الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خمس سنين على انهيار الدكتاتور/نسبية فعل الاستذكار في تحرير الذاكرة العراقية

محمد خضير سلطان

2008 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


ادب وتقاليد الذكرى الوطنية لشعب ما على الارض او حتى في اليوتوبيا، يستلزم قدرا من مسافة زمنية مستقرة وحاسمة نسبيا في الاوضاع العامة، تفصل بين عالمين او زمنين للذكرى، بين الاستبداد والديمقراطية، الاحادية والتعددية ، الحرب والسلام، تستلزم في الاقل على المجتمع التقاط الانفاس بين عهد وآخر عقب مخاضاته الشرسة الطويلة كما في المجتمع العراقي ونزاعه الطويل مع الاستبداد وفي الوقت الذي كابد عميقا منه الا انه الان يعاني على نحو آخر من نزاعه مع الديمقراطية وردود فعل الارهاب.
ان الذكرى الوطنية تحتم استقرار الذاكرة الجمعية النسبي او دفعها الملائم على الاستذكار الهادىء والاحتفاء بالفارق الجوهري بين زمنين وعالمين لا ان يكون الاستذكار استمرارا لزمن واحد متداخل ، عصي على الفصل بين تراكمات محلية واقليمية ودولية، تنتهك براءة الذاكرة بل وتغيب الاحساس بالوجود السياسي وسط انفجارات بركانية هائلة ليس لها اول ولا آخر.... ليس هناك استذكار صاخب لحياة بنفس المستوى وربما اكثر بين السلبق واللاحق ، حتى ان مقارنة الدراما العراقية الحية بالدراما اليونانية المتخيلة التي تختزل الوجود الانساني كله وتكثف الوضع البشري على مدى عصور قديمة وحديثة، لا تصلح لمنطق تحليلي مقارن وتتصاغر امام سيزيفية المجتمع العراقي غير المدركة في العقل وغير المنظورة في الواقع بين صخرة الاستبداد وسفوح الديمقراطية.
استعادة الذكرى في عراق ما بعد الديكتاتور، تغدو حسابا استعاديا صرفا خاصا بوسائل الاعلام ومراكز البحوث ووصفة سنوية لمراجعة الوقائع ، والذاكرة المجتمعية لما تزل تحيا صدمة التغيير بالرغم من مرور خمس سنين في الحساب العادي ولم يستطع الفعل السياسي بعد التغيير افراغ وتنقية تلك الذاكرة من الترسبات الثقيلة وسيظل الوضع كذلك ما دامت الذاكرة السياسية لم تستيقظ بعد على نحو نسبي.
وماكان التغيير الا فرصة كبرى لتدشين تحرير شامل للذاكرة الاجتماعية والتاريخية فلم تعن هذه الذاكرة الحبيسة بفعل الاستذكار المنظم وترتيب الوقائع قدر ما افضى التغيير المفاجىء والغامض الى اطلاق الحبيس من التراكمات الاستبدادية ، اذ التقت الدلالة بتكاملها بين الانسان واثره الروحي والديني بعد ان كان الاثر الديني شاخصا ومفصولا عن النظام الروحي والديني، انها تخرج من قوة القهر المفروضة الى الوضع الطبيعي الحر، وتتبدى في الحاجات الاساسية كشعائر وسوق وحرية تعبير لدى الانسان العراقي ولم تكن الذاكرة مهيأة بعد الى تنظيم مفرداتها في اطار الحياة الثانية عقب انهيار سلطة الاستبداد.
فالشعائر اطلقت حشودها المليونية نحو الاضرحة المقدسة وسط اضطرام الموت والقتل والتفجير، والسوق اخذ اشكاله المشروعة من التبضع المحظور على الفرد العادي في السابق لدواع سياسية واقتصادية اذ تدفقت السلع بسرعة اكبر لاطفاء نهم الحاجات الاساسية الشحيحة، وحرية التعبير افضت الى ساحة مفتوحة ، تجمع المكونات التاريخية والسياسية بانتظار التمأسس والهيكلة في اطار الدولة.
هذه المظاهر او الموجات الثلاث هي جزء من تحرير الذاكرة غير القادرة على الاستذكار في ظل الاوضاع المتفاقمة واستمرار الحرب وعدم اطلاق الاعمار فضلا عن ان هذه الموجات الضعيفة ، تشكل نواة العقل السياسي العراقي في اطار تكويني للدولة الاتحادية اذ تحولت الشعائر الى مكونات تمثيل معبر عنها في نخب سياسية وارتقت حالة السوق الى موازنة اساسها الاقتصاد الريعي لمبيعات النفط وتمخضت حرية التعبير الى منابر اعلامية حزبية لاتنتظم بقانون او تخضع لضوابط مثبتة.
في هذا السياق فان المجتمع العراقي في مرحلته الراهنة لم يقو على فعل التذكروغير قادر على استعادة الذاكرة على النحو السياسي ما لم يحدد مفهوم حريته الاساسية بين نظامين ، الاول اغلق بالمصادفة المحلية المحكومة بالضرورة الدولية ، والثاني يمر مرهونا باحتمالية مفتوحة وسط ردود فعل اجرامية شرسة، انه يحيا صدمة تحرير الذاكرة ولم يتمرن على فعل الاستذكار المنظم ويغدو مرور الذكرى الخامسة والسادسة والسابعة على انهيار الطغيان ما هو في الواقع الا الذكرى الاولى لبدء مرحلة جديدة وزمن الذاكرة العراقي لم يتخط اللحظة المراوحة في مكانها بين التداعي والتشكل معا.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان