الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى العيد الميمون الرابع و السبعين للحزب الشيوعي العراقي

فلاح أمين الرهيمي

2008 / 3 / 29
ملف - دور قوى اليسار والديمقراطية في بناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية  تضمن الحرية والعدالة الاجتماعية للجميع 


تأسس الحزب الشيوعي العراقي في ٣١ -٣-١٩٣٤ مسترشداً بالفكر الماركسي الخلاق كظاهرة فرضتها حتمية التاريخ تعبيرا عن إرادة الشعب العراقي من الكادحين والمظلومين والمضطهدين من شغيلة اليد و الفكر من العمال و الفلاحين و المثقفين الثوريين نتيجة لإرتقاء الوعي الطبقي في المجتمع إلى مستوى شروط الجدلية التي لها مسبباتها و ظروفها التاريخية و بسبب عوامل و مؤثرات داخلية و خارجية تتفاعل معها و تؤدي بدورها بالانتقال من مرحلة إلى أخرى بشروط جديدة لصراع جديد تتحرك به عجلة التطور عبر نضالها الفكري السليم ضد الاضطهاد السياسي و القومي ومن أجل التحرر الوطني و الاستقلال و بناء المجتمع الديمقراطي و تحقيق التقدم و التطور الاجتماعي و بناء الوطن الحر و الشعب السعيد .
إن الحزب الشيوعي العراقي نشأ و ترعرع في أحضان النظرية الماركسية العلمية يرضع من ثدي عقيدتها و ينهل من رحيق مبادئها و تتمحور و تتجسد جميع مكوناتها و فلسفتها حول الإنسان و حياته و مستقبله و سعادته باعتباره يمتاز عن جميع الكائنات الحية في الوجود بعقله الواعي و المدرك والمدبر و الخلاق لجميع مستلزمات الحياة المادية و المعنوية و لإمتلاكه هذه المميزات اعتبر أثمن رأس مال في الوجود و أصبحت النظرية الماركسية العلمية تتجسد فيها و تترجم مكوناتها و فلسفتها كل المعاني الإنسانية في نظرتها و نضالها من اجل الإنسان و سعادته ككائن حي يمتلك جميع الصفات المبدعة و الخلاقة فإتخذت من العلمانية متجها لها لاتفرق بين الأجندة و الأثنيات و الطوائف والأديان و اتخذت من الأهمية انتماءاً لها حيث تتآخى و تعيش في كنفها مختلف النعرات القومية و مختلف الأجناس و الألوان و هي تناضل بعنادًٍ ضد الشوفينية العنصرية و ضد الطائفية المذهبية و تؤمن و تناضل من أجل حق الشعوب في تقرير مصيرها.
وقد تجسد ذلك و ترجم إلى واقع ملموس بعد انتصار ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى سنة ( ١٩١٧) ضد الرأسمالية و ضد النفوذ و المصالح الاستعمارية في الحرب العالمية الأولى و تنبيه الشعوب العربية إلى حقوقها القومية و قد نُشر في حينها كتاب (ثورة العشرين) من تأليف ل.ن.ونلوف يقول بإحدى فقراته (يا فلاحي بلاد ما بين النهرين ‘إن الانكليز قد أعلنوا إستقلال بلادكم إلا إنه يوجد ثمانون ألفا من جنود الاحتلال على أرضكم يعملون فيكم سلبا و قتلا و يستحيون أعراضكم ) و قامت الحكومة السوفيتية بعد إنتصار ثورة أكتوبر بقيادة (لينين) بفضح كل مؤامرات المستعمرين المناقضة لعهودهم للشعوب العربية إذ نشرت جميع ما كان لديها من أوراق و مستندات وزارة الخارجية إثناء الحكم القيصري قبل ثورة أكتوبر العظمى و التي كانت متحالفة و مشتركة في الحرب مع الدول الإستعمارية و كان من جملة هذه المستندات و المعاهدات السرية التي عقدتها الدول الإستعمارية فيما بينها خلال الحرب العالمية الأولى لاقتسام مناطق النفوذ في الشرق و منها البلاد العربية وقد حاول المستعمرون عبثا تكذيب ما نشره الاتحاد السوفيتي مدعين إن الشيوعيين إنما ينشرون الأكاذيب لإثارة الخلاف بين الحلفاء..لقد فضح الإتحاد السوفيتي زيف الإستعماريين المعروف (جئنا محررين لا فاتحين) وهو النسخة القديمة لشعارهم اليوم الذي تروج له الإمبريالية الإستعمارية العالمية عن طريق العولمة المتوحشة و ربيبتها الخصخصة المتعجرفة.
لقد نشأت علاقة حميمة و ترابط صميمي بين الحزب الشيوعي و الإنسان منصهرة في بودقة واحدة لا يمكن الفصل بينهما أو تجزئتهما و ذات مصير واحد.و بما إن العقل الإنساني هو المبدع و الخلاق و المكتشف و المخترع لجميع مستلزمات الحياة الإنسانية من تقدم و تطور و إن البشر يصنعون تأريخهم بأنفسهم فأصبح هذا التقدم و التطور في العلوم و التكنولوجيا و الثورة المعلوماتية هي من إنتاج العقل الإنساني فأصبحت العلاقة الجدلية تجمع العلوم المختلفة و الإنسان و الفكر الماركسي و كل واحد منهم مرتبط بالأخر و بما إن ديناميكية الحياة و تقدمها و تطورها التي تؤدي إلى دفع مسيرة التاريخ هي من إنجاز و خلق العقل الإنساني فإن الفكر الماركسي أيضا يسير معهما و يتقدم و يتطور وفق جدليتة من حيث الزمان و المكان والفردانية الشخصية حسب منطق التأريخ و حتميته و من خلال هذه العلاقة الجدلية يتبين لنا بجلاء إن الفكر الماركسي ليس جامدا و لا ثابتا و إنما هو الفكرالمتجدد و المتقدم و المتطور و من خلال هذا الترابط المادي و المعنوي فإنه لا يمكن فصل أو تجزأة هذا الكل المتكون من هذا البناء الواحد و الكتلة الفولاذية الصلبة و من خلال هذه الجدلية و منطق التاريخ و حتميته نستنبط و نستنتج بأنه (مازال الإنسان و عقله المبدع و الخلاق حيا في الوجود فإن التطور و التقدم العلمي موجود و إن الفكر الماركسي الخلاق يتعامل و يتناسق من خلال قوانينه و تجاربه مع الواقع الموضوعي الملموس و مازال الإضطهاد و الحرمان و الاستغلال و الظلم موجود ينخر جسم الإنسان فإن الحزب الشيوعي موجود أيضا و لا يمكن إزالة أو فناء أي واحد منهم إلا بزوالهم جميعا لأنهم أعضاء مترابطة في جسم الإنسان و تمتد إلى عقله المبدع الخلاق و من يفكر بموت و فناء و إنتهاء الحزب الشيوعي فإن ذلك (مستحيل) و يناقض واقع الحياة و الوجود لأن الحزب الشيوعي مرتبط بالوجود برباط مقدس و مصيري مع الإنسان فمتى مازال الإنسان من الوجود فإن الحزب الشيوعي يزول من الوجود وهذا مستحيل أيضا.
و بما إن مسيرة التأريخ من صنع الإنسان و حركته و جهده و نشاطه الخلاق فإن ذلك يستوجب و يتطلب :
1) وجود قيادة واعية و مؤمنة و عقائدية تقود هذه العملية .
2) وجود قوى جماهيرية متنورة و واعية و مدركة لهذه العملية و مهيأة للقيام و العمل و التضحية من أجلها.
إن أي شيء في الوجود لا يتصرف أو يتحرك إلا وفق قوانين معينة تتيح لمن يدركها الوصول إلى الأهداف و الأسباب و العوامل لذلك التصرف أو التحرك لأن المعرفة و الوعي و الفهم الذهني لذلك الواقع الذي تدركه القوانين و تطبقه تنسجم و تتوافق مع الحركة الشاملة لمسيرة التاريخ و الواقع الموضوعي لأن كل ظاهرة في الوجود لها أسبابها و مسبباتها و الحلول التي تتوافق معها أو المضادة لها عن طريق القوانين الموضوعية التي تتحكم بهذه الظاهرة التي تعتمد على ديالكتيكها في الوصول إليها و معرفتها التي تؤدي إلى ظهور ديالكتيك جديد مستوحى من تلك الظاهرة حسب القوانين والحقائق العلمية المادية المرتبطة بها و الذي يؤدي إلى إكتشافها و التحكم بها . كما تصبح الخريطة لاغنى عنها بالنسبة للفكر و العمل لأننا قد نصوغ رؤيا و إجتهادات و نعتبرها و نتصرف بها بلغة الحقائق الموضوعية و إذا فعلنا ذلك قد يؤدي إلى تضليل أنفسنا حيث تكمن في خلفية عقولنا و تتفرس في بواطنه إفتراضات و انحيازات و أحكام مسبقة و تحاملات و أمزجة قد تشكل و تفرض رؤيتنا للواقع و صحة صوابنا و لكن الفكرة و الرؤيا و الاجتهاد التي نعتبرها صحيحة نظريا قد تلعب دورا رجعيا و مخالفا للواقع الموضوعي إذا ما طبقت في غير شروطها من حيث المكان و الزمان لذلك فإن الخرائط التي تعكس الحقائق المنظورة و كيفية حكمنا على أهميتها و دراسة مزاياها تحتاج إلى نماذج واضحة و ضمنية لكي نكون قادرين على:
1) الترتيب و التعميم بشأن الواقع الموضوعي .
2) فهم العلاقات السببية بين الظواهر المختلفة .
3) رسم الخرائط التي نستطيع بها التوقع و التنبؤ بالتطورات والاحتمالات المستقبلية .
4) التمييز بين الأهم و المهم والأولويات من خلال الظواهر للواقع الموضوعي .
5) رسم الخارطة التي تساعدنا في رؤية الطريق الذي نستطيع أن نسلكه في تحقيق أهدافنا .
لقد تعرض الحزب الشيوعي العراقي خلال مسيرته النضالية البطولية الطويلة إلى الكثير من الكوارث و المآسي و الهزات العنيفة خضبتها دماء الشهداء و السجون و المعتقلات و الإرهاب و التعذيب و التشريد و كان أعداؤه يمنون أنفسهم و أحلامهم المريضة و عقولهم الخاوية بفناءه و القضاء عليه و لكنه في كل مرة يولد من جديد من رحم الليل الدامس مع الفجر أكثر عنفوانا و تصميما و إصرارا متخندقا في محراب النضال تعلو يمينه شمسا أفقها رحبا و باليد الأخرى تخفق الراية الحمراء مطرزاً عليها وطن حر و شعب سعيد .
بعد هذه الملحمة البطولية الطويلة التي إستمرت أربعة و سبعين عاما لابد من وقفة فبها نداء حي و إستدعاء صارخ للماضي و الحاضر و المستقبل الممتد على بساط أخضر عن أسباب صمود و ديمومة الحزب الشيوعي العراقي إلى يومنا هذا ... إن ذلك يعود إلى الأسباب التالية :
1) إسترشاده بالنظرية الماركسية العلمية .
2) الوعي الفكري الخلاق .
3) النظام الداخلي الذي كان يصون الحزب ووحدته .
4) العلاقة الحميمة بجماهير الشعب الذي كان يحتضن الحزب بشريان الفؤاد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشكل طريف فهد يفشل في معرفة مثل مصري ????


.. إسرائيل وإيران.. الضربات كشفت حقيقة قدرات الجيشين




.. سيناريو يوم القيامة النووي.. بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم


.. المدفعية الإسرائيلية تطلق قذائف من الجليل الأعلى على محيط بل




.. كتائب القسام تستهدف جرافة عسكرية بقذيفة -الياسين 105- وسط قط