الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سمو الوعي سمو للعدل والمساواة //2

ناجي نهر

2008 / 1 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لولا العقول لكان أدنى ضيغم
أدنى الى شرف من الأنسان

- الرضي -

فى مقدمة الحجج والأسانيد التي يعتمدها المهتدون بالفلسفة المادية فى سجالهم مع أصحاب الفلسفة المثالية ويعتبرونها حجة دامغة هي تلك التي تخص مصدر الوعي حيث يقول الماديون : لو كان مصدر الوعي محددآ بالفكرة المطلقة لنزل على الأنسان منذ ولادته جاهزآ وإستقر فى وعيه بصورته المتطورة التي نراها ونتلمسها كما هي عليه فى التطور المعاصر ,مستندين فى البرهنة على صحة ما يدعون على مسيرة تطورالوعي والحضارة الأنسانية المتدرجة ,حيث بدأ الوعي يتكون فى عقل الأنسان بعد إلوف السنين من وجوده على كوكب الأرض وبتأثير من أنعكاسات الواقع غير الواعي على عقله عبر مراحل تاريخية طويلة ومريرة ماضية ,وتجدر الأشارة أن الفلسفة المثالية من الناحية العملية تمارس أفكار الفلسفة المادية والذين يهتدون بها يدرسون هذه الحقائق بعمق وإهتمام ويعترفون بماهيتها وسيرورتها ويعملون عمليآ ويوميآ بهديها وتطبيق أفكارها ويجنون منها كل الفوائد المادية والروحية التي تؤمن مصالحهم وحاجاتهم .

وقد كان الأنسان قبل أن يسمو وعيه الى درجات عالية من التنوع و الأختصاص فى مجالات الهندسة والرياضيات والطب والأجتماع ومختلف العلوم والفنون الأخرى قد إكتشف بوعيه البسيط آنذاك كيف يعيش ويديم عيشه وكيف يجد غذاءه و يحمي نفسه وكيف يكتشف حاجاته المختلفة بفضل ما كان يعكسه واقعه البسيط والمحدود على وعيه المحدود آنذاك وإستمرت إكتشافاته متدرجة فى تطورها وفق هذا السياق حتى الساعة . وإستنادآ على أن الوعي ميزة إنسانية خاصة وهذه [حقيقة إخرى متفق عليها تؤكد بأن الأنسان وحده يمثل الوعي ] ومن وعيه تكونت المعرفة ,ولكن هذا الوعي كان متدرجآ عبر زمن طويل ومن خلال هذا الوعي المتدرج فى السمو ولدت الفلسفة المادية معبرة عن وحدة المجتمع الأول وإشتراكيته الساذجة آنذاك ,ثم وبعد قرون تالية ولدت الفلسفة المثالية حينما إنقسم المجتمع الى طبقتن [ أسياد وعبيد ] وكانت معبرة عن حركة وخصائص الملكية الخاصة والصراع الطبقي الذي أفرزته وبفضل حركتها ونموها العشوائي تراكمت مختلف الأفكار والموسوعات العلمية المترامية الأطراف التي شملت مختلف العلوم الأنسانية النظرية والتقنية الباهرة التى قاد طوفانها السريع فيما بعد الى الثورة الصناعية الكبرى نهاية القرن السادس عشر ثم و بعد قرنين من هذا التطور المتسارع الخطى تتوجت الرأسمالية العالمية صاعدة الى مرحلة الأحتكارات الأمبريالية التي إستقطبت العالم فى هيمنتها وإستبدادها والتي من ظلمها وجورها إنجبت الفلسفة المادية اللبرالية الحديثة التي تنبأ بها العلماءا الأفذاذ [كانت وفيورباخ وهيغل وماركس وإنجلس ودارون وأنشتاين وغيرهم اذين إنكبوا فى دراسة ظواهر عصرهم وتفسيرها، ولا زال أمثال تلك النخب العلمية يتناسلون بمعارف وحقايق جديدة ستجيب على كل الأسئلة المربكة التي تشغل عقل الأنسان أليوم .وتحميه من رجس الأستغلال وجبروته.

وفى عصرنا المدهش تحتل أكثرية المواقع الألكترونية المساحة الأوسع فى الصراع الفكري والحضاري الدائر بأسفاف مبتذل تارة أوبموضوعية وشفافية تارة إخرى ,والهدف أما الى التدمير أو الى البناء حيث [ينضح الأناء بما فيه خيرآ أو شرآ].

وأي كان الواقع فما يهم المناضل التنويري هو التأكيد على العلم وإسناد الحركة الفكرية التقدمية المتصاعدة بين العلمانيين بمختلف تياراتهم ورسالاتهم الأنسانية الهادفة الى تحرير شغيلة اليد والفكر من براثن قوى الظلام وجرائمهم ومساعدة الشعوب على فهم مقومات حركتها عبر التاريخ لكي تنحاز عن وعي الى هذه النخب المناضلة من أجل الحقوق الأنسانية العامة والخاصة فى العدل والمساواة ولكي تعمل بجد على تغيير نسب الأرقام الأنتخابية لصالحهم .

