الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع استاذي كاظم حبيب

سمير طبلة
إداري وإعلامي

(Samir Tabla)

2008 / 3 / 4
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


لندافع عن الانسان أولاً في العراق!

بدءاً اعتذر لأستاذي الدكتور كاظم حبيب، شخصياً، ولكل من تصور أني وجهت له تهمة الدفاع عن السرقة والنهب في العراق، خصوصاً رفاق وأصدقاء الدرب المشرف، وهم من أخلص أبناء وبنات العراق دفاعاً عن مصالحه ومصالح شعبه. ومثل الحبيب كاظم ورفاقه أسمى من ان يُتهموا. فتاريخهم المشرف، وواقعهم، وما يتطلعون اليه، يثبت بما لا يقبل الدحض هذا الاخلاص. ومن دون أي تأليه لهم، فهم بشر خطّاء.
وبعيداً عن شخصنة النقاش فهو عن قضية عامة تتعلق بملايين البشر، أحاور، كتلميذ مخلص، رد الحبيب كاظم الموسوم "عن ماذا أدافع في العراق؟"، والذي نُشر في مواقع الكترونية عدّة، قبل أيام. وكان جواباً على رسالتي لرفيق مشترك، هو الآخر أحد أساتذتي، وأرسلتها لعدد محدود جداً من مناضلي الحزب الشيوعي العراقي.
وأثق بالاطلاق اننا سنتوصل الى نتائج مشتركة، طالما ان هدفنا هو الانتصار للانسان العراقي، ووجوده المهدّد، دع عنك سعادته وحرية وطنه.
تمنيت ان تركز اجابة استاذي الحبيب عن سؤاله (عنوان المقالة) على الدفاع عن العراق وإنسانه، الذي وهبه هو وآلاف من رفاقه، ويهبوه، العمر، بعد ان وهبه آلاف برّرة آخرين حياتهم الغالية. والدكتور كاظم معروف بنشاطه الدؤوب والمشرف بالدفاع عن الانسان وحقوقه.
فبماذا يعرف "العملية السياسية"، وهي موضع خلافنا؟ يكتب بالنص :"قيل قديماً بأن الحرب ممارسة السياسة بطرق أخرى اي بالسلاح. ولكن هذا المفهوم يفترض ان ينتهي وأن نتبنى المقولة التي تؤكد بأن السياسة يفترض ان تمارس الاساليب الحضارية في معالجة مشكلات البشر وبعيداً عن القوة والعنف والسلاح"، ويضيف "فحين يجري الحديث عن العملية السياسية في العراق فهو لا يعني سوى التخلي كلية عن استخدام أساليب العنف والقوة والانقلابات"، ثم "يفترض المشاركة في العمل السياسي والديمقراطي...".
أفهم ان استاذي الحبيب يعرّف "العملية السياسية" باعتبارها كل عمل سياسي لاعنفي. وهو كلام جميل، لا يمكن لاي متحضر ان يخالفه، إلا ان صخور الكارثة العراقية، اليوم، تحطم مثل هذا التعريف، وتحيله لمجرد أمنية طيبة، في أحسن الأحوال.
وهنا أتساءل عن المعطيات العلمية الجديدة التي تثبت ان تعريف "الحرب ممارسة السياسية بطرق أخرى" أصبح قديماً، وينبغي التخلي عنه! ألم تزكي الحياة وممارساتها، وهي معيار صحة المفاهيم والنظريات، حتى هذه الساعة، صحة هذا الاستنتاج الموضوعي الخطر؟ أليست كل الحروب والعنف لها اهداف سياسية؟ والسياسة، في آخر المطاف، تعبير مكثف عن الاقتصاد؟ أم ان هذا اصبح قديماً ايضاً، والدكتور الحبيب وتلميذه المحاور الآن من أشد دعاة التجديد؟
فتجاربنا، وتجربة أستاذي الشخصية بالذات، التي انتقد سلبياتها بشجاعة نادرة قبل غيره، اجبرتنا جميعاً على فهم هذا الواقع، والتعامل معه، بعيداً عن تمنياتنا الشخصية، مهما كانت طيبة ونبيلة، ونحن اصحاب هدف سام هو، بكل بساطة ووضوح، حرية وطننا وسعادة شعبنا؟
واقع العراق، اليوم، يؤكد ان العنف لا يمارس فقط من الارهابيين والقتلة، وأنما أيضاً من أطراف أساسية مساهمة في "العملية السياسية"، بل وتقودها. ولأستشهد، مثلاً، بمقال للحبيب كاظم، قبل أيام، عن قائد عراقي كردستاني، يحترمه وأحترمه معه، هدّد باستخدام القوة إن لم تحل قضية كركوك. وفي اليوم ذاته بعث لي رفيقنا المشترك، أطال الله عمره، رابط الكتروني لخبر مقزّز عنوانه "شرطة ديالى تغتصب ضابط عراقي" نقلاً عن فضائية، لتطلع "الحياة" علينا بخبرها المفزع عن سرقة الـ 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية. وهو ما يفسر ديمومة العنف والقتل في العراق.
أستذكر هنا كلمات شاعرية مفادها "رنين الذهب يجعل فرائص عظام أقدس القديسين ترتعد في قبورها"، وهي لماركس، أعمق مفكري العصر، وأوضح راسمي مستقبله. فإن اثبت الواقع بأن الكثير من آرائه قد شاخ، إلا ان جوهر أفكاره وأهدافه لا زالا حيّان، ومنها استنتاجه العميق بأن من يحرك الناس، أفراداً او جماعات، هو مصالحهم.
والأخيرة وراء جريمة (وما أكثرها بعراقنا اليوم!) راح ضحيتها 365 عراقياً، حقاً ام باطلاً، بداية العام الماضي في الزركًة قرب النجف الأشرف ممّن نسبوا لـ "جند السماء". تبجح بعض مؤيدي "العملية السياسية" بأنها "مأثرة للجيش العراقي"، وأدانها بالصوت والصورة الفضائية عضو في مجلس النواب، بوصفها "الجريمة البشعة"، فيما اكدت لي، شخصياً، عضو أخرى في مجلس النواب ان تقرير اللجنة التحقيقية لهذه الجريمة أكد وجود 46 قطعة سلاح فقط عند تلك المجموعة، التي زعمت حكومتنا "الوطنية!؟" انهم ينوّون قتل آياتنا العظام! فعن أية "عملية سياسية" نتحدث؟ وعن أي رفض للعنف؟ وعراقنا شهد مقتل بحدود المليون من ابنائه خلال سنوات "العملية السياسية"، وهجّر اكثر من 4 ملايين ونصف من مواطنيه، دع عنك تدني الخدمات، وربما يكون أخطر نتائج ما يجري في الواقع هو تشظي قاعدة المجتمع العراقي أفقياً بعد تشظي القيادات السياسية لـ "العملية السياسية" إياها. اما فرهدة العراق وتكريس تشطيره عبر اقرار القوانين الثلاثة (الميزانية والمحافظات والعفو)، قبل اسابيع من مجلس النواب، فالمستقبل سيجيب، إن كانت لمصلحة العراق وشعبه، كما يتمنى المتمنون، أم عكسه تماماً، كما أرى وأتمنى خطأي هنا!
لتثبت الاحداث خطأ "الهاجس الذي هيمن على دماغي بالكامل وغير قادر على التخلص منه، بل أصبح ضاغطاً على كامل سلوكي السياسي"، وتثبت صحة "العملية السياسية" ونجاحها، ساعتها سأعترف بتجنييّ على هذه العملية ومناصريها، وأطلب الصفح والمغفرة منها ومنهم.
كان صدام المقبور سيئ، بكل المعايير، إلا ان مَن خلفه نقل العراق الى الأسوأ بشهادة أية قراءة موضوعية للواقع العراقي ومعاناة بشره، اليوم، اضافة لما استنتجه الكثير من المراقبين المحايدين. ولهذا أسباب متعدّدة اشارت لأغلبها سيل مقالات استاذي الحبيب المتواصلة.
علينا، بدءاً ان نشخص الواقع المعاش لننتقل الى علاجه او بدائله. فهل هو صراع بين بقايا نظام دكتاتوري مقبور تحالفوا مع الارهاب الدولي وبين قوى طالعة تنشد بناء مجتمع ديمقراطي متحضر، ام هو "معقد وشائك وصعب" وما اليها من توصيفات مبهمة، ام هو احتلال دولي ينبغي مقاومته، بالكلمة والسلاح، حقاً ام باطلاً، ام صراع على بناء دولة سواء كانت علمانية ام دينية، ام صراع بين قوى دولية وأقليمية، وما أكثر التساؤلات الحارقة هنا!؟ إلا ان جميعها لا تخرج، بأي حال من الأحوال، عن صراع المصالح.
فتقديس "العملية السياسية" (ولا مقدس عند كل المخلصين - ومنهم استاذي الحبيب - اكثر من الانسان ذاته، غاية ووسيلة) يوصلنا، شئنا أم أبينا، للتسليم بمبدأ "ليس بالامكان أفضل مما كان"، وبهذا ننّزع عنا، طواعية، الصفة المشرفة بالدفاع المستميت عن مصالح الشعب والوطن، وهما الآن، بتقديري المتواضع، وليس المتشائم بالتأكيد، في كارثة بكل المواصفات، هي نتاج ما سمي بـ "العملية السياسية".
وهذه الأخيرة Political process لا تعدو ان تكون اكثر من اصطلاح استخدمته اوساط غربية معروفة بعد غزو العراق، واسقاط نظام الدكتاتور، ثم شرعنة احتلاله دولياً، لوصف جميع الاجراءات السياسية، التي اتخذت بالبلد، بدءاً من الزعم ببناء ديمقراطية، ومروراً بالقرارات البريمرية، وما لحقها من تشكيل "مجلس الحكم"، الذي كرّس عملياً المحاصصة المقيتة، ثم فرض الانتخابات باصرار السيد علي السيستاني، وصولاً الى آخر الاجراءات، وأغلبها المطلق لم ولن تصب في مصلحة شعب العراق.
وبهذا يتحمل كل من يعز عليه العراق، وانسانه تحديداً، المسؤولية التاريخية للبحث عن البدائل العملية، التي تنقذ الزرع والضرع، بعيداً عن اية مقدسات او مسلمات لا تنتصر للانسان أولاً.
لا يزعم هذا الحوار تملك الحقيقة كاملة في رسم البدائل، إلا انه اجتهاد، لا يبحث عن أية حسنة!
فإن اتفقنا على "ان العملية السياسية الجارية حالياً في العراق لها نواقصها الجدية وعيوبها الواضحة"، وهناك من اعتبر انها وصلت الى "طريق مسدود" او "فشلت" بالكامل او بالاغلب، وذهبت، شخصياً، لأكثر من هذا الوصف، فينبغي هنا البحث عن البدائل: اصلاحاً ام ابتعاداً كاملاً. فسواء انها غير صحيحة (وإلا لِمَ "النواقص الجدية والعيوب الواضحة"؟) ام ان أساسها كان خاطئاً، وكل ما يبنى على الخطأ هو خاطئ في آخر المطاف، يلزم تبني مواقف أخرى، غير التي تجري به. أوجزها.
العراق غزيّ بقرار الولايات المتحدة وبريطانيا (هل نبعد تأثير اللوبي الصهيوني عنه؟)، وبرغبة أغلب دور الجوار وتسهيلاتها، وكان ولا زال لكل منها مصالحه وأطماعه. وموقف القوى الوطنية العراقية، وبمقدمتها الحزب الشيوعي هنا معروف ومشرف. ثم شرعن هذا الغزو بقرارات دولية، ناقضت ميثاق الأمم المتحدة ذاتها. وها هي النتائج اليوم. فعلى الهيئة الدولية، ممثلة بمجلس أمنها وجمعيتها العامة، والاتحاد الأوربي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي ومجلس التعاون الخليجي وجميع دول الجوار وطبعاً ممثلي القوى السياسية العراقية تحمل مسؤولياتهم كاملة. وربما يكون إلتأمها بمؤتمر دولي شفاف، وهو ما دعى اليه الحزب الشيوعي العراقي، بُعيد الغزو مباشرة، على ان يكون واضح الاهداف وبتعهدات متقابلة وملزمة للجميع (ولمَ لا تكون تحت البند السابع؟)، ربما يرسم بصيص أمل لبناء عراق آمن مستقر، يحمي أولاً انسانه ويصون حياته، قبل تحقيق الديمقراطية والفيديرالية على اهميتهما.
وهنا اعيد استشهاد الكاتب احمد المهنا بمقاله في "الشرق الاوسط"، العام الفائت، برأي برتراند رسل، أحد أبرز المدافعين عن السلام والانسان وحقوقه، خلال القرن الماضي من "ان البلدان، التي تشهد فوضى، يميل الناس فيها الى نظام شمولي يوفر الأمن أولاً، ثم ينتقلوا لتحقيق الديمقراطية". فما أعمقه من استنتاج مسؤول ينتصر للانسان!
أم ترانا لا نتعظ من التجارب المريرة؟

ملاحظة: يمكن الاطلاع على رد الدكتور الفاضل كاظم حبيب على الرابط التالي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=125530









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي