الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرلماني العراقي بين الوظيفة الادارية والابتكارية

محمد خضير سلطان

2008 / 2 / 16
دراسات وابحاث قانونية


هل بوسعنا القول بأن العمل في البرلمان هو مجرد وظيفة والمقصود هنا وظيفة ادارية وللنائب البرلماني وظيفته وطاولته، مثله كاي موظف في الدولة غير انه ، يتميز بمؤهلات اضافية تمكنه من احراز واداء هذه الوظيفة ككسب التأييد والانتخاب الديمقراطي من قبل المجتمع فضلا عن مؤهلاته العلمية العامة، ولم لا ما دامت جميع هياكل وتشكيلات الدول البرلمانية ، تؤكد موقع البرلمان الوظيفي والمؤسساتي المقيد بالدستور لدى هذه الدول، مثلما يؤكد خضوع موظفي البرلمانات كلها الى الانظمة والقوانين المعمول بها في هذه البلاد او تلك وليس بمقدور البرلماني في العالم والعراق تحديدا، ان يأخذ موقع الملاك التشريعي الذي يقول للقانون كن فيكن وهو وان كان وحدة اساسية لاكبر جهة تشريعية عراقية الا انه مقيد بالادوار الذي اوصلته الى ان يكون جزءا من قاعة البرلمان وليس جزءا من قبة البرلمان ، وتفسير هذه الاستعارة كون الجزء( وحدة البناء الاساسية) في المنظور الفني الاسلامي يضيع في الكل( القبة المتماسكة) اذ يصير الجزء كلا متماسكا وبالتالي فان الادوار الموصلة لوحدات البناء على الكراسي البرلمانية هي الاصل والقاعدة التي تكشف عن اداء هذا البرلمان او ذاك ومرتهنة في فضاء القاعة الرأسي وليس شكل القبة الذي يوحد الجزء في الكل.
الوظيفة ليست كلا
وعلى ذلك فأن البرلماني العراقي في وظيفته الادارية وليس الابتكارية محققة لريادته في هذا المجال، ومن خلال محصلة نشاطه في العام الماضي 2007 ، لايستطيع ان يكون كلا موحدا بحساب كل الفرضيات البرلمانية من الاجماع الى اصوات الثلثين والاغلبية البسيطة وحتى نسبة 50+1 ، لايستطيع ان يكون كلا الا في كتلته وهو الشيىء الوحيد الذي تعلمه له كتلته البرلمانية ولم يتعلم منه في البرلمان، انه التجاذب الوحيد الذي يؤكد برلمانيته حقا من الاندماج في كتلته والتجاذب الوحيد الذي يعطيه الفرصة للخروج من كتلته الى فضاء البرلمان والمشكلة ان البرلمان العراقي بتركيبته المعقدة لا يعطي الفرصة للبرلماني ان يجد نفسه خارج الكتل البرلمانية، ان الكتل البرلمانية مثل الهواء بالنسبة للبرلماني بالرغم من عدم برلمانيتها، وهكذا فنحن ازاء تعقيدات تجعل النائب لن يكون فيلسوفا او اماما بالضرورة ولكنه حتما سيكون عاملا مطيعا او موظفا جيدا وفقا للاحكام الواقعية.
اذن.. تعالوا ننصف البرلمانيين ونقع باللائمة على البرلمان الذي يصنع برلمانيين ليسوا على شاكلته لأسباب واقعية ومستقبلية ايضا، يدفعهم الى التعامل مع مواقعهم كوظيفة ادارية مثل الاخرين في وظائف الدولة ويتمتعون برواتبهم واجازاتهم وامتيازاتهم الاضافية مثل بقية شرائح الموظفين، لم نحجب عنهم هذا الحق المكفول ضمنا او علنا في النظام الداخلي البرلماني والاكثر من ذلك ان كل الدعوات البرلمانية الدولية ، تثبت من خلال الندوات والدورات التي حضرها البرلمانيون العراقيون وشاركوا فيها وتعلموا منها بان النائب ما هو الا موظف اختاره الشعب لاداء مهمة ولكن لم يمنع او يحظر عليه حضور الاعياد وحج البيت الحرام حتى لو منعوه سدنة الكعبة، وهو حق مكفول قانونا بغض النظر عن التعقيدات التي تثقل عقل وروح البرلمانيين، بغض الطرف عن شعب لم يطالب على نحو حقيقي برلمانيا بحقه، وبصرف الانتباه عما حققه البرلمان من واجبات حتى يتمتع بحقوقه، والشعب لم يمنعه من خلال احاديث المقاهي وتقارير الاعلام وتفوهات ركاب الباصات، فلو كان الشعب شعبا لكان البرلمان برلمانا حقا واقصد لو كان حق المطالبة متكاملا في منظمات شعبية واجماع جماهيري ضاغط لما اعطى الفرصة لغياب هذا الاحساس في صلب عمل البرلمان بالرغم من غيابه في الاطار القانوني البرلماني، ولا يكفي ان يكون حق المطالبة مكفولا ولابد ان يكون في تكاملية موحدة بين منظمات الدولة ومنظمات المجتمع، والبرلماني العراقي استفاد وسيستفيد من هذه الثغرة حتى عام 2070 .
التكامل بين البرلمان والشعب
عند ذاك ، تكون الوظيفة الابتكارية للشعب هي بالضرورة الوظيفة الابتكارية للبرلمان وهذه الآلية يفتقدها الكلام الحر في الهواء عند المقهى او الباص وحتى التقرير الاعلامي في ظرفنا الآني. ان برلماننا العراقي في اطار الدستور، اعطى حق المطالبة من حيث المبدأ ولم يستكمل مقتضيات الاطار التنفيذي لعملية المطالبة عند شرائح الشعب، لم يعط دورا للفضاء الاجتماعي بأن يتحرك على نحو مناسب بين الاصلاح والانتقالية الديمقراطية، ومن الطبيعي ان الجمهور لايخرج بتظاهرة عفوية ما لم تجر جهات معينة تنظيما لتلك التظاهرة ولن تستمر المطالبة الا بتفعيل دور المنظم العضوي اذ يجوز التعبير وهو من يمتلك قدرا كبيرا من التاثير في الجمهور مثل التيار الصدري مثلا حين يقدم على تظاهرة مليونية الا ان التيار الصدري بالرغم من اشتماله على هذه الصفة الغائبة في التيارات الآخرى فهو خاضع لمسار نمو وتفاعل لكي يصير تيارا مدنيا ، نستقرىء ثقافته السياسية قبل جوانبها الانساتية والدينية، ولهذا هو يمتلك هذا الامتياز الجماهيري خلافا لكل الكتل السياسية المنضوية في الاطار البرلماني مثلما يمتلك السيرورة المتنامية في ان يتحول الى تيار مدني يراعي معايير الثشكيلات الحديثة وادوارها السياسية، وعلى ذلك فان البرلماني العراقي ، يفتقد الى ممثله على مستوى مباشر لأن المشتركات في هدفية التصويت المجتمعي منعدمة ومنحصرة في مناطقية، تعد كل شيىء وليس اطارا فنيا وتسلسلا اجرائيا لنتائج الانتخايات النهائية وانما هو هو تصويت ثقافي على اساس القبلي والطائفي والعرقي، انها ترشيحات ما قبل الهدف الاساسي الاول ، الخدمات فلا يستطيع النائب في التحالف الكوردستاني ان يفتتح مكتبا في البصرة وكذلك لن يستطيع النائب في الائتلاف الموحد ان يلبي مطالبا من دهوك، لايستطيع ليس لأن المكان في البصرة او دهوك خال من ناخبيه المباشرين او لأنه ممثل لهذه المنطقة او تلك ولكن لأن الاطار البرلماني الصارم لايسمح له ان يكون برلمانيا حقا وينتقل من الاقل الى الاكثر، من درجة ترشيح الناخبين الى درجة التمثيل البرلماني لمجموع الناخبين فالناخب وحدة اجتماعية وليس وحدة كتلوية، والمطلوب ان يكون النائب البرلماني مثله.
بين الائتلاف والمعارضة
ولذلك فان القوانين الدستورية في المستوى التطبيقي، لم تستطع صهر الكتل في الهدفية البرلمانية وهو ما يشكل نزاع البرلمان ومقاومته ليكون برلمانا حقا ، ولو كان برلمانا قائما على اساس نتائج الخصومة والمعارضة لقلنا بأن هذا اساس كتلوي ، الفائز هو الاصلح مؤقتا ولكن برلماننا يقوم على اساس التوافقية والائتلاف لجميع الكتل وليس الخصومة والمعارضة القاطعة النتائج والتجربة، يقوم اساسه التشريعي على الاعراف اكثر من القوانين ولو كانت الاعراف قوانين كما في الدستور اللبناني لكان المستوى التطبيقي اقرب الى الواقع منه الى تغريب المبدأ من سياقه الواقعي، ان نظام السلطة التنفيذية به من المرونة اكثر من السلطة التشريعية ، اذ يستطيع الوزير ان يتمسك بخدماته ويصر على البقاء بالرغم من انسحاب كتلته من الحكومة فيما ليس بمقدور النائب ان ينسحب من كتلته ليتشكل في كتلة آخرى الا اذا انسحبت كتلته كلها من البرلمان، وهكذا فان الاطار البرلماني يشجع على تراص الكتل اكثر من صهرها في الهدفية البرلمانية العامة من اجل المجتمع والدولة وبنائهما المشترك، وفي هذا السياق المضطرب لايمكن للنائب ان يتخطى الطاقة الدلالية لمنظومة القوانين الصارمة، ومن الاجدى ان يكون موظفا مسلكيا وليس بالضرورة ان يبحث في قدراته الكامنة عن حلول سحرية لفكرة السلطة التشريعية ودورها العلوي ، ليس في التشريع حسب انما في الخلق والابتكار المجتمعي ، انه ببساطة برلماني على مستوى مجتمع لم يألف الحياة البرلمانية فماذا يفعل سوى ان يكون بمستوى التمثيل الواقعي لمجتمعه، مثلما يتعلم الشرطي ، كسر ثقافته في اكتساب قوانين حقوق الانسان، يتعلم البرلماني ان وجوده رهن باجيال قادمة من برلمانيين ، يلتقون شيئا فشيئا بفضاء اسمه البرلمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيس سعيّد يرفض التدخلات الخارجية ومحاولات توطين المهاجرين في


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجا




.. نشرة إيجاز – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة محتومة في


.. العراق يرجئ مشروع قانون يفرض عقوبة الإعدام أو المؤبد على الع




.. رئيسة -أطباء السودان لحقوق الإنسان-: 80% من مشافي السودان دم