الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الحكيم آمن أن حكاية العنقاء الفلسطينية ليست خرافة
محمد بركة
2008 / 2 / 3الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
اصطفت الأسماء تحمل على كواهلها تاريخ الثورة في الكنيسة الجميلة المرصعة برسومات القديسين في عمان.. لتقلي التحية على ضمير الثورة الذي لن يغادرها...
إن الشعب الفلسطيني خرج من الوطن إلى النكبة.. تتقاذفه الأنواء والوصايات...
ثم خرج من النكبة ليدخل في الثورة على الأنواء وعلى اللجوء والقهر والوصايات..
في بدايات الطريق الى الثورة كان أبو عمار يحمل العلم.. وكان الحكيم أيضا قد حمل العلم.. وكان كثيرون...
أبو عمار.. لم يكن هناك في عمان.. ولكن كان الكثيرون.. الذين وقفوا على رأس مسيرة الثورة التي تقدمت.. وسطعت.. وتعثرت وخبت.. قامت من الرماد نحو الدولة... سقطت في هاوية الفتنة وستقوم حتما من الاحتلال والحصار وأوهام الأمارة إلى الدولة والعودة...
الحكيم- اليساري الجذري- كان يؤمن بحتمية اعتدال الميزان وإن ادلهمت الخطوب.. وما أعتمها يوم رحيله.. من ظلام الاحتلال في غزة.. إلى ظلم ذوي القربى.. إلى عروبة متعثرة مشغولة بكراسي الحكام... إلى كذبة امبريالية مجرمة زجّت بأعدل قضية في أقذر خانة..
ما أعتمها يوم رحيله.. حصار الوطن المسلوب واللجوء والنفط والدولار والفتنة... تكالبت كلها على الشعب العنيد..
الحكيم يؤمن بحتمية اعتدال الميزان.. وأن العنقاء ليست خرافة... فالشعب الذي خرج من رماد النكبة... سيخرج حتما من ظلام المرحلة...
الحكيم كان متحيزا لشعبه ولأمته، وكان انسانياً ويسارياً بكل جوارحه..
في يوم وداعه جمع الحكيم أبناء شعبه من كافة أماكن تواجده.. وجمع رفاقه.. الذين التقوا يوماً... وافترقوا.. ليلتقوا ثانية عند نعشه ليوحدهم في وداعه وفي تقدير دوره...
في يوم وداعه كان الكل يعزي الكل: أهله يعزون رفاقه.. ورفاقه ومريدوه يعزون أهله ورفاقه ومريديه..
التقيناه قبل سنوات عديدة في عمان.. فكان اللقاء بالنسبة لنا لقاء مع أحد أهرام فلسطين... لقاء مع تاريخ كان متنكرا في زي شخص واحد...
كنا مجموعة رفاق من مدن وقرى مختلفة.. فأزدحمت في اللقاء مسميات الوطن وكما هو الحال في مثل هذا المقام بدأنا بتعريف أنفسنا وأنا أحدق في الحكيم الباشّ المنفعل الدافئ العميق قال أحدنا: أنا فلان من الناصرة والثاني: أنا من حيفا والثالث من أم الفحم.. ومن يافا ومن البروة ومن صفورية... ومن شفاعمرو...
وكلما تقدم التعريف عند شخص آخر منا ،كان توتر ما يلح على جبهة الحكيم.. حتى ضج وجدانه بمسميات البلاد.. حدقت فيه فرأيت قلبه دموعا منهمرة.. لأن قلبه كان طافحا بفلسطين... ففاض دمعا في حضرة رائحة الوطن...
كان انفعاله متمما لتحليله العميق... وتحليله للواقع السياسي مجبولا ومجدولا بحبه لوطنه... وحنينه إليه...
حدثنا عن الحل... وعن الثورة وعن الآفاق السياسية.. توقف عند نضالنا نحن أبناء شعبه في الجليل والمثلث والنقب والساحل.. توقف بإعجاب ومحبة عند يوم الأرض.. وعند الدعم والإغاثة للانتفاضة الشعبية الأولى، وعند الدور التاريخي للحزب الشيوعي في صيانة البقاء والهوية، وطال الحديث، وقصُر الوقت.
لم نتفق مع الحكيم في كل شيء، ولكننا لم نختلف على كل شيء.. إنما اتفقنا على الأساس:على الحرية والتقدم والدولة والعودة..
بطبيعة الحال نحن نعرف مواقف الجبهة الشعبية ونعرف مواقف الرفيق جورج حبش... وعرفنا لاحقا حجم المعاناة التي رافقته مع رفاقه بعد اتفاق عمان والتصدع الذي لحق بالحركة الوطنية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية.. وهو المتحيز بكل جوارحه للوحدة الوطنية الفلسطينية.. التي لم ير فيها أحد بنود المشروع الوطني.. إنما المقدمة الشرطية للمشروع الوطني.. لكنه رأى مع رفاقه في اليسار الفلسطيني.. وبحق، في اتفاق عمان، تهديدا خطيرا للمشروع الوطني الفلسطيني.
ويحق لنا اليوم أن نسجل ما نعرفه من رفاقنا في الحزب الشيوعي وما نعرفه من أصدقائنا في م.ت.ف. أنه عندما فتحت أبواب استعادة الوحدة في م.ت.ف.، التي لم يدخر رفيقنا الكبير توفيق طوبي ورفاقه جهداً لفتح هذه الأبواب وللمساهمة في وضع الأسس لاستعادة هذه الوحدة، كان اليسار الفلسطيني والرفيق جورج حبش من المتحمسين لعودة اللحمة- الوحدة.
لقد سمعت من رفاق دربه كيف كان يحارب على مواقفه في إطار م.ت.ف. لكنه لم يطعن في شرعية القرار الذي اتخذ بمعارضته لحرصه على الوحدة الوطنية.
واشهد على الملأ أنني سمعت من الرئيس الشهيد ياسر عرفات كلاما في الحكيم يعبر عن محبة وتقدير كبيرين حتى تمنى لنفسه معارضين صادقين مخلصين مثل الحكيم وليس مؤيدين منافقين كبعض المتسلقين.
جورج حبش.. يا ابن اللد.. يا ابن فلسطين.. ايها الفلسطيني بامتياز..
ودّعناك عند مرتفع شرقي النهر يطلّ على فلسطين..على مرمى لمحة عين منها..
ودّعنا الجسد المتنكر في زيّ تاريخ.
لكننا لم نودع التاريخ ولم نودع الفكرة- الجمرة.. ولم نودع حبّ فلسطين...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. Read the Socialist issue 1268
.. Socialism the podcast episode 130 The fight for worker’s pol
.. المحكمة الابتدائية في تونس تقضي بإعدام 4 أشخاص أدينوا باغتيا
.. حكم بإعدام 4 مدنيين والمؤبد لشخصين بقضية اغتيال شكري بلعيد ف
.. شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني