الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهادة الفقر ..والبطاقة التموينية ..!!

هادي فريد التكريتي

2008 / 1 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الدول الاستعمارية الكبرى ، " صنعت " الحرب العالمية الثانية ، وجيوش هذه الدول احتلت أوطاننا ، وحولت ما عندنا من ثروات ، بشرية ومادية ، إلى وقود لحرب ،لا شأن لنا بها ، دامت أكثر من خمسة أعوام ، وحكوماتنا الضالعة في خدمة الأجنبي ، شرعت معاهدات واتفاقيات عسكرية واقتصادية ، أفقرت الشعب ورهنت كل اقتصاده لصالح لشركات أجنبية ، عمقت من نهبها لثروات الوطن ، وجعلت من الشعب فقيرا يلتمس العون والمساعدة من الدول التي نهبته ...ا

لشعب العراقي ، كغيره من الشعوب المستعمَرة ، غني بثرواته ، وُضعت بالكامل تحت تصرف مشيئة إدارة الاحتلال وقواته ، لذا عانى الشعب من شحة في السلع الضرورية المعروضة في السوق ، وساد نظام التقنين الحكومي ، كل مجالات الحياة ، لسد مختلف احتياجاته الأساسية، وقطاع التعليم بمختلف مراحله ، كان يفتقر لكل المتطلبات الضرورية للعملية التعليمية ، من دفتر وقلم وكتاب ، وكل ما له علاقة بهذا القطاع المهم ، لذا كفلت أنظمة وقوانين العهد الملكي ، مجانية التعليم في العراق ، في كل مراحله ، إلا أن الحكام ، ومن ورائهم مستشارو الوزارات البريطانيون ، ابتدعوا أساليب وأوصافا لتحقير وإهانة الشعب ، إمعانا منهم في إذلاله ، وتحقير وطنيته ، عندما كانوا يطالبون الإدارات التعليمية، على مختلف مراحلها ، بعدم تزويد الطلبة بما يحتاجونه من وسائل واحتياجات مدرسية ، دون أن يقدموا وثيقة " شهادة فقر " يتقدم بها كل طالب لإدارة المدرسة ، مختومة بختم وبصمة مختار المحلة ، ومؤيدة بشهادة اثنين من شهود ، مشهود لهم بالغنى ، ومثل هذا ما كان يطالب به المواطن العادي ، أيضا ، لإعفائه من رسوم وضرائب باهظة ، أثقلت ظهر المعدم والفقير ، إضافة لما كان يَنهبه الاحتلال ورجال الحكم من ثروات البلد . كانت هذه " الشهادة " شهادة تحقير للمواطنين كافة ، حيث كان أكثر من 90% من الشعب العراقي ، ملزمين بتقديمها ، ليس لأن البلد فقيرا ولا ثروات فيه ، إنما إمعانا في إذلال وإدامة شعور المواطن بالدونية والمهانة ، تجاه النخب السياسية الحاكمة المتواطئة مع المحتل ، فالمواطن ،بغض النظر عن كل ظروف الاحتلال ، دائما وفي كل عصر ، مستباح وطنه ،ومهدورة كرامتة ...كان هذا أيام زمان ، أما اليوم فعود على بدء..

العراق ، إبان حكم النظام البعثي الساقط ، وبعد احتلاله للكويت ، وخروجه منه مهزوما ، صُودرت ثرواته النفطية ، وتولى إدارتها ، بل نهبها ، مجلس الأمن ، تسديدا للديون المترتبة على حروب صدام وهزائمه ، ونتيجة للحصار الدولي ، المفروض على الشعب العراقي ، تم " اختراع " البطاقة التموينية ، المتضمنة لمواد غذائية أساسية وضرورية لحياة المواطن ، مفردات هذه البطاقة ، يجهزها متعهدو مجلس الأمن ، ويشرف على توزيعها ، نظام حكم صدام وزبانيته ، الذين أوصلوا الشعب العراقي لحالة مزرية وبائسة ، لا زال يعاني منها ، منذ احتلاله في العام 2003 من قبل القوات الأمريكية ، وحتى اللحظة التي تحكم ، وتتحكم بالعراق وشعبه ، قوى المحاصصة الطائفية والعنصرية ، التي أباحت النهب ، ومن جديد رسخت إفقار الشعب العراقي ، ورهنته لمشيئتها ،وخاضعا لقراراتها المجافية للحياة الإنسانية ، وفق مواصفاتها المتخلفة ...

البطاقة التموينية ، بحد ذاتها ، مذلة لكرامة الإنسان ، إلا إنه بحاجة لها ، والحكم يتحايل عليها، للتخلص منها والغائها ، بطرق شتى ، كونها مرهقة لخزينة دولة المحاصصة الطائفية ، المتوجهة نحو العولمة ، بأمر من صندوق النقد الدولي .. فتارة تقلص محتوياتها الأساسية ، رغم رداءة نوعية مفردات موادها المجهزة ، وتارة أخرى يتم تأخير صرف محتوياتها شهورا ، دون حصول المواطن على حصته من تلك المواد ، وللوصول إلى إلغاء أكبر قدر ممكن من المستفيدين من هذه "البطاقة" ، تفتق ذهن وزير المالية ، باقر صولاغ ، عن إذلال آخر ، مستمد من تراث النظام الملكي ، فترة الحرب العالمية الثانية ، حيث اقترح ربط الحصول على البطاقة التموينية ، بضرورة تقديم " شهادة الفقر " السيئة الصيت ، وبدلا من ختمها بختم " مختار واختيارية المحلة " ، كما كان آنذاك ، تختم بختم " مرجعية " الطائفة المعنية في الوقت الحاضر ، ،مع أخذ عهد موثق من رب الأسرة ، بالتصويت لاحقا على القائمة الطائفية ..لدوام الإذلال والخنوع ، والله أعلم ..!!

البطاقة التموينية وربطها بـ " شهادة الفقر" ، ليس الغرض منها إهانة وإذلال المواطن ، فقط ، بل ولتفعيل دور تجسسي يتماشى وحكم المحاصصة ، إلا إنه شكل متطور عن نظام "المختار والاختياريه "الذي كان يمارسه النظام الملكي ، ونظام صدام حسين ، من رقابة على المواطن ، من خلال أجهزة غير شرعية ، تمارس دور الرقيب على خصوصية المواطن وحريته ، حتى في بيته ..الخلاص من هذا الواقع المهين ، فك عرى المحاصصة الطائفية ، وفسخ عقد التحالف ما بين الدين والسياسة ومجيئ حكومة وطنية ـ علمانية ، تأخذ على عاتقها ، إقرار الأمن أولا ، ثم البدء ، ثانيا ، بتنمية مشاريع ، صناعية وزراعية وخدمية ، ترفع من مستوى حياة المواطن المعاشية ، وفق ظروف العصر، وحماية حقوق الأجيال اللاحقة بثروات العراق،ووضع الخطط الكفيلة بصيانة مجمل ثرواته ، وحمايتها أولا وأخيرا ، من نهب قادة ووزراء الحكم ، ورؤساء المؤسسات وزعماء ميليشيات الأحزاب الحاكمة ، وجعل الحساب والمكاشفة ، للجميع ، على الطاولة ، وليس من تحتها ،فوزير المالية ، السيد صولاغ ، بدلا من حماية مالية العراق وثرواته ، بتعزيز المراقبة والمحاسبة ، يرى حل مؤسسة النزاهة ،وكل مؤسسة رقابية ، بحجة التكاليف والمصاريف والرواتب ، ليطلق يد السراق والنهابين ، ممن هو منهم وهم منه ، دون حساب أو مساءلة ، كما يؤيد بالكامل إفقار العراق وشعبه ، عن طريق عولمة النهب ، وسيطرة نهج الشركات المتعددة الجنسية في العراق ، والخضوع لما يقرره صندوق النقد الدولي ، من سياسات مالية ومجالات تنمية اقتصادية تخدم احتكارات الدول الكبرى أساسا ، وهذا بعض أسباب تردي أوضاع العراق الاقتصادية ..فتبديد ثروة العراق سببه فساد من يتولى إدارة الملف المالي والإقتصادي ، كما هو النهب المستشري في أجهزة الدولة والحكم ، وليس في الدعم التافه ، الذي يحصل عليه المواطن ، من بطاقة تموينية ، يتصدق بها عليه "مليونيرية" الحكم حراميته ..!

30‏كانون الثاني‏‏ ‏08‏











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية