الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موضوعة ازدواجية احتلال العراق مدخل لتشويش الرؤية الوطنية وضياع الاولويات

كاظم محمد

2008 / 4 / 2
الارهاب, الحرب والسلام


نقرأ لعدد من الكتاب ونستمع لأخرين ، في تحليلهم وتوصيفهم للحالة العراقية ، بأن العراق يرزخ تحت احتلاليين ، امريكي وايراني مزدوج ، وعند تحديد الأولويات ، فان بعضهم لا يخفون اعتبارهم الاحتلال الايراني ، هو الاكثر خطورة.

ورغم ان هذه الطروحات ترتبط اشد الارتباط بمتغيرات الساحة العراقية وتعقيدها ونوعية الاصطفافات السياسية الجارية ضمن ما يسمى بالعملية السياسية وخارجها ، والناتجة اصلآ من الغزو والاحتلال وطبيعة المشروع الامريكي ومتطلبات نجاحه ، التي تحاول الادارة الامريكية فرضها بكل الطرق والوسائل ، العلنية منها والسرية ، سواء كانت سياسية او عسكرية او مخابراتية ، فأن هذه الطروحات تعكس من جهة اخرى احدى الاشكاليات التي تبرزوتختلف في حدتها بين حين واخر في الساحة الوطنية وعناصرها المناهضة والمقاومة للاحتلال ، والتي لا زال قسمآ من تشكيلاتها الحديثة والمؤطرة تختلف في طبيعة رصدها لمتغيرات الوضع العراقي ونظرتها للتوجهات السياسية المطلوبة ، والتي لم تبتعد عن تأثيرات الحرب السرية للمحتل وماكنة اعلامه التي تحرف الانظارلصالح اهدافها المعروفة .
فأذا كان الدور والنفوذ الايراني المتصاعد في العراق ، سياسيا واقتصاديا ومخابراتيا ، لم يغب عن بال الداعين الى محاربة الاحتلال (الايراني الاخطر) ، فمن العدل ان لا يغيب عن رصدهم وموضوعية توصيفهم ، بأن الغزو الامريكي البريطاني للعراق ، هو من ادخل ادوات ايران السياسية وميليشاتها على ظهور دباباته ، الى جانب زمر وجماعات الجلبي وعلاوي والربيعي وحميد مجيد وخدمهم ، والذي حدث وفق تفاهمات وتوافقات معروفة ، كان لكل طرف فيها تكتيكاته واستراتيجته الخاصة ، اي لكل طرف حساباته في كيفية الاستفادة القصوى من المتغير الاقليمي الذي حدث ، فالحسابات الامريكية انطلقت من ان احتلال العراق وضمه الى الخيمة الامريكية والسيطرة على موارده النفطية سيفتح المجال واسعا وبكل يسر في رفع سوريا وايران الراية البيضاء ، والانخراط في مشروع الشرق الاوسط الجديد ، واذا لم يحدث ذلك فان جنازير الدبابات الامريكية ستتحرك شرقا وغربآ لتحقق بالقوة العسكرية متطلبات الاهداف الاستراتيجية لادارة بوش وطغمة الحرب الامريكية .
اما الحسابات الايرانية فاعتمدت بالاساس على ادواتها المتعاونة مع المحتل الامريكي وعلى طبيعة التوافق الضمني بين الاثنين في ازالة النظام السابق ، كورقة ضامنة الى حد ما في كبح استدارة امريكية ضد ايران ، وبنفس الوقت استغلال الوضع الناشئ لأمتداد سياسي ونفوذ يساعد ايران قي زيادة دورها الاقليمي ويمهد ربما لتفاهمات مقبلة مع الادارة الامريكية .
إلا ان ما افشل المخطط الامريكي وجعل الته العسكرية تغرز في الرمال العراقية ، وشل قدرة امتداد تاثير الته العسكرية خارج الحدود العراقية ، هو المقاومة الوطنية الباسلة بضرباتها الموجعة ومنذ الايام الاولى للغزو والاحتلال ، والتي اوصلت مشروع الاحتلال السياسي برمته الى طريق مسدود ، معه بدأت ادارة طغمة الحرب تشعر بنذر خسارتها الاستراتيجية .
ورغم ان مراكز القوى في ايران كانت ترصد ما يجري ، فانها بدلآ من دعم المقاومة الوطنية العراقية والقوى المناهضة للاحتلال في كفاحها ضد المحتل ومشروعه ، فأنها استفادت الى حد كبير من المأزق الامريكي ، واختارت الاستمرار بدعم ادواتها من الطائفيين والمتعاونيين مع الاحتلال وعمقت نفوذها السياسي والمخابراتي والاقتصادي ، ودعمت توجهاتهم السياسية المتناغمة مع اهداف المحتل في التفتيت والتقسيم وزرع الفتنة الطائفية والعرقية ، في سياسة متناقضة وبراغماتية ، اضعفت مصداقيتها في الشارع العربي ، عبر دعم المقاومة اللبنانية والفلسطينية ومعاداة السياسة الامريكية والاسرائيلية من جهة وموقفها من القضية العراقية من الجهة الاخرى .
لذلك لابد من التاكيد ان الدور الايراني في العراق ، هو نتيجة من نتائج الاحتلال الامريكي البريطاني للعراق ، وما نفوذه المتسع والمرتبط بادواته من احزاب وجماعات ، إلا حالة افرزتها ظروف الاحتلال ، وهي لا محال زائلة مع زوال الاحتلال والمتعاونين معه من العراقيين ، كما هو الدور والنفوذ الاسرائيلي الذي ارتبط وجوده المخابراتي والعسكري بدخول القوات الغازية الى ارض الرافدين .

لقد نجحت ادارة الاحتلال ومن خلال سياسة اعلامية مدروسة ومكثفة ، في التعتيم على الدور والنفوذ الاعمق لاسرائيل في وطننا ، والذي يقوم به الموساد الاسرائيلي وتحت حماية المحتل الامريكي ورعايته وتحت يافطات متعددة سياسية واقتصادية وشركات امنية واستشارية ومنظمات مجتمع مدني ، اضافة الى علاقات متميزة معروفة مع القيادات الكردية في الشمال العراقي .
ان هذا الدوروالنفوذ ارتبط بشكل مباشر بخطة نغروبونتي للحرب السرية واهدافها ، في تمهيد الجغرافية والمجتمع لتمريراجندة الاحتلال السياسية ، عبر السيارات المفخخة التي تتفجر عن بعد في المناطق المختلفة ، وفرق الموت التي تغتال العلماء والاكاديمين والمدرسين والعسكريين ورؤساء العشائروالشخصيات الوطنية الرافضة للاحتلال وضرب وتخريب البنى التحتية والمؤسسات الخدمية والصحية ، وتجنيد وتشكيل منظمات باسماء شيعية وسنية لتمارس القتل على الهوية وتشيع الخوف بين الطوائف واستعداءها لبعضها ، ليأتي دور الخطاب السياسي لأمراء الطوائف والمدعوم بماكنة اعلامية صفراء ، فيستعير من قاموس المذهبية والطائفية اسوء عبارات الكراهية والتهييج ، خادما بذلك مصالح القوى الدينية الطائفية والتي تشابك مشروعها بالفدرلة والاقلمة وتكوين الامارات والمشايخ ، مع مشروع المحتل في التفكيك والتقسيم . ان الكثير من الجرائم الكبرى التي شهدتها مناطق وشوارع المدن العراقية ولازالت تشهدها ، هي صناعة اسرائيلية تمت وتتم بحماية وتمويل امريكي وبتنسيق كامل معه ، ادت وتؤدي مهامها الخادمة لمصالح الاحتلال ولرؤية اسرائيل في تمزيق النسيج الوطني العراقي وضرب وحدته الوطنية

ولذلك من المفيد لنا استقراء الوضع العراقي بشكل دقيق بعيدا عن الى الانشداد الى ما قبل الوطنية و تحت تأثير ضغط ما يجري في الساحة العراقية وطبيعة انعكاساته في اعلام المحتل وحكومته .
ان مأزق الادارة الامريكية وفشلها السياسي في العراق ولبنان وفلسطين وافغانستان والصومال وتداعيات هذا الفشل ، دفعها الى رفع شعار الخطر الايراني الداهم ، والذي يهدف الى تغيير عناوين الصراع الجاري في المنطقة بين الاحتلال والغزو من جهة وقوى الممانعة والمقاومة من جهة اخرى ، الى صراع عربي ايراني ، تقف فيه الادارة الامريكية الى جانب العرب في درء هذا الخطر ، وهو ما تحاول ادارة الاحتلال في العراق تكريسه ، بافعال وآثام واعلام مكثف ، لحرف انظار الشعب العراقي عن الاحتلال الحقيقي والاخطر، لتمرير اجندتها ولتحقيق اهدافها .
ان السياسة الامريكية وتناقضاتها في التعامل مع الدور والنفوذ الايراني واحزابه ، يكشف حقيقة اسباب تحميلها لأيران مسؤولية ما يجري في العراق ، ويبين دوافعها في اظهار هذا النفوذ كونه المسؤول عن تردي الوضع العراقي ، وان محاربته تتطلب التعاون الكامل مع قوات الاحتلال للتخلص منه ، فهي في الوقت الذي تدعم حكومة المالكي واطرافها المتحالفة مع ايران ، تدفع باتجاه سحق تيارات شيعية شعبية ووطنية اخرى ، تتهمها ايضا بموالاة ايران .
لذلك فان ما يجري اليوم في مدن الوسط والجنوب ، يعري حقيقة السياسة الامريكية في الاستعانة بالموالين لايران والمتخادمين معها في ضرب واسكات الصوت الشعبي الوطني الرافض للاحتلال ومشاريعه ، ويضع ايران امام قراءة سياسية جديدة للواقع العراقي ، تؤكد قصر نظر سياساتها واستراتيجتها ، خاصة وان هذا الواقع متحول بأستمرار ضد الاحتلال والمتعاونيين معه من القيادات الطائفية وميليشاتها ، والتي تدعمها ايران وتدعم معها عملية المحتل السياسية .
وعليه فان البناء على اساس ان (القرار الشيعي) العراقي مضمون ايرانيآ هو تبسيط للواقع الاجتماعي العراقي ، وهو خطأ مزدوج يقع فيه اصحاب القرار الايراني ، خاصة وان حلفائهم والذين هم ادوات طيعة بيد المحتل ، يمكن ان يستبدلوا الولاء المزدوج ، اذا وضعوا امام خيارين ، ليكون ولائهم الوحيد لأمريكا .
ان الافخاخ التي نصبت لشعبنا ووطننا قد اوقعت الكثيرين في مصائدها ، ومنها الافخاخ السياسية والاعلامية ، والتي تستهدف حرف نضال وكفاح الوطنيين العراقيين عن القضية الاساسية التي يعاني منها شعبنا وهي مواجهة الاحتلال الامريكي للعراق ، كونه ابو المصائب التي مر ويمر بها العراق .
ان الرؤية السليمة في تركيز مقاومة الشعب العراقي والقوى الرافضة للاحتلال ، ضد خطر الاحتلال الامريكي تحديدا ، وضد مشروعه الاوسع ، الذي يتهدد العالم العربي والشرق الاوسط ، واقتران هذه الرؤية بدعوة اصحاب القرار في ايران لتغيير وتصحيح موقفهم من قضية العراق ، بدافع استعادة ثقة الشارع العربي بالمواقف الايرانية والعمل على تنسيق الجهد المشترك ضد الاحتلال والهيمنة والاستغلال ، انما يعبر عن النهج الوطني والقومي الذي التزمته اطراف وشخصيات بارزة في قوى النضال الوطني ، ومنها حركة اليسار الشيوعي الوطني العراقي والمؤتمر التاسيسي الوطني والتيار القومي العربي والتيار الصدري وهيئة علماء المسلمين ، الى جانب مؤسسات النضال القومي والاسلامي العربي ومؤتمرالاحزاب العربية واحزاب اليسار العربي المناهضة للامبريالية والصهيونية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نواب في الحزب الحاكم في بريطانيا يطالبون بتصنيف الحرس الثوري


.. التصعيد الإقليمي.. العلاقات الأميركية الإيرانية | #التاسعة




.. هل تكون الحرب المقبلة بين موسكو وواشنطن بيولوجية؟ | #التاسعة


.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. المتحدث باسم البنتاغون: لا نريد التصعيد ونبقي تركيزنا على حم