الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرحلة الراهنة، ومهمات قوى اليسار، والديمقراطية.....1

محمد الحنفي

2008 / 2 / 6
ملف - دور قوى اليسار والديمقراطية في بناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية  تضمن الحرية والعدالة الاجتماعية للجميع 


في البداية، لا بد أن أتوجه بالشكر العظيم إلى منبر الحوار المتمدن، الذي يطرح محاور تستدعي التحفيز المعرفي، وتحرض على العمل على سبر أغوارها، حتى تصير واضحة في أذهان المتتبعين، الذين تنتقل عبرهم إلى وجدان الجماهير، من أجل أن تتحول إلى واقع قائم.

وفي بداية معالجة هذه المحاور، نجد المحور المرتكز على طرح السؤال:

ـ ما هي المهمات الأساسية التي تواجه قوى اليسار، والديمقراطية، في الشرق الأوسط في المرحلة الراهنة؟
والذي يمكن اختصار في موضوع:

"المرحلة الراهنة، ومهمات قوى اليسار"

وموضوع كهذا يقتضي منا عرض:

1) سمات المرحلة الراهنة.

2) التحديات المرحلية، والإستراتيجية، التي تواجه قوى اليسار.

3) ما هي مهمات اليسار المبنية على أساس تلك التحديات.

4) الخطوات المطلوب إنجازها قبل الشروع في إنجاز المهمات المطروحة.

سمات المرحلة الراهنة؟

والمرحلة الراهنة، كما يمكن أن يرصد ذلك أي متتبع، تتميز بمجموعة من السمات التي تعلن عن نفسها دونما حاجة إلى بذل مجهود فكري مضن. وهذه السمات تتمثل في:

1) الهيمنة الرأسمالية / الهمجية العالمية على المستوى العالمي، مما يجعل الحيف الاقتصادي يستهدف الطبقة الوسطى، التي صارت تندحر في اتجاه الانسحاق، والالتحاق بالطبقات الاجتماعية المسحوقة.

2) هيمنة عولمة الاقتصاد الرأسمالي تحت يافطة عولمة اقتصاد السو ق، الذي صار يعتمد كسلاح لمهاجمة كل أشكال الملكية العامة، التي أريد لها أن تسمى ب "ملكية الدولة"، بما في ذلك تلك التي لها علاقة بالخدمات الاجتماعية المجانية، كالمدارس، والمستشفيات، وغيرها، من أجل تقوية الآليات التي تعتمد للهجوم على القوت اليومي للجماهير الشعبية الكادحة، وتجميع الثروات الهائلة في أيدي قلة قليلة من البورجوازيين الكبار، الذين يتحكمون في الشركات العابرة للقارات.

3) تحكم الولايات المتحدة في القرار السياسي العالمي، عن طريق استعمال القوة، ضد كل من لا يسير وراءها، مما جعل الكلمة الأولى لها على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. ذلك أن البورجوازية الكبرى المتحكمة اقتصاديا في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى المستوى العالمي، تعمل على تكريس نهب ثروات العالم، وفي مقدمتها الثروات النفطية، التي يسمونها بالذهب الأسود، حتى وإن أدي الأمر إلى القضاء على الأنظمة المعارضة لسياستها، وإيجاد أنظمة موالية لها، كما حصل في أفغانستان، وفي العراق، وكما يمكن أن يحصل في أي نقطة من العالم، وخاصة في إيران.

4) الارتفاع المهول لأسعار النفط، الذي تجاوز كل الحدود، بسبب احتكار الشركات الأمريكية العابرة للقارات لتوزيعه على المستوى العالمي، مما أدى الى ارتفاع جميع المنتوجات الاستهلاكية المختلفة، التي لها علاقة باستهلاك المشتقات النفطية، مما يلحق أضرار كبيرة بالقدرة الشرائية للجماهير الشعبية الكادحة.

5) التراجع المهول للحركة النقابية التي لم تعد قادرة على تاطير العمال، وباقي الأجراء، من أجل تحقيق مطالبهم المادية، والمعنوية، مما يؤدي إلى المزيد من الانقسامات التي صارت تعاني منها هذه الحركة.

6) تراجع دور الجمعيات الحقوقية، والثقافية، والتربوية، أمام الازدياد المخيف لما صار يسمى بالجمعيات التنموية، التي تساهم في إفساد الحياة الجمعوية، وخلق المزيد من الانتهازيين.

7) تراجع الحركة السياسية المستقلة عن الأنظمة اللا ديمقراطية، واللا شعبية، في الدول المتقدمة، والمتخلفة على السواء، نظرا لإفساد الحياة السياسية التي صار يتحكم فيها لوبي امتلاك الثروات الهائلة، وخاصة في البلدان الموسومة بالتخلف.

8) انحسار دور ما تبقى من الدول الاشتراكية، نظرا للحصار الاقتصادي، والإعلامي، والثقافي، والسياسي المضروب حولها، بهدف إرغامها على التخلي عن الأخذ بالنظام الاشتراكي، كما حصل مع المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق.

9) تراجع دور الأحزاب الديمقراطية، أمام عودة الدول إلى الاستبداد، في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الدول التي تدعي رعاية الديمقراطية، وتطورها، وتطويرها، باسم محاربة الإرهاب، وأوجدت قوانين خاصة بإعادة الاعتبار إلى الاستبداد صارت تسمى بقوانين الإرهاب، التي تم تعميمها على جميع الدول.

10) تراجع دور اليسار ،وتنكر العديد من مكوناته السابقة للأسس التي قامت عليها الحركة اليسارية في الأصل، مما جعل ما تبقى منه ضعيفا، ومحاصرا، داخل دهاليز الوثوقيات، التي كانت، ولا زالت تحكم مساره، والتي تحول دون ارتباطه الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة.

11) توسع الحركات الظلامية / الإرهابية، وانتشارها في جميع أنحاء العالم، وفي جميع الديانات الكبرى، وخاصة في صفوف المؤمنين بالدين الإسلامي، وسعي هذه الحركات الى تأبيد الاستبداد القائم، أو العمل على فرض استبداد بديل، عن طريق اللجوء إلى القيام بالعمليات الإرهابية في هذا البلد، أو ذاك، وعلى المستوى العالمي.

12) غياب التكافؤ في الإنتاج، والاستهلاك، وفي التمتع بكافة الحقوق، وفي التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي بين الدول، وبين الطبقات، وبين الجماعات، وبين الأفراد، وفي إطار الدولة الواحدة، بسبب التفاوت بين الدول، وبين الطبقات، وبين الجماعات، وبين الأفراد.

13) سيادة الإعلام الرأسمالي التبعي، الإقطاعي، الظلامي المتخلف، أمام غياب الإعلام الجاد، والتقدمي، الذي قد يقف وراء إيصال وعي معين، ومحدد، إلى الجماهير الشعبية الكادحة.

وهذه السمات، وغيرها مما لم نذكر، هي التي تجعل ميزان القوى في المرحلة الراهنة، تميل لصالح الرأسمالي العالمي، ولصالح تكريس الانتهاكات الجسيمة، ولصالح الطبقات المستفيدة من الاستغلال، ولصالح الشركات العابرة للقارات، ضدا على مصالح الجماهير الشعبية الكادحة، التي لم تعد قادرة على الحصول على قوتها اليومي، نظرا لأشكال الحرمان التي تعاني منها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امتعاض واعتراض وغرامات.. ما رأي الشارع العراقي بنظام المخالف


.. عبد الله حمدوك: لا حل عسكريا للحرب في السودان ويجب توحيد الم




.. إسرائيل أبلغت دول المنطقة بأن استقرارها لن يتعرض للخطر جراء


.. توقعات أميركية.. تل أبيب تسعى لضرب إيران دون التسبب بحرب شا




.. إبراهيم رئيسي: أي استهداف لمصالح إيران سيقابل برد شديد وواسع