الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكسب الحزبي

منير العبيدي

2008 / 3 / 30
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


دخل الكسب الحزبي مرحلة جديدة في زمن الجبهة الوطنية في السبعينات يقوم على التباري للكسب العضوي .
المقصود بالكسب العضوي العمل على زيادة اعضاء الحزب بكسب المزيد منهم و ليس الكسب لصالح تعزيز عدد المؤيدين للحزب من غير المنتمين من خلال سياسة صائبة .
ثم ما لبثت الاحزاب التي انتصرت على الديكتاتورية بمساعدة الولايات المتحدة أن دخلت فيما بعد مرحلة جديدة من التباري على الكسب الحزبي العضوي ، يحمل نفس ملامح الطريقة القديمة التي قامت على مطالبة ناشطين في الحزب بكسب عدد معين من الأعضاء خلال فترة زمنية محددة بما يشبه الالزام يتحول فيها الشخص الذي تم كسبه الى رقم مضاف . و اعتمدت هذه الأحزاب على تكريس موقعها في السلطة و الحكومة ليس من اجل تمكين الكفوئين و الشرفاء و ذوي الخبرة من اشغال الوظائف العامة انما لاستعمالها و سيلة لمكافئة الموالين ، المنتمين منهم على وجه التحديد و قبل كل شيء.
قبل هاتين الحقبتين كان الحزب يكسب عن طريق العمل على رسم سياسة صائبة و واضحة تقوم على كسب الالوف كانصار ، بل و انصار غير منظورين و غير محددين ، و لكنهم يهرعون لدعم الحزب في الملمات و يظهرون على سطح الاحداث بشكل فاعل ايام الفعل الجماهيري السافر و يشكلون سياجا يقي الحزب و يعرقل على اجهزة القمع التعرف على أعضاءه .
بسقوط الديكتاتورية دخلت مرحلة الكسب العضوي مرحلة جديدة بتفعيل وسائل جديدة للضم و الكسب فعّلت دوافع الانتماء المصلحية و الانتهازية ، لا تقوم على القناعة و الادراك للمحتوى الفكري للحزب باعتباره اتحادا اختياريا .
نقبل بكل من يقبل بنا
دُشن هذا الاسلوب ( أي قبول كل من يقبل بالانتماء للحزب ) من قبل حزب البعث في اثناء توليه السلطة في العراق و خصوصا في السبعينات ، على أن من المألوف أن تنتقل امراض حزب السلطة الى احزاب المعارضة اذا لم تتوفر قيادة حازمة و نشاط فكري مثابر .
قبل ذلك كان من المألوف أن تُرفضَ عشرات او مئات طلبات الانتماء بسبب عدم استيفاء طالب الانتماء للشروط الخاصة به ، و بالرغم ان هذا المعيار كان قاسيا في بعض التفاصيل و يتضمن امورا لا ينبغي أن تؤخذ بنظر الاعتبار ، الا ان المعيار كان موجودا و يعمل بشكل صحيح .
كان ينبغي الاستمرار بالنظر الى الحزب باعتباره طليعة للطبقة او للشعب قولا و فعلا ، و هذا يتطلب مواصفات خاصة لقبول اعضاء الطليعة ، و لم يكن الانتماء متاحا لكل محب للحزب و مؤيد له ، و روعيت حدود مهمة للإنسجام الفكري الاختياري قائم على التفاعل .
الكسب عن طريق المجاملة
و على الضد من ذلك تم مؤخرا تطوير آليات جديدة للكسب عن طريق المجاملة و المجاراة و التكيف مع كل ما يطرحه الطرف الاخر ، أي العمل وفق قاعدة " أكسب بأي ثمن " : صلي مع المصلين ، و أركع مع الراكعين ، و تأورب مع المتأوربين ، كن ليبراليا مع اللبراليين ... الخ .... المهم ان تكسب عضوا جديدا ، أما ما هو نوعه ما هي مواصفاته فإن هذا ليس مهما ، إذ ستتم تربيته داخل الحزب !!
المنتمي هو الجيد
و كما في مقالنا نقد العقل الحزبي اصبح المنتمي اهم من غير المنتمي في كافة المجالات حتى في مجال الاختصاص . فالطبيب المنتمي هو الطبيب الجيد الذي ينبغي زيارته حتى لو لم يقودنا إلى الشفاء و هو الفنان المبدع الذي ينبغي البحث عن مكامن الجمال في عمله و هو الاديب الذي لا يجاري و هو المسرحي الذي يستحق التقييم و الاشادة و ليس غيره . ليس هناك تبعا للقاعدة الجديدة احترام للتخصص و المهارة . الولاء هو المهم ، و الانتماء العضوي هو دليل الولاء.
و جد الانتهازيون في ذلك فردوسهم المفقود و لم تكن لديهم أي مشكلة في الانتماء و التكيف مع الوضع الجديد و دعموا الحزب و تظاهروا بالايمان بشعاراته طالما كان الحزب يقدم لهم المكاسب التي ينتظرونها : الوجاهة و التكريم و احيانا مراكز سلطوية .
الكسب عن طريق الاذلال
تقوم الطريقة هذه على كسب المزيد من الاعضاء عن طريق تغيير السلوك في التعامل مع الهدف المنشود ، التكريم و الاحتضان ثم الاعراض عن الهدف و تحجيمه و مقاطعته و اذلاله في المناسبات ، تعزيز شعوره بالغربة و العزلة و التلميح بشكل غير مباشر إلى أن الانتماء هو الحل ، هو الذي يجعل الهدف يحصل على ما يستحقه .
تنتعش الوسيلة الاخيرة في منظمات الخارج بشكل خاص حيث العلاقات من خلال المؤسسات اسهل بكثير .
يشبه المنتمي عن طريق الاذلال القنبلة الموقوته لانه سوف لن ينسى ما قاده الى الانتماء ولن يندمج و سوف يحمل معه عصابيات القهر التي سوف تعبر عن نفسها سريعا بشكل تدميري .
لا يكترث الكاسب لمثل هذه العواقب لان مطالب بأن يقدم ارقاما تعزز موقعه امام القيادة .
و ربما يكون هو نفسه قد كسب عن طريق الاذلال و يحمل معه نفس العصابيات .
ما هو الحزب ؟
الحزب ليس هدفا بحد ذاته إنه وسيلة او أداة تنفيذ مهمات ، هذه المهمات و القدرة على تطبيقها لا ترتبط بعدد اعضاء الحزب بل بقوة و صلابة النواة القائمة على الانسجام الفكري . نفذ الحزب مهمات غاية في الجسامة في الخمسينات عندما كان عدد المنتمين إليه لا يتجاوز المئات ، لكن هذه القلة القليلة من الاعضاء كانت قادرة في حينها على تحريك عشرات او مئات الالوف من غير المنتمين في مظاهرات و فعاليات جماهيرية . بينما يصبح أي حزب عاجزا عن تنفيذ اصغر المهمات اذا كان أعضاؤه يفتقرون الى الإرادة او إلى الايمان بالاهداف حتى لو كان عدد اعضاءه مئات الالوف .
انهار الاتحاد السوفييتي رغم أن تعداد اعضاء الحزب كان قد وصل الى 15 مليونا وعدد المنتمين الى المنظمات المتفرعة عنه مثل النقابات و المنظمات النسوية و منظمات الطلائع بلغ عشرات الملايين ، لانهم ببساطة لا يؤمنون باهدافه و يشكون بامكانية تحقيقها و كان اغلبهم قد انتمى لحزب السلطة لدوافع مختلفة اكثرها مصلحي و انتهازي .
الكسب العضوي ينبغي أن لا يكون هدفا ، السياسة و التكتيك الصحيح و صياغة الشعارات الصائبة هي الامر الحاسم . عدد الموالين يترتب على السياسة الصائبة على وجه التحديد ، و طالبو الانتماء سوف يتكاثرون حين يعكس الحزب سياسة سليمة .
سياسة انتهازية مسايرة تنتج منتمين انتهازيين غير فاعلين و أنعدام جماهير مساندة .
هذا هو واقع الحال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا