الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول البث العام في الاعلام العراقي/ اثر البناء التنظيمي على المستوى الانتاجي

محمد خضير سلطان

2008 / 2 / 15
الصحافة والاعلام


افترض بان هناك مؤسسة اعلامية ديمقراطية في العراق، تستجيب حقا لما يطرح حول واقع الاعلام العراقي الراهن، تقرأ شيئا من بين ما يكتب وتشارك في الكتابة، ردا وتصويبا او استجابة على نحو معين لا ان تصمت كأنها في عالم آخر او من يكتب تعده في العالم الآخر ،لا ان تعقد الجلسات وتنظم الندوات حول الخطاب الاعلامي، ليس من اجل الوصول الى صيغة عمل مجدية، منظمة في هذا المجال وانما ليظهر المنظمون والمؤتمرون انفسهم بكامل قيافتهم متصدرين الصفوف الامامية وليلتقط لهم كتاب التغطية الصحفية صورا تبرز نشاطا مختصا، فيه اشارات متيسرة وسطحية حول خطابنا الاعلامي وكفى بالله شرا، واذا لم يكن طبيعيا وتقليديا ايضا في أية مؤسسة ان تتابع ما يقال وينشر عن عملها وانشطتها وانظمتها ، واذا لم يكن من صلب واجبها ان تعدها تحية لابد من ان تردها لو لم يكن بمقدورها الرد باحسن منها،
نفترض في الاقل بان هناك اشخاصا او شخصا واحدا من داخل المؤسسة، ربما بوسعه الرد والتوضيح بشأن هذه القضية او تلك، ليقل حقا وصدقا او ليقل بئسا وكذبا لا ليصمت جهلا او تجاهلا،
هذا الرد من جانب مؤسستنا الاعلامية لم يحدث مهما كانت الكتابة جدية ومهمة عن وضعنا الاعلامي الراهن، ومن يتابع الصحف العراقية يعرف جيدا عدم وجود هامش لتعقيب او ايضاح ، يصدر من جهات معنية اعلامية الا ما ندر بالرغم من بعض الدراسات والخطط والمقترحات الجادة المنشورة لدى كتاب عديدين، تنظر في وضع الاعلام العراقي الذي يبعث على الدهشة والعجب في ظل الظروف الراهنة وغلبة الاعلام الآخر بشتى مستوياته واشكاله..
اذن هذه الكتابة وغيرها، تكتب في ظل حقيقة التجاهل او حقيقة عدم وجود الخبراء او بالاحرى حقيقة طرد الخبراء الا انها مدفوعة بافتراض حقيقي بوجود اطار مؤسسي لابد ان يسمع ويقرأ الكثير من الخطط والمقترحات وتعيين نقاط الخلل وامكانيات التصويب سواء من الحالات التي يدركها جميع العاملين في هذا المجال وباتت صارخة ومفضوحة لاستدعاء الحل او من يكتب ويؤشر محصلة العمل الاعلامي بعد سني التغيير.
ثمة امر آخر مهم جدا في سياق التحليل الافتراضي، بان المؤسسة الاعلامية العراقية ادرى بشؤونها وتدرك جيدا ما يقوله الكتاب عنها ويدرك العاملون جيدا المستوى الضعيف للفعالية الاعلامية العراقية، اسبابا وفهما ومعالجة، الا انهم مغلوبون على امرهم ومؤسسة الحكومة اجتاحت الانظمة الاعلامية وصادرت المقررات وبالتالي يعلقون فشلهم على شماعة الحكومة لاسباب واقعية كثيرة .
هنا اجري تشطيرا على الافتراض السابق وافترض ان مستشاري الاعلام في مجلس الوزراء هم المسؤولون عن تراجع الاعلام العراقي امام الحدث العراقي وغلبة ادوار الآخرين( الصحافة الاقليمية والدولية) الا انني لا اذهب بعيدا على القاء كامل المسؤولية على مستشاري رئيس الوزراء الى الحد الذي يجعل المسؤولين في المؤسسات الاعلامية ابرياء ولاذنب عليهم سوى انهم مكرهون على الولاء والطاعة لمن اختارهم في محاصصة اوكفاءة بل من غير اللائق اقتسام المسؤولية بهذه الطريقة الخجولة دون ايجاد حل بالحوارمع الحكومة فضلا عن ان المسؤولية الحقيقية للاعلاميين المشتغلين في البث العام هو الاحساس بعظمها على اكثر من اتجاه دقيق البوصلة ولايمكن لمن يعمل في جانب الاعلام الا يشعر بخرابنا في هذا المجال على مستوى البث العام، ومن لايشعر بالخراب، بالتأكيد لا يفعل شيئا لأنه خارج الاحساس بمسؤوليته وعظمها،وهو معذور حقا..
ان الاعلام العراقي مطالب بعكس الجهد الامني والسياسي للحكومة وصياغته عبر برامج ومخططات دقيقة ولايمكن باي حال قلب المعادلة بان الحكومة مطالبة بعكس الجهد الاعلامي وهي المسؤولة عن وضعه الكسيح، واذا كانت الحكومة قد اجرت بعض الاجراءات المعيقة فمن الخطأ عدها ذريعة للتخلص من المسؤولية وعدم الاحساس بعظمها.
كلنا يدرك الآن، كبف يؤشر الجهد الامني والسياسي للحكومة المتصاعد في الآونة الاخيرة اكثر من صفعة لاجندة اعلامية اقليمية ودولية، ويؤكد بحث واستحداث هذه الاجندة لوسائل تصعيد استباقية جديدة فيما تزداد شيئا فشيئا قبضة الحكومة على بسط الامن وتفعيل مشروع المصالحة السياسية، ابرز مثال على ذلك نجاح تسلم المهام الامنية في عدد من المدن الساخنة ومحاولات الاجندة الاعلامية بكل تعملقها من نقل وقائع مضادة ومربكة وتضخيمها مهما كانت ضئيلة او طبيعية، ويحدث ذلك وسط غيبوبة وسبوت البث العام العراقي ، ولن يفيق الا ان يرى استتباب الامن والهدوء ، والحياة اليومية، تعود الى طبيعتها في حركة الناس بالشوارع والاسواق ، عند ذاك يخرج مع آخرشخص مستريب بعد ان لاتحتاج الظاهرة الى من يعبرعنها قدر ما تعبر هي عن نفسها، وهنا ارجو ان لايذهب الظن بالقارىء بانها دعوة الى المبالغة في الوقائع وتجميل المشهد وتضليل الحقائق وان بدت كذلك، وانما هي نظرة الى جانب حقيقي( مشرق) من الوضع في ضوء احراز نجاح اولي لتحقيق الامن، اين وسائل اعلامنا من الجهد الاحصائي لمراكز البحوث الدولية الذي يثير التفاؤل في اوساط المجتمع العراقي بهبوط معدلات العنف والجريمة بعد خطة فرض القانون، هل نضيع هذه الفرصة بالاكتفاء بايرادها خبرا في نشرة الاخبارفي الوقت الذي توردها سراعا كل المصادر الاقليمية والدولية المتحفظة، ما الفرق سوى اننا اعطينا اولوية لهذا الخبرفيما انتقت بعض الاجهزة الاعلامية المحلية والعربية والدولية في الاخبار والمتابعات الاخبارية مفردات تحليلية، تشير بخبث الى تصغير وتحجيم مثل هذا الجهد الاحصائي ولكن اذا كانت النتائج تعبر عن ازدياد معدل العنف، سوف ندرك بالضبط كيف تتصرف تلك الاجهزة،
اين نجد محاولة في التعبير عن واقعة مشرقة بالضبط كما يفعل الاعلام الآخر بالتعبير عن الوقائع المعتمة.
ثمة من يعتقد وهو على حق بان الناطقين الصحفيين لخطة فرض القانون ومجلس الوزراء ووزارت الدفاع والداخلية والنفط وغيرها هم الذين يشكلون الاعلام العراقي بحق داخل وسائط الاعلام الحر في العراق، داخل منظومة البث العام الغائبة، ان المجتمع يتطلع الى بياناتهم مصدقا ومتضامنا او مشككا ومستاء، ولايجد تحليلا واسعا يشكل بعدا مضافا الى ما قاله الناطق الحكومي، بمعنى اوضح ان وسائل البث العام ماهي الا وسيط آلي لنقل وترديد البيانات والتصريحات الحكومية دون ان تجري تحليلا لتساؤلات الجمهور وكشفا باهمية ومؤدى المضامين،واستقبالا وقبولا بالرأي والرأي الآخر، في الاقل وبزاوية مختلفة كما تجريه الفضائيات والصحف الاقليمية والدولية من استقصاء وتحليل ومتابعة مستفيضة لاي تصريح جديد وحسب الاولوية التي ترتأيها أي ان الحكومة بجهدها الامني والسياسي فضلا عن مكاتبها الاعلامية ، تقاوم ضمنا الاجندة الاعلامية المضادة والمشككة وهذا ما يتخلل النزعة الاسلوبية للبيانات وما يعقبها من حوار الناطقين المتقن الاداء في لقاءاتهم مع المصادر الاعلامية فيما يفترض ان يخفف الاعلام العراقي بعض هذا العبء عن الحكومة من خلال وجوده كضمير اجتماعي ليقف ظهيرا للطرفين (الدولة والمجتمع) في كل خطوة الى الامام ، ليس المقصود التعبير المباشر عن رؤية الحكومة ولكن اثبات التحقق الفعلي لخطى العملية السياسية داخل المجتمع العراقي، وبذلك هو رصيد مجتمعي تحققه احدى مؤسسات الدولة مثل الجكومة ويؤكده الناطقون في حوارهم ولا تحققه مؤسسة دولة مثل الاعلام لأنها وسيط آلي يبث الى الجمهور دون ان يمثله في التحليل والكشف.
هل تنكر وسائل البث العام ضعف الاداء الاعلامي في هذا الاتجاه ولا اقصد البرامج الترفيهية او الدرامية وانما على مستوى التحليل والمتابعة الاخبارية فقط؟
وبالرغم من ذلك علينا التأكيد على حقيقة، بان السلطة التنفيذية في ظرفها البرلماني والدستوري الآني لابد ان تتبنى مؤقتا شؤون العملية الاعلامية( وهذا ليس دفاعا) ،تتبنى وليس الاعلام الحر ابنا شرعيا لها فالسلطة التنفيذية من واجبها عدم الصمت عن المؤجل من التشريع ولا تقف مكتوفة الايدي امام شأن دستوري عاطل وهو بهذه الاهمية، تخلى عنه البرلمان فصار شأنها بالضرورة ،
ويفرض وضع الاعلام المضطرب بين اللوائح الانتقالية (البائدة) والقوانين الدستورية التي لم تقرر بعد، فجوة واسعة لا تساعد الاعلام العراقي لكي يأخذ دوره الحقيقي سواء في الاطار التنظيمي او الانتاجي غير ان هذا السبب وغيره لايسوغ انعدام فعالية البث العام الآن ولايقع باللائمة على الجكومة قدر ما هو مسؤولية مباشرة لمؤسسات الاعلام العراقي في اقامة الحوار مع السلطة التنفيذية ولكن الواقع ان الحوار لن ياتي في ظل غياب وحدة المؤسسات بالكلمة والوسائل والاهداف فالجهات الاعلامية العراقية كنقابة الصحفيين ومنظمات الحريات الصحفية وغيرها هي تشكيلات يغلب عليها البعد السياسي الذي يشكل مخاضا مهنيا وليس بمقدور اية جهة ان تجمع الصحفيين الآن في موقف موحد حتى في حدود التصويت بنظام الاغلبية البسيطة وتلك مشكلة تضاف الى اشكالية الحكومة في التبني المؤقت وعدم الاجماع الاعلامي على اتخاذ قرار وتعد ذريعة برلمانية لتعطيل القرار بيد اصحابه.
على هذا الاساس ، هل نستطيع ان نحرق المراحل ونحقق انتاجا نوعيا خارج وحدة المؤسسة الاعلامية.. نعم بجهد الافراد ورسم المخططات داخل المجال التنظيمي والانتاجي معا والحوار مع السلطة التنفيذية، والا لماذا نجحت فضائيات محلية بخطاب اقليمي ورؤية سياسية واعلامية معارضة للبناء السياسي في البلاد في احراز تقنية متقدمة على المستوى التنظيمي والانتاجي وفي جذب الجمهور وتحقيق اهدافها السياسية، ولنأخذ المجال التنظيمي لهيئات البث العام في ضوء حكومات وقوانين متعاقبة وكيفية تجاوز الخطى التنظيمية المعيقة لمجال الانتاج الواسع وكيف لاتمنع من اقامة شكل من الانتاج النوعي البسيط.
يجري الحديث باستمرار هنا وهنا عن وسائل( البث العام) في الاعلام العراقي وربما لم استخدم المصطلح يصيغته المعروفة والشائعة خطأ عندنا كما نشأت واستبهمت – يتحدث المعنيون غالبا في خلطة مبهمة عن الاعلام العراقي الجديد بوصفه( الممول من المال العام) كما في شبكة الاعلام العراقي اذا علمنا ان المال العام هو ما تفرضه الدولة على استخدام مال المجتمع مقابل خدمات ملموسة له غير ان الاعلام العراقي بعد الغاء وزارة الاعلام الحكومية تبعا لمقررات حرية التعبير في النظام الديمقراطي وقوانين الفترة الانتقالية صار بيد المستثمرين( وهو مال عام خارجي، شركات عربية واجنبية) لفترة قصيرة نسبيا بعد انهيار الديكتاتورية وتسلم السيادة في الحكومة المؤقتة ، حزيران 2004 ، ومر وقت ليس بالقصير على الغاء عقود الشركات دون ان تبرم عقود جديدة لمستثمرين محليين او أي شيىء يؤكد مالا عاما لادارة الاعلام وليس مال الدولة الاساسي وانما انتقل الامر بغموض الى الجانب الحكومي مباشرة بدون ان يزعم هذا الجانب باستخدام مال الدولة مع ابقاء الدعم المالي السنوي الذي كانت تدفعه قوات التحالف ونمو رأس المال الخاص بصحيفة الصباح وفضائية العراقية من خلال الموارد والعائدات، ويعد هذا بداية الاختلال وتجاهل المقررات الانتقالية، تجاهل ان يكون المال العام اساسا لتطوير نهضة اعلامية عراقية وما يترتب على هذا الاساس كما هو مدروس عبر الغاء وزارة الاعلام الحكومية من استقلال وصيانة حرية الصحافة من المؤثرات الحكومية وبدلا من ان يكون الشأن بيد هيئات مستقلة متخصصة كما مقرر في مجلس الامناء وهيئة الاعلام والاتصالات صار الامر كله بيد اجهزة وزارة المالية بصيغة مباشرة وهي بالنتيجة النهائية فكرة مختزلة لادارة حكومية للاعلام بالرغم من سريان قرار الغاء وزارته او هي فكرة مضطربة مؤداها عدم وجود انسيابية لنقل الاعلام الى اطاره التنظيمي الحقيقي، - ويخطىء الكثير حين يتصور مفردتي المال والعام فيعتقد ان المال العام هو مال الدولة أي من صلب الايرادات للخزينة فيما هي اموال مباشرة من المجتمع –ضرائب، رسوم، تبرعات- تنظمها الدولة في هيئة مشاريع ومنها المشاريع الاعلامية،وكان من المؤمل ان يكون الاعلام العراقي كذلك تبعا لخطوانه التأسيسية بعد التغيير، شركات رأسمالية تضع رصيدا مناسبا لاستثمارمشروع الاعلام ،تدعم توجهات لاعلام حر مستقل، يشكل احد اركان النظام البرلماني ومؤسسته الرابعة بعد التشريع والتنفيذ والقضاء، وبالفعل فقد تم كخطوة تمهيدية التعاقد مع شركات اميركية وكويتية ولبنانية في بداية التغيير وسبق التعاقد الغاء أي ارتباط للاعلام مع الحكومة وتشكيل هيئات اعلامية ولوائح قانونية مؤقتة من شانها ادارة وتصريف الامور حتى تجاوز الفترة الانتقالية فعدت هذه الهيئات التي تقوم على وفق نظام داخلي وتقرر من خلال التصويت اطرافا شرعية لابرام العقود والمراقبة والمحاسبة حسب تهيكل المسؤولية لديها ومارست مهامها في ظل ملابسات كثيرة منها ان هذه الشركات استخدمت منشآت الدولة( اذاعة، تلفزيون، مطابع، مبان، آليات، مستخدمون، موظفون) مما جعل الممتلكات العامة هنا العائدة للدولة شريكا بلا شريك ومتعاقدا بلا طرف بل كان سببا مباشرا في التخفيف من تكاليف المستثمر وعاملا في زيادة الارباح ونجاح المشروع وفي نفس الوقت، ادى استقلال الاعلام عن الحكومة في اطاره التنظيمي الى عدم المطالبة بالممتلكات مؤقتا وتحييدها الى حين بالرغم من فائدتها المجانية للمستثمر( الخارجي هنا)ولم يمض وقت حتى وضعت الحكومة الانتقالية اليد على بعض الممتلكات العامة كالمباني التي تشغلها الآن منظمات المجتمع المدني (النقابات والاتحادات سابقا وحاليا) تمهيدا الى المطالبة بها كونها منشآت عامة للدولة وليس للمجتمع( ما للدولة لها في النظم الديمقراطية وما للمجتمع للمجتمع) واكتفت الحكومة الانتقالية من خلال وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني باطلاق رواتب بعض المستخدمين في هذه الاتحادات وتجميد اموالها وفرضت ضوابط عديدة ، تؤكد بلا شك حالة الالتباس بين وضع هذه المنظمات الحكومي والمجتمعي وتعد اجراءات الحكومة مقدمة لفض الاشتباك بين تبعيتها للحكومة ام المجتمع حتى جاء الدستور ليؤكد الفصل بين النقابي التابع للسلطة التنفيذية وبين المنظمات المدنية والاهلية ولكن بقانون تنظيمي لم يقرر بعد.
وهذا الطريق المسدود نفسه ما وصل اليه الاعلام العراقي العام في جانبه التنظيمي الا ان الحكومة في سياق اجراءاتها بخصوص الاعلام لم تطالب بفك الاشتباك بين تبعية الاعلام للسلطة ام المجتمع ولم يبد في سياقها الاجرائي بل وعملت في ظل الظروف الملتبسة على طرح صيغة ضم مستبهمة في اطار الفترة الضائعة بين القوانين الانتقالية التي يفترض تجاوزها وبين القوانين الدستورية الجديدة المعطلة وقد نجم بالضرورة عن النتائج التالية:
1- التجميد التلقائي لدى الهيئات الاعلامية العليا المنبثقة على اثر التغيير فلم تستطع هذه الهيئات الاستمرار بتفعيل دورها التعاقدي ومنهجها الاعلامي كجهات عليا صاحبة قرار بعد الغاء عقود الشركات الاستثمارية لثلاثة اسباب لم تستطع تجاوزهما ، الاول، ان الجهة التنفيذية من خلال حفطها الارباح والعائدات المالية لشبكة الاعلام العراقي وتراكمها كرصيد رأسمالي مثبت داخل الموازنة المالية للاعوام 2005-2006 -2007، تعد متعاقدا على نحو ما اذا نبقى مصرين على ضرورة ان يكون هناك طرفان للعقد فما دامت الحكومة هي التي الغت العقود للشركات لاسباب موجبة في اجراء سيادي وابقت الرصيد لدى وزارة المالية فانتفت بذلك ضرورة طرف آخر للعقد وبدلا من ان تكون وزارة المالية جهة تنظيم وادارة مالية للاطار التنظيمي الاعلامي الا انها استحوذت على الصفة السلطوية المباشرة وانهت الدور التعاقدي للهيئات الاعلامية والاتصالية العليا ويعرف المواطنون العراقيون من خلال نشرات الاخبار مؤخرا دور وزارة المالية وحجمها التعاقدي في استثمارات الهاتف لدى شركات الهاتف النقال فيما يفترض بان هناك هيئة اتصال من واجبها ابرام العقود كجهة عليا ويأتي واجب الوزارة بتنظيم المدخلات من المخرجات في سياق الموازنة العامة.
السبب الثاني، ان نهاية الفترة الانتقالية وبطء انطلاق الدستور والبرلمان على المقررات الاعلامية وتنفيذها، اتاح للجهة التنفيذية لا اقول بقصدية وانما بتصرف قائم على حسن النوايا لدى مستشاري الاعلام في مجلس الوزراء، ان تستعيض دورا قائما على الغاء مقررات الفترة الانتقالية من خلال ضم مؤقت للاعلام العراقي الى الحكومة كجهة تنفيذية طالما ان البرلمان لم يقرر الوضع النهائي بعد وهي مرحلة خطرة على السلطة التنفيذية لأنها سوف تفقد المراقب والوسيط المجتمعي المهم وتكسب المتملق والمداجي والزائف مثلما هو جار الآن وهذا ليس اطلاقا ينطبق على الجميع.
السبب الثالث: استمرأت اعلى جهة تشريعية كما هو مقرر في مجلس الامناء او الحكام ان يبقى نصابها ناقصا طيلة الفترات السابقة منذ نهاية 2005 وحتى الآن مما يحول دون اتخاذها أي قرار( النصاب 9 اعضاء= قرار) ، يجعل السلطة التنفيذية ملزمة بتطبيقه ولكن اذا لم يكنمل النصاب ، هذا يعني جعل القرار بيد الحكومة وهذا السبب يالرغم من تأثيره على الوضع الاعلامي الا انه احيانا يستخدم كذريعة ضد السلطة التنفيذية كونها من تشجع على بقاء الحالة المضطربة لاتخاذ قرار غير ان السؤال المطروح، ما هو القرار الذي تتخذه هيئة الامناء في حال اكتمال النصاب عدا فكرة اقالة هذا الشخص واحلال ذاك، وهل من المستحيل العمل في ظل الانهيار الاعلامي الآن الا اذا اكتمل النصاب القانوني، وهنا لا انفي تدخل السلطة التنفيذية في الوقت الذي ارى ام هذا التدخل لا يؤكد بقاء مجلس الامناء معاقا آزاء مهام آخرى وهل من المعقول ان يرتكز اكتمال النصاب الى الاطاحة بشخص في هذا المنصب واحلال شخص ويحجب عنه المهام الاخرى.
2- تشوش وضياع الفكرة الاساسية لاعلام دولتي ومجتمعي ممول من المال العام وتخبط التصور بين الاعلام الرسمي والحكومي والشبيه ويمكن الاشارة هنا الى ما تطلقه بعض المصادر الاعلامية الاقليمية والدولية على فضائية العراقية او صحيفة الصباح من انهما رسميتان وحكوميتان وهاتان صفتان ، تخالفان الاطار القانوني العراقي ومبدأ الاعلام الحر شديد الترابط مع البناء البرلماني والسياسي والاقتصادي في العراق بعد انهيار النظام الآحادي الشمولي ويحق للمرجع الاعلامي في العراق تصحيح تلك المخالفة وفقا للمبدأ غير ان غموض الصورة للخطاب الاعلامي العراقي وتشوش الفكرة الاساسية لاعلام دولتي ومجتمعي خال من معطى ملموس ، جعل من غير السهل على المرجع ان يجري تصحيحا لهذه المخالفة طالما هو لم يعمل بالمبدا الاساس، من جانب آخر قد يظن البعض بانها قراءة دلالية للاعلام العراقي من قبل الآخرين فقط ، قد يعد اطلاق مثل تلك الصفات تندرا عبثيا واعتباطيا ، بينما الامر ابعد من ذلك اذ يترتب على سكوت المرجع عامل قانوني لايتيح له استخدام وسائل الاعلام لنقد مظاهر انتهاك حقوق الانسان او خنق الحريات في البلدان الاقليمية والدولية واية حملة اعلامية للغلو والتطرف الذي يلحق الاذى بمجتمعنا كما في مظاهر متفاوتة في السعودية او مصر او ايران وغيرها سوف تكون ممنوعة على اعلامنا الحر لانه حكومي في نظر هذه البلدان وتعد تدخلا في الشأن الداخلي ، ويعطي الشرعية بالشكوى والمحاسبة تبعا للمعايير السياسية الملزمة الا اذا نفت الحكومة الامر واكدت على استقلال الاعلام وكيف تقوى ذلك في ظل صورة مشوشة، مع ملاحظة ان اغلب من يطلق على اعلامنا في البث العام صفة الرسمي والحكومي هي الدول التي توجه الاعلام في السياق الايديولوجي داخل شعوبها ، وهكذا يرتبط اعلامنا العام مع مقررات السياسة الخارجية ويغدو شأنا دبلوماسيا مقيدا، وهو احد نتائج تشوش وضياع صورة الخطاب الاعلامي العراقي.
3- انعدام مراقبة الاداء الاعلامي للقنوات والصحف التابعة للبث العام على المستوى الانتاجي فلم تحقق هذه القنوات والصحف اكثر من اطلاق حرية التعبير لحظة انهيار الرقيب المستبد منذ العهد البائد ولكم كان هذا مهما وكبيرا عند سقوط الديكتاتورية ، ولكم كان هذا رائعا ان تكون التغطية والكتابات الصحافية محورا اساسيا في العمل الاعلامي غير ان الرقيب ولى وتبدد الغضب المتفجر خلل الكتابة اليومية التي تطل على القارىء والمستمع والمشاهد وماعادت مثل تلك الكتابات( وهو المهم في الاعلام) تحمل عنصر التزامن مع الحدث كونها متابعة اعلامية ولأن احداثا كثيرة تلاحقت وتوالت مما ادى بالضرورة الى متابعة وتائر الاحداث وتقصي مجرياتها وفقا لتمحور آخر يتكامل مع البناء السياسي للبلاد، ولعلنا نتذكر في الاسابيع الاولى لانهيار الاستبداد كيف كانت المصادر الاعلامية الاقليمية والدولية تعمل في اتجاه واحد مع ادائنا الاعلامي وكيف اظهرت اشرطة الافلام في عدد من الفضائيات فضائح النظام الصدامي في القتل والتعذيب وما اضفته المقابر الجماعية على ابراز الصورة القبيحة لنظام اقبح،ومنذ ذلك الوقت لم نعمل على مراقبة ادائنا الاعلامي قدر ماكنا نراقب اعلام الآخرين في تزايد اساءته للمجتمع العراقي في ما بعد ونعمل على غلق مكاتب بعض الفضائيات بدلا من ان ندعم انتاجا موازيا وداحضا لها ونكيل النقد والاتهامات بدلا من نراجع وضعنا في ما قدمناه نحن الذين نمتلك الحقيقة ، ومن الطبيعي ان القنوات العراقية للبث العام لن تستطيع المراجعة لأنها لم تقدم شيئا على المستوى الانتاجي سوى ان تكون وسيطا آليا لترديد بلا رجع للمكاتب الحكومية وهو ما يستدعي خطة برامجية واسعة حتى يمكن تعيين نقاط الخلل وتصويبها.
اعود الى الافتراض السابق واسأل، من هو المعني بهذه الكتابة وغيرها حول الاعلام العراقي، هل اتوجه بدعوة القراءة الى مستشاري الاعلام في مجلس الوزراء ام الى مجلس الامناء في شبكة الاعلام العراقية ام الى رؤساء التحرير في صحف البث العام ومديري الفضائيات ، في الواقع ، ادعو القارى، أي قارى الى الحوار في الموضوع وحسب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القادة الأوروبيون يبحثون في بروكسل الهجوم الإيراني على إسرائ


.. حراك تركي في ملف الوساطة الهادفة الى وقف اطلاق النار في غزة




.. رغم الحرب.. شاطئ بحر غزة يكتظ بالمواطنين الهاربين من الحر


.. شهادات نازحين استهدفهم الاحتلال شرق مدينة رفح




.. متظاهرون يتهمون بايدن بالإبادة الجماعية في بنسلفانيا