الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرحلة الراهنة، ومهمات قوى اليسار، والديمقراطية.....5

محمد الحنفي

2008 / 2 / 13
ملف - دور قوى اليسار والديمقراطية في بناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية  تضمن الحرية والعدالة الاجتماعية للجميع 


مصير المجتمع بانجاز اليسار للمهام المطروحة عليه:

وبعد وقوفنا على الخطوات التي يجب على اليسار القيام بها، في أفق انجاز المهمات المطروحة عليه، نصل إلى طرح السؤال المنهجي، الذي اقتضاه السياق العام للنص:

ما مصير المجتمع في كل بلد من البلدان العربية، ومن باقي بلدان المسلمين، بعد قيام اليسار بإنجاز المهمات المطروحة عليه؟

إن قيام اليسار بدوره كاملا في البناء الإيديولوجي، والتنظيمي، والبرنامجي، والسياسي، والجهوي، والتأطيري، والنضالي في صفوف الجماهير الشعبية، وبها، لا بد أن يؤدي إلى انجاز المهمات المطروحة عليه، مما يؤدي إلى تحول عميق في البنيات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، المؤثرة في مصير المجتمع في كل بلد من البلاد العربية، ومن باقي بلدان المسلمين، وعلى جميع المستويات، وفي مختلف الواجهات.

وأول ما يعرفه المجتمع الذي أنجزت فيه، أو تنجز فيه مهمات اليسار، أنه يصير مجتمعا حرا، ومتحررا من أسر الاستعباد، ومن أسر أدلجة الدين، وعلى المستوى الاجتماعي، ويتمتع أفراده بجميع حقوقهم المكفولة بالقوانين المتلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

وثاني ما يعرفه المجتمع، بعمل اليسار، هو تمتعه بالممارسة الديمقراطية القائمة على أساس وجود دستور ديمقراطي في كل بلد من البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، يضمن سيادة الشعب على نفسه، مما يمكنه من اختيار مؤسسات تمثيلية حقيقية، تمكنه من تقرير مصيره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي بنفسه، وفي إطار قيام دولة مدنية، ديمقراطية، علمانية، لا يمكن أن تصير إلا دولة الحق والقانون.

وثالث ما يعرفه كل مجتمع، في كل بلد من البلاد المذكورة، تحقق العدالة الاجتماعية، كنتيجة طبيعية لتمتع الناس بتحقق الحرية، والديمقراطية. ويتحقق العدالة الاجتماعية يصير جميع أفراد المجتمع ينالون نصيبهم من الدخل الوطني، ومن التعليم، والصحة، والسكن، والشغل، وغير ذلك مما له علاقة بالانتماء إلى وطن معين، والى شعب معين.

ورابع ما يعرفه كل مجتمع من المجتمعات المذكورة، هو العمل على ملائمة القوانين المحلية المختلفة، وفي جميع المجالات، مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان العامة، والخاصة، وكما هي في تلك المواثيق الصادرة عن الهيئات الدولية المهتمة بذلك.

وخامس ما يعرفه كل مجتمع في كل بلد من البلاد العربية ومن باقي بلدان المسلمين، انتفاء قيام الدول على أساس الاستعباد، أو الاستغلال، أو الاستبداد، أو على أساس أدلجة الدين، كما هو حاصل الآن، لأن هذا الأساس يتعدد بالاختيار الحر، والنزيه للجماهير الشعبية الكادحة، لطبيعة الدولة التي ستتولى أمرها، وللنظام السياسي الذي يشرف على تلك الدولة، حتى يتأتى للدولة أن تكون في خدمة الجماهير الشعبية، بدل صيرورتها في خدمة الطبقات الحاكمة.

وإلى جانب هذه الصيرورة المتنوعة، نجد قيام اختيارات ديمقراطية، وشعبية، على أنقاض الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية التي تعتمدها الطبقات الحاكمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

كما سنجد أن الدولة المدنية الديمقراطية، والعلمانية، تحرص على تمكين جميع الناس من التربية، والتعليم، من أجل القضاء النهائي على شبح الأمية، الذي لازال يطارد الأجيال، من أجل الدفع بها إلى خارج التاريخ المعرفي، والعلمي، والإنساني.

وحتى يحصل جميع الناس، على جميع الحقوق المتعلقة بالحماية الصحية، سوف نجد أن الدولة سوف تقوم بما هو ضروري في هذا الاتجاه، حتى يحصل جميع المواطنين على حقهم في العلاج، في كل دولة من الدول العربية، ومن دول باقي بلدان المسلمين.

فتمتيع جميع الناس بجميع الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومن خلال ملائمة القوانين المحلية معها، سوف يصير السمة المميزة لمستقبل الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين. وعلى هذا الأساس، سوف تصير الدولة القائمة في كل بلد من هذه البلدان، دولة مدنية ديمقراطية علمانية، تحرص على ضمان الحقوق لأصحابها، وتطبق القانون على الجميع، من منطلق انه لا فرق بين عربي، وعجمي، ولا بين ابيض، وأسود، إلا بالالتزام باحترام القوانين المتلائمة مع المواثيق الدولية.

فهل تعرف الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، هذا المصير الذي يسعى اليسار، إلى جانب هيئات ديمقراطية أخرى، إلى تحقيقه؟

خلاصة عامة:

وبتناولنا لموضوع "المرحلة الراهنة، ومهمات قوى اليسار"، الذي وقفنا من خلاله على سمات المرحلة الراهنة، والتحديات المرحلية، والإستراتيجية، ومهمات اليسار المبنية على أساس تلك التحديات، والخطوات المطلوب إنجازها قبل الشروع في قيام اليسار بانجاز المهمات المطروحة عليه، ومصير المجتمع بانجاز اليسار لتلك المهمات، نكون قد حاولنا بسط الموضوع، بما يوضح، ويرسخ القول بضرورة إعادة الاعتبار لليسار، الذي لعب دورا معينا لصالح الجماهير الشعبية الكادحة في محطات معينة من القرن العشرين، وفي معظم القارات، والتي لازالت أثارها بارزة للعيان. وكان يمكن أن يستمر في لعب هذا الدور، لولا تحالف القوى الرأسمالية، والرأسمالية التبعية، والإقطاعية، واليمينية المتطرفة المدعومة من قبل الرأسمالية العالمية ضده، من خلال العمل على استئصاله من المجتمع، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالبلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، التي تعاني من كل مظاهر التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، في مقابل استمرار انتشار الأمية، والفقر، وسيادة الدين، وازدهار انتشار الاتجار في المخدرات، ونهب الثروات التي تزخر بها هذه البلاد، ونشر العداء بين الناس البسطاء لليسار، وللديمقراطية، وللعلمانية، واعتبار السعي الى تحويل الدولة من دولة دينية، أو تقوم على أساس المرجعية الدينية، إلى دولة مدنية، ديمقراطية، وعلمانية، كفرا، وإلحادا. وركوب كافة الوسائل المؤدية إلى تفتيت اليسار، وإضعافه، حتى لا يقوم بدوره المطلوب.

وما حصل، ويحصل في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، من منهجية الاستغلال، والاستعباد، والاستبداد، أثبت، ويثبت ضرورة إعادة الاعتبار لليسار، ولدوره إيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، حتى يستعيد قدرته على تفعيل النضال الجماهيري في مستوياته المختلفة، وقيادة ذلك النضال، وبتنسيق مع القوى الديمقراطية، من أجل استعادة ثقة الجماهير الشعبية الكادحة بنفسها، وبقدرتها على خلق المعجزات، وانعتا قها من أسر التخلف الذي يوقع في اسر أدلجة الدين، ومن أسر أدلجة الدين، الذي يوقع في أسر الاستبداد، الذي تتكرس في ظله قيم الاستعباد المطبع للاستغلال الممارس عليها من قبل الطبقات الحاكمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين. وباستعادة الجماهير لثقتها بنفسها، وبانعتاقها من كل أشكال الأسر المفروضة عليها، تستطيع الانخراط في النضال، ومن بابه الواسع، في أفق تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، باعتبارها سمات كبرى لقيام الدولة المدنية / الديمقراطية / العلمانية، التي تعتبر ملاذا للإنسانية الطموحة الى التمتع بحقوقها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في ظل سيادة هذه الدولة في كل بلد من البلدان العربية، وفي باقي بلدان المسلمين .

فهل يستطيع اليسار استعادة قوته الإيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية؟

هل يستعيد دوره في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة؟

هل يتجاوز خلافاته الداخلية في أفق ذلك؟

هل يملك القدرة على استعادة دور الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية؟

هل تقوم تلك الجبهة، إن قامت، بدورها في هذا الاتجاه؟

هل تستطيع تعبئة الجماهير الشعبية الكادحة لتحقيق طموحاتها الآنية، والمرحلية، والإستراتيجية؟

هل تتحقق الدولة المدنية / الديمقراطية / العلمانية كنتيجة استيراتيجية لذلك النضال المرير؟

إننا نطمح، وطموحنا عظيم عظمة اليسار، الذي لا بد أن يستعيد مكانته، إن عاجلا، أو آجلا، حتى يلعب دوره الآني، والمستقبلي، لصالح الجماهير الشعبية الكادحة، وبها، ولا شيء يمنعنا من الطموح، حتى وان كان قوة الحديد والنار، وعلى يد المتفجرين المتخرجين من ظلامية أدلجة الدين الإسلامي بالخصوص.



محمد الحنفي

ابن جرير في : 30/01/2008











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان.. مزيد من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #غرفة_الأخبا


.. ماذا حققت إسرائيل بعد 200 يوم من الحرب؟ | #غرفة_الأخبار




.. قضية -شراء الصمت-.. الادعاء يتهم ترامب بإفساد انتخابات 2016


.. طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة يهتفون دعما لفلسطين




.. قفزة في الإنفاق العسكري العالمي.. تعرف على أكبر الدول المنفق