الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة التحضير للمربد الشعري الجديد... المهرجانات الشعرية.. المربد إنموذجا

قاسم علوان

2008 / 4 / 14
الادب والفن


ثمة عدد من الأسئلة التي تدور بخاطر المثقف والأديب العراقي.. نعتقد نحن على الأقل بشرعية هذه الأسئلة واهميتها.. أسئلة تطرح نفسها وتدور حول جدوى فكرة أن تعقد للشعر خاصة وللثقافة العراقية الجديدة بشكل عام هكذا مهرجانات واحتفالات (جماهيرية) مثل (مهرجان المربد الشعري) نرى نحن في هذه المهرجانات على انها في حقيقتها لاأكثر من استعادة أو امتداد لأهم تظاهرة ثقافية (تعبوية) بامتياز.. كان النظام الدكتاتوري السابق يجهد نفسه كل عام لإقامتها في موعدها المحدد.. خاصة في سنوات حروبه وتجنيده للثقافة والمثقفين والشعراء بشكل خاص حتى من الدول العربية من المتضامنين معه لكي يقفوا بشكل صريح معه في معسكره.. نعم في معسكره المقاتل...!! وبالتنالي شكل هذا المهرجان أهم (تظاهرة...) ثقافية في حياة ذلك النظام لسنوات عديدة من عمره...
ولكن هذا ليس الموضوع الذي نريد الكتابة عنه والبحث فيه.. موضوعنا هو (مهرجان المربد الشعري..) الذي يعقد بذلك الشكل الاحتفالي التقليدي (الجماهيري..) الذي ألفناه نحن كل عام منذ عشرات السنين وتحديدا منذ عام 1969 .. ومن قبلنا ما ألفه اسلافنا بعدة قرون مضت في سوق المربد القديم الى الغرب من مدينة البصرة الأولى.. الآن الى الغرب من مدينة الزبير.. وهذا رغم التغيير الكبير الذي حصل في بنية الشعر واشكال كتابته، ومضامينه، واغراضه، واساليب نظمه.. التغيير بشكل جذري منذ قبل اواسط القرن الماضي على الأقل على المستوى العراقي المحلي.. مع افتراض ذلك الاختلاف حتى عند شعراء متجايلين.. اختلاف وتطور سريعين يكاد يكون من حقبة الى حقبة أو من جيل الى جيل.. وبالتالي كما نفترض نحن ان يكون ذلك الاختلاف أيضا قد مس اشكال التلقي والاستجابة من لدن السيد الأهم في (أسواق..) أو مهرجانات الشعر ألا وهو جمهور الشعر على مر تلك السنين.. بحيث تجاوز الجميع من النقاد والشعراء.. من مختلف المشارب والاتجاهات نقاط الخلاف تلك منذ سنين عديدة، واجمعوا على وجود تلك الاختلافات وعلى انها تمثل جوهر الثقافة المعاصرة وليس في مجال الشعر فقط.. لكن مهرجانات أو (أسواق) الشعر واشكالها (الاحتفالية..) ظلت كما هي نفسها محافظة على تلك الانساق والآليات منذ ان كانت العرب قبل الإسلام و بعده تعقدها في مواسمها (الثقافية) وفي اسواقها التجارية المعروفة.. حيث تجتمع في تلك الأسواق لكي تعرض بضاعتها وتتبضع حاجاتها هي ايضا.. بجانب سماعها الشعر الموزون والمقفى بمواضيعه المثيرة أو اغراضه المالوفة بالنسبة لهم آنذاك.. وتحديدا الأغراض المعروفة والشائعة مثل المدح والهجاء والرثاء في معظم الأحيان.. كما ان الشعر ومثلما هو معروف هو الموضوعة الرئيسية المهيمنة في ثقافة أولئك القوم الشفاهية حينذاك.. لكن تغير وظيفة ذلك السوق التاريخية والتخلص من الصفة (التجارية..) بعد إحياء ذلك المربد للمرة الأولى بعد عام 1969 واختصار مراسيمه الى الاستماع الى بضاعة الشعراء.. أو كما حدث فعلا الى الشعر فقط.. ولكن هذه (العودة) الجديدة لابد لها من ان تشهد الاختلاقف التاريخي او التطور الذي لابد أن يفرض نفسه على اساليب الشعر وتنوع اشكال القصيدة ونضمها كما أشرنا، وكذلك الموضوعات أو الأغراض الجديدة التي يتحتم أو يفترض تناولها من قبل الشعراء باختلاف اعمارهم وثقافاتهم واختلاف تجاربهم الشخصية، وكذلك تنوع معاناتهم..كل هذه الاختلافات أو اشكال التطور ألا تستدعي شكلا جديدا للتلقي...؟ أو تنظيما جديدا للجمهور يختلف عن ما كان يحصل في تلك الأسواق وبعدها فيما حصل في المهرجانات (التعبوية) السابقة ذات الصبغة السياسية الواضحة..؟
نعود الى المرابد الجديدة بعد سقوط النظام حيث نشهد المظاهر السلبية الدائمة التي ترافق اداء هذه المهرجانات والاحتفالات الثقافية المماثلة العامة.. خاصة في السنوات الأخيرة والتي تعتبر امتداد للمرابد السابقة من حيث الآليات وبالتأكيد ليس المضامين.. وبشكل خاص تنوع اساليب الشعر واشكال القصيدة المعروضة في تلك المناسبات، وبالتالي كما يفترض تنوع الجمهور المتلقي لذلك الشعر المتنوع أيضا.. ترى لماذا تفترض الجهات القائمة على على تنظيم هذه المهرجانات ان كل الجمهور المحتشد في تلك القاعة المركزية التقليدية ـ أية قاعة.. ـ هو ذو ذائقة واحدة لجميع انواع الشعر الذي ستتلى عليه..؟ وكذلك انواع البحوث والدراسات المصاحبة لتلك المهرجانات وتطلب منه بتكرار ممل على لسان عرّيف الجلسة حسن الأصغاء والتلقي..؟ لماذا هذه المركزية المقيتة التي يعلن الجميع حاليا من القائمين على المهرجانات حرصه على التخلي عنها ورفضه لها..؟ لقد رأينا وسمعنا عددا من الشعراء المعروفين والمهمين على الساحة الشعرية العراقية في تلك القاعة الواسعة.. لكنهم لم يتوفقوا في إيصال صوتهم الشعري المميز في تلك القاعة الواسعة.. وهذا ليس عيبا فيهم أو نقصا في شعريتهم.. بل هي طبيعة المكان وتنوع الجمهور وتنوع ذائقته التي يتجاهلها القيمون على ذلك المهرجان.. لماذا لا يكون المهرجان أي مهرجان شعري ـ مناسبة للإحتفاء بشعراء أو أدباء معدودين فقط أو نخبة منهم.. لهم منجزهم الشعري المميز والمعروف..؟ ثلاثة أو اربع من الشعراء أو الأدباء أو الكتاب العراقيين المهمين الذين لهم منجزهم الثقافي الذي يشار اليه على الساحة الثقافية، والاستماع لهؤلاء فقط ليتكلموا عن تجاربهم أو ليتلوا بعض من شعرهم أو كتاباتهم أو تقرأ شهادات بحقهم من زملائهم أو قراءات لبعض من أعمالهم كما حدث في المهرجان الأخير أو في بعض من جلساته.. الذي نقصده ان يكرس المهرجان أو الاحتفال لهذا الموضوع فقط.. أي تكريم شاعر أو مجموعة شعراء.. أو أديب أو مجموعة أدباء.. وليس كما حدث بان جرى التكريم على هامش الجلسة الشعرية الثقيلة..
جمهور الثقافة بشكل عام غير معني بالاستماع الى شعراء شباب حديثي التجربة الشعرية، كما ان منجزهم الشعري لا يتعدى عدد من القصائد التي نشرت بالمحاباة مع محرري بعض الصفحات الثقافية كما هو معروف في الوساط الأدبية.. أو حماس بعضهم لينشر عشرة نصوص في أية من الصحف الحالية لينال (شرف) عضوية اتحاد الادباء والكتاب العراقيين... جمهور الشعر غير معني بانصاف الموهوبين أو ارباعهم من (الشعراء..) الذين يتقاتلون كي يرتقوا منصة المربد بالتوسل بالسادة اعضاء اللجنة الثقافية في المهرجان.. كما ان هذا الجمهور غير معني ايضا بسماع شعراء سمح لهم بالقراءة عن طريق التوسط والعلاقات الشخصية مع السادة القيمين على المهرجان.. العلاقات البعيدة تماما عن الشعر والموهبة كما حدث في المرابد السابقة وتحديدا المربد الأول وما تلاه بعد سقوط النظام السابق.. حيث قرأ في مذبحة للشعر في المربد الجديد الأول وفي جلسة واحدة ستون شاعرا وشاعرة بالتمام والكمال...!! وبكل تأكيد لم يحض أي من هؤلاء بأية لحظة إصغاء واهتمام جيدتين من جمهور القاعة الذي انشغل عنهم بالاحاديث الجانبية، او باللقاءات التلفزيونية التي كانت تجري داخل القاعة وخلال إلقاء الشعر.. وعلى انها على هامش المهرجان.. لكن أولئك الشعراء كتبوا في سيرهم الذاتية فيما بعد على انهم قرءوا في مهرجان المربد الشعري..!! وهذا تقريبا ما حصل أو ما كاد يحصل في المرابد التالية.. أو هل من اللياقة الطلب من الشاعر وهو يقف خلف منصة المهرجان أن يختصر قصيدته أو قراءته الشعرية اختصارا أو احتراما للوقت...؟ فاذا كان لابد من الاختصار واحترام عنصر الزمن لماذا دعوة هذا العدد الكبير من الشعراء للقراءة ودعوة هذا العدد الكبير من الجمهور ايضا وتكرار الطلب منه لحسن الإصغاء..؟
لقد سمعنا عن الكثير من المهرجانات الشعرية والفعاليات الثقافية التي عقدت في بعض العواصم العربية أو العالمية.. وحتى المهرجانات المحلية.. ونقصد منها (مهرجان المدى الثقافي) الذي اقامته مؤسسة (المدى) العام الفائت في أربيل.. ومنها ما هو مخصص تحديدا للشعر العربي، ونقصد بذلك تنوع الجلسات الثقافية وتعددها وتزامنها مع بعضها اختصارا للوقت وللجهد.. وهذا ما نفترضه نحن في هكذا مهرجانات أو احتفالات سواء كانت للشعر أو الثقافة.. في مهرجان المربد أو غيره من المفترض ان تعقد أيضا عدة جلسات شعرية أو نقدية في وقت واحد في قاعات مختلفة يمكن ان تكون في نفس الفندق أو الفنادق المخصصة لسكن الضيوف.. لماذا لا نعترف أن لكل لون من الشعر جمهوره الخاص..؟ ليس كل الحاضرين في القاعة يتذوقون الشعر العمودي أو قصيدة التفعيلة، وكذلك الموقف المتباين لهذا الجمهور من الشعر الحديث أو قصيدة النثر.. لماذا لا نعترف أن لكل شاعر أي شاعر معروف.. أو لكل لون من الشعر جمهوره الخاص..؟ انا شخصيا التقيت بنماذج معينة من جمهور الثقافة المعني بسماع الشعر في هذا المهرجان.. قالوا لي بالحرف الواحد (نحن جئنا لنستمع الى الشاعر فلان فقط..) وهذا هو الصحيح.. لماذا نجبر الجمهور على ان يستمر على الجلوس في نفس القاعة لساعات عديدة ليسمع شعرا حديثا وشعرا عموديا وقصيدة نثر وقراءات نقدية ...؟ الا تسيء هكذا جلسة طويلة مملة الى الشعر والى ذائقة المتلقي وكذلك الى المسكين.. الشاعر الأخير مثلا.. (اي شاعر كان..) في تلك الجلسة وكذلك أيضا الى النقد..؟ ألا تصبح فقرات المهرجان في هذه الحالة لا أكثر من حشو ثقيل للمناسبة فقط...؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة


.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با




.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية