الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى العشرين لمجزرة حلبجه..تذكير لمن يعنيهم الأمر ( 1-3)

كاظم المقدادي
(Al-muqdadi Kadhim)

2008 / 3 / 16
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تصادف الذكرى العشرون للجريمة النكراء، التي إرتكبتها القوات القمعية للنظام الدكتاتوري المقبور، بحق سكان مدينة حلبجة الكردية العراقية،مع حلول الذكرى الخامسة لإسقاط النظام البعثفاشي، صاحب الباع الطويل في نهج الإرهاب والقمع والإبادة الجماعية المنظمة، إسلوباً وممارسة يومية ضد شعبنا،على مدى أكثر من 3 عقود،حتى بز هتلر وموسوليني وغيرهما من عتاة النازية والفاشية، بما إقترفته يداه الآثمتان من جرائم يندى لها الجبين، متفوقاَ على أعتى الطغاة ببشاعة ما إرتكبه من جرائم مشينة وخسيسة بحق شعبه قبل غيره.وجريمة إستخدام سلاح كيمياوي فتاك جديد،، ضد سكان مدينة حلبجة، والعديد من القرى الكردية العراقية، هي واحدة من أبشع جرائم النظام المقيت، التي نال عليها بإمتياز " براءة إختراع"، إذ لم يقترف مثلها بحق شعبه مجرم اَخر سواه..

نود، في هذه المناسبة الأليمة،أن نشير الى ثلاثة أمور:
الأول- ان صديق الأمس للنظام الذ كان متسلطاً على رقاب العراقيين، وسانده، وشجعه، بل وزوده بكل ما يحتاج اليه للحصول على السلاح الكيمياوي،المحرم دولياً، وصمت، بل وتستر على إستخدامه له،الخ، تحول الى عدو للصديق الصدوق، بل وأسقطه،بعد ان خرج عن طاعته..وهذا ليس غريباً على الإدارة الأمريكية..
الثاني- لمن الغريب، والمحير، ان بعض قادة الشعب الكردي،الضحية الأساسية لتلك الجريمة البشعة،غير مستعجلين، وهم اليوم أصحاب قرار ونفوذ سياسي، في أن ينال المجرمون،الذي ساهموا بإبادة شعبهم، الجزاء العادل، خصوصاً بعد ان أدانهم القضاء العادل، وفي مقدمتهم المجرم علي حسن المجيد،الملقب بـ " علي الكيمياوي" بحق.. فما مبرر إستفزاز عوائل الضحايا بمثل هذه المواقف ؟!!
الثالث- أن نُذَكِرُ هؤلاء المسؤولين ببعض الحقائق المتعلقة بجريمة حلبجة، فلعل ذلك ينفع ويغيروا موقفهم.

السلاح الكيمياوي وإستخداماته العراقية

تصنف أسلحة الدمار الشامل الى 3 أنواع: نووية وكيمياوية وجرثومية / بايولوجية، وتتميز بشدة فتكها ودمارها للإنسان والحيوان والنبات والهواء والماء والتربة ومكونات البيئة الأخرى.
الأسلحة الكيماوية هي اول انواع أسلحة الابادة الجماعية التي انتجها النظام العراقي- بحسب د. حسين الشهرستاني[1], وقد بدأ بشكل حثيث، بعد منتصف عقد السبعينات - بحسب د.علي حنوش- مع بداية تكوين "مؤسسة إبن الهيثم للأبحاث والدراسات"، في التوجه لأجراء الأبحاث والدراسات لإنتاج وتجريب الغازات السامة، القديم منها او المستحدث.
وكانت الشواهد الأولى لإستخدامات المركبات السمية الخطرة، أثناء المراحل الأولى من حقبة الحرب مع إيران، وفي الإشتباكات الحامية في هور الحويزة عام 1983، وفي بعض المعارك داخل الأراضي الإيرانية.وبينت المعطيات من أنه كان هناك حوالي 15 مركزاً مكرسة لأنتاج وتطوير الغازات السامة للأهداف العسكرية، وكانت تلك المراكز موزعة على مواقع عديدة من العراق.وأشارت التقارير الى ان المؤسسات البحثية العراقية قد طورت إنتاج مركبات أخرى، ما عدا غاز الخردل، مثل: سيانبد الهايدروجين، أو غاز الكلورين، وأنتجت مركبات أكثر فاعلية في سميتها من تلك الأنواع القديمة، مثل غازات سارين وتابون( وهي غازات لا تترك أثراً بعد إستعمالها) وغاز الأعصاب.كما أنتج غاز شديد الخطر أطلق عليه إسم" في أكس أي"، الى جانب إنتناج سائل شديد السمية، أطلق عليه إسم Toxic B، والمتميز بقدراته على التدمير الشامل والسريع. بالإضافة الى غازات الدم، مثل حامض الهايدروسيانيك، والغازات الخانقة، كالفوسفين، والغازات المقيتة، مثل اَدمسيت، والمسيلة للدموع، كالكلور و أسيتوفيتون، أو غازات الهلوسة، مثل LSD، وهي غازات قاتلة او مزعجة او تشل القدرة. وتستمر هذه الغازات في البيئة لمدة زمنية معينة.فغازات الأعصاب الكاوية تستمر من 12 ساعة الى عدة أيام.والغازات الأخرى غير المستمرة، تبقى من عدة دقائق الى بضع ساعات، وتؤثر في لون النبات والمزروعات، وتسبب موت كثير من الحيوانات، ويعتبر ذلك من علاماتها[2].

ويؤكد د. علي حنوش أن النظام الحاكم تمكن، خلال الثمانينات، من إنشاء صناعة كيمياوية متكاملة، ونجح في إنتاج الرؤوس الحربية المخصصة لحمل الذخائر الكيمياوية وتركيبها على وسائل إيصال متنوعة،إشتملت على صواريخ أرض-أرض الباليستية قصيرة المدى،ومتوسطة المدى.ونجح في إنتاج ذخائر كيمياوية مخصصة لأطلاق مدافع الميدان والهاون وراجمات الصواريخ الميدانية، الى جانب الكيمياوية التي تلقى من الجو.وقدرت مصادر الدفاع الغربية بان الترسانة الكيمياوية العراقية تتكون مما يقرب من 30 ألف طن من المواد الغازية والسائلة السامة، والتي دمرت كلها بإشراف فرق التفتيش الدولية

أما الآثار المترتبة على إستخدامات وتجارب وتدمير الأسلحة الكيمياوية بالمعيار البيئي، فان نتائجها تبدو أعقد، وذات أبعاد وتأثيرات طويلة الأمد،خصوصاً إذا أخذت بنظر الإعتبار النتائج التي توصل اليها فريق البحث العلمي البريطاني في أواسط عام 1993 بعد تحليل تربة المناطق التي تعرضت للقصف بغاز الخردل في حلبجة، والتي عززت نتائج سابقة لفريق علمي أمريكي.فالغازات السامة المستخدمة للأغراض العسكرية تتميز- بخلاف غالبية المركبات السامة المكرسة لمكافحة الحشرات والفطريات والبكتريا وغيرها، والتي أنتج العالم الغربي منها أكثر من 1500 نوع منذ عام 1948 وحتى اليوم- بان غالبيتها ذات تركيب عضوي سريع التحلل، وكذلك بشدة فاعليتها وقدرتها على الإحتفاظ بحيويتها لفترة أطول بكثير من مركبات المبيدات.وهاتان الخصوصيتان لهما أبعاد خطيرة ومتأخرة على جميع مكونات البيئة الإجتماعية والطبيعية [3].

إمعان بنهج الإبادة الشوفينية

تتوجت جرائم النظام البعثفاشي ضد الشعب الكردي، وخاصة إبادة سكان حلبجة ومجازر" الأنفال"، بتسلم المجرم على حسن المجيد، في 29 آذار/ مارس 1987، مسؤولية امين سر مكتب "تنظيم الشمال" لحزب البعث، و منحه من قبل ما يسمى بـ" مجلس قيادة الثورة" صلاحيات مطلقة في كردستان، بموجب القرار رقم 160 في 29 آذار/ مارس 1987، لـ" ينوب عن القيادة القطرية لحزب البعث، و مجلس قيادة الثورة، لتنفيذ سياساتهما في الشمال، بما فيها منطقة الحكم الذاتي". واعتبر المجلس، في قراره المذكور، قرارات المجيد" الزامية لجميع مؤسسات الدولة العسكرية و الأمنية، وعليها جميعا تنفيذها بما في ذلك المسائل الداخلة في نطاق صلاحيات مجلس الأمن القومي و لجنة شؤون الشمال". وكانت تلك الصلاحيات مساوية لتلك التي يتمتع بها رئيس الجمهورية في هذه المنطقة. وأصدر صدام حسين في 20 نيسان/ أبريل 1987 قرارا آخراً منح بموجبه صلاحيات اضافية للمجيد لوضع" ميزانية خاصة بلجنة شؤون الشمال"، وقضى بربط الفيلقين الأول و الخامس من الجيش العراقي النظامي، ودوائر الأمن، والأستخبارات العسكرية، و قوات الطوارئ، و افواج الدفاع الوطني، و المفارز الخاصة، و غيرها من المؤسسات القمعية، بعلي حسن المجيد، و تلقي الأوامر منه فقط. و ايقاف تنفيذ جميع القوانين والقرارات و الأجراءاب الأدارية العراقية التي كانت تتعارض مع نص القرار، الذي جعل من علي حسن المجيد عملياً حاكما مطلقا على كوردستان العراق.

وكانت سياسات المجيد-بحسب د.جبار قادر- تنفذ تحت شعار:"حل القضية الكردية، والقضاء على المخربين" وتتلخص مظاهرها الرئيسية،على مدى العامين اللذين قضاهما المجيد كحاكم مطلق، من 29 آذار/ مارس 1987 و حتى 15 نيسان/ أبريل 1989، في ما يلي:
*الأعدام الجماعي، وإخفاء أثر عشرات الالآف من المدنيين الكرد، بمن فيهم عدد كبير من النساء و الأطفال، و أحيانا سكان قرى كاملة.

*استخدلم الأسلحة الكيمياوية بصورة واسعة، كغاز الأعصاب و السارين و الخردل في حلبجة و 40 موقعا آخراً .

*تدمير أكثر من 2000 قرية- تشير اليها الوثائق الحكومية بصيغ: أحرقت ، دمرت ، سويت مع الأرض و جرى تطهيرها، فضلا عن عشرات القصبات و المراكز الأدارية، بما فيها مدينة قلعة دزة، التي بلغ عدد سكانها اكثر من 70 الف نسمة.

*تدمير المراكز المدنية كالمدارس ، الجوامع ، الكنائس ، آبار المياه و الينابيع، و محطات الطاقة الكهربائية، و المباني الأخرى .

*نهب ممتلكات السكان المدنيين ومواشيهم من قبل الجيش و قوات الجحوش.

*اعتقال القرويين بحجة التواجد في المناطق المحظورة رغم انهم كانوا في بيوتهم وعلى ارضهم .

*الحجز الكيفي لعشرات الالاف من النساء و الأطفال و الشيوخ، لأشهر عديدة، و في ظروف جد قاسية، بدون أوامر صادرة من المحاكم، و بدون أية اسباب منطقية سوى الشك في كونهم من انصار الحركة الكردية. وقد مات عشرات الالاف منهم بسبب سوء التغذية و المرض.التهجير القسري لمئات الالاف من القرويين، بعد تدمير قراهم، الى المجمعات القسرية التي كانت الدعاية الحكومية تطلق عليها ظلما و بهتانا اسم "المجمعات العصرية".

*تدمير البنية التحتية و الأقتصادية للريف الكوردستاني[4].

وثائق سرية تثبت جرائمهم المشينة
إدناه مجموعة من البرقيات الرسمية السرية، نستعرضها كما هي، وبأخطائها الإملائية، وبدون تعليق، لكون مضامينها كافية لأدانة أصحابها [5]:

O برقية سرية وفورية، وقت الانشاء ويومه 21/6 ،من / قاطع زاخو ف.م. القيادة الى القائد (م) ....رقم المنشئ 5/اس/34181/(0) رسالة قيادة قوات / 38 سرية وفورية 14665 في 20/6(0) عطفا مايلي (0) وصل الى مقر الفرع الاول لزمرة سليلي الخيانة (4000) قناع للوقاية من الغازات السامة وسوف يستخدمها المخربين عند استعمالنا المواد الكيمائية لضرب تجمعاتهم (0) نرجو تحقيق صحة المعلومات واتخاذ مايلزم واعلامنا .

الرائد: سعدي محمود حسين، ء/آمر قاطع زاخو

O بسم الله الرحمن الرحيم، سري للغاية وشخصي، آمر قاطع اربيل، الحركات، العدد / ح1/277، التاريخ 3/8/ 1986، الى وحدات القاطع : ف 24 د.ر.و، السيطرة على قنابل البايولوجية الكيماوية: كتاب وزارة الداخلية السري للغاية والشخصي 288 في 18/5/1986 وكتاب وزارة الدفاع السري للغاية والشخصي 10135 في 25/4/1986 المبلغ بأعلاه دائرة التدريب 136 في 27/5/1986 المثبت على اصل كتاب رئاسة اركان الجيش المكتب الخاص السري للغاية والشخصي 5801 في 26/5/1986 المبلغ بكتاب قيادة الفيلق الخاص السري للغاية والشخصي 1530 في 2/6/1986 والمعطوف على كتاب اللجنة المختصة المسيطرة على تداول المواد البايولوجية والكيمائية السري للغاية والشخصي 22 في 23/6/1986 والمبلغ الينا بكتاب قيادة قواة جحفل الدفاع الوطني / 5 السري للغاية وشخصي 292 في 24/8/1986 . ننسب اجراء جرد نصف سنوي لكافة المواد المسيطر عليها في الوحدات التي تتعامل بها على ان تصلها قوائم الجرد قبل يوم 6/8/1986 وبالسرعة لطلبها من المراجع واعلامنا .العميد ضياء عبد الوهاب عزت، آمر قاطع اربيل، توقيع

O سري للغاية وشخصي،رسالة سرية وفورية، رقم المنشئ 75، تأريخ الإنشاء 26/10/1989،
الى / وحدة 5013 ( و. م. ب ) من / مخازن الصويرة:لقد ارسلنا – حسب طلبكم – الوجبة الثانية من المخربين الاكراد والبالغ عددهم (1860) لاتمام تجارب عملية مزدوج (24) . ودمتم من اجل الحزب والثورة،

العقيد: آمر وحدة مخازن الصويرة

O الى مدير الامن العام في بغداد، من المسؤولين في (وحدة المجازر البشرية)، تحية الكفاح في سبيل العراق .... اما بعد: وصلتنا قبل مدة الوجبة الثالثة من المخربين المحتجزين والذين بلغ عددهم لحد الان 2400 / الفين واربع مائة .. ان الكمية المطلوبة من الدم لنجاح عملية مزدوج 24 ينقصها الكثير يجب ارسال الوجبة الرابعة باسرع ما يمكن لان القيادة العامة تنتظر النتيجة الحتمية . يجب اتخاذ كل التدابير اللازمة ومراقبة السواق والضباط الذين يقومون بنقلهم من جانبكم واحراق كل الوثائق لدى المسؤولين وخاصة الوثائق العلمية والتخلص من كل من لديه معلومات حول عملية مزدوج 24 وخاصة الاكراد .
الدكتور هـ . م . ر- رئيس اللجنة المشتركة لفريق (1) م. كيماوي ، في . ج. أ، عضو لجنة فريق (1)

O من مدير مخازن الصويرة، الى رئيس (وحدة المجازر البشرية)
ردا على كتابكم المرقم 243/ج/15 في 6/7/1990 الموقع من قبل العميد حاتم عبد الله صكر عضو اللجنة المشرفة لفريق عملية (مزدوج 24) والمخول من قبل السيد مدير الامن وعدد من موظفي الابحاث العلمية التابعين للاستخبارات العسكرية ، نرسل لكم الوجبة الثالثة من المخربين البالغ عددهم ثمانمائة وخمسون وبالارقام التسلسلية ، اتمنى لكم النجاح والموفقية لانجاز هذا المشروع لخدمة الحزب والامة .

اخوكم الامين د. عبد الجبار احمد الزبيدي- مدير مخازن الصويرة، 27/7/1990

O رسالة سرية وفورية، رقم المنشئ 176، تأريخ الإنشاء 28/10/1989، الى / وحدة مخازن الصويرة، من / وحدة 5013 ( و . م . ب )

نرجو ارسال الوجبات الاخرى من المخربين الاكراد باسرع وقت ممكن لان العملية مزدوج 24 تحتاج الى المزيد . لقد وصلتنا لحد الان وجبات من المخربين والقيادة العامة تريد منا نتائج عملية مزدوج 24 باسرع وقت ممكن . ودمتم من اجل الحزب والثورة
العقيد: آمر وحدة 5013 ع . ك . ك

الهوامش:
--------

[1] - معد فياض،عالم الذرة العراقي حسين الشهرستاني لـ«الشرق الأوسط»: حلبجة الكردية قصفت بـ3 أنواع من الغازات السامة،في 19/3/2001

[2] - د.علي حنوش، ملف "البيئة في العراق"،أسلحة الدمار الشامل والتلوث البيئي،"المؤتمر"، العدد 174، في 25/10/1996.

[3] - د.علي حنوش - المصدر نفسه

[4] - د. جبار قادر، الأنفال: تجسيد لسيادة الفكر الشمولي والعنف والقسوة، مداخلة قدمت في سمينار نظمته جمعية التقدميين الكوردستانيين في لاهاي ( دنهاغ ) بهولندا ربيع عام 2001 .

[5] - زودنا بها مشكوراً " دليل المواقع العراقية" الإنترنيتي
http://www.geocities.com/iraqisitesguide/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة