الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شذرات فلسفية ! .

نجيب المغربي

2008 / 1 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ماذا تريدون أن تقرؤوا ؟ تلك الافكار النمطية التي تقع داخل المعنى ؟ ظلال الحقيقة التي يتبجح المخرفون بالتباسات صرامتها المضللة ؟…!. أنا سأماهي لغتي مع ماهو خارج المعنى ، مع الحقيقة : تلك التي تزدري ارتكاسات فشل عرفان لا يتحقق و لكنه غير مشوش بخطأ اللاّصحة ، ساقول كل ما يقدر أن يردم هوة تردّي اللاّحقيقة الخائبة !.


* أولا :

الأخلاق : انها دعاوى طيبة - أو منحطة حتى - الى فسق أقل : تهذيب الترذل الجذري .انها تعمل بسلطة انفعاليتي الخوف و الذنب . الانسان لا يمكن الا أن يكون في اقصى حالات فضلانيته سوى فاجرا أقل، أو مذنبا يصارع للتراجع قليلا الى الوراء من أجل بعض التوبة . كل دعوة الى الأخلاق تطعن ضمنيا في جدواها ، انها برهان مفزع على استحالة استرجاع ذلك الأصل الطهراني . التخلق لا يمكن أن يكون حتى مصالحة مع تلك الحالة السابقة عن الخطأ : وجود الأخلاقيين دليل على استمرارية النقص ، لديهم هم أيضا !.

* ثانيا :

السعادة : انها وهم أو استحالة لا نريد أن نصدقها ، ما معنى أن تواصلوا بحثكم المحموم عنها؟ هل هو رفض لانتصاب هذه الحقيقة ؟ انقاص من حدة ذاك الاحساس الدائم بالتعاسة و لو باقصاء عدواني لهلعنا أمامه ؟ . أم أنكم تريدون فقط معارضة حافزية قلقكم لانتشال أنقاض سعادة موهومة !. أليست السعادة ها هنا مجرد أمل يتبدد كل حين بالشقاء ؟ ، وحده الألم يمكن أن يسعدنا أكثر ، انه يبعث فينا اشراقا متعاليا ، هو ذاك ما تسمونه بالضبط : حكمة . هل خبرتم ديمومة سعادة أطول منها ؟!.

* ثالثا :

الأمل : انه مكابدة لخداع نفس مصيرها الانهاك بالهزائم الدائمة و بالفشل - الانسان يسير نحو أفق دمار مخبأ في زمن ما بانتظاره - وحده اليأس المكتئب له ما يبرره ، على الأقل هو لا يريد أن يحسّن بطلانا أصليا كامنا في هذا العالم ، هل تجهلون أنكم بالنهاية ستخسرون كل شيء ؟ ، بما فيه ما كنتم تريدون تزيينه : الحياة - سأسخر منكم و اقول حتى و لو أردتم نفي مصيرية امّحاء وجوداتكم لن تقدروا على تغطية ذلك التنافر بين الأمل وشيء كلي الحضور في أذهانكم انه : الموت ذاك الذي يفترسكم الخوف منه كافناء - !.

* رابعا :

العقل : انه جهل أقل ، احتماء من ضجر اللامعرفة….هل تُشكّكم فيه صدوعه ؟ سقطاته ؟ انحطاطه ؟. اذن هو لا يستطيع أن يكتمل ، أن يصير مطلقا حتى في ذاته ، حينما يقترب من نفسه أيضا . ليس ثمة ما هو أكثر اتساعا من : الجهل ، الخطأ ، اللامفكر فيه ، اللاعقل …كلها ارتكازات تقع على الضد من العقل تؤرقه ، تحرجه ، و تحفز حركته الدائمة أيضا . ان العقل البائس دوما شبيه بآلة معطوبة لاتعمل في الحقيقة سوى أنها تحاول على امتداد تاريخها أن تصارع نقصها ، عيوبها ، عجزها… أمام نقيضها الأقوى : الجهل !.

* خامسا :

الحرية : انها تعاكس استعدادا قديما مستبطنا للعبودية ، منذ أن وجد الله و ساد الأب و تشكلت الدولة و سيطرت الملكية الخاصة ، لم يعد من معنى لها. أليست سوى صراعا يائسا للتحرر من حقيقة عبوديات كثيرة تغتالنا و تخترقنا بقهرية طقوسها رموزها آلياتها أشكالها ؟ . انها خيال طوباوي ،أنطولوجيا أيضا تقع حرياتنا في أزمة : انها ميزة تناقض الارادة و القدرة ! . فوق كل هذا يمكن أن نطمئن و نقول : على نقيض العبودية بقيت الحرية بلا مضمون تاريخي ! .

* سادسا :
الوفاء : هل أنتم متأكدون عما تتحدثون ؟ هل هو ممكن ؟ انتبهوا :انه ينقض ذاته ، كل وفاء للغير هو خيانة للذات. لا أعتقد أن أنانيتكم تضعف مطلقا . حتى حينما تضحون فمن أجل الوفاء لأنفسكم : تلك اللذة الذاتية ، ذلك العرفان الغيري … هناك أشباه قيم كثيرة كلها موجودة لارواء نزوعكم الى خيانة الآخرين. حينما تمتحنون الحد الأقصى لغيريتكم ستنقلبون حتما على كل وفاء للآخر يتهددكم ايا يكن ، لتخلصوا لانيتكم : مفارقة اللاتماثل هنا تجعل حتى اقصى حالات الانفراغ في الآخر و محاولات التوحد به تجهض و لا تتم الا على هامش الفردانية الفجة . لا تتحدثوا مجددا سوى عن خيانة مقلوبة ، مموّهة ، أو قولوا : خيانة متنكرة في ثوب الوفاء .

* سابعا :
الحب : انه محاولة لاقتلاع توحّدنا ، ليس أكثر من أن نحب ذواتنا في الآخرين: مرآوية بغيضة أخرى ! ، أن نعطيهم شيئا ما ليس حبا بالفعل ليعطونا ما نحتاجه مما يشبهه . ذلك الشعور ألا تمّزقه الأهواء المأساوية ؟ ، ألا تقتله تلك الفردانية الفضة التي تفترض الآخر وجودا مزاحما و اعتراضا منافسا لحقل الأنانية المتضخمة ؟ نعم تلك المتأصلة فيكم ، كالصدأ تحرمكم من أن تعرفوه : سائلوا أنفسكم و ستصلون الى هذه الحقيقة : لا يمكن أن تكون كل تلك الأحاسيس المختلطة حتى مع كل تجاربنا المتشابهة حبا، انها ألفة …ممكن أو ربما شيئ آخر لكنه حتما ليس هو : الحب! .

* ثامنا :
التعاسة : هي مماثل للا ّمتعة ، ان أردتم هي ما يحاصر وهم السعادة ، ذلك الهروب من الفجيعة الراقدة على حيواتكم حتى ان أنكرتموها ، هي موجودة حتما انها تنزع رغما عنكم غشاوة الانخداع بكل شعور مؤقت جميل و تفتته . لا تبحثوا عنها انها تقبع في كل مكان حتى بدواخلكم . هي اذن نقطة التقاء لاشتراطات جوهر كيونينتكم الهشّة تلك التي تقاتلون مع ذلك لتغييرها . أما كان من الأفضل لو نسبنا تمزقاتنا ، وجوداتنا الممهورة بالعبث الى هذه الأم : التعاسة.

* تاسعا :
البؤس : هو براديغم مخصب مزروع فوق كل حقيقة مهما ألبسناها كلّنا بالزيف ، علامة تعيق الحلم . في دينامية كل الغايات الحقيرة ، كل النزوعات المريضة ستجدون البؤس . وراء الاحساس المفجع بالحيرة و الضياع ايضا يكمن . حينما لا نتحايل على المعنى الكلي للعالم ، حينما نعري حيل العقل و اللاعقل ، سنجد حتما حدا منطقيا كائنا وراء كل شيء غير مرمم انه : البؤس وحده له الملكوت الأعلى هنا ! .

* عاشرا :
الذاكرة : قاعدة خلفية للفكر ، مستودع ترميزات لكل خبراتنا السالفة . حينما تجرد و ترتب وتعمم اليست هذه التعوجات دليل خيانتها لحقيقة الاشياء كما هي معطاة و متحركة في الواقع الموضوعي ؟ . اذا كانت قوتها هي قوة تجميد المعرفة ، أليس انسيابها هو ما يكمن أيضا وراء ما يتهددها من ضعف ، خذاع ، خيانة ، تمرد حتى ؟ . لأنها قد تضايق ما نريده منها بتمنع أو استفزاز ، لا يمكن أن تكون محل ثقة لانها قد تختلط بكل ما هو وهم أو تلفيق : انّ في توسط الذاكرة أيضا تكمن كل احتمالات الانزلاق الى اللاّحقيقة . بشكل دقيق كل آليات ما يسمى عقل /عقول ، لا يمكن الاعتداد بها : الذاكرة أيضا لا تكفل ! .

* احدى عشر :
الخطيئة : انها كل فعل يوسم بالخطأ و يحمل تأويلا أخلاقيا رديئا . لا يمكن أن تكون أغلب تلك الادانات، تلك التأنيبات المجحفة التي تصدر عن محاكماتكم الاخلاقية غيرالتباسات للاّحقيقة تفترض كل خطأ بالضرورة كما لو أنه تحصيل لوعي او ارادة فاسدة !. أليس عزل كل خطيئة كيفما كانت عن شروط تحقّقها - و تبعا لهذا استبعاد نفوذية مبدأ لاعصمة الانسان كليّا - هاهنا تجنّيا آخر؟ خنقا للحقيقة ؟ ألا يحدث- حتى مع عمل تعزيزات أخلاقية فائقة - أن ينتج الخطأ عن تطورغير مجرد لتراكمات محددة تقع ضمن اطار أوسع من فردية الانسان الضيقة و الهشّة ؟. في الحقيقة ليست ارادة الخطأ و الصواب هي محرّك فاعلية النشاط الانساني بل اجتماع حوافز الفعل الواعية و اللاّواعية ومحددات الوجود تلك التي تكون حاثة على وقوع فعل ما على النحو الذي يحدث به و نصنّفه فيه بالصواب أو الخطأ.
يمكننا ان نطمئن و نقول : ان الخطأ ليس متحررا أبدا من كل تحديد خارجي، و أن كل فعل يوسم بالخطيئة انّما يتبع العلل المتأتية من توالي الدوافع الموضوعية المعطاة بالضرورة في الواقع ، تلك التي تمتد جذورها العميقة في كل العالم على هامش ارادة الفرد ، هذه الأخيرة التي تحدّ بواعثها القاسية من حريّته و تقوده مرغما الى كثير من حالات اضلالاته .. ان الحياة نفسها ليست سوى حالات تأثيم مستأنفة باستمرار!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا زادت الجزائر إنفاقها العسكري بأكثر من 76 في المئة؟


.. لماذا تراجع الإنفاق العسكري المغربي للعام الثاني على التوالي




.. تونس: هل استمرار احتجاز المتهمين بالتآمر على أمن الدولة قانو


.. ليبيا: بعد استقالة باتيلي.. من سيستفيد من الفراغ؟ • فرانس 24




.. بلينكن يبدأ زيارة للصين وملف الدعم العسكري الصيني لروسيا على