إن ما أعنيه بالفكر العلمي، هو الفكر المنتج المتحرك وفق قوانين رياضية دقيقة ومتغيرات موضوعية فيزيوكيماوية زمانكية محددة ,فالماركسية لو لم تؤكد هذا العلم لخرجت من حلبة السباق خاسرة بالضربة القاضية ولخرجت من صفوف رواد الفكر العلماني وإنطمرت فى حضيض المنقرضين وإزيلت من ذاكرة الناس و الزمن الذي هو العنصر الأساسي فى الوجود .

لقد أجمعت مختلف الدراسات العلمية المتخصصة أن تطور حركة المجتمعات جرى وفق قوانين ديالكتيكية دقيقة كدقة علوم الرياضيات وأصبح هذا الأجماع حقيقة موضوعية لا جدال عليها أبصمت على صحته أصابع علماء الأجتماع بلا تردد .

لذا فإن الأفكارالماركسية الديالكتيكية فى دراستها لكافة الظواهر فإنما تقوم بتفكيك مركباتها وأجزاءها المتناهية الصغر وتقوم بتحليلها وفق حركتها ومتغيراتها المترافقة مع مدارات الحركة العامة لكوننا الواسع وسوف لا تشمل دراسة هذه المتغيرات الجوهر المادي للظاهرة فحسب بل والشكل الدال على ماهيتها بمعنى آخر فأن التغيير سيشمل التسميات والممارسات التطبيقية أيضآ ولا يترك شاردة وواردة إلا أحصاها وسيسمى نتائج التحليلات بعد إكتشافها للجديد بمصطلحات وأسماء ذات مضامين جديدة ,فستتغير على سبيل المثال معاني وتطبيقات مصطلحات ومفردات [ الحرية والأخلاق والديمقراطية والبروليتارية والرأسمالية والأشتراكية وغيرها الى مسميات ومضامين وممارسات مناسبة لزمانها ومكانها وليس كما كانت عليه فى زمن مضى وسوف لا تكون كما هي عليه الآن أو فى المستقبل أي إعادة قرآئتها وتقييمها بما يناسب تدرج واقعها الجديد بسبب، إن التراكمات الكمية فى الأشياء عادة ما تكون غير محسوسة، إلا بعد تحولها الى نوع جديد وفق قانون تغير الكم الى الكيف المعروف جيدآ من لدن المختصين. [ فالتحليل العلمي لا يكتفي بدراسة الظواهر وأنما بتغييرها كذلك] ولكن أرجو أن لا يفهم البعض من التأكيدات المتتالية على التمسك بالفكر العلمي المادي أن المهتدين بهذا الفكر لم يهتموا بتقويم الأفكار الأخرى وسلوكيات الناس المهتدين بها بل العكس هم الصحيح، وزيادة على ذلك فالعلمانيون يعتبرون جميع الناس علمانيون فى حركة واقعهم التطبيقي وهم كذلك بالتطبيق وإن إختلفت مناهلهم وبسبب أنهم لا يستطيعون تجاوز هذا الواقع فى ممارساتهم اليومية وفى سد متطلباتهم المتنوعة، فسنة الحياة وقوانين تطورها تفرض عليهم ذلك التدرج والوسطية وتجنب المغالات المعرفية ,ولذا فأفكارهم تتقاطع مع الأفكار الوهمية والشعوذات البائسة والتبريرات الفجة التي تفرزها دمامل الملكية الخاصة وجراثيم تعفناتها الدائمة ، وقد أكدت الحقائق أن لا يوجد فى تاريخ الحياة كلها نموذج واحد صالح للأنسانية أنتجه الفكر الطوباوي برغم ملايين المجلدات الصفراء التي أنتجها ,متناقضة مع ذاتها .

أن سر تلألأ أنوار العلم وجاذبيته تكمن فى وصف ماركس للديالكتيك [ نحن ندعو ديالكتيكنا مادي طالما أن جذوره ليست فى السماء ولا فى عمق إرادتنا ولكنه فى الواقع الشيئي فى الطبيعة حيث ينشأ الوعي من اللا وعي ] .

قد يرفض مجتمع ما لأسباب ذاتية وموضوعية أفكار ونظريات إجتماعية مختلفة وقد يعود على مثلها بفعل الضرورة بزمن مناسب لتطبيقها والمهم فى كل هذه المتغيرات والصراعات الفكرية أن لا تحدث فى الناس الفرقة والتباعد والكراهية والبغضاء والأقتتال والتعالي الفكري أو المذهبي والشوفيني الذي يسبب خدوشآ أو كسر جماجم يصعب معالجتها وتعويضها .

إن الفكر العلمي التفكيكي فكر متحرر تقدمي وإنساني، وهوليس دينآ مغلقآ ولا نصآ مقدسآ وهو يتجدد مع تجدد الحياة، وهو الصديق الحميم والوفي لكل العاملين والمنتجين ولا يعاديه سوى الفكر السلفي الأناني والبرجوازي الطفيلي الجامد .

- يتبع -










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير