الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام السوري ومعا رضوه

خالد محمد

2003 / 12 / 25
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


منذ اكثر من اربعين عاما وسورية تعيش في ظل نظام دكتاتوري , معروف بوحشيته في قمع واضطهاد شعبه بكل فئاته وطوائفه , من سجن وتعذيب وحتى حد ارتكاب المجازر الجماعية , ناهيك بسياسة النهب والتجويع التي جعلت المواطن ينحصر تفكيره بتحصيل لقمة عيشه وبأي ثمن .
كأنما هي عصابة جعلت من سورية مزرعة خاصة بها , مقتسمين خيراتها وثرواتها , منكلين بكل صوت حر , معارض , ممارسين لابشع أشكال التعذيب في السجون على أيدي مخابراتهم السيئة الصيت , مستفيدين من قوانين الطوارئ والأحكام العرفية المفروضة منذ انقلا بهم الأسود عام 1963 , دون أن يتورعوا في هذا السبيل عن المجازر كما حصل في مدينة حماه وسجن تدمر وإلقاء ضحاياهم في مقابر جماعية على غرار ما كان يفعله رفاقهم البعثيين المدحورين في عراق صدام حسين .
المؤسف بل المؤلم , ان يتمكن النظام السوري من تدجين أحزاب جماهيرية عريقة , اثر ضمها لما يسمى " الجبهة الوطنية التقدمية " , حيث ما لبثت هذه الأحزاب ان فقدت جماهيرها ومنتسبيها وتحولت إلى مجرد أشخاص منتفعين بالكراسي وما يتبعها من رفاهية واسترخاء , فيما صار تاريخها النضالي مجرد ذكرى , وتضحيات أعضائها على مدى أجيال صار عبثا , وخاصة في حالة الحزب الشيوعي السوري الذي انفرط بفعل التدجين والإرهاب إلى شراذم متناثرة لا أهمية ولا وزن لها .
ثم كانت التغيرات التي حصلت اثر حرب الخليج عام 1991 , ودخول الفضائيات , ولاتصالات الإلكترونية إلى حياة المواطنين , وما تبعا من انهيار جدران الصمت المفروضة عليهم من قبل النظام فاصبحوا على اتصال مباشر بالأحداث دون أي رقيب من أجهزة أمنية , كذلك تنفس الناس نسمة من هواء الأمل بالحرية بموت الدكتاتور الذي حكم قبضته الاستبدادية على مصائرهم ومقدر اتهم طوال عقود ثلاث طويلة, وما جاء من خلفه من وعود بالإصلاح السياسي والاقتصادي . وصرنا منذ ذلك الوقت نسمع أصوات جديدة معارضة عبر القنوات الفضائية والانترنيت , لنستبشر بها مع بقية المواطنين المقهورين , فنعجب أيضا بجرأتها في إعلان حقائق التاريخ الأسود للنظام البعثي وجرائمه وسرقاته وعبثه بأمن ومصير البلد تحت يافطات قومية مزيفة لا علاقة لها بالواقع .
غير ان حرب تحرير العراق من الطاغية صدام , التي انتهت سريعا بسقوطه المخزي , وبدلا من ان يستفيد منها هؤلاء المعارضون في بث الامل بنفوس السورين عن المصير المشابه الذي ينتظر نظامهم , واذا بها مناسبة لهؤلاء المعارضين ليكشفوا عن دواخلهم النفسية المريضة بالداء العروبي الذي نجح البعث حقا في نشره ضمن المجتمع السوري خلال حكمه الطويل , دون ان ننسى الأيدلوجية اليسرواية التي ما زالت تحييا على أوهام الصراع الطبقي والكفاح ضد الإمبريالية .
هكذا انضم أصحابنا المعارضون إلى الحزب الواحد وعودة الحلاية والديمقراطية إلى حياة البلد . وهاهو المعارض المنفي هيثم مناع يطل علينا بعد سقوط بغداد ليدعوا الناس إلى الالتفاف حول القيادة السورية المناضلة ضد الإمبريالية  الانكلو _ أمريكية , ثم يعود بعدها الى الوطن ملفوفا بمرسوم عفو رئاسي خاص , ليختفي هناك صوته تماما كما اختفت من قبله اصوات الإصلاح والديمقراطية . نفس الحالة تنطبق على رفيقه الآخر , المعارض والكاتب صبحي حديدي و الذي يستعيذ بالله , في مقابلة تلفزيونية , من تهمة التشبه بالمعارضة العراقية التي عادت إلى بغداد على ظهر دبابة أمريكية , مرددا بذلك ما يلوكه ببغاوات الفضائيات العربية ليلا نهارا .
ثم اكتملت الجوقة بالمعارض العريق رياض الترك , الذي سمحت له السلطات بالخروج من سورية إلى أوربة لاجل جمع شمل المعارضة السورية على شعار التصدي للغزو الإمبريالي الجديد للأرض العربية التحذير من دعم حقوق الأكراد السورين والتي صار ينظر أليها الآن كما لو إنها " حصان طروادة " يتسلل منه المستعمرون إلى ارض العروبة .
هذه هي بعض النماذج من التفكير الجديد للمعارضة السورية في الداخل والخارج , والتي ما زالت هي بعض النماذج من التفكير الجديد للمعارضة السورية في الداخل والخارج , والتي ما زالت تعزف على الأوتار الصدئة للعروبة والاسلمة والماركسية , متجاهلين الحقائق التاريخية والمصالح الآنية التي إنكارها عن تحالف الرفيق لينين مع القيصر الألماني الأكثر رجعية قبيل وبعيد الثورة البلشفية , ورفيقه وخليفته ستالين الذي تحالف أولا مع هتلر ثم مع الإمبرياليين الإنكليز والأمريكان خلال الحرب العالمي الثانية , إلى تعاون المجاهد الأكبر بن لادن مع المخابرات الأمريكية لطرد الروس من أفغانستان و والحرب الدموية الطويلة التي خاضها بطل العروبة صدام حسين نيابة عن الدول الغربية , واستجداء الزعيم التحرري أبو عمار المستمر لكي يفتح  له باب البيت الأبيض الموصود أمامه , نفس الاستجداء الذي يبديه في كل مناسبة راس النظام السوري الذي يعلن في المقابلة الصحفية الأخيرة مع صحيفة " نيويورك تايمز " عن تعاون أستخباراته مع الأستخبارات الأمريكية في مكافحة الإرهاب وفي منع تسلل الإرهابيين إلى العراق لمحاربة القوات أمريكية ( والتي تصفها وسائل الأعلام السورية بالقوات المحتلة والغازية  ) ... هذا كله حلال على هؤلاء المناضلين ولكنه محرم اشد الحرام على المعارضة السورية والتي تتهم بعض فصائلها بالخيانة لمجرد لقائها مع أعضاء في الكونغرس الأمريكي وعقد اجتماع لها في واشنطن .

خالد محمد
كاتب من سورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران