الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مات واقفاً وفياً لكامل التراب الفلسطيني

مهند صلاحات

2008 / 1 / 28
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


حكيم الثورة الفلسطينية، وطبيب الفقراء، الذي حمل منذ وعيه السياسي قضية فلسطين على عاتقه... كل فلسطين من البحر الأبيض إلى نهر الأردن... ومن السماء الزرقاء في الأفق، حتى عمق جذور شجر الزيتون الضارب بالأرض، فكل فلسطين الحكيم واحدة، غير قابلة للتقسيم أو التدويل.
مؤمناً بعدالة القضية التي صرف عمره لأجلها، واضعاً دوماً نصب عينيه ما يمكن أن يحقق لهذه القضية العزة والرفعة، وغير مقتنع بجدوى جني الثمار المبكرة كما فعل الآخرون حين تهافتوا كتّاباً، وصيارفةً، وعسكراً مستقيلين من معركتهم لتوقيع الاتفاقات المذلة مع العدو الصهيوني من أجل حفنة دولارات أمريكية وأوروبية مقابل، بعضِ مدنٍ محاصرةٍ أسموها دولة وسلطة.
من يعرف الحكيم حقاً يدرك تماماً ما معنى أن يظلَّ القائد في المقدمة، وأن يبقى المقاتل وفياً لمبادئه حتى أخر لحظة من حياته، وفياً للفكرة، للثورة، للبندقية، وللأرض، ولا تجزيء أو مرحلية لهذه العناصر التي تشكل في مجملها مبادئ الدكتور التي انطلق منها، وفلسطين تلمع صورتها في عينيه.
ولأن فلسطين الحكيم ليس كفلسطين الآخرين، البحث عن دولة وانتصار كاذب على حساب الشهداء والجرحى، فقد آثر أن يبقى يحتضن حنينه لها، على أن يفرض بذرة تراب واحدة منها بحجة القواعد الداخلية، فالحكيم، لأنه الحكيم كان يعلم أن الفكرة لا يمكن أن يمنعها سلك شائك، أو طائرة أو دبابة من الدخول لفلسطين من أي مكان بالعالم، فكان لأبناء شعبه الذين يثق بهم ثقته بعدالة قضيته الإنسانية.
لم يبحث عن انتصار، بحث عن تحرير الأرض والإنسان من ظلم ووحشية الإمبريالية الرأسمالية، فليس الهدف الدولة، بقدر ما هو الهدف الأسمى، الحرية، العدالة، المساواة لكل البشر دون تميز لعرق أو دين أو لون. ولأن العدو العنصري، والمساوم التاجر لا يقبلان بهذه المعادلة، فقد وقفت الرجعية العربية والفلسطينية يداً بيد مع الإمبريالية العالمية، والصهيونية أمام مشاريع التحرر التنويريه التي حملها الحكيم على عاتقه تحت شعار الدولة الديمقراطية العادلة لكل الناس.
لم يمت مشروع الحكيم، ولم تمت أحلامه، طالما هنالك حراس ثوار يحملون النور والبنادق والفكرة، ويحرسون أحلام الشهداء، وأحلام اليقظة للأطفال، أطفال غزة المطفأة الأنوار، والمشتعلة بنور الثورة للسير حتى شاطئ عكا، وليقول طفل غزيّ لليمائم هناك: هذا بحر فلسطين، بحر فلسطين الحكيم.
هي بالتأكيد تبكي الآن تلك "اللد"، المدينة التي انتظرتك كما انتظرت عودتك لها، وبكت لأن السلك الشائك والحنين بقيا يفصلان وصولك لها يوماً لتحتضن التراب، فكيف سنخبر "اللد" أيها الحكيم، ومن يجرؤ أن ينقل لها الخبر بأن أجمل رجالها، يموت بعيداً عن حضنها، ويدفن في تراب المنفى.
من سيسمح لنفسه بأن يكون ضحية نقل خبر الشهيد لأمه، ومن سيقبل بأن يكون سبباً في صراخ أمواج البحر ولطمها، ومن سيقبل منا أن يكون كإذاعة عربية تنعق ليلاً نهاراً بالخراب....
إني أسمعها الآن أمواج حيفا، ويافا، وعكا، وأسدود، والخضيرة، وأم الرشراش، وأم الربيع، وكل أمهات فلسطين، يلطمن على أنوائهن، واسمع من بعيد البحر الهائج. وحتى الشمس التي غابت خجلاً من أن نرى دمعها، هي الأخرى ستحضر لتودعك.
لماذا يا دكتور تموت الآن وسط هذا المنفى البعيد، وأين سنجد في هذا المنفى الممتد كالمحيط مكانا لندفنك فيه ؟. هل ستسامحنا اللد والرملة على فعلتنا هذه ؟. وهل سيغفر لنا البحر خطيئتنا بأننا لم نعيدك على صهوة الجياد لبيتك هناك ونزفك كعريس الزين، ونغني لكَ، ع الأوف مشعل، ميجانا، دلعونا، ويا ظريف الطول... يا ظريف الطول ارسم يا رسام صورة لفلسطين وصورة للقسام... وعيون الثوار والله ما بتنام !!
يقول الرفاق: لنأخذه للمخيم، حيث أحب أن يكون دوماً، وحيث قاتل لأجل أهله، هناك مكانه بين من عشقوه، ومات فيهم ولأجلهم، هم وحدهم فقراء هذي المخيمات يعرفون الحكيم كما تعرفه اللد.
لكَ الخلود، لكَ المجد، ولنا من بعدكَ في ظلمات هذي المنافي طول الشقاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري