طائفية مرتبطة بإيران ، تنظم تصفيات عرقية ودينية وطائفية ، في وضح النهار ، لكل سكان المدينة ، من النساء والرجال ، المناهضين للتوجهات الطائفية ـ الإيرانية ، تمهيدا لفرض " فيدرالية الحكيم " وربطها مستقبلا بالمشيئة الإيرانية .

إيران لم تترك العراق يداوي جراحه ، للخروج من الوضع المأساوي والمتدهور الذي أوصلنا إليه الإحتلال أولا ، وحكومة المحاصصة ، القومية ـ الطائفية ، ثانيا ، التي تقود العراق وشعبه إلى المزيد من التدهور ، فكل شريك في حكم المحاصصة الطائفي ـ العنصري ، يهدف لآن يجعل مؤسسات الحكم ضعيفة ، غير قادرة على حماية العراق وشعبه من التقسيم ونهب خيراته ، ليعطي دليلا زائفا من أن " فيدراليات " ضعيفة وبائسة ، غير قادرة على حماية نفسها ، أفضل من عراق موحد وقوي .

في مثل هكذا وضع قائم في العراق ، ترى إيران في نفسها القدرة على اختراق كل أجهزة الحكم ، في المنطقة الخضراء وبقية المحافظات ، والتأثير فيها وعليها ، لأن تجعل من العراق ، بقعة جغرافية خاضعة لها مع أهلها ، وتبقيه ضعيفا غير قادر على رد اعتداء ، أو استرداد حق له مُغتصب ومُنتزع منه بالقوة . فإيران في ظل هذا الواقع تحصد النتائج لصالحها ، وتسعى لتحقيق كل ما تطمع به في العراق ، بكل الوسائل ، فقبل أيام قليلة أعلن رئيس الجمهورية ، السيد جلال الطالباني ، ضرورة إلغاء اتفاقية الشاه ـ صدام ، المعقودة في الجزائر عام 1975 ، احتجت إيران على هذا التصريح ، واعتبرته معاديا لها ، مطالبة إياه بالاعتذار والتراجع عن هذا التصريح ، ولضعف الحكم ، وتخاذل كل مؤسساته ومكوناته الطائفية والعنصرية ، سرعان ما تراجع واعتذر، السيد الطلباني ، رئيس الجمهورية ..! متنازلا عن حقوق أصيلة للشعب العراقي ، موثقة دوليا ،ليس له الحق في التنازل عنها لأي سبب كان ، بل الدفاع عنها وحمايتها، كما ينص عليه الدستور ..!

إيران تمارس أجهزتها المخابراتية ، ، في البصرة وغيرها من المدن العراقية ، حرية مطلقة في التحريض على العنف والقتل وارتكاب كل الجرائم ، تنفذها ميليشيات لطوائف عراقية ، مؤتمرة بأمر هذه الأجهزة ، إلا أن الحكم الطائفي ـ العنصري ، بكل فصائله يتغافل عن هذه الجرائم وكأنها لم تقع ، وهذا حصيلة لتقاسم الحكم ، كل يحكم في منطقته على هواه ، وهو ما تسبب في ضعف وهزال الوضع العراقي بأجمعه .
ستبقى كركوك والبصرة مصدرا لنزاع عراقي ـ عراقي ، عرقي وطائفي ، تحرض عليه وتديمه إيران ، وكل القوى التي لها مصلحة في بقاء العراق ضعيفا ومنقسما على نفسه ، وبغض النظر عن تدخل دول الجوار ، وإرهاب القاعدة ، والصراع الأمريكي ـ الإيراني ، فإيران ، بالذات، تريد عراقا ضعيفا ومنقسما، تأمن جانبه ، إن لم يكن خاضعا لها . وحتى تتضح معالم المنطقة التي دخلتها أمريكا منذ أكثر من أربع سنوات ، ستبقى كركوك والبصرة، بؤرة لهذا الصراع ، وخاضعة لسيطرة إرهاب متعدد الأشكال والصور ، إلا أن إيران هي المؤثر والفاعل الأكبر فيه ..!!
15 /‏كانون الثاني‏‏/ ‏08‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة